
جوجل كروم يتحول إلى أداة مُبرمجة للتجسس - Google Chrome
اكتشف مؤخرًا أحد محرري جريدة واشنطون بوست، السيد جوفري فلاور، أن متصفح جوجل كروم - Google Chrome يجمع عنه الكثير من المعلومات ليساعد من خلالها المؤسسات الإعلانية في استهدافه بالإعلانات المختلفة، فقد اكتشف أن المواقع الإخبارية ومواقع الشراء وحتى المواقع الحكومية تعرض لديه إعلاناتها بمساعدة جوجل كروم الذي يسمح لشركات الإعلانات بجمع بيانات المستخدمين بينما هم يتصفحون الإنترنت دون أي سابق إنذار.
لا تتعجب كثيرًا من ذلك، فبعد أن هيمنت جوجل على بيانات الكثير من مستخدمي الإنترنت في العالم، واحتكرت نظام الأندرويد وتطبيقاته فأصبحت تجبر الناس على التسجيل لديها أولًا حتى يتمتعوا بخدمات النظام، قد لا تشعر بالخجل إن استخدمت متصفح جوجل كروم كأداة للمراقبة.
بعد جولة قصيرة في إعدادات المتصفح للتأكد من حماية البيانات الشخصية ومعرفة ما يمكن للتكنولوجيا أن تعرفه عن حياتنا تحت غطاء سياسات الخصوصية التي لا يقرأها أحد، لا عجب أن Google التي أصبحت من ضمن أكبر شركات الإعلانات في العالم، هي المالكة لأكثر متصفحات الويب شعبية في العالم أيضًا. دفع هذا الأمر بالسيد جوفري أن يتخلى تمامًا عن متصفح جوجل كروم ويتوجه إلى متصفح فايرفوكس - Firefox غير الربحي، والذي يتيح إجراءات الأمان والخصوصية الاعتيادية، وعلى عكس ما يتوقع الكثيرون، لم يشعر بالانزعاج تمامًا لاستخدام فايروكس.
كشفت الاختبارات ما بين متصفحي جوجل كروم وفايرفوكس عن الكثير من انتهاكات الخصوصية التي تقوم بها جوجل، ففي خلال أسبوع واحد فقط من تصفح الويب، تم اكتشاف 11189 طلبًا لملفات تعريف الارتباط الخاصة بالتتبع، والتي كانت من الممكن أن يسمح جوجل كروم بها، في حين قام فايرفوكس بحظرها تلقائيًا.
هذه الملفات الصغيرة تستخدمها شركات الإعلانات، بما فيها شركة جوجل نفسها، وذلك لتتبع المواقع التي يزورها المستخدم، وإنشاء ملفات خاصة بجمع بيانات المستخدم مثل اهتماماته ودخله وبعض صفاته الشخصية واستخدام هذه البيانات بعد ذلك في الإعلانات.
ويضيف السيد جوفري أنه قد قام بزيادة مواقع خاصة بالتأمين الصحي والتبرع لطلاب الولايات المتحدة، ومن ثم فوجئ بإرسال هذه المواقع ملفات تعريف الارتباط إلى عملاقي جمع البيانات فيسبوك وجوجل، وهو ما يعني علمهم بمحاولة تسجيل الدخول إلى خدمات التأمين والقروض على هذه المواقع بسهولة.
وإذا نظرت في أعلى يمين الصفحة الرئيسية لمتصفح جوجل كروم لديك، ففي الغالب سترى صورتك وحسابك الشخصي على جوجل، والذي تستغله الشركة لتتبع نشاطاتك على متفصح الويب وإرسالها إلى شركات الإعلانات حتى يتسنى لهم استهدافك في الإعلانات المناسبة لك.
لكن إن كنت لا تتذكر أنك قد قمت بتسجيل دخولك في حساب جوجل، فلا بد أنهم قد قاموا بذلك تلقائيًا نيابة عنك إن كنت قد سجلت الدخول إلى حسابك الشخصي على خدمة الجيميل، وبالطبع هذا انتهاك آخر لخصوصيتك.
في حالة استخدامك لمتصفح جوجل كروم على هاتفك الأندرويد فقد تجد أنه أكثر سلاسة، ولكنه يرسل موقعك إلى شركات الإعلانات في كل مرة تستخدم فيها محرك البحث، وحتى إن قمت بإيقاف تشغيل خدمة المواقع على جهازك، فلن يمنعه ذلك من إرسال بيانات موقعك ولكن بدقة إحداثيات أقل.
لا يعتبر فايرفوكس مثاليًا في المطلق، فإن كنت تستخدم محرك جوجل سيتمكن مرة أخرى من تتبعك، ولكنه لن يشارك بياناتك مع المتصفح فايرفوكس الذي لا يهتم بجمع بياناتك.
لا شك أن تتبع نشاطك على الويب قد يكون مزعجًا حقًا، فالملابس التي تراها في موقع واحد لمرة واحدة ستظل تتتبعك في كل مواقع الويب لفترة، ولكن الأمر لا يتوقف عند ذلك فحسب، وجود هذه البيانات الخاصة على الإنترنت قد يجعلها عرضة للسرقة حتى تصل إلى أيدي المتطفلين، ولك أن تتخيل كم من بياناتك الآن متاحة على الإنترنت؟
اقرأ أيضًا: جوجل تتيح لبعض موظفيها سماع تسجيلات Google Assistant
بعد ما تواصل السيد جوفري من جريدة واشنطون بوست مع بعض المسئولين في جوجل وفايرفوكس، تباينت ردود الفعل كثيرًا بين مسؤولين جوجل كروم الذين قالوا بأنهم يعملون على خيارات جديدة لملفات تعريف الارتباط في المتصفح، ولكن مع دعم نظام متوازن يسمح للمستخدم بحماية خصوصيته، وفي نفس الوقت استخدام بعض بياناته "لتحسين تجربة الاستخدام"، في حين أكد المسؤولون في فايرفوكس بأنهم لا يرون الخصوصية على أنها خيار يقدمونه للمستخدم، بل هي عنصر أساسي لديهم، وقد شنوا بالفعل حربًا على ملفات تعريف الارتباط الفضولية من خلال حظرها تمامًا، ولكن الهدف الأكبر أمامهم الآن هو تطوير المتصفح الخاص بهم حتى يستطيع الناس الانتقال من كروم إلى فايرفوكس دون الشعور بفرق كبير في السرعة والأداء.
صراع ملفات تعريف الارتباط
منذ عقد مضى بدأ متصفحي كروم وفايرفوكس في اكتساب شعبية أكبر من تلك التي كان يمتلكها متصفح انترنت اكسبلورر، عملاق مايكروسوفت آنذاك. وما ساهم في صعود أسهم كروم كثيرًا هو أنه نجح في التغلب على مشاكل حقيقية للمستهلكين، حيث جعل الإنترنت اسرع وأكثر أمانًا، لكن اليوم يسيطر كروم على أكثر من نصف السوق.
مؤخرًا، بدأنا ندرك أن الخصوصية هي من أهم الأشياء التي يجب النظر لها بعين الاعتبار أثناء تصفحنا للانترنت، ولكن على ما يبدو أن اهتمامات كروم لا تتسق مع اهتماماتنا.
الشيء الأكثر وضوحًا في الصراع على ملفات تعريف الارتباط هو أنها بالرغم من فائدتها الكبيرة، مثل قدرتها على حفظ محتويات عربة التسوق shopping cart خاصتك، لكن للأسف أصبح الكثير من هذه الملفات ملك لشركات البيانات والتي يمكنها استخدامها بسهولة لتتبعك والتجسس على بيانات المتصفح الخاصة بك.
ملفات تعريف الارتباط أصبحت الآن في كل مكان، حيث وجدت أحد الدراسات ملفات من الطرف الثالث third-party cookies خاصة بالتتبع على 92% من المواقع الإلكترونية، فعلى سبيل المثال، موقع واشنطن بوست يحتوي على 40 ملف يقوم بالتتبع، وقالت الشركة المسئولة عن الموقع الإلكتروني للصحيفة الأمريكية أن هذه الملفات تساعد على تحسين أداء الإعلانات وتوجيهها وتتبعها بشكل أكثر دقة.
كما يمكنك ايضًا إيجاد ملفات تعريف الارتباط على المواقع الإلكترونية التي لا تحتوي على إعلانات، على سبيل المثال مواقع Aetna و FSA service، ووفقا لما ذكر الموقعان أن الكوكيز تستخدم في متابعة حملات التسويق الخارجية الخاصة بهم.
ربما يقع اللوم على صناعات الاعلان والنشر بشكل أكبر، ولكن ما المسئوليات التي يتحملها المتصفح لحمايتنا من كود لا يقوم بأي شيء سوى التجسس علينا؟
طرحت موزيلا في 2015 لأول مرة نسخة من فايرفوكس، تحتوي على تقنية مضادة للتتبع، تعمل التقنية فقط في وضع التصفح الخفي، بعد أعوام من الاختبارات والتغييرات، هذا ما توصلت إليه الشركة، إذ أن فايرفوكس لن يقوم بحجب الإعلانات ولكن سيقوم بعمل فرز لملفات تعريف الارتباط، ليحدد أي منها ضروري لخصائص الموقع وأي منها سيقوم بحجبه لقيامه بالتجسس.
متصفح سفاري المستخدم في هواتف آيفون بدأ هو الآخر منذ 2017 في تطبيق الحماية الذكية من التتبع باستخدام خوارزمية ملفات تعريف الارتباط المضرة.
في الفترة الأخيرة كان كروم مفتوحًا لجميع ملفات تعريف الارتباط بشكل تلقائي، ولكن منذ قرابة الشهرين أعلنت جوجل عن مجهودات جديدة في هذا السياق، حيث وعدت بالمزيد من التحكم في هذه الملفات، ولكنها لم تحدد سياقًا زمنيًا محددًا لذلك، ولم تحدد أيضًا إن كان كروم سيقوم بوقف التتبع بشكل تلقائي أم لا.
ولكن هذا يطرح تساؤلًا هامًا، هل تقوم جوجل بقتل الدجاجة التي تبيض لها ذهبًا؟ فجوجل تعتبر الصانع الأول لملفات تعريف الارتباط من خلال "دابل كليك" وتقنيات جوجل الإعلانية الأخرى، لذلك يصعب تخيل أن جوجل تقوم بقطع مصدرها الأساسي للدخل.
"تلعب ملفات تعريف الارتباط دورًا هامًا ضد خصوصية المستخدم، ولكن التركيز الضيق على هذه الملفات فقط يحجب النقاش الأوسع بشأن الخصوصية، لأن ملفات تعريف الارتباط هي وسيلة واحدة فقط من بين العديد من الوسائل الأخرى التي يمكن تتبع المستخدم من خلالها، إنها مسألة معقدة، وربما يقود حجب ملفات تعريف الارتباط إلى حدوث التتبع بطرق أكثر بشاعة". يقول بين جالبريث، رئيس قسم إدارة الإنتاج في كروم.
هناك العديد من طرق التتبع، وبالطبع ستصبح حرب الخصوصية أكثر صعوبة، ولكن أيضًا التصريح بأن المسألة معقدة لا يفيد بأي شيء.
“وجهة نظرنا هي التعامل مع المشكلة الأكبر أولًا، وبعد ذلك نتوقع ردة الفعل على هذه الإجراءات والتعامل معها". يقول بيتر دولانجسكي، رئيس قسم منتجات فايرفوكس.
كل من جوجل وموزيلا صرحا بأنهما يقومان بالعمل على مكافحة التتبع، فايرفوكس بدأ بالفعل في اختبار قدراته على ذلك وعلى وشك تفعيلها قريبًا.
التحويل من جوجل كروم إلى متصفح آخر

إن كنت ممن يحرصون على خصوصيتهم فقد تبدأ الآن بالتفكير في تحويل نشاطك بالكامل من جوجل كروم إلى فايرفوكس الذي يأتي بعده في المرتبة الثانية، وبالفعل يتيح لك كروم بعض الأدوات التي تسهل عليك نقل بيانات المتصفح الخاصة بك وكلمات المرور وغيرها، إلا أنك للأسف قد تفقد بعض مواقعك المفضلة.
يكافح متصفح فايرفوكس للبقاء، فكونه مؤسسة غير ربحية على عكس جوجل كروم، يضعه في مهب الريح أما العديد من التهديدات بالإغلاق، وبالرغم من كونه في المرتبة الثانية بعد جوجل كروم واستحواذه على نسبة تصل إلى 10% من السوق، إلى أنه مهدد أ]ضًا بالإغلاق من قبل بعض المواقع الكبيرة التي قد تقرر في أي لحظة أن تُسقط عنه الدعم.
?xml>