ليست لأجل أحدث الألعاب فقط! تعرف على بطاقتك الرسومية أكثر
لوحة إلكترونية تضعها في جهازك لتشغيل أحدث الألعاب أو أقدمها. الموضوع نسبي جداً للجميع. لكن في مجتمعنا كشباب أو مراهقين نهتم فقط بما تستطيع تلك البطاقة، فعندما تسمع إسم بطاقة جديدة تم صدورها في الأسواق أو الإعلان عنها فتتسأئل: "هل تستطيع تلك البطاقة تشغيل العاب X أو لعبة Y؟" وتنسى أنها يمكن أن يكون لها استخدامات أخرى كـ الرندر و التعدين .. الخ.
لكن على صعيد آخر؛ العديد من الناس لا يعطي أدنى إهتمام للوسائل المتمحورة حول الألعاب التي تفكر فيها عند شرائك لتلك البطاقة الجديدة. بل يهتم بأبسط الصفات؛ فقد يكون شخص عادي يريد إستخدامها في أبسط الأمور التي لا تحتاج إلى بطاقة قوية. تندرج تلك الأمور تحت قدرات بسيطة مثل تشغيل الأفلام بجودة HD أو تشغيل ألعاب بسيطة من الأجيال القادمة لإحياء الذكريات ليس أكثر.
هذا لا يمنع وجود أحد لاعبي الـ Esports الذي لا يهتم إلا بتشغيل فئة معينة من الألعاب ذات المتطلبات الضعيفة أو المتوسطة. فكل ما يريد هو بطاقة عادية من الفئات المتوسطة السعر تستطيع تشغيل بعض الألعاب مثل Apex Legends أو Defense of The Ancients التي لا يلعب غيرها على الأرجح. على عكس نظيره الذي يهتم بشراء أحدث الألعاب لكي يقع في أزمة التحديث المستمر.
لكن إن كنت لا تعلم؛ فإن البطاقات الرسومية لم يتم تطويرها وتصميمها لتشغيل أحدث الألعاب فقط، إن كانت تلك فكرتك فعلينا تغييرها في أسرع وقت ممكن، ولم نجد فرصة أفضل من اﻵن….
تستطيع تلك البطاقات القيام بالعديد من الأشياء، منها النافع والصحيح ومنها الضار والمشبوه. فيمكنك استخدامها في عمليات ال rendering وتصميم برامج الذكاء الإصطناعي وتعليم الأجهزة الإلكترونية. فدعونا نأخذ جولة صغيرة حول تلك العمليات المعقدة التي تستطيع تلك البطاقة العظيمة فعلها.
الذكاء الإصطناعي وتعليم الأجهزة:
تحتوي البطاقات الرسومية على معالجات أكثر من المعالجات الرئيسية بما يقارب من مئتي ضعف. فعلى سبيل المثال؛ معالج إنتل بلاتينوم يحتوي على 28 نواة بداخله حيث أن بطاقة NVIDIA Tesla K80 تحتوي على 4,992 نواة. أيعني هذا ضعف نواة المعالج الرئيسي بالنسبة لمطوري الذكاء الإصطناعي؟ بالطبع لا!
مع العلم بأن نواة المعالج الرئيسي أقوى بكثير من نواة البطاقات الرسومية، لكن كل الطاقة الموجهة للمعالج الرئيسي لا يتم إستخدامها في تعليم الأجهزة. فنواة المعالج الرئيسي تم تصنيعه ليقوم بمعالجة وتأدية وظائف واضحة مثل تحميل صفحات الإنترنت، تشغيل برامج معالجة الكلمات مثل Notepad، تنظيم الأجهزة المتصلة بالحاسب، حل المعادلات الرياضية والقيام بتنظيم الملفات. لكن من الناحية اﻷخرى فقد تم تصميم نواة اللوحات الرسومية لكي تقوم بالعمل -بشكل حصري- على الحسابات المرتبطة بالبيانات. وبسبب تلك الميزة -بالنسبة لمطوري الذكاء الإصطناعي- قاموا بتطوير خدماتها على لوحات رسومية.
يرجع هذا إلى قدرة البطاقة الرسومية على القيام بعدد كبير من المعالجات على كمية كبيرة جداً من البيانات، مما جعل سرعة تدفقها ومعالجتها أكثر من 5 أضعاف مقارنة بالمعالجات الرئيسية. وهذا أيضاً يرجع لمساحة نواة البطاقة التي تصغر في الحجم عن غريمتها في المعالج، مما أعطى القابلية على حمل عدد أكبر من النواة على سطح البطاقات الرسومية.
الرندر والرسوميات:
الرندرة موضوع شيق في حد ذاته، لكن لكي نبسط فكرته ما علينا إلا أن نعلم أن الرندرة ما هي إلا مجموعة من العمليات التي تحدث في المعالج الرئيسي أو البطاقة الرسومية لإنتاج رسوميات ثنائية أو ثلاثية الأبعاد عن طريق الإستعانة ببرامج تم تطويرها خصيصاً لتلك الوظيفة.
الرندرة هي العامل الأساسي في التصاميم الهندسية، أفلام الرسوم المتحركة، محاكيات الحروب للجيوش، ألعاب الفيديو، والمؤثرات الخاصة لبرامج التليفزيون النشرة الجوية.
يوجد نوعان من الرندرة، وهما:
- الرندرة في الوقت الحقيقي: وهي معتمدة على البطاقة الرسومية بشكل كبير وتقتصر على القيام بإنتاج الرسوميات في أسرع وقت ممكن لأنها تستخدم في جميع الرسومات التفاعلية مثل ألعاب الفيديو، وما أحدث ثورة في عالم ألعاب الفيديو كان التحول من الرندرة على المعالج الرئيسي إلى الرندرة على البطاقات الرسومية
.
- الرندرة المسبقة: وهي لا تحتاج إلى عناصر السرعة بأي شكل من الأشكال، بل من الممكن أن تحتاج عشرات السنين لكي تتم تلك العملية -مثل أفلام الرسوم المتحركة التي يتم إنتاجها في وقت طويل قد يكسر حاجز العقد. وفي هذا النوع لا تحتاج البرامج المستخدمة إلى قوة البطاقات الرسومية، بل تستخدم مجموعة من المعالجات الرئيسية عوضاً عنها.
ألعاب الفيديو (بالطبع):
كنت تنتظر تلك اللحظة، أليس كذلك؟ حسناً. من المؤكد أن البطاقة الرسومية هي من أهم الأجزاء في تجميعة الحاسب الآلي الخاصة بك. وهذا يرجع لقدراتها على إعطاء أفضل تجربة لجميع الألعاب التي تعمل عليها بشكل سلس. لكن كيف؟
ألعاب الفيديو -من الناحية الرسومية- تمتاز بعمليات حسابية معقدة من فئة المصفوفات والمتجهات التي يتحتم عليها أن تحل بأقصى سرعة كما قلنا لأن رندرة ألعاب الفيديو هي من نوع الوقت الحقيقي، وهنا جاء دور البطاقة الرسومية التي تم تصنيعها لتحديد وتصميم الطريقة التي تقوم محركات أحدث الألعاب بتنفيذ عملياتها البرمجية، متحكمة في كل ما يخص تلك العمليات من هندستها البرمجية وتطبيقها، تحديدها لأبعاد الرسومات والتحكم في الظلال وتقنيات الضوء التي تمتاز بها العديد من محركات الألعاب إلى تحديد التقنيات المستخدمة لإدارة موارد الذاكرة. فالبطاقات الرسومية لها نصيبها الخاص بها من الذاكرة، سواء كانت مدمجة أو مستعارة من الذاكرة العشوائية.
تلك العمليات البرمجية الخاصة بألعاب الفيديو لها علاقة وطيدة بتصميم البطاقة الرسومية، فتغيرت تلك التصميمات على مدار الزمن للقيام بالعديد من العمليات في نفس الوقت من أجل إستخراج أكبر عدد من الرسومات ذات الدقة العالية في أقل وقت ممكن. ومع تطور الألعاب و المجركات، تطلب أحدث الألعاب العديد من العمليات الحسابية القوية التي تتطلب تطوير مستمر للبطاقات الرسومية.
كما تحدثنا عن تلك الأشياء المفيدة أو المرفهة إلى حد ما، فعلينا مع الأسف التحدث عن تلك السلبيات التي يتم إستخدام البطاقات الرسومية فيها، سلبيات لا نعلم مصدرها الأساسي لكننا نعلم سببها الأصلي. وهذا السبب يكمن في شيء واحد هو تعدين العملات الإلكترونية. فما هي تلك العملية؟ وكيف تساعد البطاقة الرسومية فيها؟
عملية التعدين:
هي تسخير موارد حاسبك الشخصي -المعالج والبطاقة الرسومية بشكل خاص- لحل عمليات حسابية معقدة مجهولة المصدر والحساب، فربما تكون عائدة إلى أحد مخترقي الحواسيب، أصحاب المواقع المشبوهة على الدارك ويب، أو حتى بعض الشركات التي تحاول أن تجني ربحاً مجهول المصدر لتتهرب من الضرائب. فبعد حل تلك المعادلات تعود إليك نسبة من العملات الإلكترونية مثل BitCoin أو Etherium ويتم تحويلها على محفظتك الإلكترونية.
دور البطاقات الرسومية في تلك العملية:
اقتصر التعدين على المعالجات الرئيسية لفترة ليست بالبعيدة، ولكن نظراً لسرعة المعالج البطيئة وإستهلاكه الشديد للطاقة فقرر المنجمون عن تلك العملات التوجه إلى إستخدام البطاقات الرسومية لقدرتها على استيعاب عدد أكبر من العمليات الحسابية بنسبة تفوق 800% عن طريق العديد من الإختبارات على الإثنين.
كان السبب الأكبر في هذا هو تصميم البطاقات الرسومية نفسها، لأنها صممت لكي تقوم بعمليات متكررة ومتشابهة في طبيعتها الحسابية مع تغييرات طفيفة لا تحدث فرقاً شاسعاً في معالجتها. وهذا فقط ما تحتاجه عملية التعدين، فكل العمليات الحسابية التي تخضع لها البطاقة ما هي إلا من نفس الطبيعة الحسابية.
ترجع تلك السرعة إلى وجود الوحدات الحسابية المتعددة على سطح تلك البطاقات، وتلك الوحدات هي العنصر المسئول عن الحسابات بشكل عام في أي معالج سواء كان معالج مركزي، معالج رسوميات، أو حتى معالج ترموستات الثلاجة.
مخاطر ومساوئ عملية التعدين:
كارثة بكل المقاييس عندما تأخذ ذلك القرار الذي يضع حاسبك الشخصي تحت رحمة تلك العمليات الحسابية المجهدة التي ستستهلكه بشكل دائم على مدار الأربعة وعشرين ساعة في سبعة أيام في الأسبوع، فتهلك بطاقتك الرسومية، معالجك الرئيسي، والذاكرة العشوائية. كل هذا من أجل بعض الجنيهات الزائدة التي أصبح إستخراجها حالياً -في التعدين-أصعب من أي وقت مضى. جهازك يحتاج للعمل لمدة سنة كمثال مع وجود أجهزة تكييف ومراوح لتبريده، فهنيئاً لك على الشبهة الجنائية في وطننا العربي، إهلاكك لحاسبك الشخصي، وتكاليف الكهرباء الباهظة التي ستقوم بدفعها من أجل بعض الجنيهات التي من المشكوك أن تجنيها في النهاية.
لم يقتصر الخطر على الأزمة الجنائية أو تلف مكونات الجهاز، بل قد يصل إلى سرقة وتشفير بياناتك. الأجهزة الشخصية التي يتم إستخدامها في تلك العملية تميل دائماً إلى الإصابة بأحد فيروسات التشفير -وأشهرها Ransomware - التي تضع جميع بياناتك بين يدي أحد مخترقي الحواسب، لا يستحق الأمر كل هذا العناء، أليس كذلك؟
قد تشتريها لتشغيل أحدث الألعاب في وقتنا هذا. قد تشتريه لإستخدامات بسيط. لكن من المهم أن لا تشتري بطاقة تفوق إحتياجاتك الشخصية أو تقل عنها، والأهم أن تحافظ عليها وتتجنب إستخدامها فيما قد يضر سلامتك وسلامة بياناتك الشخصية.إستخدمها بحرص وتمتع بها كما يجب!
?xml>