كأس التميز لآيفون.. كيف أسست شركة آبل إمبراطوريتها الوهمية؟
آبل أول شركة عامة في العالم والتاريخ تتجاوز قيمتها السوقية أكثر من 2.4 تريليون دولار. وصلت الشركة الأمريكية إلى مستوى غير مسبوق من الثقة والسيطرة على جمهورها، حتى وإن أطلقت آبل منتجًا سيئًا أو قدمت تحديث بسيط مثل ميزة Dynamic Island، فسيظل جمهورها مندهشًا. ليس ذلك فحسب، بل يهاجم أيضًا الأشخاص الذين يجرؤون على انتقاد الشركة. السبب وراء سيطرة آبل الكاملة هو أن الشركة لديها واحدة من أعظم استراتيجيات التسويق النفسي على الإطلاق. في هذا المقال، نلقي نظرة على رحلة شركة آبل لتصبح مركز القوة الذي تحولت إليه اليوم.
برع ستيف جوبز وفريقه في صنع وتسويق المنتجات الاستهلاكية التي يحبها المستخدمون. يعتبر تسويق آبل فعالاً للغاية، في الواقع فقد أصبح معيارًا للشركات الأخرى التي ترغب في تحقيق نفس الشعبية العالمية ونمو الإيرادات والقدرة على البقاء.
منتجات آبل تتحدث عن نفسها. هذه هي الطريقة التي وضعت بها آبل تسويقها باستمرار، مع تبسيط الرسائل والمرئيات. معظم عمليات التسويق خالية من أشياء مثل قوائم الميزات أو الأسعار المناسبة أو المؤثرات الخاصة باهظة الثمن. إنهم يعرفون أن المنتج سيبيع نفسه دون الاعتماد على الأشياء الملفتة للنظر وحتى بغض النظر عن الوضع الاقتصادي. من خلال المحتوى المجرد والإعلانات البسيطة، باعت أبل أكثر من 1.5 مليار منتج، ولا يوجد مثال أفضل من هاتف iPhone، الهاتف الذي غير قواعد اللعبة.
لقد غير الـ iPhone كل شيء حتى أصبح أحد أكثر المنتجات المرغوبة والمبتكرة في العالم. فقط العباقرة المبدعون والرائعون يمتلكون iPhone أو على الأقل هكذا يريدون منك أن تفكر.
إن شركة آبل بارعة في خلق علامة تجارية يرغب الناس في أن يكونوا جزءًا منها، مبتكرة وإبداعية ومتمردة قليلاً ولكنها أيضًا باهظة الثمن. ليس من المستغرب أن تستخدم آبل بعض التكتيكات النفسية المخادعة لإقناعك بإنفاق الكثير من الأموال على شراء هاتف الـ iPhone.
استهداف عواطفنا بواسطة استراتيجيات التسويق!
قد تعتقد أن هناك سببًا منطقيًا يجعلك معجبًا بشركة أبل، إنها سهلة الاستخدام ورائعة ولديها أفضل التطبيقات، لكن هذا ليس سبب شرائك لجهاز iPhone. عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرار، فإن عقولنا لا تهتم كثيرًا بالمنطق.
تشير الدراسات إلى أن معظم قراراتنا يتم اتخاذها دون وعي، مدفوعة بعوامل لا نسجلها أو حتى نفهمها. يستخدم الأشخاص الآن منتجات آبل مثل أجهزة iPhone كرمز أو مرجع إلى حالتهم المالية أو مكانتهم الاجتماعية، ويطلق علماء النفس على هذا السلوك اسم "التأشير الذاتي" أو “self-signaling” وهو وسيلة تسويق قوية بصورة لاتُصدق.
إيمان آبل بالبساطة وسهولة الاستخدام!
البساطة هي أحد المبادئ الأساسية لشركة آبل، ويعد تصميمها البسيط والتسويق الذي يركز على المنتج تجربة حسية ظهرت لدفع الرغبة في جهاز iPhone. هذا الجهاز لامع وأنيق ومتناسق تمامًا، حتى عبوته تركز على الشعور بالكشف ببطء عن جهاز iPhone الخاص بك بطريقة تبني التشويق والرغبة ويعود الأمر إلى مبدأ نفسي يسمى نظرية البساطة.
حسنًا، ما هي نظرية البساطة؟
يقول هذا المبدأ أن الناس يحبون البساطة ويفضلونها، وهي جذابة بشكل فريد لأدمغتنا.
مؤشر البساطة أو Simplicity، الذي أنشأته شركة الاستشارات Siegel + Gale، هو تصنيف سنوي للعلامات التجارية ذات الخبرات "البسيطة". وفقًا لأبحاث الشركة، فإن التجارب البسيطة لها عدد من فوائد الأعمال:
- أولًا: البساطة هي الدافع وراء الحب: 64٪ من المستهلكين يرجح أن يوصوا بعلامة تجارية بسبب التجربة البسيطة.
- ثانيًا: البساطة تقود النمو: منذ عام 2009، تفوقت محفظة الأوراق المالية المكونة من أبسط العلامات التجارية المتداولة علنًا (كما حددتها Siegel + Gale) على السوق بنسبة 686٪.
- ثالثًا: البساطة تدفع المبيعات للزيادة: 55٪ من المستهلكين على استعداد لدفع المزيد مقابل تجارب غير معقدة.
تتعمق إعلانات آبل التي تركز على المنتج في عقلك الباطن أن أجهزة iPhone بسيطة ولكنها فاخرة ومصممة جيدًا. شاهد ما يكفي منها وسيصبح من الصعب حقًا مقاومة هاتف iPhone.
منتجات آبل رمزًا للمكانة الاجتماعية!
تدفع آبل الابتكار في كل منعطف، معلنةً عن بعض الاكتشافات التكنولوجية الجديدة التي يتم توقيتها في ظروف غامضة عندما يكون هناك طراز iPhone جديد للبيع وأنت تصدق ذلك بسبب تصميم الهاتف الأنيق والسمعة المبتكرة.
تنجذب إليها لأن الأشياء الجديدة تثير القليل من الدوبامين، الهرمون الذي يثير اهتمامنا، ونخشى أننا قد نُترك وحدنا دون هذا الهاتف الجديد. هذا المزيج من الابتكار والأناقة والرغبة يجعل من iPhone رمزًا للمكانة الاجتماعية الراقية، ومحاولة الوصول إلى تلك المكانة هي محرك قوي للسلوك البشري. حتى يشعر أنه سيحصل على كأس التميز بمجرد امتلاكه للهاتف!
قال عالم الأعصاب مايكل جازانيجا: "عندما تستيقظ في الصباح … تفكر في المكانة. أنت تفكر في مكانتك بالنسبة لأقرانك".
سواء كان يختًا أو سيارة تيسلا أو iPhone، عندما يمثل المنتج مكانة اجتماعية أعلى، يرغب به الناس.
نحن نرغب فيما لا نستطيع الحصول عليه!
هل سبق لك أن لاحظت أنه عند إطلاق iPhone جديد، تجد طابورًا طويلًا يلتف حول متجر آبل من الأشخاص الذين ينتظرون الحصول على ال iPhone الجديد على الفور؟
هل نعتبر هذا نتيجة لأن شركة آبل سيئة حقًا في التنبؤ بحجم الطلب على iPhone؟
الإجابة ببساطة ستكون لا، ذلك لأن إعلانات ما قبل الإطلاق مصممة لزيادة الطلب، بجانب أنها تجعل العملاء يعتقدون أن المنتج محدود. ولكن في الواقع، لا يوجد نقص في كمية هواتف iPhone الجديدة على الإطلاق، كل هذا يدفعك إلى مجرد الوهم أنك قد لا تستطع وضع يديك على الفور على الإصدار الجديد.
تعرف آبل أن المبدأ النفسي والاقتصادي للندرة أو الـ Scarcity هو محرك قوي وراء الرغبة الإنسانية، لذا فهي تؤجج نيران الشك في أكبر معجبيها، الذين يقفون في طابور iPhone الجديد. وعندما يرى الآخرون كل هذه الطوابير، فإنهم يعتقدون:
"من الأفضل أن أقف في الصف أيضًا. لا أريد حقا iPhone ولكن ماذا إن نفد؟ أعني أنه لا يوجد أحد يقف في الصف للحصول على هاتف Pixel".
وأخيرًا سيكولوجية الأسعار!
نعلم جميعًا أن أجهزة iPhone باهظة الثمن، لكن جعل هواتفها باهظة الثمن هو في الواقع خطوة أعمال عبقرية من شركة آبل، لأنه عندما يتعلق الأمر بالسعر فإننا نتأثر بسهولة.
يشرح تقييم القيمة غير العقلاني أو The Irrational Value، وهو مبدأ اقتصادي، كيف ولماذا يتعرض الناس للتلاعب. وفقًا لهذا المبدأ، لا يقوم الأفراد بتقييم العناصر بموضوعية، بدلاً من ذلك يحددوا مقدار تكلفة شيء ما اعتمادًا على البيئة التي يتم استخدامه فيها والطريقة التي يشعرون بها.
فكرة أن هاتف iPhone باهظ الثمن يعتبر جزءًا من إستراتيجية آبل لزيادة الطلب، لأن السعر المرتفع يجعل الناس يشعرون أنه رمز للمكانة الاجتماعية كما ذكرنا. ببساطة، إن كان يمكن لأي شخص تحمل سعره، فلن يشعر الناس الذين اشتروا الهاتف بالرضا عن أنفسهم.
آبل هي واحدة من العلامات التجارية الرائدة التي تقدر قيمتها بأكثر من 2.4 تريليون دولار في العالم. في النهاية يمكننا استنتاج أن أحد أهم أسرار نجاحها هو استراتيجيتها التسويقية. لقد وضعت نفسها دائمًا في وضع التميز وتسوق منتجاتها للعملاء المتميزين فحسب!
?xml>