هل سبق لك وتسائلت وأنت ممسك بجهاز الآيفون الخاص بك، كيف وصلت أبل إلى هذا المستوى من التقدم، ومع استخدامك المتواصل للجهاز، تشعر كما لو كانت أجهزة الآيفون لدينا منذ قرون، لكن الحقيقة أن تاريخ أجهزة الآيفون كان قبل 14 عاما فقط، هذا الوقت الذي ظهر فيه أول آيفون.

تخيل، عام 2007، لم يكن أحد يمتلك جهاز آيفون وكانت هناك شركات تهيمن على سوق الهواتف الذكية، لنتجول في ذكريات الماضي ونتعرف على ما جعل الآيفون اسما مألوفا حتى وقتنا الحالي.

عصر ما قبل الآيفون

الآيفون الأول.. قصة جهاز غيّر صناعة الهواتف الذكية

لم يكن الآيفون أول هاتف ذكي، هذا الشرف يذهب إلى Simon Personal Communicator "سيمون" من شركة IBM، والذي تم إصداره في عام 1994، وتضمن هذا الهاتف الذكي السابق لآوانه شاشة تعمل باللمس ويمكنه إرسال واستقبال رسائل الفاكس ورسائل البريد الإلكتروني.

في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قبل ظهور الآيفون لأول مرة، سيطرت أجهزة مثل بلاك بيري وموتورولا رازر على سوق الهواتف الذكية، وتضمنت تلك الهواتف لوحات مفاتيح خارجية وشاشات أصغر، أما المنافسون الآخرون مثل هاتف نوكيا N95 و HTC Touch تجاوزوا الآيفون الأول في بعض المجالات لكنهم فشلوا في مواكبة التقدم وهذا ما ميّز الآيفون وجعله يستمر إلى الآن.

[quote content="إليكم معلومة قد لا يعرفها العديد من مستخدمي أبل،جهاز الآيفون لم يكن أول غزوة لشركة أبل في تكنولوجيا الهواتف المحمولة، هذا الشرف يذهب إلى ROKR E1، وهو نتاج تعاون بين أبل وموتورولا في عام 2005 لكنه فشل فشلا ذريعا وتسبب في استياء المستخدمين والرئيس التنفيذي لشركة أبل آنذاك ستيف جوبز على حد سواء"]

إطلاق أول آيفون

الآيفون الأول.. قصة جهاز غيّر صناعة الهواتف الذكية

في عام 2003، بدأت أبل العمل على مشروع Project Purple، وهي المبادرة الداخلية التي ستنتج في النهاية أول جهاز آيفون، هذا صحيح، بدأت شركة أبل في التفكير بصنع هاتف لها قبل تعاونها الكارثي مع موتورولا، وربما فشل هاتف ROKR E1 هو ما أقنع شركة أبل بإنتاج هواتفها الخاصة من أجل الحصول على المنتج الذي تريده.

بعد أربع سنوات، وتحديدا في 9 يناير 2007، كشف ستيف جوبز النقاب عن أول هاتف آيفون في خطابه الرئيسي في Macworld والإصدار العام كان 29 يونيو 2007، واصطف العملاء المتحمسون حول متاجر أبل للحصول على فرصة للحصول على أحد الأجهزة التي طال انتظارها.

لم يكن الجميع ينتظر نجاح أبل، وتصور الكثير أن جهاز الآيفون سيفشل وأولهم ستيف بالمر، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت في ذلك الوقت  والذي كان يضحك من السعر الباهظ للجهاز وعدم وجود لوحة مفاتيح فعلية، وقال إنه حتى لن يجذب رجال الأعمال (الذين كانوا الفئة المستهدفة من قبل شركات الهواتف الذكية في ذلك الوقت).

وشعر بالمر بالذهول بسبب أرقام المبيعات والمراجعات الخاصة بالآيفون، حيث أحب الناس واجهة المستخدم التي تعمل باللمس والتصميم الأنيق والطريقة التي نجحت بها أبل في الجمع بين جها الآيبود والهاتف.

وكان الجهاز الجديد الذي كان الجميع يرغبون في اقتنائه يبدو هزيلا مقارنة بمعايير اليوم، حيث كان بإمكان المستخدمين الاختيار بين طراز 8 جيجا بايت مقابل 599 دولارا أمريكيا أو طراز 4 جيجا بايت مقابل 499 دولارا أمريكيا، بالطبع تلك المساحة لا تتسع لجزء بسيط من الفيديوهات التي نقوم بتسجيها ولكن لم يكن هذا الأمر مشكلة حينها، لأنك لا تستطيع تسجيل فيديوهات على أول جهاز آيفون كما أنه كان مزودا بكاميرا تعمل بدقة 2 ميجابكسل فقط.

وصدق أو لا تصدق، الآيفون الذي يحقق أكثر من نصف إيرادات أبل الآن لم يكن جهازها المدلل والأكثر شهرة في ذلك الوقت، بل كان جهاز الـ iPod والذي تم إطلاقه في أكتوبر 2001، وتم بناؤه حول خدمة iTunes، والتي ظهرت لأول مرة في يناير من ذلك العام.

 وفي ذلك الوقت كان إعلانات iPod التجارية عبارة عن صور ظلية لأشخاص يرقصون على خلفيات زاهية ويمسكون أجهزة الآيبود iPod بأيديهم وهناك أسلاك لسماعات في أذنهم، تلك الإعلانات صورت جهاز الآيبود على أنه عصري وأنيق حينها وفي عالم آخر، وفي الوقت نفسه كانت أبل تعمل على مشروع Project Purple من أجل تصميم جهاز آيفون مثل الآيبود الناجح، مع عجلة التمرير المميزة الخاصة به، كان هذا هو التصميم الأول الخاص بمشروع Project Purple، تم رفضه وانتقده ستيف جوبز في خطابه في Macworld عندما كشف النقاب عن الآيفون.

على الرغم من أن مظهر جهاز الـ iPod لم يكن مشابها لأول جهاز آيفون، إلا أن أحد الأشياء المشتركة بين الجهازين هو الاعتماد على خدمة iTunes، اليوم، يمكن لجهاز الآيفون الخاص بك استخدامه طوال الوقت دون الحاجة توصيله بجهاز كمبيوتر، ولكن بالعودة إلى عام 2007، إذا كنت تريد أيا من الموسيقى والأفلام والمسلسلات المفضلة لديك التي قمت بتخزينها في iTunes على جهاز الآيفون، فستحتاج إلى توصيله بالكمبيوتر ومزامنته.

لكن لا تعتقد أن أول آيفون كان مجرد هاتف ذكي في ذلك الوقت، حيث قدم العديد من التقنيات الجديدة التي لم يسبق لها مثيل في سوق الهواتف الذكية.

الآيفون الثوري

كان أول جهاز آيفون حقا رائدا في نواح كثير وعلى عكس الهواتف الذكية السابقة، فقد تضمن الجهاز مجموعة من الميزات الجديدة، بما في ذلك واجهة اللمس المتعدد ولوحة المفاتيح الناعمة والبريد الصوتي المرئي، بجانب ميزة أخرى رائعة وهي مقياس التسارع وهو ما يسمح لك بالتبديل بين الوضع الأفقي والعمودي على هاتفك.

ربما كانت لوحة المفاتيح لأول جهاز آيفون هي الميزة الأكثر ثورية في ذلك الوقت لأن الهواتف الذكية الشهيرة الأخرى في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مثل بلاك بيري، تهيمن عليها لوحات المفاتيح ذات الأزرار المادية التي يستخدمها الأشخاص في الكتابة والتنقل عبر شاشاتهم، استحوذت لوحات المفاتيح المادية على ما يقرب من نصف الهاتف، مما أجبر المصممين على ضغط واجهة المستخدم في شاشة صغيرة مزدحمة بالأيقونات.

لم ترغب أبل في أن تكون تقليدية، بل أرادت التخلص من القيود الكامنة حول لوحة المفاتيح المادية، ولهذا فكرت في بناء هاتف بشاشة تعمل باللمس، وكانت أبل قبل ذلك تعمل على نموذج أولي لجهاز لوحي يعمل باللمس والذي أطلق عليه اسم Model 035 ولكنها حولت مواردها للتركيز على هاتف محمول بشاشة تعمل باللمس.

وكانت أول مشكلة واجهها مهندسو أبل هي الأزرار الموجودة على لوحة المفاتيح الناعمة والتي كانت صغيرة وهذا يعني أن استخدامها سوف يشكل عائقا كبيرا على المستخدمين ومن أجل حل تلك المشكلة، قام سكوت فورستل، المدير التنفيذي السابق لشركة آبل بإيقاف العمل على الجوانب الأخرى من الهاتف وكلف جميع مطوري واجهة المستخدم لديه بتطوير لوحة مفاتيح ناعمة يمكن استخدامه بكل سلاسة وفي النهاية، توصل أحد المهندسين "لم يُذكر إسمه" إلى تقنية يُستخدم فيها الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالحرف الذي سيكتبه المستخدمون بعد ذلك.

باستخدام هذه التقنية، طورت أبل لوحة مفاتيح دقيقة مدمجة في هاتف ذكي بشاشة تعمل باللمس، ونظرا لأنهم لم يكونوا بحاجة إلى إنشاء لوحة مفاتيح مادية، فقد تمكنوا من تكبير الشاشة، وكما قال نيلسون جوردان، وهو خبير تقنية "إزالة لوحة المفاتيح المادية، فتحت الباب أمام شاشات أكبر بكثير، والتي بدورها غيرت طريقة استخدامنا للهواتف، لم تعد تلك المساحة مخصصة للتحدث والرسائل النصية والبريد الإلكتروني بعد الآن، بل أصبحت مخصصة للألعاب ومقاطع الفيديو والترفيه، وهذا ما نفعله في معظم أوقاتنا اليوم".

ربما تتفاجأ إذا قلت لك أن الآيفون الأول لم يحتوي على متجر التطبيقات، على الرغم من أنك لا تستطيع اليوم استخدام الآيفون دون مجموعة كبيرة من التطبيقات، ولكن انذاك لم يكن ستيف جوبز متحمسا لفكرة السماح لأطراف ثالثة بالسيطرة على الآيفون.

كانت التقنيات الجديدة الأخرى التي ظهرت لأول مرة مع جهاز الآيفون الأول عبارة عن مستشعر القرب الذي يمنع تفاعل الشاشة غير المرغوب فيه عند تثبيت هاتفك بالقرب منك أثناء المكالمات، ومستشعر الإضاءة المحيطة الذي يضبط سطوع الشاشة بناءا على محيطك، وكلتا الميزتين موجودتين في الجهاز إلى اليوم.

علاوة على ذلك، منذ البداية ، وكان الآيفون مختلفا عن منافسيه حيث كان يوجد متصفح سفاري لتصفح الويب، مما سمح لجهاز أبل بعرض صفحات الويب بشكل أقرب لكيفية ظهورها على أجهزة الكمبيوتر.

الآيفون الأول.. قصة جهاز غيّر صناعة الهواتف الذكية

تم تصميم كل هذه الميزات: الشاشة التي تعمل باللمس ولوحة المفاتيح الناعمة ومقياس التسارع ومتصفح سفاري مع مراعاة سهولة الاستخدام، وعلى الرغم من أن أبل تحاشت تضمين الميزات التي تتمتع بها الهواتف الذكية الأخرى في ذلك الوقت، مثل 3G و MMS، إلا أن تركيزها على تجربة المستخدم بشكل قوي قد أتى ثماره حيث جعل الآيفون يتفوق على المنافسين الأقوياء.

أخيرا، منذ إطلاقه في عام 2007، مر جهاز الآيفون iPhone بالعديد من التحسينات والتحديثات المذهلة، كان بعضها أكثر شهرة من البعض الآخر، لكن على مدى السنوات الطويلة الماضية، حقق جهاز أبل المدلل نجاحا ساحقا إلى وقتنا الحالي وفي الواقع، من الصعب التفكير في الهواتف الذكية على الإطلاق دون التفكير في الآيفون، وأحدث سلسلة من أبل وهي آيفون 12، تضم مجموعة من الميزات الرائعة مع تحسينات مذهلة وخصوصية قوية ومتجر تطبيقات يضم العديد من التطبيقات التي يتم مراجعتها وفحصها بشكل أفضل من المتاجر الآخر، وكل هذا ساهم في وصول قيمة أبل السوقية لأكثر من 2 تريليون دولار لتتفوق على جميع منافسيها.