إذا كنا نمتلك آلة زمن وعدنا بها إلى عام 1975 كنا سنعود إلى زمن موسيقى الروك أند رول، موضة الملابس الزاهية والكثير من الأحداث السياسية الحامية مثل المرحلة الثالثة من الحرب الباردة الدائرة بين الدب الروسي والولايات المتحدة الأمريكية.

أما بالنسبة للترفيه كنا سنجد رواج كبير لدور العرض حيث يتم عرض الأفلام بشكل مستمر، كذلك انتشرت العروض الغنائية الحية التي كانت تؤديها الفرق الموسيقية فهذا العصر كان العصر الذهبي لفكرة الفرق الموسيقية بلا شك، وأيضاً كان يوجد منصات الأركيد حيث كنت تذهب إلى نادي خاص بأجهزة الأركيد لكي تستمتع ببعض الألعاب الإلكترونية مقابل بعض العملات النقدية.

حسناً كانت هذه هي صورة العصر السائدة وبالنسبة للألعاب الإلكترونية ففكرة أن توجد داخل المنزل بشكل شخصي كانت بعيدة جداً وكل المحاولات التي تمت لتقديم منصات ألعاب منزلية كانت فاشلة بشكل ما لأن الأجهزة كانت باهظة السعر وكانت تقوم بتشغيل لعبة واحدة فقط ودائماً ما كانت تكون لعبة مملة حتى بمعايير هذا العصر.

لكن في عام 1977 حدث أمر هام بل يمكن أن نقول أمر تاريخي وهو إصدار جهاز أتاري 2600، الجهاز الأسطوري في عالم منصات الألعاب بل يمكن أن نقول أنه الأب الروحي لهذه الصناعة كلها.

على الرغم من أن جهاز أتاري 2600 كان هو الأب الروحي لهذه الصناعة إلا أنه كان السبب في انهيار هذه الصناعة أيضاً في وقت ما، بل أن هذا الجهاز كان من الممكن أن يقضي على صناعة الألعاب إلى الأبد.

في الحقيقة قصة جهاز الأتاري وصعوده بها الكثير من التفاصيل الرائعة، وكذلك قصة انهيار الجهاز ونحن اليوم في ريترو جيمنج سنتحدث عن جهاز الأتاري وكيف بدأ وإلى أين وصل به الحال.

ثورية جهاز أتاري 2600.

جهاز الأتاري 2600 يعتبر من أشهر أجهزة الألعاب التي تم إصدارها والكثير منها حصل على جهاز في طفولته – على الأقل إذا كنت مقبل على الثلاثينيات مثلي – وهذا الجهاز قدم لنا العديد من الأفكار التي مازلنا نستخدمها حتى الآن.

أول ما يمكن ملاحظته أن الجهاز جاء مع حجم صغير نسبياً خصوصاً بالمقارنة مع المحاولات السابقة، ثاني أمر هام جداً أن الجهاز لا يأتي مع ألعاب بل الالعاب كانت تباع بشكل منفصل على أقراص مخصصة له وهنا يمكن أن نقول اننا أمام أول منصة ألعاب منزلية بالمعنى الحقيقي للكلمة.

كذلك يأتي الأتاري 2600 مع ذراعين للعب الجماعي وبالمناسبة كانت توجد ذراع أساسية التي نعرفها جميعاً حيث يوجد بها مقبض للحركة وزرار لإعطاء الأوامر، وأيضاً كان يوجد بعض أذرع التحكم الخاصة التي تسهل عليك بعض الألعاب وخصوصا ألعاب التنس ورمي الكرات.

يمكنني أن أستمر في ذكر المميزات التي جاء بها هذا الجهاز، فمثلاً الجهاز كان يدعم الرسوم بالأبيض والأسود وأيضاً كان يدعم التلفاز الملون، كما كان يوجد مفتاح في الخلف لزيادة صعوبة المستوى داخل اللعبة والأهم أن كل هذه الأفكار جاءت من العدم حرفياً ولم نراها من قبل فهذا الجهاز كان ثوري بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

بسبب هذه الثورية انتشر الجهاز بشكل لا يصدق ودخل كل المنازل على الرغم من السعر المرتفع جداً حتى بالمقارنة مع عصرنا الحالي، حيث أننا إذا حاولنا حساب قيمة الجهاز في وقتنا الحالي بعد حساب معدلات التضخم وما إلى ذلك سنجد أن السعر الرسمي هو 800 دولار كاملة، أعتقد أنه إذا كان يوجد في مصر حالياً ومع حساب الجمارك وزيادة التجار والشحن لربما تم بيعه بالمقايضة مع بعض المنازل أو قطع أراضي زراعية.

على أي حال انتشر الجهاز لدرجة أن أسرتي المصرية المتوسطة قامت بشراء الجهاز وبالمناسبة الجهاز كان لأخي الأكبر أي أننا قمنا بشراءه في ذروة شهرته وهنا تضح لك كيف نجح هذا الجهاز ووصل إلى كل المنازل حرفياً لدرجة أن أرباح شركة أتاري وصلت من وراءه إلى 3 مليار دولار في هذا الوقت.

الألعاب وسياسة أتاري مع المطورين.

جهاز الأتاري جاء مع مجموعة من الألعاب التي لم نكن معتادين عليها بأي شكل من الأشكال وكانت ثورية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أتفهم جداً أن هذه الألعاب تبدو تافهة ومملة جداً الأن ولكن في هذا الوقت كنت أجلس بالساعات وأنا أقوم بمساعدة الضفدعة على عبور الطريق.

لكن للأسف بدأت أتاري في اتباع سياسة سيئة جداً وهي أنها أصبحت تقوم بإصدار ألعاب بشكل دوري كل 5 أسابيع، أي أننا كنا نجد لعبة جديدة من أتاري كل 5 أسابيع حرفياً وبالطبع هو وقت ضئيل جداً لتطوير لعبة حتى وإن كانت بسيطة مثل ألعاب أتاري 2600.

الفكرة أيضاً أنه في هذا الوقت لم تكن هناك شركات طرف ثالث كما هو الحال في وقتنا هذا، بل كان يوجد شركة أتاري فقط هي من تقوم بتصنيع المنصة وهي أيضاً من تقوم بإصدار الألعاب.

الخطأ الأكبر هو طريقة تعامل الشركة مع المبرمجين ومطوري الألعاب حيث كانت ترفض الشركة وضع أسم أي مطور على اللعبة سواء في بدايتها أو في نهايتها، كذلك المطور كان لا يحصل على أي مكافأة وسواء نجحت اللعبة أم لا يتقاضى نفس الأجر، وبالمناسبة شركة Activision العملاقة تأسست على يد مجموعة من المبرمجين كانوا داخل شركة أتاري ولكنهم رفضوا طريقة تعامل الشركة مهم فتركوها وقاموا بتأسيس العملاق Activision.

لعبة Pac Man وبداية السقوط.

 

في عام 1980 صدرت لعبة Pac Man على منصات الأركيد لتقلب صناعة الألعاب رأساً على عقب، فهذه اللعبة حققت نجاح لم تشهده الصناعة في هذا الوقت وتسببت في ارتفاع مبيعات منصات الأركيد نفسها، فهي واحدة من أشهر الألعاب التي جاءت في تاريخ الصناعة ويمكن أن نفرد لها مقال مخصص ضمن مقالات ريترو جيمنج.

هنا أرادت أتاري استغلال نجاح لعبة Pac Man وأرادت أن تصدر اللعبة على منصة الأتاري 2600، وبالفعل قامت أتاري بشراء حقوق اللعبة وصدرت اللعبة على الأتاري 2600.

للأسف لعبة Pac Man كانت واحدة من أسوأ ألعاب الأتاري التي تم إصدارها في هذا الوقت، الأصوات كانت سيئة جداً وكذلك الرسوم والنسخة عموماً لا يمكن مقارنتها بأي شكل من الأشكال مع نسخة الأركيد الأساسية من شركة Namco اليابانية.

لكن وبشكل ما تمكنت الشركة من بيع 5 مليون نسخة من اللعبة على الرغم من أنها كانت لعبة سيئة جداً ولكن استغلت الشركة شهرة اللعبة على الأركيد وتمكنت من تحقيق مبيعات ضخمة جداً ويمكنني أن أقول لك لعبة Pac Man هي أكثر الألعاب مبيعاً على منصة الأتاري في تاريخها كله.

هذا النجاح الزائف جعل الشركة تشعر بقدر من الغرور وأنها إذا قدمت أي شيئ حرفياً سيتم بيعه لأنه لا يوجد منافس أصلاً والناس متشوقون إلى هذا النوع الجديد من الترفيه.

كارثة لعبة E.T.

فيلم E.T