قد يتساءل البعض عن كيف يمكن لشعاع الليزر أن يكتب على الورق؟ فالطابعات الليزيرية لم تسمى بهذا الاسم إلا لكون الليزر له دور أساس في عملية إنشاء الحروف على الورق.. أساس عمل الطابعات الليزرية يعتمد على مبدأ علمي بسيط وهو الكهرباء السكونية.. فكلنا جرب في مادة العلوم ، كيف أنه عند إحتكاك مادة القطن مع البلاستيك

مثلا ينتج عن ذلك شحنة كهربائية على كل منهما ، ودليل ذلك يتجلى بوضوح عندما نرى قدرة قطعة البلاستيك على جذب قصاصات الورق الصغيره..

لكن يا ترى.. كيف تم استغلال الكهرباء الساكنة أو السكونية في عملية الطباعة في الطابعات الليزرية؟

حتى نستطيع الاجابة عن مثل هذا التساؤل. لابد لنا من معرفة الأجزاء المكونة للطابعة الليزرية ، والتي سأقوم بسردها تباعا مع شرح مبسط جدا لدور كل جزء من هذه الأجزاء أثناء مراحل عملية الطباعة.


1-بغض النظر عن نوع المنفذ كان متوازيا أو كان من النوع USB  ففي كلا الحالتين مهمته هي إيصال البيانات من الحاسب إلى لوحة معالجة البيانات في الطابعة.

Image

2-لوحة معالجة البيانات ، هذه اللوحة عباره عن دائرة إلكترونية لديها القدرة على ترجمة الاشارات الكهربائية القادمة من الحاسب إلى أحرف ورموز ونصوص يمكن فهمها.
و حتى تتمكن هذه اللوحة من إتمام عملها على أكمل وجه لابد من وجود آلية تفاهم بينها وبين الحاسب.. هنا يكون الدور لملفات التعريف الخاصة بتلك الطابعة ، فكلنا يعلم أن الطابعة لا يمكن أن تعمل بالشكل المطلوب منها دون أن يتم تنصيب مجموعة من الملفات الخاصة بتشغيل برنامجها على نظام التشغيل في الحاسب، عندها، وعندها فقط يمكن أن تتم عملية التفاهم سابقة الذكر بشكلها الصحيح.

3- في هذه المرحلة يبدأ دور ما يسمى بالـ Corona Wire  وهو عباره عن سلك رفيع يتموضع بمحاذاة الاسطوانة الحساسة للضوء ومهمته الأساسية تكمن في إطلاق الضوء الشديد ( نتيجة توهجه تماما مثل سلك الضوء الكهربائي ) هذا الضوء الشديد الموجه نحو الاسطوانة الحساسة ينتج عنه شحن الاسطوانة بشحنة سالبة ثابتة القيمة ، هذه الشحنة ما هي إلا كهرباء سكونية.
وبطبيعة الحال فإن لوحة معالجة البيانات هي التي تعطي الايعاز لهذا الشاحن ببدأ عمله وذلك بمجرد استلامها للبيانات من الحاسب.

4-بعد أن تتم اللوحة عملية معالجة البيانات، ترسل لمولد شعاع الليزر أوامرها ببدأ عملية إطلاق الليزر بناء على ترجمتها للبيانات.
هنا مهم جدا أن لا ننسى أن الاسطوانة قد تم شحنها بالفعل بشحنة سالبة ، ولكن ما الجديد الذي سيضيفه مولد شعاع الليزر؟
حسنا العملية بشكل بسيط تعتمد على حساسية سطح الاسطوانة الحساسة للضوء، فهذا السطح الحساس يعتمد في نوع الشحنة التي سيكونها على نوعية الضوء التي تسلط عليه.
فأثناء دوران الاسطوانة الحساسة ، وعندما تصل المنطقة التي تم شحنها بالشحنة السالبة من الـ Corona Wire يبدأ شعاع الليزر بضرب بعض تلك المناطق ( المنطقة التي يضربها من سطح الاسطوانة تتلاشى شحنتها ) ، ولا ننسى هنا أن الليزر يضرب مناطق معينة بناءا على ترجمة البيانات، وبالتالي يشكل ذلك رسما للمادة المطبوعة على شكل مناطق غير مشحونة تمثل نسخة عن البيانات
حتى يصبح الأمر أكثر بساطة لنتابع هذا المخطط ...


Image


ولو أردنا توضيح الأمر أكثر أنظروا هذا الرسم البسيط والذي يعبر عن تشكل حرف الباء باللغة العربية على سطح الاسطوانة الحساسة للضوء نتيجة ضرب شعاع الليزر له..

Image

5-الآن وبعد أن تشكلت صورة عن المادة المرسلة من الحاسب، هذه الصورة الإلكترونية الكهربائية السكونية، لابد من آلية لتحويل هذه الصورة لحبر بطريقة ما!! ولفهم كيفية حدوث ذلك وآليته دعونا نتابع الخطوة السادسة.

6-قلنا سابقا أن الاسطوانة أصبحت تحمل على سطحها نسخة عن مادة الطباعة، ولكن هذه النسخة عباره عن شحنات كهربائية، وما نحن بحاجة لتذكره هنا، هو أن الأسطح التي تعبر عن الخطوط السوداء المراد طباعتها على الورق هي المناطق التي ضربها شعاع الليزر فأصبحت لا تحمل أية شحنة أما تلك المناطق التي لم يضربها شعاع الليزر والتي ستمثل في النهاية الأسطح البيضاء على الورقة بعد تمام عملية الطباعة، تذكروا أنها لا زالت تحمل الشحنات السالبة.

إذن.. نستنج من ذلك أن الحبر لابد أن ينتقل إلى المناطق المعدومة الشحنة على سطح الاسطوانة الحساسة ثم بعد ذلك إلى الورقة، ولكن.. كيف يحدث هذا الأمر؟؟

حسنا... لنرجع مره أخرى للكهرباء السكونية.. طبعا كلنا نعلم أنه في حال اقترب جسمين متشابهين في الشحنة ، سالبين مثلا فإنهما يتنافران ، هذا صحيح. ولكن ماذا لو كان أحد الجسمين يحمل الشحنة السالبة والجسم الآخر متعادل الشحنة؟
نقول أن الجسم متعادل الشحنة سيعاد ترتيب شحناته بحيث تنجذب الشحنات الموجبة فيه ( الجسم المتعادل يحمل من الشحنات الموجبة نفس قيمة ما يحمل من الشحنات السالبة، وليس أنه لا يحمل شحنات على الإطلاق.) تنجذب إذن شحناته الموجبة نحو الجسم الآخر ذو الشحنة السالبة ، الأمر الذي ينتج عنه في النهاية تجاذب الجسمين. ( سامحوني مدرس فيزياء سابقا )

والحقيقة أن هذا تماما ما يحدث هنا.. فالحبر في الطابعات الليزرية ليس حبرا عاديا، هذا الحبر الذي يتكون من مادة صبغية أو كربونية محاطة بدقائق من البلاستيك يكون مشحونا بشحنة موجبة. وهذا يوضح السبب في إنجذاب دقائق الحبر نحو الأماكن التي فقدت شحنتها على سطح الاسطوانه الحساسة...

Image

وبالطبع فإن كمية الحبر التي انتقلت جعلت هذه المساحة ذات شحنة سالبة مما يمنع انتقال المزيد من الحبر باتجاه سطح الاسطوانة الحساسة. وكل ما نحتاجه الآن هو نقل الحبر من الاسطوانة إلى الورقة.

7-في هذه الخطوه سنتحدث عن كيفية انتقال الحبر من الاسطوانة إلى الورقة... أظن المسألة الآن قد أصبحت واضحة ، شاحن خاص بشحن الورقة ولكن هذه المره يقوم بشحنها بشحنة موجبة وهذا أمر بديهي لأن الحبر الملتصق بالاسطوانة بقوة جذب الكهرباء السكونية ما زال يحتفظ ببقية الشحنة السالبة لديه، الأمر الذي يجعله ينتقل نحو الورقة المشحونة بشحنة مخالفه ( موجبة ) بمجرد إقترابها من الاسطوانة الحساسة للضوء.

8-حسنا لقد إنتقل الحبر فعلا بدافع الجذب نتيجة إختلاف شحنة الورقة عن شحنة دقائق الحبر ، فهل مجرد انتقال الحبر يكفي لتمام عملية الطباعة؟ بالطبع لا .. فلا يجب أن ننسى أن ما يحافظ على بقاء جزيئات الحبر على سطح الورقة الآن هو عامل الجذب الكهروسكوني، وحتى تكتمل عملية الطباعة بنجاح نحن بحاجة لعملية تثبيت لهذا الحبر.

9-قلنا سابقا أن الحبر الخاص بالطابعات الليزرية ليس حبرا عاديا، ولكنه من نوع خاص في تركيبته وخواصة فبالإضافة لكونه مشحونا بشحنات سالبة فإن دقائق المادة الصبغية محاطة بجزيئات من مادة البلاستيك..
يكفي إذا أن نقوم بعملية تسخين بسيطة تجعل جزيئات البلاستيك تنصهر فتلتصق بالورقة مما يعمل على تثبيت المادة الصبغية معها.
وهنا يأتي دور وحدة الصهر وهي المرحلة الأخيره في عملية الطباعة، هذه العملية مهمة ليس فقط من أجل تثبيت الحبر على الورقة ، بل هي سر من أسرار جودة الطباعة في هذا النوع من الطابعات، فهذا الانصهار يجعل الطباعة ذات جودة على كل أنواع الورق فلا يمكن أن ينساب الحبر عن الورق شديد الصقل ، ولن يؤثر في جودة الطباعة كون الورق شديد الخشونة.

10-لقد تمت عملية الطباعة بنجاح وبجودة عالية ولا شك أن بطل هذه العملية هو شخصية أصبحت معروفة الآن لدى الجميع. ( الكهرباء السكونية )

وتقبلوا خالص التحية.

سمير عبد الغفور ( Alasmer68 )
الجنسية: الأردن
بلد الإقامة: العين – الامارات العربية المتحده.
البريد الإلكتروني: alasmer68@gmail.com