من دوري الأبطال إلى الـ UFC: كيف يتوقع السوبر كمبيوتر هذه النتائج؟
الرياضة مليئة بالمعجزات، هذا أمر لا تستطيع إنكاره. لا تستطيع إنكار معجزة إسطنبول أو معجزة الأنفيلد في دوري الابطال ومبارياته. لا تستطيع إنكار تفوق نورماجوميدوف الذي لم يتوقعه العديد من الأفراد أمام كونو ماكجريجور كجزء من مباريات الـ UFC الشهيرة. لكن ماذا ستفعل لو عرفت أن بعض أجهزة السوبر كمبيوتر قامت بتوقع هذا من قبلك وقبلي.
أعني….للأمانة، لم أتوقع أن يفوز حبيب على الأيرلندي بهذا الشكل الذي نادراً ما نراه في هذه الرياضة، وخاصةً إن كنت متابعاً لها. أنا لا أشكك في قدرات حبيب لكن….أنت تقاتل بطل وزنين في الـ UFC في نفس الوقت. من المفترض أن تكون هذه المباراة صعبة نوعاً ما، أليس كذلك؟
إن نظرنا إلى دوري الابطال في الموسم الماضي، سنجد أن ليفربول كان المرشح الأول للفوز بالبطولة عندما وصل للمربع الأخير من خلال الكمبيوتر أيضاً. ليفربول الذي كان من المفترض أن يواجه برشلونة ميسي في نصف نهائي دوري الأبطال وخسر على ملعب الكامب نو بثلاثية نظيفة، مع العلم أن السوبر كمبيوتر الذي توقع هذه النتيجة لم يقم بتغيير رأيه بعدها وظل متمسكاً بفوز أحمر الميرسيسايد بهذه النتيجة.
غريبة، أليس كذلك؟ لكن قبل أن نتمعن في هذه الأمثلة بشكل أكبر...علينا أن نقوم بالنظر في العمليات التي تقوم بها هذه الأجهزة قبل أن نتمعن في هذه المباريات التي حازت على إنتباهنا من دوري الابطال والـ UFC في حديثنا اليوم.
كيف يعمل السوبر كمبيوتر ؟
حسناً. السوبر كمبيوتر ما هو إلا جهاز كمبيوتر يتكون من نفس المكونات التي تعتمد عليها تجميعتك بكل فئاتها أو جهاز اللاب توب الخاص بك. لكن هناك فارق في تصميم هذه الأجهزة لأن كل ما تفعله هو القيام بأخذ معلومات من المستخدم أو المدير الخاص بهذا الجهاز والقيام بمعالجتها ثم القيام بإخراج النتيجة منها.
لكن هل هذا يعني أن أجهزة السوبر كمبيوتر يجب أن تكون كبيرة للغاية أو سريعة للغاية؟ ليس شرطاً. إنها تعمل من خلال المعالجة المتوازية وليس من خلال المعالجة المتسلسلة. هذا يعني أنها قادرة على معالجة أكثر من معلومة في نفس الوقت حقاً وليس من خلال معالجة معلومة وراء الأخرى.
لماذا يعمل السوبر كمبيوتر بهذه الطريقة؟
إن كان إستخدامك مكتبي بحت أو معتمد على فتح وغلق صفحات الإنترنت، فستعلم أن الكمبيوتر الخاص بك لا يحتاج إلى إمكانيات قوية. في الأغلب ستحتاج معالج بسيط للغاية من أجل هذه الوظائف التي لا تستهلك معالجة قوية من أجل الحصول على نتائج مرضية.
في نفس الوقت، إن فكرت في معالجة مقاطع الفيديو والصور والتعديل عليها، ستدرك أنك تحتاج إلى طاقة معالجة أكبر من التي كنت تظن أنك ستحتاجها. هذا هو السبب الذي يجعل بعض الأفراد يقومون بشراء تجميعات معتمدة على قطع أقوى من القطع العادية التي تأتي في الفئة الإقتصادية. أما إن كنت تفكر في لعب بعض الألعاب الجديدة على أجهزة مماثلة للأجهزة البسيطة فستدرك قلة حيلة المعالجات البسيطة التي نتحدث عنها.
تخيل الآن أنك محلل في أحد القنوات الكبيرة التي تهتم بالإحصائيات الرياضية وتريد أن تقوم بعمل نموذج لتوقع الأندية التي ستفوز بمسابقة دوري الابطال في خلال منافساتها التي تمتد إلى عام 2060. إحصائية كهذه ستحتاج أن تدفع بأي كمبيوتر إلى أقصى حدوده لكي تستطيع معالجة معلومات كل الأندية التي دخلت إلى المسابقة منذ أن تم إكتشافها تحت إسم الكأس الأوروبي.
في هذه الحالة ستحتاج إلى جهاز يأتي بمواصفات قوية للغاية، لكنك ستظل في أزمة أنك تحتاج إلى معالجة كم رهيب من البيانات في نفس الوقت لكي تحصل على نتيجة قبل عام 2060. لكنك ستظل أيضاً في مشكلة أن كل شريحة في هذه الأجهزة لها حدود لن تستطيع تخطيها، مما يجعلك دائماً في حاجة إلى جهاز يستطيع أن يعالج أكثر من معلومة في نفس الوقت من خلال إستخدام كم رهيب من المعالجات.
ما هي المعلومات التي تدخل لهذه الأجهزة في حالات الرياضات الجماعية مثل دوري الابطال ؟
في هذه الحالة سننظر إلى بطولة دوري الابطال الماضية والتي بدأت في عام 2018 وإنتهت في عام 2019 بسيناريوهات غريبة للغاية بدايةً من دور المجموعات إلى نصف النهائي، والتي إنتهت بالشكل الأتي:
المثير للإهتمام أن العديد من أجهزة السوبر كمبيوتر عند إعلان القرعة الخاصة بربع النهائي قامت بتوقع فوز ليفربول بالبطولة في النهاية. الأمر غريب لأن ليفربول كان يواجه نادي بورتو في نفس الوقت الذي يتصادم فيه نادي مانشستر يونايتد مع نادي برشلونة لكي يتقابل الفائز من المبارتين سوياً في نصف النهائي.
مع الحالة التي كان يمر بها نادي مانشستر يونايتد من هبوط في الأداء والإفتقار إلى المواهب، توقع الجميع خسارة الشياطين الحمر من نادي كتالونيا. في نفس الوقت أيضاً، لم يكن نادي بورتو يمتلك أي فرصة أمام نادي ليفربول في مباراته. هذا الأمر كان السبب في توقع الجميع نهاية هذه المباريات بشكل صحيح لكي يلتقي الناديين سوياً.
في نفس الوقت من الناحية الأخرى،توتنهام يلتقي بنادي أياكس أمستردام في نصف النهائي أيضاً. إنتهى الأمر بخسارة نادي توتنهام في المباراة الأولى بفارق 1-0 مع خسارة ليفربول بثلاثية على ملعب الكامب نو أيضاً. لكن….لم يتغير رأي السوبر كمبيوتر في أن ليفربول هو الذي سيتأهل إلى النهائي مع توتنهام. والذي حدث بالفعل وفاز بها الأحمر للمرة السادسة في تاريخه.
لكن….إن قمنا بتحليل المعطيات التي يأخذها الكمبيوتر في الإعتبار، سنجد أن النهاية نوعاً ما مقنعة. تمثلت هذه المعطيات في الآتي:
- ترتيب المباريات من حيث المكان والزمان: يظهر هذا الأمر في مكان مباراة الذهاب والعودة والفوارق الزمنية بين كل واحدة والأخرى.
- معدلات فوز النادي في دوري الابطال على أرضه وخارجها: والتي تظهر فيها إحصائيات النادي وأدائه في ملعبه داخل موطنه وخارجها بالطبع.
- أداء كل نادي في المواسم التي فاز فيها بالبطولة: والتي تتمثل في معدلات الفوز والخسارة في البطولات التي خاضها وظفر بها في النهاية.
- معدلات اللاعبين التهديفية لكل فريق: والتي توضح عدد الأهداف التي يقوم اللاعبين بتسجيلها في مبارايتهم مع معدلات صناعة الأهداف أيضاً.
- آراء مكاتب الرهانات: والتي بالطبع تمتلك خبراء من أعلى المستويات في هذه الصناعة التي نكرهها ونتشائم منها نظراً لحرمانيتها وكونها طريقة رخيصة للفوز بالمال.
- القيمة الكاملة لكل فريق يقوم بالمشاركة في البطولة: وهذا بالطبع ما يصف الجودة التي يتحلى بها كل فريق لكن في هيئة الأموال.
بعدما تم حساب كل هذه الأشياء ووضعها في معادلات رياضية صعبة وإدخالها في هذه الأجهزة من أجل تحليل كل شيء يخص البطولة. وإن أردنا أن نقوم بتحليلها بشكل سريع لكي نجد السبب الذي جعل هذه الأجهزة تتوقع النهائي بشكل صحيح سنجد التالي:
ليفربول يتفوق من ناحية الفوز على أرضه مع العلم أنه لم يخسر في الدوري الإنجليزي منذ عام 2017 ولم يخسر مباراة على ملعبه في أخر ثلاث بطولات أوروبية له. أداء ليفربول كان قوي للغاية في الخمسة مواسم التي لعبها من قبل في دوري الأبطال وفاز بها أيضاً. يتشابه نادي برشلونة مع نادي ليفربول في النتائج التي نذكرها أيضاً لكن خساراته في الدوري الأسباني على أرضه تعتبر أكثر، مع العلم أن معظم الحالات التي يخسر فيها على أرضه تكون في حالة حسمه للدوري مبكراً والقيام بإراحة أفضل لاعب في تاريخ النادي ورفقائه.
الفكرة التي أثرت على ليفربول هنا وجعلت الكفة تميل له هي عدم خسارته على أرضه في بطولة الدوري وبطولة دوري الابطال، في نفس الوقت الذي تتقارب فيه القيمة التسويقية مع برشلونة وأن عودة نصف النهائي كانت على أرضه. لكن غياب صلاح، روبرتو فيرمينو ونابي كيتا كان من المفترض أني يضع الريدز في مأزق، ولهذا يعتبرها العديد من المشجعين معجزة أكثر من ما هي معادلة رياضية بحتة.
أما بالنسبة لنصف نهائي أياكس أمستردام وتوتنهام، كفة توتنهام كانت الأعلى نظراً للقيمة الخاصة باللاعبين الذين يحملون شعار الديوك أو الدجاج، لا أعلم. كانت أيضاً الأعلى لخسارة أياكس على أرضه في اللقائات الأخيرة له وخصوصاً أن مباراة العودة كانت على أرض أياكس في نفس الوقت الذي يمتلك فيه لاعبي النادي معدل تهديف أعلى. لكن لم تميل الكفة تجاه توتنهام في حالات الفوز بالبطولة أو في معدلات فوز النادى في بطولة دوري الابطال لأسباب عديدة منها عدم مشاركته بشكل كبير فيها.
ما هي المعلومات التي تدخل لهذه الأجهزة في حالات الرياضات الفردية مثل فنون القتال المختلطة التي يتبناها إتحاد الـ UFC ؟
الأمر هنا أسهل بكثير، كل ما ستحتاج لمعرفته في هذه الحالة هي أشياء فردية بحتة لا علاقة لها بالمباريات داخل أو خارج الديار لأن هذه المباريات من النادر حدوثها من الأساس. معظم مباريات الـ UFC تتم في مجموعة من الدول المعروفة وأهمهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة نظراً لأن العديد من الأسماء الكبيرة في الرياضة تأتي من هذه الدول.
تظهر هذه الأشياء في الآتي:
- عدد المباريات التي يخوضها اللاعب في السنة الواحدة: والتي تعكس المجهود المبذول وكلما كثرت هذه الأرقام قلت الكفة الخاصة به لإستنزاف مجهوده.
- عدد المباريات التي فاز/خسر فيها: هذه المعلومة تشرح نفسها بالطبع.
- عدد المباريات التي إنتهت بالإستسلام/الضربة القاضية في صالحه وضده: والتي أيضاً تشرح نفسها ويتم إستخدامها لتوقع بيئة المباراة القادمة في حالات تبارز مقاتلين بطبيعة قتالية مختلفة مثل ملاكم ضد مصارع روماني.
- الإنجازات التي ظفر بها اللاعب: والتي تتمثل في فوزه بالبطولات في جميع الإتحادات التي شارك فيها سواء كانت الـ UFC أو غيرها.
- آراء مكاتب الرهانات: والتي بالطبع تمتلك خبراء من أعلى المستويات في هذه الصناعة التي نكرهها ونتشائم منها نظراً لحرمانيتها وكونها طريقة رخيصة للفوز بالمال كما ذكرنا أعلاه أيضاً.
عندما ننظر لمباراة ماكجريجور ونورماجوميدوف سنجد أن الكفة تميل في كل شيء تجاه المقاتل الروسي ما عدا آراء مكاتب الرهانات والإنجازات التي ظفر بها. لكن حبيب لم يخسر مباراة واحدة طوال حياته في الوقت الذي خسر فيه الأيرلندي. في نفس الوقت أيضاً سنجد أن حبيب يقوم بالفوز في العديد من الحالات بإخضاع اللاعب الأخر للإستسلام، وهي نفس الطريقة التي خسر بها الأيرلندي خسارته الأولى أمام نيت دياز.
توقعات صحيحة ولكن في النهاية
تذكر دائماً أن كل شيء في الرياضات لا يمكن توقعه، هذه مجرد عمليات حسابية في محاولة للقيام بمحاكاة الواقع والتي في الأغلب تفسر عن العديد من الأخطاء. أنت لا تأخذ في الإعتبار روح اللاعبين أثناء تحضيرهم لكل مباراة ولا تأخذ في الإعتبار الحالة النفسية والتفاصيل البسيطة التي لا يكترث لها الكمبيوتر أيضاً. مع العلم أن هذه المعايير التي ناقشناها قد لا تكون هي المعايير الوحيدة التي يتم أخذها للإعتبار.
للعلم أيضاً بالشيء، فأن من أبرز الحالات التي فشلت هذه التحليلات فيها هي توقع العديد من الأجهزة فوز منتخب أسبانيا ببطولة كأس العالم الماضية والتي إنتهت بفوز الديوك الفرنسية. إن نظرنا أيضاً لمباريات الـ UFC الشهيرة، سنجد أن كل الأجهزة بدون أي إستثناء توقعت فوز ماكجريجور على نيت دياز في عرض UFC 196 والذي إنتهى بإخضاع الثاني للأول.
الدرس المستفاد هنا هو أن تستمتع بالرياضة التي تشاهدها وأن تؤمن دائماً بفريقك أو اللاعب المفضل لديك، ولا مانع من إلقاء نظرة على التوقعات الخاصة بهذه الأجهزة….في النهاية...إنها توقعات!
