تمتلأ الالعاب علي الحاسب الشخصي بالاعدادات الرسومية الغزيرة Graphics Settings والتي تتراوح عادة بين مستويات جودة مختلفة، بين الجودة الدنيا Low والمتوسطة Medium والعليا High والقصوي Ultra.

تتحكم تلك الاعدادات في جودة عناصر رسوم اللعبة عنصرا عنصرا، فهناك اعدادات للظلال واعدادات للاضاءة واخري للمجسمات والخامات واخري للانعكاسات وغيرها الجسيمات والشظايا، واخرين لمحاكاة الطبيعة ولمسافة الرسم ومسافة ظهور التفاصيل ومقدار ازدحام الشاشة وكثافة تقاصيل البيئة وغيرهم الكثير.

فوارق أقل الرسوم Low Graphics وأقصي رسوم Ultra Graphics في الألعاب، هل تستحق التضحية؟

حتي اجهزة الالعاب المنزلية لا تخلو من اعدادات مماثلة وان كانت أقل عددا واقل تفصيلا. وكلما اختار المستخدم مستوي اعدادات اعلي كلما حصل علي جودة رسومية اعلي في كل عنصر رسومي. وتزيد الجودة باضطراد حتي تصل لاقصاها علي الاعدادات الرسومية القصوي Ultra Graphics.

لكن زيادة الجودة تجلب معها زيادة تكلفة تشغيل اللعبة علي العتاد، فاقصي جودة رسوم تلتهم اداء اللعبة التهاما، وتتطلب عتادا اقوي في صورة بطاقات رسومية Graphics Card عليا ومعالجات مركزية CPUs عليا ايضا.

فوارق أقل الرسوم Low Graphics وأقصي رسوم Ultra Graphics في الألعاب، هل تستحق التضحية؟

 أداء Ultra هو نصف أداء Low في لعبة Battlefield V 

ولقد صارت عادة متكررة عند قطاع كبير من لاعبي الحاسب في شراء بطاقات رسومية قوية كي يتمكنوا من تشغيل العابهم باقصي رسوم ممكنة Ultra Graphics دون الاعتبار لاي شئ اخر، ومهما كلفت هذه الاعدادات من اداء، علي اساس ان هذه الطريقة هي افضل وسيلة ممكنة لتجربة اللعبة والتمتع بكل عناصرها كاملة.

فالمطور يصمم رسوم لعبته بحيث تغمس في براثنها اللاعب لتزيد من عمق تجربته وواقعيتها، حتي لا يشعر اللاعب أنه في لعبة، بل يشعر وكانه في عالم واقعي يستجيب له. ويتفاعل معه. وكلما ازداد تعقيد الرسوم وازدادات جودتها، زاد عامل الانغماس، وزاد عليه عامل الابهار البصري للعبة، الذي يدفع اللاعب للتوقف وتامل رسوم اللعبة في اعجاب وكانه ينظر الي لوحة فنية جميلة او منظر طبيعي خلاب.

فوارق أقل الرسوم Low Graphics وأقصي رسوم Ultra Graphics في الألعاب، هل تستحق التضحية؟

وكل تلك الأشياء امور منطقية، فالالعاب مثلها مثل اي عمل فني اخر، تستخدم مؤثرات كثيرة لتمتع بصر وسمع وعقل اللاعب، مثلها مثل افلام السينما، وكلما زاد تعقيد وتفصيل رسوم اللعبة كلما زاد استمتاع عقل وبصر اللاعب.

لكن في خضم كل هذا، غفل اغلب اللاعبين عن ظاهرة مخيفة بدأت تتكون تحت السطح، ظاهرة تناقص الفوارق بين إعدادات الرسوم، الفارق بين الاعدادات العليا High و Ultra يكاد يكون معدوما، الفارق بين القصوي والوسطي ضئيل للغاية، بل ان الفارق بين القصوي والدنيا يكون صغيرا ايضا في احيان كثيرة!

فوارق أقل الرسوم Low Graphics وأقصي رسوم Ultra Graphics في الألعاب، هل تستحق التضحية؟

قم بتشغيل لعبة حديثة، وقم بالتبديل بين اقصي رسوم Ultra واقل رسوم Low او اوسطها Medium، وستجد انك لا تكاد تلاحظ الفرق من الوهلة الاولي! فقط تجد الاداء ينخفض عند الاعدادات القصوي، وتحتاج الي فترة من الزمن للتركيز كي تكتشف الفارق. او ربما لا تكتشفه من الأصل.

قم بفعل ما هو أكثر: اضبط الـ Textures والـ Anti-Aliasing علي أقصي شئ Ultra، لكن اترك باقي الاعدادات علي Low .. ثم قارن جودة الصورة ضد جودة صورة جميع الاعدادات علي Ultra .. ستجد أن فارق جودة الصورة في الألعاب العصرية يظل صغير جدا.

فوارق أقل الرسوم Low Graphics وأقصي رسوم Ultra Graphics في الألعاب، هل تستحق التضحية؟

والسبب في هذا يرجع الي ظاهرة مهمة في عالم الرسوم، وهي ظاهرة العوائد المنكمشة Diminishing Returns، وتتلخص في ان الفوارق بين مستويات الجودة الختلفة تتقلص باستمرار كلما ارتفعت تلك المستويات، بحيث يكون أقل مستوي هو أكثرهم تاثيرا، بينما اعلي مستوي هو اقلهم تاثيرا.

فوارق أقل الرسوم Low Graphics وأقصي رسوم Ultra Graphics في الألعاب، هل تستحق التضحية؟

ولشرح الظاهرة اكثر نضرب مثالا بالظلال. في الكثير من الالعاب يكون ضبط الظلال علي اقل جودة Off معناه اغلاق وتعطيل الظلال بشكل كلي. اي ان اللعبة تعمل بدون ظلال اطلاقا ثم ياتي المستوي المتوسط ويقوم بتفعيلها ولكن بجودة متوسطة، اي تكون دقة وضوح الظلال متوسطة، تمتلا بالتعرجات، ولا تكون ناعمة بالقدر الكافي وتكون مسافة رسمها صغيرة. هذا الخيار الاوسط سيكون له الاثر الرسومي والفارق الابرز بين باقي الخيارات لانه بدونه لن يكون هناك ظلال علي الاطلاق، ورسوم اللعبة ستختلف كليا بالظلال عن ما دونها. اما المستويات العليا High من الظلال فكل ما ستفعله هو زيادة جودتها من حيث دقة وضوحها او نعومتها او عددها، وتزيد المستويات القصوي Ultra ايضا من عدد الظلال، ومستوي نعومتها ..الخ.

فوارق أقل الرسوم Low Graphics وأقصي رسوم Ultra Graphics في الألعاب، هل تستحق التضحية؟

الفارق الوحيد بين Low و Ultra في لعبة Fallout 4 هو وجود الظلال من عدمها

لكن مالم يقم اللاعب بالتركيز في شكل الظل وما لم يقم بفحص عدد الظلال بعينه، فانه عادة لن يلاحظ الفرق. اذن فالفارق الاكبر يكون بين وجود الظل وعدم وجوده وفيما عدا ذلك فان الباقي مجرد تحسينات ثانوية لا تؤثر بشكل جوهري في الصورة ككل. وتحتاج الي التركيز للالتقاط البصري علي مستوي اللاعب.

فوارق أقل الرسوم Low Graphics وأقصي رسوم Ultra Graphics في الألعاب، هل تستحق التضحية؟

وقس علي ذلك في باقي المؤثرات، في الاضاءه والانعكاسات ومحاكاة الطبيعة .. الخ. ان وجود العنصر الرسومي من عدم وجوده يمثل اكبر فارق في المقارنة، بعد ذلك تصير باقي التحسينات في جودة هذا العنصر ثانوية ويتضائل تأثيرها بالتدريج .. والسبب في ذلك ان تقنيات الرسم العادية (التنقيط Rasterization) قد وصلت الي اقصي ما لديها بالفعل، ولم يعد هناك جديد يمكن تقديمه .. فوق التحسينات الطفيفة التي نراها في كل مرة.

فوارق أقل الرسوم Low Graphics وأقصي رسوم Ultra Graphics في الألعاب، هل تستحق التضحية؟

 زيادة عدد المضلعات لا ينتج عنها فارق واضح الا مع الانتقال من 60 الي 600 الي 6000، بعد هذا تصير أي زيادة غير ملحوظة حتي لو ضاعفنا العدد 10 مرات وصولا الي 60000!

الظلال مثلا لا يزيد عددها كثيرا باستخدام تقنيات الرسم الحالية لان تلك التقنيات لها حد اقصي في عدد الظلال التي يمكنها رسمها، وكذا الامر في الانعكاسات والكثير من العناصر الرسومية الاخري. إذا التزم اللاعب بنمط رسومي معين كما شرحنا، بضبط اعدادات تفاصيل الخامات Textures وممانع التعرج Anti-Aliasing علي أقصي شئ Ultra، مع ترك باقي الاعدادات علي Low .. فإنه يحصل علي غالبية جودة الصورة المتاحة علي إعدادات Ultra الكاملة!

وفوق كل ذلك هناك سقف رسومي اقصي لا يعلو عليه المطورون بسبب عدم كفاية قوة العتاد لتحمله، حتي مع توفر عتاد قوي للغاية علي الحاسب الشخصي، وحتي مع اجهزة الالعاب المنزلية المحسنة مثل Xbox One X و PlayStation 4 Pro. لذا يكتفي المطورون بتحسينات طفيفة فوق الرسوم الموجودة بالفعل والموجهة للتعامل مع العتاد المتوسط وعتاد اجهزة الالعاب المنزلية بالاساس.

فوارق أقل الرسوم Low Graphics وأقصي رسوم Ultra Graphics في الألعاب، هل تستحق التضحية؟

ايضا وقت وزمن تطوير رسوم اللعبة هو عامل اخر مهم، فالمطور يحرص علي انهاء لعبته في اسرع وقت ممكن، وتطوير رسوم فائقة يستهلك منه وقتا ثمينا لا يملكه، لذا يكتفي بدرجات محسنة من الاعدادات الرسومية تتضاءل فيها الفوارق.

لذا فان المحصلة النهائية أن الفوارق بين أقصي رسوم Ultra واقل رسوم Low اصبحت تكاد تكون منعدمة في اغلب مشاهد الالعاب، وتحتاج الي التدقيق والتمحيص الشديد لتبينها، وفي أحسن الظروف تظهر تلك الفوارق بشكل محدود في مشاهد محددة، و هذا علي الرغم من تكلفة التشغيل العالية للغاية للاعدادت الرسومية القصوي Ultra مقارنة بالدنيا Low.

فوارق أقل الرسوم Low Graphics وأقصي رسوم Ultra Graphics في الألعاب، هل تستحق التضحية؟

لقد كانت الفوارق كبيرة وواضحة عندما كان عالم الالعاب في بدايته، لكنها الان شبه منعدمة، لذا فان المستخدم عليه الا يتسرع حقا في اختيار اقصي رسوم قبل ان يقارن بين الفائدة البصرية منها، ربما يجدر بك عزيزي المستخدم ان تضحي بالاعدادات القصوي Ultra في مقابل ان تحصل علي سلاسة تشغيل أعلي fps، أو وضوح عرض Resolution أكبر.

إن الألعاب علي الحاسب الشخصي لهي بحاجة ماسة الي تقنيات جديدة وفكر جديد في رسم الألعاب حتي تصير تلك الفروق البصرية واضحة للعيان، وهو ما نأمل أن تفعله تقنية تتبع الأشعة Ray Tracing بالفعل!

فوارق أقل الرسوم Low Graphics وأقصي رسوم Ultra Graphics في الألعاب، هل تستحق التضحية؟