الخريطة المُصغرة أو الـ Mini-Map هي خريطة يتم وضعها غالبًا في زاوية الشاشة في ألعاب الفيديو لمساعدة اللاعبين في توجيه أنفسهم داخل عالم اللعبة، وهي تعرض معلومات هامة عن عناصر اللعبة وتكون ظاهرة في جميع أوقات اللعب ولا تطلب إيقاف اللعبة من أجل الولوج إليها.

أصبحت الخرائط المصغرة شائعة جدًا في الوقت الحالي حيث تتواجد في معظم الألعاب بمختلف أنواعها، معظم ألعاب إطلاق النار من منظور الشخص الأول أيضًا تحتوى على خرائط مُصغرة مثل Valorant و Call of Duty والتي تعرض غالبًا مواقع العدو وزملائه في الوقت الفعلي ، لكن مهلاً، لماذا يجب أن يظهر لك العدو في الخريطة وفي الوقت الفعلي في لعبة من المُفترض أنها تنافسية؟ إن كانت تلك الخرائط اللعينة جاءت لتُسهل من فكرة ألعاب اللاعب الواحد أو ألعاب القصة الطويلة، لماذا يجب أصلاً أن تتواجد في الألعاب التنافسية؟

أتفهم إذا كنت سأكشف موقع العدو عن طريق استخدام رادار UAV من لعبة Call of Duty على سبيل المثال، ولكن دون إستخدام أي نوع  من الأدوات في أي لعبة كانت لماذا يظهر العدو " لبرهة" من الأساس على تلك الخريطة المُصغرة؟

حتى في لعبة رياضية مثل FIFA، تظهر الخريطة المُصغرة بالأسفل تحركات الـ 22 لاعب في الوقت الفعلي، وهناك من يستخدمها بشكل كبير في الحصول على معلومات لا يمكن أن تحصل عليها إذا كنت تلعب بالكاميرا العلوية، مما يخلق فرص لم يكن من الممكن أن تُخلق إذا لم تكن تلك الخريطة الصغيرة موجودة.

هذا هو مربط الفرس الذي جعل من تلك الخرائط المُصغرة موضع إتهام ونقاش حاد بين المهتمين منذ أكثر من ست سنوات عبر موقع reddit ولازال النقاش حائراً حتى وقتنا الحالي.

مؤخراً أصبحت الخريطة المُصغرة تأتي بأشكال مختلفة أكثرها شيوعاً هو الشكل الدائرى في أسفل أو اعلى يمين أو يسار الشاشة مثل الموجودة في لعبة Grand Theft Auto IV و The Wither 3، أو الشكل العرضي والذي يتواجد في أعلى منتصف الشاشة كالذي ظهر في ألعاب مثل Horizon Zero Dawn و Assassin's Creed Valhalla.

الخرائط المُصغرة في الألعاب .. ضرورة حتمية أم أداة تستأصل مُتعتها؟

وسواء ظهرت الخريطة المُصغرة بهذا الشكل أو ذاك، فهناك من يُعارض فكرة وجودها في الألعاب ويرى أنها جاءت فقط لتقتل مُتعة اللعب والاستكشاف بالأخص في ألعاب العالم المفتوح، ليس فقط في الألعاب التنافسية، وإن كان النمط الثاني منها يبدو على هيئة "بوصلة" أكثر من كونها خريطة مُصغرة كاملة، مثل الموجودة في HZD و Valhalla وهي لكي أكون صادقاً حلاً أكثر عملية لأنها فقط تحدد المكان ولا تعرض كل التفاصيل التي تعرضها الخريطة المُصغرة العادية.

استقرت الخريطة المصغرة المليئة بالأيقونات بشكلها الاعتيادي في مُعظم الألعاب وهي تُمثل المشكلة الحقيقية التي أتحدث عنها معكم خلال المقال ، الـ Mini-Map تُبعد عينيك عن وسط الشاشة وكأنها تقول "تعال وانظر إلي ، أنا لدي كل المعلومات المهمة التي لا يمكنك الحصول عليها من أي مكان آخر"، وهو الأمر الذي يُشتت انتباه اللاعب ويسهل من تجربة اللعبة وقد يجعله يفوت الكثير من المتعة في الواقع إذا كانت تلك الخريطة غير موجودة.

في بعض الأحيان تعرض الخريطة كل الأعداء الموجودين في المنطقة التي أنت بصدد غزوها، وبالتالي لن يكون هناك عامل مُفاجاة أو نوع من أنواع التخطيط المُسبق لقتل أعدائك ، فقط ستنظر إلي الخريطة المُصغرة في أغلب الوقت لتجنب الأعداء ، الأدهى أن هناك بعض الخرائط المُضغرة تعرض أيضاً أين ينظر العدو في الوقت الفعلي وأيضاً مدى الرؤية الخاصة به وبالتالي أنت ليس بحاجة للتفكير أساساً أو النظر لعالم اللعبة نفسة بدلاً من ذلك ستنظر للخريطة فقط طيلة المهمة.

الخرائط المُصغرة في الألعاب .. ضرورة حتمية أم أداة تستأصل مُتعتها؟

هناك نوعاً آخر من الخرائط المُصغرة موجودة في بعض الألعاب أقل شيوعاً ولكنها أكثر واقعية مثل الموجودة في العاب مثل Metro Exodus و Far Cry 2 حيث يحملها اللاعب معه ولا يمكنه الولوج إليها إلا عند إيقاف اللعبة أو إخراجها من حقيبة أو جيب شخصية اللاعب ، وهي لا تعرض معلومات كثيرة في الواقع، فهي تساعدك في الوصول لوجهتك وفي نفس الوقت لا تُعطيك كل المعلومات.

بعض الأنواع من الألعاب لا يُمكن أن تكون الخريطة المُصغرة جزء قابل للنقاش بها مثل ألعاب الـ MOBA كـ League of Legends و DOTA 2 والتي وجود الخريطة أمر حتمي، وربما أعين اللاعبين على الخريطة تكون أغلب الوقتها عليها بدلاً من اللعبة نفسها.

الخرائط المُصغرة في الألعاب .. ضرورة حتمية أم أداة تستأصل مُتعتها؟

قبل عشرون عاماً، لم تكن الخريطة المُصغرة عنصر رئيسي من عناصر اللعب بالرغم من ظهورها في فترة التسعينات ، ولكن لنكن واقعيين بعض الشئ ،من كان يحتاج إلى تلك الخرائط المُصغرة في ألعاب خطية؟ من السخيف حتى فكرة مقارنة أحجام عوالم الألعاب واتساعها الآن بما كان موجود قبل عشرون عاماً.

من السخيف أيضاً مُقارنة كم النشاطات الموجودة الآن في ألعاب العالم المفتوح بما كان الأمر عليه قبل عشرة سنوات أو علي هذا النحو ، حيث يكون إيجاد الأهداف أمر صعب مع الخريطة الرئيسية فقط ، ومع استمرار ظهور كافة الأشياء الجانبية على الخريطة ، يصعب تتبع أهدافك بالشكل الأمثل ، لذا وجود الخريطة المُصغرة قد يكون ضرورياً لإستكمال مهامك.

قد يبدو الكلام اعلاه متناقض .. نعم هذا حقيقي، فالآراء في تلك النقطة مُتعارضة بشكل كبير وسوف أزيد عزيزي القارئ من هذا التناقض لأحدثك عن رأي آخر في هذا الأمر ، فهناك من سيقول ، كفى هُراء صديقي خليل ، فمتعة الألعاب في النهاية هي أن تجلس بعد يوم عمل شاق ، تلعب اللعبة التي تحبها وتستمتع بها دون النظر لكل هذه الأمور المُعقدة ، من منا يريد الدخول في عالم واسع وفسيح مثل Grand Theft Auto IV دون خريطة مُصغرة؟ هل عليا بالفعل استكشاف 49 ميلًا مربعًا وهو حجم الخريطة الضخمة في جراند ثيفت أوتو 5 دون مساعدة؟ كيف لي أن أنهي اللعبة وانتقل بينها دون مساعدة حتى؟ هل متعة الألعاب أن يكون كل شئ واقعياً؟ أم أن الواقعية المُفرطة تفسد من متعة الألعاب؟

هذا الرأي ربما هو الأكثر قرباً للحقيقة لكي أكون صادقاً ، وأنا بشكل شخصي أتفق معه بشكل كبير، حيث ان وجود عناصر الواقعية في الألعاب تفقد من بريقها ومتعتها، والدليل على ذلك أن ألعاب المحاكاة الحقيقة لألعاب السيارات على سبيل المثال لا تحظى بتلك الشعبية التي تحظى بها ألعاب السيارات الأركيد.

الخرائط المُصغرة في الألعاب .. ضرورة حتمية أم أداة تستأصل مُتعتها؟

كما أنه ليس من المُمتع ان تجد نفسك تائهاً في خريطة لعبة شاسعة مثل Red Dead Redemption 2 ولا تعرف أين تذهب بالتحديد، في النهاية ستفقد المتعة التي كنت تقول أن تلك الخرائط المُصغرة قد قتلتها ، بالرغم من ذلك ألعاب مثل Dark Souls بالرغم من صعوبتها فهي لا تحتوى أيضاً على خرائط مُصغرة مما يزيد الأمر صعوبة ومع ذلك محبي السلسلة يعلمون كم المتعة التي يحظون بها عند تخطي اللعبة وهزيمتها في النهاية.

يتبع بعض المطورين نوعاً من أنواع التوازن في ذلك الأمر لإرضاء جميع الأطراف، حيث تمنح بعض الألعاب مؤخراً ضمن خيارات الصعوبة أو الـ HUD إمكانية إخفاء تلك الخريطة المُصغرة أو الغاؤها تماماً من رحلتك في اللعبة ، ما اذا قررت ذلك ، وهو القرار الحكيم والفصل في تلك المُعضلة.

في النهاية لا يمكن الجزم بأن فكرة الخريطة المُصغرة جاءت لقتل الألعاب، أو أنها يجب أن تختفي، ولكن هناك بعض الضوابط التي يمكن اتخاذها حتى لا يتحول اللاعبون للاعتماد عليها بشكل رئيسي، وإن كان هناك داعي لالغاؤها سيكون بالطبع في الألعاب التنافسية بالأخص ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول، أما ألعاب القصة واللاعب الواحد فأنا مع منح اللاعب حرية الإختيار والأمر في النهاية يعتمد على قرارك ، وتذكر أن المُتعة والسعادة حتى لو كانت في الأشياء الترفيهية هي قرار.