طرفيات الحاسب الإحترافية (1) فأرة التحكم

هل فكرت سابقاً في أن تبحث لنفسك عن فأرة تحكم إحترافية، أو جربت في يومِ ما لوحات الكتابة الميكانيكة أو أنظمة الصوت المحيطي Surround Sound مع واحدة من السماعات الخاصة بأجهزة الحاسب. البعض منا مر بتجارب كهذه بالفعل ويركز دائما على أن يمتلك كل ما هو إحترافي، ولكن النسبة الأكبر لازالت تفكر بطريقة تقليدية ولا تعطي لطرفيات أجهزة الحاسب كل هذا الإهتمام وتراها مجرد كماليات يمكن الحصول عليها من أي متجرٍ كان وبأسعار زهيدة لتؤدي الغرض منها فحسب.

على كلٍّ لسنا هنا لإلقاء اللوم على من يقتصد في طرفيات الحاسب، بل على العكس تماماً.....فإن كانت ستلبي إحتياجاتك الكاملة منها فلا مشكلة على الإطلاق، الغرض هنا فقط هو توضيح تفاصيل أكثر عن المواصفات الحقيقة لهذه الطرفيات ومعرفة أسباب الغلو في أسعار القطع الإحترافية منها، وبالتأكيد كذلك معرفة إن كان ملاك طرفيات الحاسب الإحترافية هي فئة عملية تبحث فعلاً عن متطلباتها أم مجموعة مخابيل من أصحاب المال الوفير.

حسناً.. في مقالاتنا هنا سنركز على أهم الطرفيات التي لايستغنى عنها أي فرد منا تقريباً، بغض النظر عن كونها إحترافية أم لا، وهي المتمثلة في فأرة التحكم ولوحة المفاتيح وكذلك السماعات. وسنبدأ هنا مع أولها وندخل عالم فأرات التحكم الإحترافية.

أنواع فأرات التحكم وكيفية عملها:

بالتأكيد لن نبدأ بتعريف ماهية فأرة التحكم من البداية لذلك سنقفز مباشرة إلى التفرقة بين أنواعها، وتتمثل حالياً فأرات التحكم في نوعين هما Optical Mouse و Laser Mouse، ودقيق الملاحظة هنا سيعرف أن الفارق يتمثل في نوعية الإضاءة نفسها والتي يعمل بها المستشعر Sensor، فهناك فأرات تحكم تستخدم الإضاء العادية Optical وهي متواجد في جميع المنتجات الرخيصة ومتوسطة الجودة وأحياناً تستخدم مع بعض فأرات التحكم الإحترافية.

أما النوع الثاني فيستخدم مستشعر متصل بإضاءة من نوعية Laser وهي أدق واسرع في العمل من النوع الأول وتتواجد بمعظم فأرات التحكم الإحترافية.

لاحظ كذلك أننا أهملنا تماما ًالحديث عن فأرات التحكم التاريخية Mechanical mice والتي تستخدم كرة صغيرة بقاعدتها، فهو نوع منقرض ولا فائدة من الحديث عنه مطلقاً وعومواً فالإختلافات بين فأرات التحكم Optical و Laser متعددة وربما نعود إليها لاحقاً ولكن دعونا أولاً نلقي نظرة على طريقة عمل فأرة التحكم بشكل عام والتي تتماثل في كلا النوعين

والباية ستكون من مصدر الإضاء نفسها والمسؤل عنها هو مصباح LED صغير تنبعث منه الإضاء الساقطة على أياً من الاسطح التي تعمل عليها الفأر(الإضاء تكون حمراء غالباً)، وتنعكس هذه الإضاء من جديد ليستقبلها المستشعر Sensor.

وللتوضيح أكثر فالمستشعر هنا يعمل ككاميرا صغيرة الحجم يمكنها تصوير ألاف اللقطات في الثانية الواحدة والتي يتم إرسالها بعد ذلك إلى معالج (Digital Signal Processor) DSP بداخل الفأرة، وهو معالج بسيط يقوم على تحليل الصور االمرسلة والتي من خلالها يعتمد على معرفة الإتجاه والسرعة التي تحركت بها الفأرة ليرسل هذه المعلومات بدوره إلى الحاسب وتظهر حركة المؤشر في النهاية على الشاشة.

طبعاً هذه العملية برمتها لن تستغرق سوى أجزاء من الثانية وبمجر أن تبدأ يدك في تحريك الفأرة سترى المؤشر وهو يسلك الإتجاه ذاته على الشاشةِ امامك، وبقي الأن الإلتفات إلى ملحوظة بسيطة ربما أثارت إهتمام البعض من قبل، وهي السبب من وراء الإعتماد الشبه دائم على مصابيح إضاءة LED ذات لون أحمر، والإجابة تشتمل على أمرين..الأول أن المستشعرات المستخدمة لتصنيع فأرات التحكم تتعامل بحساسية أكبر مع الإضاءة الحمراء وهو ما يعني سرعة إستجابة أفضل بكل تأكيد ، أما الثاني فهو أن مصابيح LED الحمراء هي الأرخص ثمناً من غيرها وهي بذلك ستقلل من تكلفة التصنيع النهائية.

لماذا فأرات التحكم الإحترافية؟:

إجابة هذا السؤال هو الغرض الأول من الموضوع، فكل ما سبق وأن ذكرناه يسري أو ينطبق على جميع فأرات التحكم.....الإعتيادية منها والإحترافية، ولا يعطي مبرراً للبحث عن فأرة تحكم ربما توازي في سعرها عشرات الأضعاف عما كنت تمتلكه سابقاً. لذا سنحاول الإجابة من خلال عرضنا لعدة معايير هي التي ستحدد الإختلافات الجوهرية بين فأرة تحكم إحترافية وأخرى تجارية.

- التصميم:

ربما لم أبدأً بأحد المعايير التقنية ولكن- نصيحة جادة- "لاتستهن على الإطلاق بمعيار التصميم في فأرة التحكم". فأنت تتحدث عن أحد أكثر قطع الحاسب إستعمالاً وإن كنت ممن يستخدمون أجهزة الحاسب لساعات عمل طويلة أو كنت أحد اللاعبين المحترفين وتصنف نفسك دائماً ضمن فئة Gamers فهو أمر يجب البحث عنه والإهتمام به عند إختيار فأرة التحكم.

وسيبرز لك هنا الإختلاف الكبير لفأراة التحكم الإحترافية عن غيرها، فإهتمام شركات التصنيع بالتصميم الخارجي يكون ملحوظاً خصوصاً عندما يتم توجيه الفأرة لإستخدام معين كالألعاب مثلا أو للمصممين المحترفين، فستجد عادة أزرار إضافية على جوانب أو سطح الفأرة يمكن إعادة برمجتها وتحديد أوامر معينة للقيام بها وهو أمر محبب لكثير من مستخدمي الحاسب المحترفين وهذه الميزة مفقودة تماماً مع فأرات التحكم التجارية.

الأمر كذلك يشمل خامة التصنيع المستخدمة والتي تختلف جذرياً عن فأرات التحكم رخيصة الثمن وتعطي شعوراً مختلفاً تماماً عند الإمساك بالفأرة وإستخدامها لفترات عمل طويلة، بخلاف ذلك تهتم الشركات بطريقة إحكام قبضة المستخدمين على الفأرة والتي تختلف من فرد لأخر وهو أمر نلمسه في تصاميم فأرات التحكم الإحترافية وإن كان معظمها يتجه ليلائم قبضة PALM التي يستعملها معظم مستخدمي الحاسب في العام. وبعض الشركات تقوم بنصميم الفأرة بحيث يمكن تغيير أحجامها من إرتفاع وعرض لتتناسب مع أكثر من قبضة يد وربما أكثر المتميزين في ذلك شركة Mad Catz المتخصصة في طرفيات الحاسب الإحترافية.

- مستشعر الفأرة Sensor:

ربما ألقينا حديثاً مختصراً عن مستشعرات الفأرة بفقرة سابقة وقلنا أنهما ينقسمان إلى مستشعرات بإضاءة Optical وأخرى بإضاءة Laser، وصحيح أن كلا المستشعرين يعملان بالكيفية ذاتها إلا أنهما يختلفان في تحديد أداء الفأرة.

فإمتلاك فأرة تحكم بمستشعر Laser هو إختيار أنسب لأي مستخدم محترف، فهي تقدم دقة أفضل وسرعات أعلى من الفأرات ذات متحكم Optical، لذلك نجدها مستخدمة في أغلب الفأرات الإحترافية والمتوسطة فيما تستخدم الفأرات التجارية دائماً مستشعرات Optical .

على كلٍ فجوهر الإختلاف كما قلنا هو عامل السرعة أو بمصطلح أدق حساسية المستشعر Sensitivity والتي نعرفها من خلال قيمة DPI التي تعمل بها الفأرة، فمثلاً فأرات التحكم ذات مستشعر Optical ربما تعطي حتى 4000DPI بحد أقصى، فيما وصلت مستشعرات Laser إلى قيمة ضخمة بلغت 12000DPI كالتي تستخدمها فأرة التحكم الجديدة من Logitech.

وبالإضافة إلى ذلك فمستشعرات Laser تمتلك الأفضلية في نوعية الأسطح التي يمكن أن تعمل عليها، ففي حين أن فأرات التحكم بمستشعرات Optical تفضل الأسطح الخشنة وتعاني من مشاكل مع الأسطح الناعمة أو العاكسة فمستشعرات الـ Laser يمكنها العمل على أنواع مختلفة من ألأسطح سواء الخشن منها أو الناعم.

- قيمة DPI:

هو أحد أبرز العوامل التي قد تحدد منها إختيارك لفأرة تحكم دون أخرى خصوصاً إن كنت من هواة الألعاب، فقيمة DPI هي إختصار مباشر لحساسية الفأرة في التحرك ونتيجة ذلك هي تحديد سرعة المؤشر على الشاشة.

وللتوضيح بشكل أفضل فمصطلح DPI تحديداً هو إختصار لعبارة Dots Per Inch، أي هي عدد النقاط التي يمكن للمؤشر أن يمر عليها عند تحريك الفأرة لمسافة 1 Inch، ويمكن بالطبع في حالتنا إعتبار هذه النقطة بمثابة وحدة الـ Pixel على الشاشة.

وكلما زادت قيمة DPI كلما تمكن المؤشر من المرور على عدد أكبر من الـ Pixels خلال حركة الفأرة للإنش الواحد، وكمثال على ذلك فلنفترض أن قيمة الDPI للفأرة هي1000 وأن الشاشة التي لديك تعمل بدقة 1024x768، فهذا يعني أنه سيمكنك تقريباً تحريك مؤشر الفأرة من أقصى الجانب الأيمن للشاشة إلى أقصى الجانب الأيسر (يمثل 1024Pixel) من خلال حركة الفأرة لمسافة 1 Inch.

لا أريد تعقيد الأمور أكثر من ذلك لذا يمكن الأخذ الأمر ببساطة ووضع قيمة DPI كتحديد لسرعة المؤشر على الشاشة، وبشكل عام فسرعة 1600DPI تعد قيمة جيدة للإستخدام العادي ولن تحتاج للإرتقاء عن ذلك إلا في حالة كنت أحد هواة الألعاب ممن يحتاج لحساسية أكبر أثناء اللعب، أو كنت تمتلك شاشات بدقات عرض مرتفعة مثل 2560x1440 أو أعلى.

وعلى كلً فميزة فأرات التحكم الإحترافية هنا لا تقتصر على وصولها لسرعات مرتفعة وقيم DPI عالية، وإنما الأهم من ذلك هو توفيرها لطريقة التحكم بهذه السرعة بل وضبط عدة سرعات مختلفة يمكن التنقل فيما بينها بكبسة زر.

- Pooling Rate:

ربما لم تسمع عن هذا المصطلح قبلاً أو لم تعرف ما يعنيه تحديداً، في الحقيقة ربما لا يمثل أهمية كبيرة في تحديد مدى إحترافية الفأرة..أو على الأقل ليس بأهمية المعايير السابقة.
Pooling Rate هو مصطلح يعبر عن زمن الإستجابة للفأرة في اللحظة ما بين حركتها على السطح وبين ظهور ذلك على على الشاشة ورؤية حركة المؤشر، بإختصار...هل تذكرون الحديث السابق عن كيفية عمل الفأرة وسقوط الضوء ثم إنعكاسه..و.و..إلخ؟ حسناً..قيمة Pooling Rate هي المعبر الاساسي عن الزمن المستغرق لإتمام هذه العملية من البداية إلى النهاية.

وتقاس قيمة Polling Rate أو أحياناً أيضاً تسمى Refresh Rate بوحدة Hz وهي هنا لدلالة على السرعة أو عدد المرات التي تتم فيها العملية في الثانية الواحدة. مثلاً لو أن فأرة التحكم لديك تعمل بسرعة 500Hz أي أنها تقوم بإتمام 500 دورة كاملة في الثانية الواحدة، أو بمعنى أخر أن الدورة الواحدة لهذه الفأرة تتم في خلال زمن 2ms.

ومعظم فأرات التحكم الإحترافية والتي تظهر شركات التصنيع الخاصة بها بيناتها كاملة تعمل بسرعات تتراوح ما بين 500Hz-1000Hz أي تتم دورة كاملة في زمن 2ms - 1ms.

برامج القيادة Drivers:

هي ميزة حصرية لفأرات التحكم الإحترافية تستخدمها الشركات المصنعة لتبرز قدراتها الحقيقة خصوصاً في طريقة التحكم بالأزرار الخاصة بالفأرة، فحتى مع قدوم فأرات تحكم إقتصادية مع عدد وفير من الأزرار إلا أن عدم تواجد برنامج قيادة يُمَكِّنك من التحكم فيها يجعلها شبه معدومة الفائدة وتفقد الكثير من أهميتها، ناهيك طبعاً عن قدرات برنامج القيادة في ضبط وتغيير القيم لمستويات DPI بالفأرة وتوفير ميزة Macro Keys التي تعد سلاحاً هاماً لمحبي الألعاب.

بإختصار شديد إياك أن تستهين أيضاً بقدرات برامج القيادة وأهميتها في فأرات التحكم الإحترافية، وبتجربة شخصية فإن أي فأرة تحكم ستفقد كثيراً من مميزاتها إذا لم توفر الشركة المصنعة لها برنامج قيادة يليق بها.

أعتقد أنني بذلك إنتهيت من تحديد أهم العوامل التي تحكم على أفضلية فأرة تحكم عن غيرها وهي التي تتفوق فيها دائماً فأرات التحكم الإحترافية عن الإعتيادية، وبقي أن نعود للسؤال المطروح - لماذا فأرات التتحكم الإحترافية؟ - طبعاً أنت من سيجيب وليس أنا، فكما ذكرنا في مقدمة المقال ليس الهدف هو الذم في من يستخدم فأرات تحكم تجارية أو رخيصة الثمن بل الفكرة هي توضيح إن كانت إستخداماتك للحاسب تتطلب الحصول على فأرة تحكم إحترافية أم لا. إن كانت كذلك فيمكنني أن أؤكد لك فقط أن الأمر فعلاً يستحق...صحيح أن ذلك سيعني دفع مبلغ من المال يقدر بعشرات الأضعاف عما كنت تدفعه سابقاً في فأرة تحكم عادية ولكن ثق بأنك سترضى تماماً بعد فترة بسيطة من الإستخدام وستشعر بالإختلاف الكبير بين ما كنت تستعمله في السابق وبين ما تحت قبضة يدك حالياً.

إلى هنا ولم ينتهي الأمر بعد فلا يزال لدينا طرفيات أخرى هامة سنلقي عليها الضوء وسنبدأ بالقطعة الثانية من حيث الأهمية وهي لوحة المفاتيح Keyboard، ولكن سنخصص لذلك مقال أخر يمكنك الوصول إليه من هنا.