يُعد العمل لدى جوجل حلم الكثير من شباب الشرق الأوسط، بل تعتبر جوجل هي الشركة المثالية في نظرهم، وعلى الرغم من أن الشركة القابضة لجوجل Alphabet  تقدم امتيازات حقيقية  للعاملين بها، إلا أن نجاحات جوجل الأخيرة قد بنيت على أعناق الكثيرين في طريقها، وفقًا لموقع  The verge  يقول Casey Newton كاتب المقال أنه منذ أكثر من عام  قضى بعض الوقت في عمل  لقاءات مع عدد من الموظفين لدى جوجل، والذين تم توظيفهم من خلال شركة Accenture، وتبين من خلال الحديث معهم أن وظيفتهم الأساسية هي الإشراف على المحتوى العنيف أو الإباحي أو المتطرف بشكل عام، وهو المحتوى الذي يحقق أعلى نسب من المشاهدة، ويبدو أن جميعهم يعانون من أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة، فلم تشفع أجورهم التي وصل بعضها إلى 37000 دولار سنويًا إلى جهازهم العصبي للصمود أكثر من ذلك!

أول نقابة في شركة تقنية كبرى!

اتحاد نقابة شركة جوجل

لم تكن بيئة العمل هي السبب الوحيد لغضبة الحمم البركانية، لكن رواتب أصحاب الياقات البيضاء المرتفعة، وحصولهم على امتيازات مبالغ فيها هي التي أثارتها، ضف لذلك أنه وفي أسوأ الظروف سيكون  لديهم العديد من الفرص المتاحة خارج أسوار جوجل وهي فرص لا تتاح لغيرهم، وعلى النقيض فكل ما حققته الحركة العمالية من نجاحات لم تضمن لهؤلاء الموظفين سوى الامتيازات النقابية والقليل من الاستثناءات.

وعليه أعلن العاملين في كافة الشركات التابعة لـ Alphabet عن تكوين اتحاد مدعم من اتحاد الـ CWA ، وهي حملة نقابية ناجحة بالفعل مكونة من عمال آخرين لدى جوجل مثل HCL المتعاقدين في بيتسبرغ بالإضافة إلى النقابات التي شكلها العمال في شركات التكنولوجيا الأخرى مثل Kickstarter وGlitch.

الجدير بالذكر أن اتحاد عمال Alphabet يعد الأول من نوعه في تاريخ الشركة، وبذلك يكون أول اتحاد مفتوح لجميع الموظفين في أي شركة من شركات ألفابيت، ومن المخطط له أن يصبح اتحاد حقيقي له أعضاء يدفعون مستحقاته أملًا في الاستمرار من خلال التبرع بـ 1% من مجمل رواتبهم، وبالفعل تم تكوين مجلس إدارة منتخب للمجموعة، بمساعدة طاقم من الموظفين يديرون كافة الشؤون الخاص بالاتحاد، وذلك بأجور منتظمة.

وقال نيكي أنسيلمو مدير البرنامج: "تكون هذا الاتحاد بعد سنوات من التنظيم الشجاع من قبل موظفي Google وكانت البداية لمحاربة سياسة "الأسماء الحقيقية " ومن ثم معارضة مشروع Maven إلى الاحتجاج على المدفوعات الفادحة التي تقدر بملايين الدولارات التي تم منحها للمديرين التنفيذيين ممن اتهموا في قضايا التحرش، رأينا بشكل مباشر أن Alphabet تستجيب عند العمل بشكل جماعي، ويوفر اتحادنا الجديد هيكلًا مستدامًا لضمان احترام قيمنا المشتركة كموظفين في Alphabet حتى بعد تلاشي العناوين الرئيسية ".

كما قال ديلان بيكر مهندس البرمجيات: "هذا أمر تاريخي، أول نقابة في شركة تقنية كبرى، تم تأسيسها من قبل العاملين في المجال التقني ولجميع العاملين فيه، سننتخب ممثلين، وسنتخذ القرارات بشكل ديمقراطي، وسندفع المستحقات، وسنوظف منظمين ماهرين للتأكد من أن جميع العاملين في Google يعرفون أن بإمكانهم العمل معنا إذا كانوا يريدون بالفعل رؤية شركتهم تعكس قيمهم".

وعليه علق الرئيس المحلي لـ CWA: "يسعدنا أن نرحب باتحاد عمال ألفابيت كأعضاء في CWA Local 1400K، نحن اتحاد ديمقراطي يحركه الأعضاء، ولدينا خبرة في بناء ودعم العمال في أكبر الشركات الأمريكية، تعتبرهذه خطوة تاريخية نحو إجراء تحسينات دائمة للعاملين في Google وشركات Alphabet الأخرى".

شركة جوجل من "لا تكن شريرًا" إلى شركة متسلطة!

Google جوجل - Arabhardware Generic Photos

الجدير بالذكر أن شركة جوجل بدأت مسارها كشركة تقنية مبتدئة تحت شعار"لا تكن شريرًا"  ولكنها سرعان ما أصبحت واحدة من أكثر الشركات نفوذاً في العالم تحت قيادة Alphabet الشركة الأم،  وتمتلك الآن أكثر من 120 ألف عامل، ومسؤولة عن مساحات شاسعة من الإنترنت، حيث تعمل على توفير كثير من الأدوات المستخدمة من قبل مليارات الأشخاص في جميع أنحاء العالم، Waymo و Verily و Fitbit و Wing.

ومع كل ذلك، يتم تعيين نصف العاملين في Google في شركات Alphabet كعاملين مؤقتين أو بائعين أو متعاقدين، دون المزايا الممنوحة للموظفين بدوام كامل، كما منحت كبار موظفيها عشرات الملايين من الدولارات على الرغم من ثبوت وقائع التحرش الجنسي ضد زملائهم من موظفي الشركة، بالإضافة إلى أن الشركة قد أبرمت عقودًا حكومية غير أخلاقية، مثل استهداف الطائرات بدون طيار للجيش، وتم التعتيم على طبيعة هذه التقنية حتى عن موظفي جوجل ممن يعملون في تلك المشاريع!

تأجج الموقف بين الشركة والعاملين بها في الآونة الأخيرة، بعد تعرض الدكتور تيمنيت جبرو الباحث الرائد في مجال الذكاء الاصطناعي، لفصل قهري دون أسباب واضحة، وردًا على ذلك قام العمال بالاحتجاج السلمي  لوقف قرار الفصل، لكن قوبلوا بالترهيب والقمع وعمليات الفصل غير القانونية الصارخة، ووفقًا  لما أكده المجلس الوطني لعلاقات العمل أن الشركة قامت باستئجار شركة IRI، بدلًا من الاستماع إلى الموظفين، وهي شركة سيئة السمعة مناهضة للنقابات، تعمل على قمع التنظيمات، هذه هي الطريقة التي اختارها المسؤولون التنفيذيون في Google للتفاعل مع العمال.

ومع تعقد أزمة فيروس كورونا ينفجر البركان ويظهرالتمييز واضحًا، في تعامل الشركة مع الموظفين، حيث أعطت إجازة إلى الموظفين مدفوعة الأجر ممتدة  إلى 14 أسبوعًا من ثمانية أسابيع لمقدمي الرعاية، بما في ذلك الآباء الذين يعتنون بالأطفال الذين أغلقت مدارسهم، أما بالنسبة للموظفين المؤقتين قال سوندار بيتشاي الرئيس التنفيذي لشركة Alphabet إنه بإمكانهم إنفاق 1000 دولار على المعدات والأثاث مثل المكاتب الدائمة والكراسي المريحة للعمل بالمنزل، وبالفعل تم التخلي عن العديد من العقود والمرشحين المؤقتين الذين وافقوا على العمل في جوجل قبل انتشار الوباء في الولايات المتحدة دون أي تعويض مالي!

وفي النهاية علق بيان شركة جوجل على الأحداث باقتضاب: "سنواصل التعامل مباشرة مع جميع موظفينا "!