خرجت علينا أبل يوم الثلاثاء الماضي لتخبرنا بإزالتها للشواحن من عُلبة هواتف iPhone 12 بدعوى الحفاظ على البيئة وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والمخلفات الإلكترونية بصورة عامة، كما دعت الشركات الأخرى للحاق بها حفاظاً على البيئة.

أبل، ولتقنع المشاهدين بهذه الخطوة، أوقفت إحدى المديرات بالشركة فوق سطح مقرها الرئيسي المغطى بألواح الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة المتجددة وخلفها المئات من الأشجار المتواجدة داخل الدائرة التي يكونها المبنى. هذا المشهد السينمائي أقنع الكثيرين بأن أبل تسعى حقاً للحفاظ على البيئة فيما رأي الكثيرون أنها كذبة تسويقية رخيصة. لذا وبعيداً عن آراء المتابعين دعونا نناقش ما سيحدث في الحقيقة بعد إزالة الشاحن من علبة الهاتف.

أبل

فلنفترض أنك اشتريت إحدى هواتف iPhone 12 وقررت ألا تشترى شاحناً جديداً حفاظاً على البيئة لأنك، وكما تدعي أبل، تمتلك شاحن هاتفك القديم الذي يمكنه شحن هاتفك الجديد دون أدنى مشكلة. أمر رائع أنك تحاول الحفاظ على سلامة كوكبنا ولكنك للأسف لن تتمكن من شحن هاتفك لأن الشاحن الذي تمتلكه به منفذ وحيد USB-A بينما الوصلة التي توفرها أبل هي وصلة Lightning إلى USB-C.

أنت الآن أمامك خيار من اثنين، إما أن تشتري وصلة جديدة USB-A إلى Lightning أو أن تشتري رأس شاحن جديد، نعم تلك القطعة التي لم ترغب أبل في توفيرها في علبة الهاتف حفاظاً على البيئة. في حال أنك قررت أن تشتري رأس شاحن جديد حتى تستفيد من الشحن السريع فيجب أن تتذكر أن حاسبك وبنسبة تتخطي الـ 90% لا يحتوي على منفذ USB-C وأنك غالباً ستحتاج إما لمحول USB-C إلى USB-A أو أن تشتري وصلة كتلك التي ذكرناها في الخيار الأول.

في جميع الأحوال ستضطر لشراء وصلة أو شاحن جديد وهو ما سيساهم في زيادة التلوث البيئي بحسب ما ترى أبل ولكن في الحقيقة شرائك لهذه القطع سيزيد من التلوث البيئي أكثر مما كان ليحدث إذا كانت أبل قد وفرت هذه القطعة في علبة هاتفها.

في أميركا الشمالية، وأوروبا وبعض الدول الأخرى، تنتشر وصلات وشواحن أبل أو منتجات الطرف الثالث المعتمدة (أبل تعطي تصريح مدفوع لشركات أخرى من أجل تصنيع هذه المنتجات) في متاجر الشركة الأمريكية أو في متاجر التجزئة المختلفة. شراء وصلات مقلدة أو منسوخة بدون تصريح من أبل أمر صعب إيجاده في هذه الأسواق ولكن في باقي دول العالم الأمر مختلف تماماً.

في غالبية دول العالم تجد المنتجات المقلدة والمنسوخة نفسها كالخيار الأول للمستخدمين فهي تقدم ما يحتاجونه بسعر رخيص. يمكنك وبكل سهولة شراء شاحن كامل بسعر لا يتخطى 5 دولارات بينما رأس الشاحن متاحة في أبل بسعر 19 دولار بالإضافة إلى 20 دولار تكلفة الوصلة وحدها.

هذه المنتجات منخفضة التكلفة معروفة بجودتها الرديئة، كان ذلك في الخامات المستخدمة أو في عملية التصنيع نفسها التي لا تخضع لنفس الشروط التي تخضع لها منتجات أبل، بداية من ظروف العمل وحتى جودة المنتج النهائي. الأمر لا يقف عند هذا الحد فهذه المنتجات تنتج منها المليارات سنوياً وسينتهى بها المطاف خلال أقل من عام في مستودعات المخلفات العمومية ليتوجه المستخدم لشراء نفسها لأن الشخص الذي دفع 700 دولار على الأقل في هاتف جديد لا ينوي إضافة 50 دولار فقط من أجل قطع إكسسوارات أساسية ستتلف هي الأخرى قبل أن يشترى هاتفه القادم.

بالتأكيد قد ترى هؤلاء الذين يعيشون في عالم آخر وقد يخبروك بأنك قد تملتك شاحن كامل. صراحة لا أدرى كيف يمكنك الحفاظ على وصلات أبل التي توفرها في علبة هواتفها لأكثر من عامين دون أن تتلف.

في النهاية كذب أبل بدعوى الحفاظ على البيئة ما هو إلى كذبة تسويقية رخيصة في رأيي، ولكن للأسف لن يغير من الأمر شيء، بل الأسوأ أن الشركات التي تسخر منها حالياً ستتبعها على الأكثر خلال العامين المقبلين كما حدث مع منفذ السماعات 3.5 مم في عام 2016. اتجاه الشركات نحو استغلال مشتري الهواتف الرائدة لن يتوقف قريباً، وفيما يبدو أن امتلاك هاتف من الفئة المتوسطة قد يصبح أفضل بكثير من السعي وراء امتلاك هاتف رائد منقوص.

هل تتبع الشركات المنافسة لهذه السياسة قريباً؟

شاركونا بآرائكم في التعليقات!