الحرب الروسية على أوكرانيا: لأن زيادة الأسعار الحالية ليست كافية!
توغلت فجر اليوم القوات الروسية تجاه الأراضي الأوكرانية لتبدأ رسمياً الحرب بين البلدين بعد أسابيع من التوترات، يبدو أنها لم تكن كافية لمحاولة حل الأزمة بشكل دبلوماسي.
تلك الحرب وإن كان البعض يظن أنها بعيدة عنّا إلا أنها للأسف ستؤثر وبشدة ليس فقط على سوق الهاردوير والأجهزة الإلكترونية بل على حياتنا اليومية لنشهد موجة جديدة من الغلاء ستقضي على الأخضر واليابس، وكأن التضخم وارتفاع الأسعار الحالي لم يكن كافياً. فكيف ستوثر هذه الحرب على أسعار الهاردوير، الأجهزة الإلكترونية وحياتنا اليومية؟
ارتفاع أسعار النفط
فور دخول روسيا الأراضي الأوكرانية ارتفعت أسعار النفط ليسجل البرميل 105 دولار أمريكي وهو أعلى سعر منذ عام 2014. ويتوقع أن يستمر سعر البرميل في الارتفاع مع زيادة الطلب عليه إما بسبب الحرب نفسها أو انخفاض صادرات روسيا من النفط بعد فرض عقوبات اقتصادية عليها نظراً لأنها واحدة من كبرى الدول المصدرة للنفط في العالم.
ارتفاع سعر الغاز الطبيعي
تعتبر روسيا من أكبر الدول أيضاً في تصدير الغاز الطبيعي وتزود أوروبا بـ 40% من احتياجاتها السنوية عبر خطوط أنابيب تمر 3 منها من أوكرانيا. في حال اشتدت الحرب قد تتعرض تلك الخطوط للتلف ومن ثم توقف تدفق الغاز للقارة العجوز كما أن روسيا قد توقف تصدير الغاز من نفسها إذا ما فرضت الدول الأوروبية عقوبات اقتصادية عليها.
ومع الأخذ في الاعتبار أن موسم الشتاء لم ينته بعد في أوروبا فإن احتياج القارة العجوز لهذا المصدر من الطاقة والذي تعتمد عليه بشكل كبير نظراً لأنه أقل تلوثاً للبيئة يجعل من ضرورة توافر مزود بديل أمر حتمي.
ومع النظر لأزمة أسعار الغاز السابقة التي نتجت عن رغبة الصين في التحول إلى مصادر طاقة أقل تلوثاً للبيئة فإننا على وشك ارتفاع غير مسبوق في الأسعار تراوح اليوم فقط بين 30% و 40% زيادة مقارنة بأسعار الأمس. نتائج ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي قد تكون أسوأ من نتائج ارتفاع أسعار النفط!
تفاقم أزمة الشحن وسلاسل التوريد
ارتفاع أسعار النفط الذي ذكرناه يعني ببساطة ارتفاع تكلفة الشحن والنقل، بداية من نقل المواد الخام إلى المصانع وحتى عربة النقل التي توصل الشُحنة إلى منزلك، ناهيك عن ارتفاع تكلفة شحن البضائع عبر البحر والمستمرة منذ أكثر من عام ولم تنته حتى الآن.
وبافتراض أن أزمة الشحن لن تزداد سوءًا وأن الأمر سيقتصر على ارتفاع الأسعار، فإن زيادة أسعار الغاز الطبيعي واختفاءه من السوق بسبب تأثر صادرات روسيا لسبب أو لآخر ولاعتماد الصين عليه سيسبب ارتفاع كارثي في أسعار السلع في أحسن الأحوال، لأن الأسوأ قد يكون تعطل عشرات الآلاف من المصانع عن العمل لأنها تفتقد لمصدر طاقة أساسي خاصة في الصناعات التحويلية.
لن أوضح لك ما قد يحدث لسوق الهاردوير أو الأجهزة الإلكترونية لأنه سيكون أسوأ مما تتخيل.
أزمة غذاء عالمية
تعد روسيا أكبر مصدر للقمح في العالم بينما تحتل أوكرانيا المركز السادس. لا الكارثة لم تنته عند هذه الجملة فدعني أوضح لك أن أكثر المناطق المنتجة للقمح هي المناطق الحدودية بين الدولتين والتي ستكون بالتأكيد الأكثر تأثراً بالحرب.
قد تفكر الآن أنك قد تستغن عن المخبوزات بأنواعها، المكرونة، البليلة وأي شيء مصنوع من القمح في سبيل توفير الأموال لشراء البطاقة الرسومية التي تنتظر أن ينخفض سعرها منذ 3 أعوام. تفكيرك عزيزي القارئ ضيق الأفق فبخلاف تضحيتك بالغذاء من أجل بطاقة رسومية فإن كافة المنتجات الغذائية ستتأثر بشكل كارثي.
تعتمد صناعة الأسمدة المستخدمة في الزراعة بشكل أساسي على الطاقة وأسعارها. مع ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي سترتفع في أحسن الأحوال أسعار الأسمدة. هناك سيناريو أشد سوءا وهو أن توقف الشركات المصنعة إنتاجها بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وعدم قدرتها على إنتاج سماد أرخص من القيمة النهائية للثمرة عند نضجها.
انخفاض قيمة العملات المحلية
تعاني الولايات المتحدة الأمريكية منذ أشهر من ارتفاع في مستوى التضخم يعود بالأساس إلى تزويد المواطنين الأمريكيين بالمساعدات المادية خلال فترة انتشار فيروس كورونا، والتي استغلوها في شراء منتجات استهلاكية وليس في سد احتياجاتهم الأساسية.
استمرار ارتفاع معدل التضخم والذي وصل إلى 7.5% في شهر يناير سيؤدي لا محالة إلى اتجاه البنك الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي الأمريكي) لرفع سعر الفائدة.
هنا ستتجه رؤوس الأموال إلى الولايات المتحدة والتي تعد أقل الأسواق مخاطرة مما يعني أن مليارات الدولارات قد تخرج من الدول الناشئة وبالتالي انخفاض قيمة عملتها المحلية.
موجة تضخم وارتفاع أسعار لم تسبق
لا احتاج بالتأكيد أن أوضح لك أن مع زيادة أسعار النفط والغاز والطعام سترتفع أسعار كل شيء، كل شيء بما تحمله الكلمة من معنى.
نحن الآن أمام أزمة في سلاسل التوريد وأزمة ارتفاع أسعار الطاقة بعد مرحلة انتشار فيروس كورونا وانخفاض الإنتاج وزيادة الطلب بشكل متسارع. في نفس الوقت يعاني العالم من أزمة تضخم نتيجة للسببين السابقيين. قم بإضافة المشاكل الأربعة الناتجة عن الحرب وارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة وتخيل ما سيحدث.
للأسف حلمك بتجديد جهاز الكمبيوتر الخاص بك أو بشراء بطاقة رسومية جديدة قد يذهب مع الريح!
هل يوجد حل للأزمة وهل لانخفاض العملات الرقمية تأثيراً على الوضع؟
الحل الأبرز هو عدم تطور الأمر بين روسيا وأوكرانيا خلال الأيام المقبلة واللجوء إلى الحل الدبلوماسي. هنا سنعود إلى الوضع الذي كنا عليه البارحة. وضع قد لا يحمل انخفاض قريب في الأسعار ولكنه أفضل بكثير من الغلاء الذي ينتظرنا إذا ما استمرت الحرب.
أما فيما يخص العملات الرقمية فهي في النهاية تكتسب قيمتها من الطلب المتزايد عليها. في أوقات الحروب والنزاعات تتجه رؤوس الأموال نحو الذهب كملاذ آمن وهو ما سيدفع قيمة تلك العملات للانخفاض أكثر وأكثر.
قد ينتج عن هذا انخفاض في أسعار البطاقات الرسومية وتوافرها بصورة أكبر في الأسواق ولكن كل ما سبق سيمحي هذا التصور لأن ارتفاع أسعارها سيكون أكثر بكثير من الانخفاض المتوقع.
هل تسرع بشراء الهاردوير أو الأجهزة الإلكترونية الآن؟
حقيقة لا يمكنني أن أجيب لك عن هذا السؤال. تحتاج لخبير اقتصادي وباحث سياسي محنك ليتمكن من إخبارك بتوقعاته للفترة المقبلة وما إن كانت روسيا تنوي التوسع في أوكرانيا أم ستتوقف عند هذا الحد.
بصورة أوضح إجابة هذا السؤال في يد الرئيس الروسي فلادمير بوتن ولكن إذا حرصت على الحصول على إجابة لهذا السؤال فبشكل شخصي أرى أن عصفور في اليد أفضل من 10 فوق الشجرة.
?xml>