اخيرا خرجت علينا Google اليوم بتفاصيل كاملة عن خدمة Stadia لبث الالعاب الخاصة بها، وكما توقعنا سابقا، كانت غالبية وعود Google خيالية بلا اساس حقيقي من الواقع.

في البداية ظننا ان تجرية اللعب السحابية ستكون علي اي جهاز وكل جهاز، علي كل الهواتف الجوالة وعلي كل الحواسيب اللوحية والمحمولة والمكتبية ..الخ، ولن نحتاج الي شراء اي عتاد اضافي. لكننا فوجئنا بالشركة تطلب شراء جهاز البث Chromecast بشكل الزامي لتشغيل الخدمة، وهو ما سيكلف المستخدم 130 دولارا.

تقول Google انها ستسمح بتشغيل التقنية علي متصفحات Chrome فيما بعد دون الحاجة لاجهزة خاصة، لكن المشكلة اننا لا نعلم متي سيحدث هذا بالضبط، ولا نعلم ماذا اذا كان سيتضمن مواصفات خاصة للأجهزة ام لا، هناك بالفعل حديث عن احتياج الخدمة لهواتف Google Pixel 3 بالذات، وهو ما ينبا بحد ادني من المواصفات العتادية ستتطلبه التقنية.

هناك ايضا تسعيرة الاشتراك نفسها، ظننا ان الشركة ستكتفي باشتراك شهري صغير وكفي، ولقد ألمح مسئولي الشركة لهذا بالفعل، لكننا فوجئنا بهم يتحدثون عن اشتراك شهري كبير يصل الي 10 دولارات شهرية، والاسوا انه لا يتضمن ثمن اي لعبة بداخله، فالاشتراك هو ثمن تشغيل الخدمة لديك وفقط، اما الالعاب فيجب عليك شراؤها بنفسك لعبة لعبة!

وهو الامر الذي يضرب لب الموضوع كله من جذوره! فخدمات اللعب السحابي تؤجر الالعاب للمستخدم بشكل مؤقت ولا تضيع وقته وماله في طلب شراء اللعبة كاملة. بينما تطلب Stadia ذلك وبسعر اشتراك عال ايضا!

لقد عرضت الشركة استعراضا سريعا لخدمتها بينت فيه كيف ان المستخدم يضغط علي رابط اللعبة فينقله فورا الي موقع YouTube ليلعبها هناك مباشرة دون اية عوائق او خطوات اضافية. الان نعرف ان هذا الاستعراض كان خادعا، وان المستخدم سيتوجب عليه شراء اللعبة بعد الضغط علي الرابط وتضييع الوقت في إنهاء عملية الشراء والبحث عن ما إذا كان السعر مناسبا ام لا.

فضلا عن ذلك، فان متطلبات الخدمة لسرعة الانترنت كانت أسوأ بكثير مما كنا نظن.

فلجودة 720p يلزم سرعة 10mbps ولجودة 1080p يلزم سرعة 20mbps ولجودة 4K يلزم سرعة 35mbps

اما عن سعة التحميل المطلوبة فسوف تتعدي ال 18GB في الساعة الواحدة لجودة 4K .. مما يعني ان المستخدم سيحتاج سعة تحميل شهرية تبلغ 1 تيرابايت (1TB) كي يلعب لمدة 65 ساعة شهريا علي جودة 4K!!

وهو رقم بخس للغاية بالنسبة لعدد ساعات اللعب، فهو لا يكفي لانهاء لعبة واحدة من العاب تقمص الادوار RPG الكبيرة مثل Skyrim او Dragon Age، او العاب الغنائم الجماعية Looters مثل Destiny 2، او حتي العاب التصويب التنافسية امثال PUBG و Fortnite.

كما ان عدد العاب الاطلاق قليل للغاية فهو لم يتجاوز الثلاثين لعبة. وأغلبها العاب قديمة صدرت منذ سنوات بالفعل، ودعم الالعاب الجديدة حتي الان لا يزال محدودا جدا.

اما عن الالعاب الحصريه، سواء التي تصدر لمنصة Xbox او منصة PlayStation مثل سلسلة Halo و Uncharted فهي العاب ستصدر حصريا لتلك المنصات، وليست متاحة للأسف علي منصة Stadia، مما يعني ان المستخدم سيضطر للي شراء منصات منزلية اضافية كي يلعب تلك الألعاب.

حتي اللعب المشترك مع الحاسب الشخصي PC او مع لاعبي منصات المنازل Home Consoles هو أمر غير متاح لكل الالعاب في خدمة Stadia، وسيعتمد علي قدرة المطور علي إنجازه وعلي طبيعة اللعبة نفسها، مما يعني ان لاعبي Stadia قد ينتهي بهم الامر وهم يلعبون العابا خاوية من اللاعبين لقلة عددهم.

وكل هذا ونحن لم نتحدث بعد عن عيوب الخدمة، فهي كاي خدمة لعب سحابية، معرضة للإغلاق وعدم الاستمرار في اي لحظة، خصوصا مع تاريخ Google الشهير في هذا الشأن، فلقد اغلقت الشركة عشرات المشاريع الوليدة طوال السنوات السابقة، حتي لو كانت تلك المشاريع مستمرة لعدة سنوات!

وقبل مؤتمر Stadia الاخير بثمانية ايام فقط، اغلقت Google منصة YouTube Gaming التي كانت بديلا لموقع Twitch. لذا فالثقة في مبادرات Google هي في ادني درجاتها حاليا.

اضافة الي ذلك تعاني Stadia من مشكلات عيوب الصورة الناتجة عن تقنيات ضغط البث Streaming Compression، وسرعات الانترنت غير المستقرة. فالصورة تكون مشوشة وممتلئة بالألوان الباهتة المموهة، وتشوش الحركة أثناء المشاهد المزحمة أو ذات الكثير من التفاصيل. وتعاني ايضا من ازمان التأخير lag بين اشارة التحكم من اللاعب واستجابة اللعبة.

والمعادلة بشكل كلي تبدو خاسرة للغاية، وتثير احباط من كانوا متحمسين لتجربة الخدمة، فالاسعار والتكلفة غير مشجعة اطلاقا، فاذا اردت اللعب بجودة 4K، فيجب عليك الآتي:

*دفع 130 دولار تكلفة جهاز Chromecast للبث وذراع التحكم *دفع 10 دولارات شهرية تكلفة الاشتراك الشهري *دفع ثمن اللعبة التي تريد لعبها *دفع ثمن اشتراك انترنت فاخر وعالي السعة، بسرعة عالية وسعة تحميل download capacity غير محدودة تتعدي الواحد تيرابايت شهرياً

وفوق ذلك كله، فانه يتوجب عليك التضحية بالآتي:

*التضحية بجودة الصورة، فصورة اللعبة التي ستصلك ستكون مضغوطة لتلائم سرعة الانترنت، وستمتلا بعيوب ضغط الصورة مثل الالوان الباهتة والتشوهات التي تظهر في هيئة مربعات وتشوش الصورة.

*التضحية بسرعة استجابة اللعبة، فمهما كانت قوة الاتصال مع Google سيظل هناك زمن تاخير كبير بين اللاعب واللعبة، وهو زمن بث اللعبة نفسه وضغطها عبر الانترنت.

*التضحية بمقدار تحكمك في لعبتك التي اشتريتها، فانت لا تملكها ولا تملك ملفاتها، واللعبة موجودة فقط علي خوادم Google واذا انقطع الاتصال لا يمكنك تشغيل اللعبة، واذا اغلقت Google الخدمة لا يمكنك تشغيل اللعبة، لا يمكنك تعديل ملفات اللعبة ولا تخصيص اعداداتها. ولا نسخها ولا الاحتفاظ بنسخة احتياطية منها.

*التضحية بجودة الرسوم، وسلاسة عرضها، حيث تحددها لك Google ولا يمكنك زيادتها عن المستوي الذي حددته لك Google. فلا يمكنك مثلا تشغيل تقنية تتبع الاشعة، ولا زيادة دقة العرض ولا ممانع التعرج ولا زيادة سرعة العرض عن 60 صورة في الثانية fps.

*التضحية بتنافسيتك في الالعاب الجماعية، فسرعة استجابتك اثناء اللعب ستكون قليلة، وعدد اللاعبين سيكون قليل ايضا، لان اللعب المشترك مع المنصات الاخري ومع الحاسب سيكون محدودا وسيعتمد علي اللعبة والمطور.

وفوق كل هذا، عليك كمستخدم تحمل اعطال الخوادم لدي Google والتي ستؤثر علي تجربة لعبك وتمنعك من اللعب من الأصل، وكذلك اعطال شبكة الاتصال، وكلها اشياء متكررة الحدوث ورائجة .. وتحمل حقيقة ان اللعب بدون اتصال غير متاح، وأنك كلاعب تحت رحمة شبكة الاتصال الخاصة بك .. واذا ما ذهبت لأي سبب، فان قدرتك علي اللعب ستتوقف نهائيا حتي تستعيد الاتصال.

وعليك ايضا تحمل حقيقة ان تجربة اللعب لديك ستعتمد اعتمادا كليا علي استقرار خط الاتصال لديك، فالتقطعات والتأخرات وعدم الاستجابة ستظهر بقوة اذا كان الخط لديك غير مستقر علي سرعة ثابتة طوال الوقت. وهو حال معظم مستخدمي الإنترنت حاليا للأسف.

عليك كذلك تحمل حقيقة انك لا تملك اللعبة حقا، ولا تستطيع التصرف فيها باي شكل، فلا تستطيع اهداءها ولا نسخها ولا تعديل ملفاتها بإضافة تعديلات للرسوم graphics mods او تعديلات لطريقة اللعب gameplay mods او اي شئ اخر.

حتي الاشتراك المجاني لا يعد منقذا للخدمة، فهو يوفر عليك فقط العشرة دولارات الشهرية، ويتوجب عليك كمستخدم شراء العابك كلها وتحمل كل عيوب الصورة والجودة السابقة خصوصا انها ستصير مضاعفة مع جودة 1080p التي هي اقصي ما هو متاح للاشتراك المجاني.

كل هذا واكثر يرسم صورة قاتمة لما تبدو عليه Stadia حاليا، فهي تحمل كل عيوب خدمات البث السحابية، دون مميزات اي منها. وهو عكس الصورة الوردية شديدة التفاؤل التي رسمتها Google لها في بداية الأمر، لذا فليس من المستغرب اصابة  اللاعبين والمراقبين بالاحباط وخيبة الأمل علي الفرصة الضائعة التي ضيعتها Google!