كيف ساعدت أزمة سلاسل التوريد في جلب أرباح غير مسبوقة لصناعة الشحن؟
يقول بيتر كول، مالك شركة التجارة الإلكترونية الأسترالية Urban Plant Growers: "النظام بأكمله قد ذهب إلى الجحيم". فبعد شهرين من الوقت المُحدد لوصولها إلى سيدني، لا تزال شُحنة بيتر كول المُقدّرة بقيمة 1.6 مليون دولار، والمُعبأة في حاويتين شحن بطول 40 قدمًا على متن سفينة أبحرت من شنتشن، الصين، تطفو في مكان ما في المحيط الهادئ. ولعل المُزعج في الأمر أنه لم يكن كذلك أبداً فيما مضى. ففي الماضي، كانت مُعدّات "كول" يتم تصنيعها وشحنها وتجهيزها للبيع لعملائه في فترة تزيد قليلاً عن ستة أسابيع. ومن ثم انهار كل شيء.
ولكن في الحقيقة، فالسيد بيتر كول ليس وحده. فقد اجتمعت عاصفة كاملة من المشاكل العالمية لتحطيم سلاسل التوريد في نفس الوقت. فبداية من زيادة الطلب المُطرد على الشراء من الإنترنت، وتقاتل الشركات على سفن الشحن لنقل بضائعها، ومروراً بتأخّر السفينة العملاقة Ever Given في قناة السويس، ووباء Covid-19 الذي قام بالتأثير بالسلب على القوى العاملة وتغيير الطريقة التي نتسوق بها، بجانب تأثيراته السلبية الأُخرى على عمليات الشحن والتفريغ، ووصولاً لتحوّل الصين السريع بعيدًا عن طاقة الفحم، فإن النظام الذي كان يعمل بسلاسة نسبيًا في الماضي، أصبح الآن في حالة يرثى لها.
ويقول Enda Breslin من ShipBob، وهي شركة تلبية الطلبات العالمية: " إن أياً من هذه المشكلات المذكورة مُنفردة كانت ستتسبب في حدوث مشاكل. ولكن بوجودها مُجتمعة في نفس الوقت، سترى أمامك المشكلة الهائلة التي نسمع عنها الآن.". حيث أدّت هذه المشكلات المُتلاحمة إلى تداعيات هائلة، بداية من ارتفاع أسعار السلع والهدايا الخاصّة بالأعياد، ومروراً بتزاحم الجماهير حول صفقات الجمعة السوداء، ووصولاً إلى أرفف السوبر ماركت الفارغة، ومبيعات السيارات غير الموجودة، والاستيلاء المحموم على حاويات الشحن التي تستخدم عادة لتعبئة وإرسال المُنتجات في جميع أنحاء العالم.
وبالرغم من أن الجميع يُعاني الأمرّين بسبب هذه المُشكلة، إلا أن ذلك لا يعني أن الجميع مُتضرر. ففي الوقت الذي يُعاني فيه التُجّار والمُستهلكين من هذه الأزمة، قد حلصت صناعة الشحن العالمية في بداية الشهر الحالي على أكبر يوم من ناحية الأرباح لها منذ عام 2008، حيث أدى الجمع بين الطلب المتزايد على السلع والوضع الحالي لسلسلة التوريد العالمية التي تنهار تحت وطأة فيروس Covid-19 إلى ارتفاع أسعار الشحن بشكل مستمر. وسواء كانت سفن حاويات عملاقة مكدسة بارتفاع 40 قدمًا من الصناديق الفولاذية، أو ناقلات البضائع التي تحتوي على آلاف الأطنان من الفحم، أو سفن مُخصصة لتعبئة الأدوات والسيارات أو الشاحنات ، فإن أرباح السفن من كل الأنواع تقريبًا ترتفع بشكل واضح.
مصائب قومٍ عند قومٍ فوائدُ. ما هي أسباب هذا الازدهار ؟
وتعود أسباب هذا الازدهار إلى شقّين، الأول هو إعادة الانفتاح الاقتصادي بعد جائحة Covid، مما أدّى إلى ارتفاع الطلب على السلع والمواد الخام لتعويض الركود الذي حصل في العام الماضي. أمّا السبب الثاني، فهو استمرار الفيروس في إحداث اضطراب في سلاسل التوريد العالمية، وخنق الموانئ وتأخير السفن بفضل الإجراءات الاحترازية، وكل ذلك يحد من عدد السفن المتاحة لنقل البضائع عبر المحيطات. وهذا يعني بدوره حصول قطاع الشحن على أرباح وفيرة في الأشهر الأخيرة.
وبالرغم من تمحور هذه الطفرة بشكل خاص حول شحن الحاويات - حيث ترتفع الأسعار إلى مستويات قياسية جديدة- ، إلا أنها لا تقتصر عليها بأي حال من الأحوال. فقد سجّلت صناعة الشحن أقوى أرباحها اليومية منذ عام 2008، وذلك وفقًا لشركة Clarkson Research Services ، وهي شركة بحثية تابعة لأكبر سمسار سفن في العالم. ولعل المتخلفون الوحيدون عن هذا السبق هي سوق ناقلات النفط والغاز ، حيث تتراجع بشكل واضح مقارنة بالبقية.
الطلب يفوق العرض
أفضل مكان للبدء، كما يقول مارك ليفينسون - وهو مؤلف كتابين عن حاويات الشحن - هو مع السياسيين. حيث يقول: "أن الحكومات في جميع أنحاء العالم كانت تُحفّز الاستهلاك في مواجهة الوباء". حيث وضعت المملكة المتحدة على سبيل المثال، حزمة من الحوافز الاقتصادية في صيف عام 2020 والتي تم تصميمها خصيصًا لجعل الناس يتسوقون في الشوارع الرئيسية. أمّا في الولايات المتحدة، فقد أدّت الشيكات التحفيزية المُرسلة مباشرة إلى المواطنين في زيادة الإنفاق بنسبة 4.2% على أساس شهري في مارس 2021. وهو ما ساعد على زيادة الطلب الاستهلاكي، وتضخّم حجم التجارة الإلكترونية، وهو ما أدّى لزيادة الطلب على عمليات الشحن البحري
كما وقد تم تشجيعنا على إنفاق أموالنا عبر الإنترنت، الأمر الذي يتطلب إعادة تجهيز سريعة للطريقة التي تعمل بها الشركات. فلعقود من الزمان، كانت العلاقة بين سوق البيع بالتجزئة والشحن تتمتّع بما يُسميه بريسلين "استقرار جميل". حيث كانت سوق التجزئة تنمو بنسبة 2% كل عام؛ وكان تُجّار التجزئة يبيعون للمتاجر مخزونهم مسبقًا.
ثم تغير كل شيء. بدأنا في إنفاق المزيد من الأموال عبر الإنترنت ، وتغيرت الطريقة التي نعيش بها حياتنا. والعجيب أن أغلب هذه المُنتجات يتم تصنيعها جميعًا وشحنها من الصين، التي تصادف أنها كانت نقطة إنطلاق الوباء، وهو مازاد الطين بلّة.
وقال بيتر ساند ، كبير محللي الشحن في مجموعة بيمكو التجارية بهذا الشأن: "لست متأكدًا حقًا من أن العاصفة الكاملة تغطيها - إنه أمر مذهل". "إنه امتداد مثالي لسوق شحن الحاويات شديد السخونة إلى بعض القطاعات الأخرى."
وفي هذا الصدد أيضاً قال ويلي شيه، الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال : " في الحقيقة أود أن أجادل في أنها مجرد مسألة عرض وطلب. حيث بلغ العرض الحد الأقصى في الوقت الحالي، - وما أقصده هنا هو كل ما يُمكنه نقل الحاويات- فهو مؤجر أو مشغول". وأردف: " لدرجة أنك ترى بعض الشركات مثل Home Depot أو Walmart تستأجر ما يسمى بسفن شحن المشاريع التي لا تحمل في العادة حاويات".
التخبّط في عمليات الشحن والتصنيع
يقول ليفنسون إن عدم القدرة على تتبع الطلبات بدقة هي مشكلة أُخرى بالنسبة لسلسلة التوريد للشحن، والتي بدورها تؤدي إلى تفاقم المشكلات الأوسع نطاقًا. ويقول أنه لا توجد إمكانية للتتبع في الوقت الفعلي لمعظم الشحنات التي تمر عبر نظام الشحن. ولهذا السبب تبعثرت بعض الشُحنات بعيداً عن مقصدها، بل واختفت بعض الأشياء أيضاً.
وقد تفاقمت حالة عدم اليقين هذه بسبب الاضطرابات الشديدة في سلسلة التوريد خلال العام الماضي، سواء بسبب إغلاق الموانئ في اللحظة الأخيرة بسبب تفشي فيروس كوفيد - كما حدث في نينغبو، ثالث أكثر الموانئ ازدحامًا في العالم، في أغسطس من عام 2021 -. أو حتى بسبب مشاكل عارضة مثل الإغلاق المؤقت لقناة السويس، التي يمر عبرها 12% من جميع التجارة العالمية، في مارس 2021. كما وطالبت الصين 20 من أكبر مدنها ومقاطعاتها بتخفيض استهلاك الطاقة لبقية العام لمحاولة تحقيق الأهداف البيئية، مما دفع المصانع والصناعة للعمل لأجزاء مُحددة من اليوم.
وقال باتريك دونيلي ، كبير المحللين في ثيرد بريدج : "إن جذور المأزق الحالي تعود إلى أوائل عام 2020 ، في شهريّ مارس وأبريل من العام الماضي في بداية الوباء. حيث تم آنذاك إلغاء الكثير من الرحلات البحرية القادمة من الصين. وبالتالي فقد وضعت الفترة الأولى في مواجهة الوباء الموانئ في طريق مسدود. وأردف دونيلي قائلاً "ما زلنا نشعر بتأثيرات تلك الرحلات البحرية الأولى التم تم إيقافها حتى يومنا هذا."
رسوم إضافية
أحد أسباب هذه الزيادات أيضاً في الأرباح هو الرسوم الإضافية المستمرة على عمليات الشحن، والتي كانت في العادة تستمر لفترات بسيطة بسبب بعض الأحداث العارضة. لكنها هذه المرة مُستمرة بشكل أطول. وهو ما قاله باتريك دونيلي، كبير المحللين في ثيرد بريدج الذي علّق قائلاً : "إن إرسال حاوية شحن بطول 40 قدمًا من الصين إلى كاليفورنيا كان يكلف ما بين 1500 دولار و 3000 دولار. ولكن اليوم ، نحن أمام زيادة قد تصر إلى حوالي 10 أضعاف ... نحن الآن نتحدث عن تسعيرة في حدود 15000 دولار إلى 17000 دولار . وهو أمر قد يستمر حتى النصف الأول من العام التالي.
شركات الشحن تُسجّل أرباحاً غير مسبوقة
فعلى سبيل المثال، قامت شركة Maersk وهي أحد أكبر شركات الشحن المعروفة عالمياً -وأظن أنك قد تكون رأيت الشعار الخاص بها من قبل- بتسجيل الربع الأكثر ربحية في تاريخها المُمتد إلى 117 عاماً مع مطلع الشهر الجاري (في الثاني من شهر نوفمبر الحالي بالتحديد). حيث أن شركات الشحن تُعتبر أحد اللاعبين القلائل في سلسلة التوريد اللذين استفادوا بالفعل من أزمة المكونات الحالية. حيث أن المئات من السفن تنتظر بشكل كبير حتى تقوم بالرسو وتفريغ الشحنات الخاصة بها في الموانئ العالمية الكبيرة.
وبالرغم من الأرباح التي تُدرّها الشركة، فقد صرّح سورين سكو الرئيس التنفيذي لشركة ميرسك للصحفيين بأن : "النظام برمته قد أصبح عنق زجاجة واحد كبير". مُشيراً للوضع الحالي لسلسلة التوريد العالمية. حيث ضاعفت الشركة الدنماركية أرباحها التشغيلية بأكثر من أربعة أضعاف لتصل إلى 5.9 مليار دولار في الربع الثالث من العام الحالي. حيث كانت الأرباح المرتفعة مدفوعة جزئياً بالاختناقات في الموانئ الرئيسية ، فضلاً عن ارتفاع الطلب الذي أدى إلى معدلات قياسية لشحن الحاويات. الجدير بالذكر هُنا أنه وخلال العام الماضي فقط، ارتفعت تكلفة شحن الحاوية التي تأتي بارتفاع 40 قدمًا من آسيا إلى الولايات المتحدة إلى أكثر من 10000 دولار للحاوية الواحدة، وذلك وفقًا لمؤشر Drewry World Container.
وقد أضاف سكو لصحيفة فاينانشيال تايمز أن "الشركة لا ترى نهاية تلوح في الأفق لأزمة الشحن العالمية. أحد الأسباب الرئيسية وراء ذلك هو أن الموانئ لا تعمل بالشكل المطلوب (المقصود هنا من ناحية العمالة، وتحديداً سائقي الشاحنات)، وهو ما يجعل تفريخ الحاويات يستغرق وقتاً أطول من الطبيعي. كما أنه من الصعب أن نرى بالضبط متى سيتحسن الوضع. حيث يتعامل عملاؤنا مع طلب مرتفع للغاية من العملاء ، وفوق ذلك لديهم مخزون منخفض للغاية.".
وأضاف سكو لتلفزيون بلومبيرج: "القضية لا علاقة لها في الحقيقة بنقص سعة السفن" مضيفًا أن أكثر من 300 سفينة تنتظر خارج الموانئ. ليُضيف"المشكلة أن طاقة السفن يتم استغلالها من خلال الانتظار خارج الموانئ ، ونحن بحاجة إلى حل مشكلة العمالة في الموانئ حتى تكون سلاسل التوريد أفضل".
ومع بحث المزيد من الشركات عن طرق لتجنب التأخير في الموانئ ، قالت ميرسك إنها أنفقت أكثر من مليار دولار لتوسيع خيارات الشحن الجوي الخاصّة بها. وهو ما دفع الشركة للقيام بشراء شركة سيناتور إنترناشيونال - أحد وكلاء الشحن- بالإضافة إلى شراء وتأجير خمس طائرات جديدة بالإضافة إلى الـ 15 طائرة التي تعمل بالفعل. وقالت شركة الشحن إنها تتوقع أن يكون الربع الرابع مربحًا بنفس القدر ، حيث لا تظهر أسعار الشحن وطلب المستهلكين أي علامات على التراجع في أي وقت قريب. حيث تتوقع شركة "ميرسك Maersk " تحقيق إجمالي ربح يتراوح بين 6 مليارات دولار و 7 مليارات دولار في الربع القادم.
تدابير لمواجهة الموقف
المزيد من ساعات العمل في الموانئ
بالطبع لم يقف المُحللون ومُتابعي الموقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الزيادة المُطردة في الأسعار. وهو ما دفع البعض منهم لمُطالبة السلطات المسؤلة بفعل شئ حيال الأمر. وقد قالت "إدارة بايدن" في وقت سابق من هذا شهر أكتوبر الماضي إنها ستُتيح العمل بدوام 24 ساعة طوال أيام الأسبوع في موانئ لونج بيتش ولوس أنجلوس ، والتي تمر من خلالها ما يقدر بنحو 40 في المائة من سفن الشحن التي تنقل البضائع إلى الولايات المتحدة.
بل وأعلنت الوكالة التي تدير تلك الموانئ أنها ستفرض ، اعتبارًا من 1 نوفمبر ، رسومًا على سفن الشحن التي تشغل مساحة المحطة دون تفريغها بعد عدد محدد من الأيام (يختلف عدد الأيام اعتمادًا على ما إذا كانت البضائع سيتم نقلها برّاً بالسكك الحديدية أو بالشاحنات) . حيث تبدأ الرسوم من 100 دولار لكل حاوية وستزداد بمقدار 100 دولار يوميًا - وهي غرامة كبيرة محتملة ، لأن سفن الشحن يمكن أن تحمل آلاف الحاويات لكل سفينة.
تأجير سفن خاصّة
وعلى الجانب الآخر، فقد قامت بعض الشركات من طرفها (كما ذكرنا في الأعلى) باللجوء لبعض الحلول الابتكارية أيضاً، مثل تأجير السفن الغير مُخصصة للشحن في العادة، أو حتى اللجوء إلى الشحن في موانئ أقل إزدحاماً كما فعلت بعض الشركات في الولايات المُتّحدة الأمريكية قد ساعدت ولو بشكل بسيط في حل المشكلة أو الحد من تأثيراتها في الوقت الحالي. غير أن هذه الحلول مُكلّفة أيضاً بالنسبة للمستخدمين، الذين قد لا يُعانون في الوقت الحالي بسبب وجود قدر جيد من المُدّخرات الخاصة بهم -والتي قاموا بتوفيرها في فترة الغلق في الأغلب-، غير أنه ومع مرور الوقت، ستصل هذه المُدّخرات لحدودها وستبدأ زيادة الأسعار في التأثير بشكل سلبي. وهو ما أشار إليه مات كوليار ، الاقتصادي المشارك في Moody’s Analytics ، في تقرير بحثي حديث.
فعلى سبيل المثال، استأجرت Costco ثلاث سفن حاويات ستعمل على تسليم البضائع إلى الولايات المتحدة وكندا من منشآت الإنتاج في آسيا، وهو ما فعلته أيضاً Walmart و Ikea و Home Depot. وقال ريتشارد جالانتي ، كبير المسؤولين الماليين في Costco، مُعلّقاً للمستثمرين عند إعلانه عن أحدث النتائج المالية للشركة: "عوامل التضخم كثيرة. سواء كانت ارتفاع تكاليف العمالة، أو ارتفاع تكاليف الشحن، وارتفاع الطلب على النقل، وتأخيرات الموانئ، وزيادة الطلب على فئات معينة من المنتجات، والنقص في العديد من المُنتجات بداية من رقائق الكمبيوتر ووصولاً إلى الزيوت والمواد الكيميائية، وارتفاع أسعار السلع، كلها تؤثّر على أعمال بائعي التجزئة.
وأضاف: "أولئك الذين لم يستأجروا سفنهم الخاصة يشعرون بالتأثير. فنصف منتجات Victoria’s Secret’s عالقة في البحر. يتم نقل البقية - ولكن هذا يستغرق الآن تسعة أيام بدلاً من يومين ، لأن السباق لاقتناص رحلات الشحن يتسبب في تراكم الأعمال هناك أيضًا.".
هل هُناك حل في المدى القريب ؟
بكل صراحة، لا يبدو أن هذه المشكلة ستختفي في أي وقت قريب. حيث يتوقع Drewry أن عمليات الشحن العالمية لن تعود إلى طبيعتها حتى نهاية عام 2022 - وهو تقدير مدعوم من قبل Breslin. ولأن مصائب قوم عند قوم فوائد، ففي المُقابل ستنعم صناعة الشحن في هذه الفترة بأرباح لم يروها من قبل. حيث أنه من المتوقع أن يحققوا أرباحًا قبل الفوائد والضرائب بقيمة 150 مليار دولار هذا العام فقط !.
أمّا بالنسبة للآخرين، فالأمر يُمثّل صداعًا كبيرًا. فالبعض لا يملك مخزوناً للبيع، والبعض الآخر يجلسون على مخزون كبير جدًا. ويقول بريسلن "لن يرغب أي مدير تنفيذي لبائع تجزئة كبير أو علامة تجارية في أن يكون في هذا المنصب مرة أخرى.". ويعتقد بريسلن أن الحل هو إعادة صياغة شاملة لكيفية عمل سلسلة التوريد - وهو ما يقارن بالطريقة التي تم بها وضع بروتوكولات الإنترنت لأول مرة في أواخر الستينيات. حيث يقول: "لقد صُنعت لتكون مقاومة للضربات النووية". ويقصد هُنا أن التطور الضعيف والركود في سلسلة التوريد في السابق، هو ما أدّى لعدم قُدرتها على مقاومة الإرتفاع المُفاجئ في الطلبات، وعدم القدرة على تنظيمها بشكل مُناسب.
وتمامًا كما لم يكن هُناك سبب واحد لحدوث مشكلة سلسلة التوريد العالمية، لا يوجد في الحقيقة شيء واحد يمكنه إصلاحها. فالجميع يُحاول من جهته حل الأزمة بشكل أو بآخر، حتى أن الحكومات بدأت تلعب دورها أيضاً. يقول ليفنسون: "إننا نراهم يشددون السياسة الاقتصادية". "نشهد دلائل على أن أسعار الفائدة سترتفع ، وسيؤدي ذلك إلى التخلص من زيادة إنفاق المستهلكين" الذين تم تحفيزهم أصلاً من قبل نفس هذه الحكومات. غير أن انخفاض الطلب الاستهلاكي لن يلغي التغييرات الأساسية التي أحدثها الوباء وأزمة سلسلة التوريد الحالية.
ولكن بكل تأكيد عندما تنحسر هذه العاصفة التي أضرّت الجميع (ماعدا صناعة الشحن)، فإن الجميع سيبدأ في أخذ التدابير الاحترازية، ولكن في الوقت الحالي فحالنا كحال السيد بيتر كول الذي علّق قائلاً "ليس هناك الكثير مما يمكننا فعله حيال ذلك." !.
?xml>