الطريق نحو أقراص HDD بسعة 120TB..كيف ومتى؟
لطالما سمعت توجه البعض بالحديث بأن أقراص HDD إلى زوال وذلك بناء على معطيات تتحدث عن وصول تلك الأقراص إلى نهاية عمرها الافتراضي من حيث السعة وسرعة القراءة أي لم يعد هناك إمكانية للوصول لسعات أكبر أو سرعات قراءة أفضل. لكن من وجهة نظر المختصين والمهندسين في مجال أقراص HDD بما فيها كبرى شركات التصنيع أن هناك تقنيات حديثة وواعدة تعد بالحصول على سعات غير مسبوقة خلال السنوات القادمة وبنفس الوقت ستكون تلك الاقراص ذات كفاءة عمل أفضل وربما نشهد سرعة قراءة أفضل خاصة لو انتقلنا نحو واجهة SATA أحدث.
حديثي في هذا المقال سيتطرق حول ما وصلت له هذه الأقراص وما نحن مقبلين عليه ومتى وكيف سيكون من الممكن رؤية أقراص بسعات تتجاوز 50TB وتصل حتى 120TB, وماهي التقنيات التي يمكن أن يتم الاعتماد عليها في المستقبل القريب.
هل أقراص HDD وصلت لنهاية عمرها الافتراضي؟
بكل تأكيد وبجزم مطلق...لا! من يقول أن هذه الأقراص انتهت فهو مخطئ كثيراً لعدة أسباب:
أولاً بسبب الاعتماد الكلي عليها: ما زالت هذه الأقراص ذات الاعتماد رقم واحد في العالم بعد مرور ما يقارب 50 عاماً على وجودها في الأسواق من ناحية حلول مراكز البيانات ومحطات العمل وحلول التخزين السحابي بما في ذلك وحدات الخزين الشبكي NAS, صحيح أن هناك توجه للاستفادة من قوة أقراص SSD كسرعة ولكن حتى هذه اللحظة لا يمكن الاستغناء عن HDD ضمن تلك المجالات بسبب الحجم الكبير وكفائتها العالية كعمر استخدام.
ثانياً التكلفة المالية: رغم ارتفاع الاسعار في كل قطع الهاردوير تقريباً, ما تزال أقراص HDD ذات تكلفة مالية منخفضة مقارنة بأقراص SSD, فعلى الرغم من حصولك على سعات كبيرة وضخمة إلا أن تكلفتها المالية ما زالت ضمن الحدود المعقولة وهو ما يعجلها مرغوبة من قبل الشركات التي تعمل في تلك المجالات التي تحدثت عنها قبل قليل.
ثالثاً سرعة القراءة والكتابة مقبولة: اليوم ومع التطور الذي يحدث مع HDD أصبحت سرعات الأقراص جيده مقارنة بما كانت قادرة على فعله في الماضي, فلقد كانت سرعة القراءة والكتابة لا تتجاوز 80MB/s لكن اليوم اصبح بالامكان لها أن تصل حتى 150MB/s و 200MB/s. صحيح ان سرعة دوران الأطباق التي يتضمنها القرص تتراوح أغلبها عند 7200 دورة بالدقيقة ولكن هناك بعض الأقراص التي طرحت بالأسواق تصل حتى 10000 و 15000 ألف دورة بالدقيقة ما جعل سرعة القراءة والكتابة أفضل, لكن السرعة المعتمدة بشكل كبير ضمن مختلف أقراص HDD التي تطرح بالأسواق هي 7200 دورة بالدقيقة.
رابعاً سعة تخزين أكبر: اليوم أصبحت هذه الاقراص متاحة بأحجام كبيرة تصل حتى 18TB و 20TB للقرص الواحد وهو أمر كان من المستحيل رؤيته بقرص واحد, إلا أن التقنيات المتجددة سمحت بحصولنا على تلك السعة الضخمة. هذه السعة الكبيرة تريح جداً الشركات ضمن مجالات التخزين السحابي ووحدات الخزين الشبكي ومراكز البيانات وغيرها, لأنها توفر لهم سعات ضخمة + تكلفة مالية أقل لكل جيجابايت, وحتى لو استطاعت رقاقات الذاكرة 3D NAND أن تنخفض قيمة تصنيعها فهي لن تعادل بأي شكل من الأشكال التكلفة المالية لكل جيجابايت مع أقراص HDD.
معلومة قد لاتعرفها: هل تعلم أن ما يعادل 90% من الأقراص المستخدمة لتخزين البيانات في مراكز البيانات السحابية حول العالم مستندة على أقراص HDD.
صحيح أن هناك عيوب متعددة مع هذه الاقراص مثل: استهلاك الطاقة المرتفعة مقارنة مع SSD , وكذلك قدرة التحمل التي تمتاز بها أقراص SSD خاصة من ناحية تعرض القرص للوقوع من مسافة مما سيؤثر عليه بشكل ما بسبب اعتماده على قطع داخلية متحركة بعكس SSD, كذلك سرعة أقراص SSD التي تصل حتى 500MB/s وتتجاوز ذلك حتى 5000MB/S وأكثر مع SSD M.2 PCIe 4.0 بجانب سرعة الوصول للبيانات بفضل تخزينها على رقاقات ذاكرة NAND بعكس HDD الذي يحتاج إلى دوران الطبقات الداخلية للوصول لتلك البيانات.
بين HAMR و BPM و MAT..هل سنشهد قفزة نوعية؟
في الماضي كان الاعتماد في صناعة أقراص HDD على تقنية تسجيل PMR التي رأت النور في عام 2005 بعد ذلك كان هناك تجربة لم تلقى الكثير من النجاح وهي فكرة الأقراص الهجينة التي جمعت بين HDD و SSD تحت إسم SSHD, بعد ذلك تم الانتقال نحو أقراص تعمل بتقنية تسجيل جديدة وهي SMR التي استطاعت من تحقيق سعات مضاعفة عن الأقراص التي كانت مستندة على تقنية تسجيل PMR.
بعد ذلك كان الحديث يدور في عام 2017 حول تقنية TDMR أو ما تعرف بالتسجيل المغناطيسي ذات البعدين ولقد كانت قادرة فعلياً على زيادة الكثافة المساحية للأقراص بحوالي 10%. السبب في تقديم تلك التقنية في ذلك الوقت يعود الى أن المسارات في القرص قد أصبحت أضيق، وبما انها تصبح أضيق فإن ما يسمى بتداخل المسار الداخلي المغناطيسي ITI يصعب على نحو متزايد للرؤس أن تؤدي عمليات القراءة والكتابة. لذلك كان لابد من التوجه نحو تقنية TDMR التي تستخدم رأسين أو أكثر لقراءة البيانات من مسارات قريبة متعددة بنفس الوقت، مما يحسن معدل الإشارة إلى الضجيج الإجمالي المتجه إلى وحدة التحكم. لكن كتلفة مالية من ناحية صناعتها تبين أن تلك الأقراص مكلفة مالياً مقارنة بباقي الأقراص والسبب أن مجموعة الرؤوس المستخدمة تزيد من متطلبات عرض النطاق الترددي لوحدة التحكم إلى جانب كمية المعلومات التي تحتاج إلى المعالجة ليعني بذلك أنها تستخدم معطيات أكثر لعملية المعالجة النهائية ما يعني تكلفة مالية عند الحديث عن صناعتها.
اليوم نحن أمام تقنية تسجيل أصبحت معروفة وهي HAMR التي تعرف كذلك بمصطلح تقنية التسجيل المغناطيسي المساعد بالحرارة, هذه التقنية أثبتت فعاليتها على أرض الواقع لأن HAMR تصنف اليوم بالحل الأفضل لتقديم أقراص HDD بسعات ضخمة "وهذا ما حدث فعلاً بعد رؤيتنا لأقراص بسعة 20TB" فهل تعلم أنها بفضل تقنية التسجيل الجديدة HAMR ستكون قادرة على تحقيق كثافة مساحية بـ 6Tb لكل إنش مربع.
حتى اوضح لكم دور تقنية HAMR المستخدمة اليوم لابد لي من تقديم شرح بسيط لتصلكم الصورة بشكل أفضل. هذه التقنية تستخدم حبيبات صغيرة من البلور المغناطيسي المساعد بالحرارة لعرض قدرة أكبر على كتابة البيانات بدقة وسرعة وسعة أعلى وهذا ما يجعل كبار الشركات المصنعة تهمل تقنية MAMR وتتجه نحو HAMR.
تعتمد هذه التقنية على طريقة خاصة لتقليص البتات أو bits الممغنطة للقرص لأبعد من الحدود التي تستطيع تقنية PMR "القديمة" فعلها, لأن مع PMR ستصبح البتات الأصغر غير مستقرة مع إمكانية تعرضها للخطأ وهذا يعني بلغة الأقراص فقدان للبيانات.
HAMR ستتمكن من زيادة كبيرة في كم البيانات التي يمكن أن تخزن على القرص الواحد وهو ما رأيناه اليوم مع سعات 20TB, إلا ان إمكانية زيادة عدد الطبقات ضمن القرص الواحد قد يحتاج إلى دراسة لأنه حتى اللحظة الفكرة تكمن بالاعتماد على نفس شكل الحجم الخارجي للقرص وهو 3.5 انش, وشخصياً أجزم بأن الشركات قادرة على تقديم أقراص بشكل كبير يتجاوز حجم 3.5 انش وبسعات ضخمة لكنه لن يكون عملي أو ذو فائدة لأحد نظراً لاعتماد جميع الأجهزة والحواسب والخوادم على شكل 3.5 انش.
كيف تعمل تقنية HAMR بداخل القرص؟
هناك ليزر صغير مرفق على رأس التسجيل مصمم لتسخين بقعة صغيرة على القرص في المكان الذي تكتب فيه البيانات, هذا يعني أن حجم خلية البت الأصغر المضاعف سيجعلنا نحصل على زيادة الكثافة المساحية للبيانات وزيادة سعة القرص.
الأمر لن يقف فقط على نوعية تقنية التسجيل بل سيكون الأمر معتمداً كذلك على نوعية طبقة المغناطيسية المستخدمة مع القرص, قبل سنة من الأن سمعنا أن هناك توجه نحو نوع جديد من الطبقات المغناطيسية لتعزيز الكثافة العالية للقرص الواحد باستخدام رقائق رفيعة من معدن مغناطيسي يطلق عليه بـ Fe-Pt وهو أحد أكثر المواد المغناطيسية قوة مع مقاومة عالية جداً للتآكل. هذا النوع من المعدن مصنوع من مادة البلاتنيوم والحديد، الذي يشكل جزيئات بلورية صغيرة جداً على طبق القرص. الجيد أن تلك المواد تمتلك أفضلية أخرى, وهي أنها تستطيع أن تتحمل الحرارة على نحو جيد جداً كما ستمتلك مقاومة مغناطيسية بقدر المستوى العالي لوسائط التصنيع ذات الكثافة العالية وبنفس الوقت ستحقق ضجيجاً منخفضاً بسبب حجم حبات البلور الصغيرة جداً.
بالمناسبة هناك قرص بسعة 20TB من Seagate اتى لنا ببنية مختلفة حيث يعتمد على تقنية PRM بجانب تقنية TDMR ليكون متاح لكل المستخدمين كما عرفنا, بعكس قرص 20TB المستند على تقنية HAMR والموجه لنوع معين من المستخدمين.
هل نحن مقبلين على أحجام تتجاوز 50TB؟
نعم عزيز المتابع, بل سأخبرك بأننا مقبلين على قرص HDD بسعة 120TB في المستقبل, لكن قبل الدخول في تلك التفاصيل عليك أن تعلم أنه ومقارنة مع كثافة التسجيل التي تقارب 1.14Tb لكل إنش مربع لوسائط التصنيع المستندة على وسائل التسجيل المغناطيسية التقليدية، سيكون لدى وسائط التصنيع ذات الكثافة العالية الجديدة والمستندة على تقنية HAMR كثافة تسجيل أفضل بكثير قد تصل إلى 6Tb لكل إنش مربع وإن سلمنا جدلاً بأن القرص الواحد يعتمد على نفس عدد الطبقات الداخلية فنحن أمام قرص 3.5inch HDD بسعة تخزين تتراوح بين 70TB و 90TB! ...لكن حتى اللحظة لم نصل إلى تلك الكثافة الهائلة.
وفقاً لأخر خارطة طريق للشركات الكبرى المصنعة لأقراص التخزين HDD مثل Seagate التي سأضرب بها المثل اليوم ضمن هذا المقال, تشير الخارطة إلى قدرة الشركة على الوصول لأقراص HDD بسعة 30TB وأكثر في عام 2023 وأقراص بحجم 40TB وأكثر خلال عام 2025 بينما حجم 50TB سيكون بحلول عام 2026 وذلك بالاعتماد على تقنية تسجيل HAMR كما سيكون بمقدروها على التحقيق سعات أكبر تصل حتى 100TB إن استطاعت من تحقيق كثافة مساحية هائلة + مع إمكانية تطوير باقي المكونات المتضمنة بالقرص للوصول إلى هذه السعات الضخمة! كذلك تخبرنا بأن الوصول لأقراص بسعة 120TB ليس أمراً مستحيلاً فهناك تأكيدات ضمن خارطة العمل على الوصول لتلك السعة بحلول عام 2030 ولكن بالاعتماد على تقينات أحدث.
خطط الوصول لتك الكثافة التي تعادل 6.0Tb لكل إنش مربع ليس أمراً سهلاً ولكنه ممكن بفضل معدن Fe-Pt المصنوع من مادة البلاتنيوم والحديد, فهي كانت قد وصلت إلى أقراص بسعة 20TB التي تعتمد على 9 طبقات كل واحدة بكثافة 2.22Tb لكل إنش مربع. ومؤخراً وصلت الشركة فعلياً إلى كثافة 2.6Tb لكل إنش مربع ما يعني أن طريقها نحو أقراص 30TB و40TB أصبح ممكناً خلال السنوات القادمة ووصولها نحو أقراص بسعة 90TB أو 100TB ممكن كذلك.
تجدر الإشارة أن هناك توجه من قبل WD نحو تقنية تسجيل مغناطيسي عامودي بمساعدة الطاقة التي تعرف بـ ePMR بجانب تقنية OptiNAND ,وتقنية HAME التي سيتم تطبيقها على كل الأقراص مع زيادة عدد الطبقات "تصل حتى 10 طبقات" بداية مع الأقراص القادمة بسعة 30TB.
ماذا عن المستقبل؟ قرص HDD بسعة 120TB؟
عام 2030 هو العام الذي سيشهد وصولنا لهكذا حجم, ولكن من الان هناك خطط موضوعة للشركة المصنعة لتتمكن من الوصول لهذه السعة الهائلة, فلا يمكن تحقيق ذلك بالاعتماد فقط على تقنية HAMR الحالية, بل هي تحتاج إلى شيء مختلف وأكثر كثافة لطبقة القرص الواحدة.
الخطة هي كتالي: الاعتماد على تقنية BPM وهي تعني الوسائط المنقوشة بالبت من أجل الوصول لهدف أسمى وهو تحقيق كثافة مساحية تبلغ 8Tb لكل إنش مربع أو أفضل من ذلك, هل هذا يعني الاستغناء عن HAMR؟ لا, بل ستكون مساندة لها إلى حين الوصول لشيء أفضل من ذلك. تخيل عزيزي المتابع نحن نتحدث عن رقم هائل من ناحية الكثافة!! هل تستوعب معي مقدار 8Tb لكل إنش مربع ضمن طبقات القرص؟ حتماً الوصول لهذه المرحلة سيتطلب عمل مضاعف ليكون القرص قادر على التعامل مع كل هذا الكم الهائل من البيانات دون فقدانها ودون تعرضه لأي خطأ في القراءة والكتابة ضمن سرعات قد تتجاوز حاجز 7200 دروة في الدقيقة وربما تتجاوز حاجز 200MB/s.
هدف كل الشركات المصنعة ليس فقد أن نصل لهذه السعة الضخمة بل زيادة وتحسين أداء القراءة العشوائية المتسلسلة IOPS, لان زيادة الحجم الهائل مثل 100TB أو 120TB سيعني بلا شك انخفاض في أداء القراءة والكتابة العشوائية المتسلسلة. ماهو الحل إذاً؟ الصورة حتى اللحظة ليست واضحة ولكن قد نشهد الاعتماد على بنية قرص تستند على رؤوس قراءة كتابة متعددة ضمن القرص الواحد وربما نشهد الاعتماد على تقنية حديثة كذاكرة تخزين مؤقت وربما شيء ما مثل تقنية Mach.2 التي تجمع في بنية القرص الواحد وحدتين كل واحدة بسعة كبيرة لنفترض مثلاً 20TB + 20TB بجانب ذاكرة تخزين مؤقت بسعة 1TB وواجهة SAS لترفع من سرعة القراءة والكتابة حتى 500MB/s كما هو الحال مع أقراص SSD الحالية.
حتى ذلك الوقت من المؤكد أن التقنيات الحالية ستكون أفضل شكلاً ومضموناً مما هو عليه اليوم, أي أن تقنية Mach.2 ليست سيئة لكنها وبكل تأكيد ستشهد تطور ملفت خلال السنوات القادمة إلى حين عام 2030 وهو ما قد يجعلنا نشهد بنية أقراص تتجاوز ما قد نتخيله.