لعشرة أعوام كاملة تمتعت Intel بتفوق كامل وساحق علي AMD وعلي الصناعة كلها في مجال المعالجات المركزية CPUs. مستخدمة معمارية X86 التي طورتها، لقد أصبحت تلك المعمارية معيار الحوسبة في العالم.

ففي 2006 قدمت Intel للعالم معمارية Core التي أثبتت للكل ان سرعة المعالج المركزي ليست بالضرورة مشتقة من تردده، بل من حسن بناء معماريته. ولقد كانت معمارية Core حسنة البنية حقا، واستمرت في خدمة الشركة طوال العشر سنوات التي امتدت من 2006 وحتي 2017 .. متفوقة علي AMD وكل المنافسين في كل شئ، الأداء واستهلاك الطاقة والخرج الحراري. لقد غرقت Intel في أموال نجاح تلك المعمارية، وامتلكت 95% من سوق الخوادم servers والحواسيب الخارقة Super Computers و أكثر من 80% من سوق الحواسيب الشخصية PC والمحمولة.

  Intel Core  

لكن ماذا فعلت Intel بكل سنين الصدارة تلك؟ عدا الغرق في الأموال؟ لاشئ!

طوال الستة سنوات السابقة لم تقم Intel باحداث اي فارق جوهري في معمارية Core، لم تقم حتي بزيادة عدد الأنوية في الشريحة السوقية الشائعة (ِشريحة i7 و i5) .. كل ما كانت تفعله هو زيادة التردد بالتدريج وتقديم الحد الأدني من التعديلات علي المعمارية كي تواكب متطلبات العصر! حتي عدد الأنوية لم تكن تزيده الا بصعوبة بالغة وبعد وقت طويل!

أين ذهب شباب Intel الذهبي حين كانت تصدر معمارية جديدة كل عامين الي أربعة أعوام؟ أين ذهبت كل تلك الأموال التي ربحتها الشركة طوال أعوام التفوق المنصرمة؟ هل كانت تصرفها علي معماريات جديدة مخبأة؟ ام علي قدرات تصنيع غاية في الدقة والصغر تضمن تفوق الشركة المستمر علي منافسيها؟

طبقا لما نراه الآن، لا هذا ولا ذاك! ليس لدي Intel أي معمارية جديدة سوي Core .. وليس لديها حتي قدرات تصنيعية متفوقة حتي بعد تعثرها الشديد مع 10nm.

اذن يظل السؤال معلقا في الهواء! ماذا فعلت Intel بكل هذا الوقت في جعبتها وكل تلك الأموال في محفظتها؟

والحقيقة الكامنة أن Intel كانت تحارب معمارية X86 طوال عشرة سنوات! معمارية X86 التي اخترعتها Intel، وطورتها وربتها لتغزوا البنية التحتية لكوكب الأرض كله بما في ذلك الشبكة الدولية Internet والحواسيب الخارقة Super Computers وحواسيب المحترفين Professional و المستهلكين Consumers. لقد أتمت X86 الأن الاربعين عاما كاملة دون أن تظهر أي أثر علي الاضحملال او الزوال.

Intel X86

تلك المعمارية وصلت الي أقصاها بالفعل، و Intel تحاول تعديلها وتحسينها مرارا وتكرارا بلا جدوي كبيرة .. علي سبيل المثال لا الحصر، فان الشركة لا تستطيع تحقيق زيادة في الاداء مع كل تردد لان تركيبة المعالج والمعمارية نفسها لا تسمح! مهما عرضت المعمارية لزيادة التردد فان الأداء لن يزداد الا بقدر محدود! لقد سبق أن تعرضنا لهذه المشكلة في مقالة التردد يتعرض للموت!

ولكي تتغلب Intel علي هذه المشكلة يتوجب عليها فك معمارية المعالج كلها ومن الجذور، ثم اعادة تركيبها بشكل يسمح بالاستفادة من الترددات العالية، وهي عملية تتردد Intel في عملها بسبب تكلفتها العالية أولا، وبسبب احتياجها لطاقة أعلي، أعلي حتي من المقدار الذي تستهلكه المعالجات حاليا!

ثم تأتي الجبهة الأخري التي تحارب عليها Intel في استماتة! وهي جبهة عمليات التصنيع manufacturing process، فمنذ ما يقارب الخمسة سنوات و Intel تقاتل لانجاز تقنية 10nm بلا اي انجاز حقيقي! والتقنية تتعرض للتأجيل المرة تلو الأخري! المرة الأخيرة تم التأجيل الي نهاية 2019 بدون تاريخ محدد! وبعد أن كانت Intel تسبق الكل في عمليات التصنيع بعام ونصف علي الأقل، أصبحت متأخرة بعام كامل عن منافسيها!

ولتقنية 10nm أهمية قصوي لدي Intel فهي التي ستسمح لها بخفض استهلاك الطاقة والخرج الحراري، حينها ستستطيع زيادة عدد الأنوية في يسر، والعمل بتردد عال نسبيا دون عوائق كثيرة. كما ستفتح الباب أمامها لاجراء عملية تعديل شاملة علي معمارية X86.

لكن المشكلة ان عمليات التصنيع قد شارفت علي الوصول الي اقصاها كذلك! فكلها تعتمد علي تصغير وتنقيح عنصر السيليكون الي أقصي درجة .. وهو العنصر الذي اعتصرناه حتي القطرات الأخيرة، وما تبقي منه هو قدر محدود للغاية! يحتاح لامكانات هائلة وصبر طويل لانتزاعه!

10nm

اذن معمارية X86 قد وصلت اقصاها وتحتاج فك واعادة تركيب، لكن الفك والتركيب يحتاج استهلاك طاقة أعلي ودوائر أعلي Transistors .. وهؤلاء يحتاجون لعملية تصنيع أصغر مثل 10nm وما بعدها كذلك مثل 7nm و 5nm! وعمليات التصنيع تحتاج اموال هائلة وابحاث طويلة الأمد ووقت لا يملكه أحد! والأموال والوقت تحتاج لأرباح ضخمة نتيجة مبيعات واسعة النطاق لمعالجات يتهافت الكل عليها! وهو الأمر الذي لن يحدث الا بتغيير جذري في المعمارية عن طريق فكها واعادة تركيبها! وها نحن نعود لنقطة البداية في دائرة جهنمية مغلقة!

والنتيجة من كل هذا أن Intel تدرك أن أيام اكتساح معمارية X86 للكل قد ولت، وأن الأيام الحالية هي أيام المكوث في الكهف للاحتماء بينما زئير عواصف الطبيعة يزمجر في الخارج منذرا باكتساح من يقف أمامه!

والأمر يزداد سوءا عندما تعلم أن Intel لم تعد تصدر خريطة طريق واضحة لاصدار المعالجات منذ فترة طويلة! والسبب أن الشركة لا تدري حقا ماذا سوف تفعل بعد وقت طويل، هل ستنجح في التغلب علي كل تلك العقبات أم لا! إنها فعلا تصارع المجهول في أرض مجهولة!

ولهذا تجد Intel نفسها تبحث عن حلول خارج منظومة X86 تماما، فلقد حاولت منذ وقت طويل عمل معمارية مختلفة تماما، تتخلي عن أسس وقواعد X86 وتستبدلها بأسس جديدة .. وأصدرتها في معالج Itanium الشهير بالفعل. لكن الأمر كله فشل فشلا ذريعا. وأحجم كل المستخدمين تقريبا عنه بشكل محبط.

الآن Intel تشارك في حلول ARM المنافسة، وكذلك AMD. حتي لا يتخلفا عن القطيع في حال زوال X86. وهو الزوال الذي ربما بدأت بوادره مع مسعي Microsoft لازاحة X86 من الحواسيب الشخصية المحمولة mobile PCs بعدما دعمت معمارية ARM بشكل متأصل native في Windows 10، والشركة الآن تحاول مع Qualcomm لجعل أداء معالجات ARM منافسا لـIntel في شريحة الحواسيب الصغيرة المحمولة، حتي تكتمل عملية الازاحة والاحلال بأداء مغري وعمر بطارية كبير.

حتي Apple يشاع عنها أنها تنتوي التخلي عن معالجات Intel في منتجاتها، واستبدالها بمعالجات ARM كبيرة! وهو الأمر الذي من شأنه أن يرج الوسط التقني في عنف، مرسلا وابلا من الصدمات التي تنذر بانتهاء سطوة X86 في عالم الحاسب! ARM

وتلك السطوة المهددة هي ما دفع Intel لاحراق كمية ضخمة من الأموال علي مشروع البطاقات الرسومية Larrabee، ذلك المشروع الذي فشل فشلا ذريعا في النهاية. بعد أن ضيع ثلاثة مليارات كاملة من أموال الشركة!

وملخص القصة أن Intel قررت منافسة نجم NVIDIA الصاعد في جانب الحوسبة الواسعة، بعمل بطاقة رسومية تنتهج نهج معمارية X86 لكن علي هيئة معالج رسومي ضخم! لقد أرادت Intel اقحام X86 حتي في عالم الرسوم والحوسبة علي المعالج الرسومي! وهو تخطيط جيد، ويسمح لمعمارية X86 بالتمدد الأفقي في أسواق جديدة!

لكن الفكرة نفسها لم تكن جيدة، لقد أخقفت Intel في تقدير مدي قوي معمارية NVIDIA في جانبي الرسوم والحوسبة واسعة النطاق، وهي قوة تمكنها من التغلب علي معمارية X86 في يسر شديد. خصوصا وأن X86 لم تكن مصممة أصلا للتعامل مع هذه الاستخدامات. وانتهي الأمر ببطاقة Larrabee في سلة المهملات ومعها المشروع كله.

Larrabee

كان هذا منذ عشرة سنوات، لكن Intel لم تتوقف عن محاولة منافسة NVIDIA في سوق الحوسبة الواسعة، حتي بعد فشل Larrabee! ولأن الشركة لم تكن تملك حلولا حقيقة تحجم بها قوة NVIDIA الضاربة في هذا المجال فقد قامت باستنقاذ ما يمكن انقاذه من مشروع Larrabee وقامت بتصميم بطاقة حوسبة تعتمد أيضا علي نفس أسس Larrabee: معمارية X86. ولقد سمت Intel بطاقة الحوسبة تلك باسم Xeon Phi، ووجهتها الشركة نحو بطاقات Tesla من NVIDIA.

ولقد عكفت Intel علي تطوير Xeon Phi قرابة الخمسة أعوام، وأحرقت فيه المزيد من الأموال، والنتيجة؟ فشل ذريع في مواجهة بطاقات Tesla التي امتدت سطوتها وقوتها لامتلاك السوق الصاعد للذكاء الاصطناعي AI والتعليم العميق Deep Learning ومراكز البيانات Data Centers .. وبعد أن كانت Intel تفخر بامتلاكها هذه الأسواق، فوجئت بنفسها خارج السباق في بغتة، وفوجئت بـ NVIDIA وهي تحصد كل الأرباح والعقود.

Xeon Phi

لقد اكتشفت Intel أن معمارية X86 لا تصلح أيضا في مواجهة البطاقات الرسومية لتلك الاستخدامات الصاعدة، لقد كانت Intel ومازالت كالرجل الأعزل الذي يواجه دبابة ثقيلة وهو لا يمكلك سوي أظافره وأسنانه! حتي مع Xeon Phi! ولقد كان علي Intel التحرك جديا لابتكار حلول أخري تنافس بها!

ولفد اتجهت Intel الي سلاح آخر جديد لتنافس به NVIDIA. وهي المصفوفات المنطقية البدائية FPGA، وهي معالجات بسيطة التصميم وكثيرة العدد، وقابلة للفك والتركيب واعادة الترتيب. تبيعها Intel للمستخدم الذي يقوم بفكها وترتيبها بالشكل الذي يرضي استخداماته. ولقد قررت Intel بيعها لتستخدم في سوق الذكاء الاصطناعي والتعليم العميق!

لكن المشكلة أن Intel لا تملك أي خبرة في هذا المجال، ولم تبن مصفوفات قوية من قبل. لذا فقد اتجهت الشركة الي شراء شركة اخري متمرسة في صناعة المصفوفات، وهي شركة Altera، والتي تستخدم معالجات ARM صغيرة الحجم في صناعة مصفوفاتها!

Altera

وبهذا فلقد تخلت Intel عن X86 في جانب آخر جديد من جوانب الحوسبة ولصالح من؟ ARM!

ولقد كلفت الصفقة Intel ما يقرب من 17 مليار دولار! وهو مبلغ تتدلي له الفكوك في ذهول ويتعدي ميزانية دول كاملة!

لكن المشكلة أن المصفوفات غير بارعة في الذكاء الاصطناعي مقارنة بالبطاقات الرسومية القوية، كما انها تتطلب عملية تلقين Programming واعادة ترتيب شاقة للغاية، تصل في صعوبتها الي حد تشبيهها بالكابوس! لكن Intel تأمل في أن التطوير المستمر لتلك المصفوفات قد يجعلها تنافس البطاقات الرسومية في خلال عامين الي ثلاثة أعوام، أو بحلول 2020.

Intel FPGA

ولم تكتف Intel بهذا، بل إنها انفقت مبلغا أخر ضخما وصل الي 16 مليار دولار لشراء شركة MobileEye التي تصمم انظمة قيادة ذاتية للسيارات بالذكاء الاصطناعي! وهو مجال أخر تنافس فيه NVIDIA بقوة بمعالجاتها الرسومية الصغيرة Tegra. ولا تنافس فيه Intel بأي شكل، وليس لمعمارية X86 فيه أي وجود، ولا أمل حال في المنافسة!

وشركة MobileEye تستعمل رقائق نظام SoC صغيرة من ARM أيضا تسميها EyeQ .. لكن المشكلة أن EyeQ ليست أسرع ولا أفضل من Tegra في الوقت الحالي، هو الأمر الذي دفع Intel الي ادعاء أنها ستطور EyeQ بحيث يكون لها الأفضلية، وأنها ستدمج معالجات X86 صغيرة من طراز Atom مع EyeQ حتي تتمكن من أن تكون أسرع مرتين من معالجات Tegra في 2020! لكنها أغفلت -بالطبع المقارنة- مع معالجات Tegra التي ستصدر في 2020، والتي ستكون أقوي بطبيعة الحال!

Intel MobileEye

وبطبيعة الحال، وبعد كل هذه الأموال التي يشيب لهولها رأس الغلام، فإن Intel ارتأت أن الاوان قد حان لالقاء Xeon Phi في سلة المهملات ليلحق بسلفه Larrabee، وأن تركز أكثر علي EyeQ و مصفوفات Altera.

هل تدركون حجم الخسائر التي تكبدتها Intel مع Larrabee و Xeon Phi؟ لقد تخلت Intel عنهما في سرعة البرق، وتخلت معهم عن مبدأها بالالتزام بمعمارية X86 وتمديد عمرها وتغلغلها في أنظمة الحوسبة في كل بقاع الأرض.. واتجهت بدلا من ذلك الي انفاق الأموال لشراء حلول جاهزة تسعي لتطويرها لتنافس حلول NVIDIA!

بل إن Intel تعرف ان كل هذا غير كاف أيضا! وأن منافسة NVIDIA في سوق الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات تحتاج لمعالج رسومي ضخم، لذا فقد اتجهت الشركة للبدء في انشاء بطاقة رسومية تقليدية جديدة! واشترت الكفاءات من AMD وأنفقت المليارات لتبدأ في المشروع في التو واللحظة بحيث يصير لديها بطاقة رسومية جاهزة بحلول عام 2020!

Intel dGPU

ويبدو أن عام 2020 يمثل نقطة انطلاق عند Intel، فهي تنتوي أن تحارب NVIDIA علي ثلاثة جبهات في وقت واحد: جبهة مصفوفات Altera و جبهة رقاقات EyeQ و جبهة البطاقة الرسومية الجديدة! لقد أنفقت Intel حرفيا عشرات المليارات من أجل هذه اللحظة، وهي تنتوي القاء كل ثقلها خلفها لتجعلها لحظة ناجحة!

أتتسائلون أين ذهبت أموال Intel طوال تلك الفترة؟ لقد ذهبت لمنافسة NVIDIA بكل السبل الممكنة! الي درجة أن بعضا من أموال Intel تلك انتقل الي جيب NVIDIA مباشرة! بعد أن غرمتها تلك الأخيرة مبلغ مليار ونصف دولار اثر خلاف قضائي عنيف شب بينهما! فقط كي تسمح NVIDIA لـ Intel باستعمال تقنياتها الرسومية. ان حجم الضرر الذي سببته NVIDIA لـ Intel يفوق حجم الضرر الذي سببته AMD و ARM مجتمعين!

وعلي ذكر ARM فهي أيضا كبدت Intel خسائر فادحة في سوق المحمول، لقد حاولت Intel الولوج لهذا السوق بشتي الطرق، واستعملت معمارية X86 كرأس حربة كالمعتاد، الا أنها كالمعتاد فشلت فشلا ذريعا، الي حد أنها كانت تبيع كل معالجاتها المحمولة من طراز Atom بخسارة كاملة وبأسعار بخسة.. الا انها فشلت رغم ذلك. ولم يعرها أحد من مصنعي المحمول أي اهتمام يذكر. وقد كلفها هذا الأمر مليارات أخري أيضا. وكلفها كرامتها ومبادئها كذلك! فهي الآن تلجأ الي ARM أكثر من أي وقت مضي في كل تلك المصفوفات والرقاقات!
Atom

والمراقبون يتوقعون أن تسلك Intel نفس مسلكها في منافسة NVIDIA في سوق المحمول، بأن تشتري شركة محمول قوية مثل Broadcom أو Qualcomm بمئات المليارات هذه المرة، وأن تستخدمهم في تقوية موقفها التنافسي والولوج الي سوق المحمول من جديد!

مما يعني المزيد من احراق الأموال في مجالات أخري غير X86. وغير تطوير المعالجات المركزية التقليدية CPUs.

الآن يعرف القارئ أين ذهبت أموال Intel، وأين ذهب تركيزها، واين ذهبت فلسفتها في تطوير X86 باستمرار، لقد خذلت X86 الشركة في كل المجالات الصاعدة، لذا تخلت عنها Intel وذهبت تحارب طواحين الهواء العملاقة بأموالها الغزيرة، ذهبت وهي تأمل في أن يكون لها مقعدا علي منضدة المحمول والذكاء الاصطناعي والحوسبة الواسعة. مقعد يضمن لها البقاء في زمن ينحسر فيه البساط من تحت أقدام X86 باستمرار.

وكنتيجة لهذا فقد تسللت AMD في خفية من خلف Intel لتنقض عليها بمعمارية Zen المنافسة. وتنقض عليها في وقت حرج، وقت تنزف فيه Intel الأموال بغزارة في صراعها مع NVIDIA، وفي تعثرها مع 10nm .. وفي انشغالها باقتحام سوق المحمول.

لقد وصلت Intel لحالة من الضعف والهوان، مكنت AMD من استباقها في عملية تصنيع 7nm، واصدار معالجات مركزية للخوادم Server CPUs بنهاية هذا العام، أسرع وأفضل وأرخص مما لدي Intel، لأول مرة منذ 10 سنوات! ولقد أتي هذا في وقت لا تملك فيه Intel حلولا كافية كي تمنع AMD من التفوق عليها في سوق الخوادم هذا! وهو السوق الأكثر أهمية من أي سوق آخر! لقد أهملت Intel في تطوير X86 وتقاعست عن الاسراع في تطوير 10nm، وهي الآن تدفع ثمن هذه الأخطاء.

وفوق كل هذا فالشركة لديها معارك طاحنة أخري تنتظر الحسم في المستقبل القريب، معارك مع عملية تصنيع 5nm التي من المؤكد أن تكون أكثر صعوبة حتي من 10nm! لدي Intel الكثير من الأموال التي ستنفقها حتما حتي لا تكرر مشكلات 10nm، لكن الي متي ستنفق Intel الأموال يمينا ويسارا دون أرباح متزايدة واضحة؟ قد تضطر الشركة لتخفيض حجمها وطرد المزيد من الموظفين لتقليل النفقات! إن Intel مثل الالة العملاقة التي تحتاج كميات وقود كثيرة من النقود كي تعمل وتجلب المزيد من النقود!

وكل هذا ضروري حقا، فلقد تعودت Intel أن تكون شركة ضخمة، وهذا ما ينبغي أن تفعله لكي تظل ضخمة، ولكي يظل لديها الوفير من الأموال، ولكي تظل مستقلة بذاتها بمصانع معالجات منفصلة، لا تعتمد فيها علي أحد. ولكي تظل تنتج أشياءها بنفسها. وتنفق في بذخ علي التطوير الابتكار في مجالات شتي، مثل التخزين Storage والشبكات 5G ..الخ. بينما من هم أصغر منها من المنافسين لا يملكون هذا الترف، AMD لا تملك مصانع لنفسها، وتعتمد علي غيرها من المصانع الخاصة التي تؤجرها لتنتج لها معالجاتها، كما أنها لا تملك ترف الابتكار المكلف. ويضعها هذا في مواقف ومآزق لا تحسد عليها.

إن Intel في الوقت الحالي ليست شركة فاشلة أو خاسرة بأي مقياس تحت الشمس، لكنها شركة حائرة لا تدري أين تثبت قدمها مستقبلا! هي شركة تعرف انها ضخمة للغاية تحتاج لارباح ضخمة كي تستمر في كونها ضخمة! وانها ان لم تبدا في المنافسة في المجالات الصاعدة بقوة، فانها ستتعرض للانكماش والانهيار التدريجي وبسرعة أيضا .. إن عدد المشاريع الفاشلة/المتأخرة التي انخرطت فيها Intel في الآونة الأخيرة كثير للغاية، Larrabee و Xeon Phi و Atom و 10nm وكلها عادت عليها بالخسارة وانكماش الأرباح، والشركة لا تستطيع المضي قدما علي هذا النحو دون أن تنافس في المجالات الصاعدة بقوة!

ستحاول Intel الصمود أمام AMD حتي نهاية 2019 حين تنتهي من تطوير 10nm، وستحاول الصمود أمام NVIDIA حتي عام 2020 حين تنضج حلولها المنافسة التي اشترتها بعشرات المليارات، وستحاول الصمود أمام ARM حتي تفكر في طريقة أخري لتنفذ لسوق المحمول.

إن Intel الآن مثل العملاق الضخم الذي تحاربه حشرات نحل طائرة، وهي تقرصه وتجرحه وتدميه من كل الاتجاهات، والعملاق يلوح بيديه في كل اتجاه ممكن محاولا ابعادهم بلا جدوي! إن مضرب الذباب الذي معه لم يعد مؤثرا ضدهم! لذا فهو يشتري الآن حشرات أخري لتحارب النحل المعتدي!

إن الحقيقة التي لا جدال فيها أن معمارية X86 لم تعد محل تركيز Intel الأساسي، لقد أفنت الشركة فيها شبابها كله حصريا، وربما كانت هذه غلطة Intel الوحيدة، لكنها الآن أصبحت في مرحلة الكهولة، وتحتاج الي دماء جديدة لتنافس الصغار المتحمسين! هؤلاء الصغار الذين يمكنهم ايذاؤها بشكل عنيف! شكل قد لا تتحمله Intel علي الاطلاق! ولم لا وقد ذهب شبابها وعنفونها كله أدراج الرياح مع X86.

الآن Intel تخاطر حقا بكل ما لديها، أموال كثيرة صٌرفت، ومعماريات جديدة تخوض Intel غمارها لأول مرة، و مشاريع فاشلة تعيد Intel الكرة وتخاطر فيها من جديد .. فاما أن تنجح في المراهنة علي مستقبلها وتنطلق الي عصر ذهبي جديد، أو تفشل فيأتي أوانها كأي كهل عجوز أخر!