
حين رفضت ياهو شراء جوجل بمليون دولار: 5 خطايا تقنية لن ينساها التاريخ!
يعج تاريخ التقنية بالكثير من القرارات الذكية؛ أستحضر منها الآن إصرار ستيف جوبز على شاشات اللمس في الآيفون، ورهان Microsoft على السوفتوير وتركيزها على أنظمة MS-DOS وويندوز، واستحواذ Google على YouTube، وغيرهم العشرات من القرارات الأخرى التي شكلت أُسس التكنولوجيا اليوم.
على الجانب الآخر، هناك العديد من القرارات الحمقاء أيضًا. قرارات يسهل علينا التسفيه منها الآن بعد أن ظهرت نتائجها، لكننا سنراعي أن أصحابها لم يكن بمقدورهم قراءة المستقبل. ما سنفعله في السطور التالية هو مجرد استعراض لأبرز الفرص الضائعة في تاريخ التكنولوجيا، والتي كلفت أصحابها مئات الملايين، أو قل مليارات الدولارات.
العبرة بمن يضحك أخيرًا: Blockbuster ترفض شراء Netflix

في عام 2000، لم تكن Netflix سوى شركة ناشئة متواضعة للغاية. أرقامها كانت مُعدَمة، وطموحها كان خياليًا، بل ومضحكًا على ما يبدو!
في تلك الفترة، وتحديدًا عام 2004، كانت شركة Blockbuster رائدة في مجال الترفيه، حيث كانت تملك أكثر من 9 آلاف متجر منتشرين في كل أنحاء أمريكا لتأجير أقراص وأشرطة الـ DVD.
على الجانب الآخر، كانت Netflix المسكينة تحاول شق طريقها، عبر تأجير أقراص الـ DVD أيضًا، لكن من خلال البريد لأنها لم تكن تملك متاجر فعلية على أرض الواقع.
Blockbuster لم تكن تعتبر Netflix تهديدًا لا من قريب ولا من بعيد، حتى أن رئيسها التنفيذي آنذاك "جون أنتايكو" جلس مع مؤسسي Netflix "ريد هاستينغز" و"مارك راندولف" ولم يستطع تمالك نفسه من الضحك!
القصة وما فيها أن Amazon كانت تحاول الاستحواذ على Netflix في ذلك الوقت لأنها كانت ترى فيها شيئًا مختلفًا، غير أن الأخيرة رفضت وفضلت الجلوس على طاولة المفاوضات مع Blockbuster لأنها كانت تراها الأكثر تخصصًا.
الرئيس التنفيذي لـ Blockbuster سأل ممثلي Netflix عن السعر الذي يطلبانه، وعندما قالا: "50 مليون دولار"، لم يستطع تمالك نفسه من الضحك وقال: "هوس الدوت كوم مبالغ فيه للغاية"!
بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيس Netflix، استحضر المؤسس المشارك "مارك راندولف" هذه القصة قائلًا: "ضحك مسؤولو Blockbuster علينا وأخرجونا من القاعة"، وتابع ساخرًا: "الشركة التي كانت تملك 9 آلاف متجرًا لم يتبق لها سوى واحد فقط". قوية هذه!
Google تقتل منافس تويتر!

في فبراير 2006، تأسس تطبيق Jaiku المستوحى من شعر "الهايكو Haiku" الياباني، والذي ظهر في القرن السابع عشر، واشتهر بقطعه التي تتألف من 3 أسطر فقط. فكرة التطبيق، كما هو واضح من مصدر إلهامها، كانت شبيهة بتويتر للغاية، حتى أنه كان في منافسة حامية معه.
رأت Google هذه المنافسة ولاحظت أن Jaiku ينمو بوتيرة أسرع من تويتر، فقررت الاستحواذ عليه بعد عام ونصف فقط من تأسيسه (أكتوبر 2007). مؤسسا Jaiku نشرا بيانًا يعبران فيه عن سعادتهما بالصفقة وطموحاتهما للتوسع بطرق مثيرة للاهتمام، لكن فرحتهما لم تكتمل.
فبعد عامين فقط من الصفقة، كان واضحًا أن تويتر هو الرابح الأكبر في مجال التدوين المُصغر هذا، إن صحت التسمية. وعليه، قررت جوجل أن تفتح مصدر المشروع عام 2009، ثم تغلقه نهائيًا في 2011 دون أن تتربح من ورائه بأي شكل استراتيجي أو تجاري.
أسباب غلق المشروع الدقيقة ليست معروفة حتى الآن، مثلها مثل ثمن صفقة الاستحواذ، لكن أُشيع وقتها أن الأمر متعلق بخلافات داخلية.
يُقال إن Google استحوذت على Jaiku بـ 12 مليون دولار، لكن الأكيد أنها خسرت أكثر من ذلك بكثير. فبمقارنة الفرصة البديلة، نجد قيمة تويتر في 2009 كانت تقارب مئات الملايين، وبحلول 2021، وصلت تقديراته السوقية إلى ما يزيد عن 8 مليار دولار.
نظريًا، لو كانت Google ركزت على تطوير Jaiku بدلًا من إهماله، لكان من الممكن أن تملك كنزًا بحجم X الآن، أو ربما أكبر، لكن على كلٍ، دعونا نتعرف إلى ثالث فرصة ضائعة.
Nokia تنسف نظرية "نصف العمى"!

لأكثر من عقد كامل، ظلت Nokia متربعة على عرش صناعة الهواتف المحمولة. لكن بحلول العقد الثاني من الألفية، بدأت أوراقها تتساقط أمام صعود هواتف الآيفون ومن قبلها نظام الأندرويد!
في عام 2010، تصدرت Samsung المشهد بفضل نظام الأندرويد الذي كان يسير كالقطار. الخوف تملَّك Nokia، ارتبكت، وبدلًا من أن تستقل القطار وتطبق نظرية "نصف العمى ولا العمى كله"، قررت أن تقف في وجهه!
يبدو أن الرئيس التنفيذي لـ Nokia، "ستيفن إيلوب"، كان طمّاعًا بعض الشيء، إذ بدلًا من تبني نظام الأندرويد ومحاولة اللحاق بـ Samsung بحكم خبرة ومكانة شركته في السوق، قرر أن يتحداها ويتحدى الـ iOS مباشرةً؛ عن طريق استخدام نظام Windows Phone من Microsoft.
وكما كان متوقعًا، لم يجذب الويندوز المطورين واستطاعت Samsung أن تسيطر بشكل كاسح على السوق لتصبح المصنّع الأكبر لنظام الأندرويد حتى يومنا هذا.
لاحقًا، وجدت Nokia نفسها مضطرة لبيع قسم الهواتف لشركة Microsoft، التي سرعان ما تخلت هي الأخرى عن نظام Windows Phone تمامًا. وفي عام 2016، انتقلت علامة Nokia التجارية إلى شركة HMD، صاحبة أول هاتف في العالم لمحاربة الإباحية. هلّا أخبرني أحدكم أين Nokia الآن؟
Yahoo تتخلى عن Facebook لأجل 100 مليون دولار!

لا أعرف ما إذا كانت Yahoo محسودةً أم لا، لكن ما أعرفه جيدًا أنها أضاعت فرصًا كانت ستغير مسيرتها للأبد، وربما كانت ستجعلها الشركة رقم 1 في العالم.
في الفترة من 2004 و2007، حاولت عدة شركات كبيرة الاستحواذ على Facebook، لكن أكبر عرض جاء من Yahoo في يونيو 2006.
الرئيس التنفيذي للشركة وقتها، "تيري سيميل"، تفاوض مع مارك زوكربيرغ لشراء موقعه مقابل مليار دولار (مبلغ ضخم وقتها، وضخم الآن أيضًا)! وبالفعل، الصفقة وصلت إلى مرحلة متقدمة للغاية، لكن شيء ما عرقلها.
الرواية الأقرب تقول إن زوكربيرغ رفع السعر في اللحظة الأخيرة، وYahoo رفضت أن تأخذ خطوة إضافية. وعلى الرغم من أن الزيادة السعرية لم تكن كبيرة -بعض التقارير تشير إلى 100 مليون دولار فقط-، ومحاولة موظفي Facebook إجبار مارك على الموافقة، فإن الصفقة لم تتم واستقال عدد كبير من الموظفين احتجاجًا على تعنت مارك.
لكن كما نعرف جميعًا الآن، يبدو أن تعنت زوكربيرغ كان أفضل قرار في حياته، ويبدو أيضًا أن عدم تمسك Yahoo بالصفقة كان ثاني أسوأ قرار في مسيرتهم، لأن الأول كارثة بكل المقاييس!
قبل أن نخبركم بأسوأ قرار اتخذته Yahoo في مسيرتها، نود الإشارة إلى أن مارك زوكربيرغ قال بخصوص ثمن الصفقة: لم أكن أعرف ما الذي سأفعله بكل هذا المال، ربما كنت سأستغله في تطوير شبكة تواصل اجتماعي شبيهة بـ Facebook.
رفضت Google مقابل مليون دولار: خطيئة Yahoo التي لا تُغتفر!

أما خطيئة Yahoo التي لا تُغتفر، فتتمثل في عدم الاستحواذ على Google التي عرضت نفسها على Yahoo أكثر من مرة أساسًا!
المرة الأولى كانت في عام 1998، عندما عرض المؤسسان "لاري بايج" و"سيرجي برين" بيع شركتهما الناشئة مقابل مليون دولار فقط لاستكمال دراستهما في جامعة ستانفورد!
رفضت Yahoo العرض لسبب ما، وعلى الرغم من أن الفرصة تكررت عام 2002، فإن نفس الرئيس التنفيذي الذي رفض الاستحواذ على Facebook (تيري سيميل)، رفض الاستحواذ على Google عندما طُلب منه دفع 5 مليارات دولار.
تيري كان يرى أن مجال محركات البحث لا يستحق الاستثمار، لكن هذا المجال الذي "لا يستحق الاستثمار" جعل Google -وقت كتابة هذا المقال- رابع أكبر شركة في العالم بقيمة سوقية تكاد تلامس الـ 3 تريليون دولار! لا تعليق!
?xml>