عندما يقوم أحدنا في العادة بشراء حاسوب جديد، وخاصة في حال كان حاسوب مُخصص للألعاب، فغالباً ما يهتم بشكل كبير بسرعة معالجة البيانات الذي يستطيع هذا الحاسب الوصول إليها، وهو ما يجعل التركيز في الأغلب على المعالج والبطاقة الرسومية والذاكرة العشوائية، وما إلى ذلك من المكونات الخاصة بالكيس نفسه. ولكن الحاسوب في النهاية ليس هذا فحسب. وخاصة في حال كُنا نتكلم عن عتاد أو هاردوير للفئة العُليا أو حتى الفئة المتوسطة من المستخدمين. لذا فالإهتمام بباقي القطع التي يتكون منها الحاسب لا يقل أهمية للحصول على أفضل تجربة لعب ممكنة على أرض الواقع. وأحد أهم هذه القطع المنسية هي الشاشة!. ولقد بدأنا بالفعل مجموعة جديدة من المقالات التقنية منذ يومين لنتحدث فيها عن التقنيات والمواصفات التي تُساهم في تحديدة جودة الشاشات، وتكلمنا عن بعض المصطلحات التقنية المصاحبة للشاشات مثل زمن الإستجابة وزمن التأخير. واليوم سنتحدث عن التدرج اللوني ومن ثم نُلقى نظرة على تقنية المجال الديناميكي الواسع HDR ، فهلّا بدأنا ؟!.

في البداية، ضع في اعتبارك ما تلاحظه في المقام الأول عند التسوق لشراء جهاز تلفزيون أو شاشة جديدة.  فبالتأكيد ، الحجم و دقة العرض من العوامل المهمة ، ولكن يمكنك أيضًا الانتباه عن كثب إلى الألوان الموجودة في الصور المعروضة على تلك الشاشة ، أليس كذلك ؟!. فعلى سبيل المثال، سيظهر أمامك الأسود الداكن والأحمر والأخضر النابض بالحياة وما إلى ذلك الألوان على بعض الشاشات، وهو ما قد لا يظهر في شاشات أُخرى بنفس الجودة أو الروعة.

فقد ترى أمامك مقطع فيديو بمواصفات ملفتة للنظر وتهيمن عليه الألوان الحية ليعكس الواقع بطرق لم يسبق لك رؤيتها من قبل في الشاشات التي إمتلكتها من قبل. ولكن ينبغي أيضاً التنبيه على أمر هام، وهو أنك تُدرك أصلاً الفارق في جودة الصورة الناتجة عن الدقة الأفضل والألوان الأكثر تشبّعا.

لذا، فما هو الطيف أو التدرج اللوني color gamut ؟

من ناحية التعريف ، فالتدرج اللوني هو النطاق الكامل للألوان المرئية للعين البشرية (طيف الألوان المرئية). ولكن ما هو التدرج اللوني في شاشات العرض؟

يتم تعريف التدرج اللوني في الأجهزة الإلكترونية على أنه نطاق الألوان الذي يمكن لجهاز معين إنتاجه أو تسجيله. ويظهر عادةً من خلال منطقة مُغلقة من الألوان الأساسية لجهاز ما على مخطط الألوان (مخطط الألوان هو الطيف اللوني الكامل أو طيف الألوان المرئية)....فعلى سبيل المثال ، الألوان الأساسية للشاشات هي الأحمر والأخضر والأزرق. ومن ثم ، يظهر التدرج اللوني للشاشة في منطقة مثلثة محاطة بإحداثيات لونية لألوان الشاشة الأحمر والأخضر والأزرق. ولتوضيح الأمر بشكل أوضح، يمكنك النظر للمخطط التالي الذي يظهر التدرجات اللونية المختلفة مقارنة بالطيف المرئي الكامل .

تقنيات العرض (الجزء الثاني) : التدرج اللوني والمجال الديناميكي الواسع

وعلى كل حال، ونظرًا لأن معظم شاشات العرض محدودة بالألوان التي يمكنها إنتاجها ، فسيتبع كل جهاز أيضًا معيارًا واحدًا أو أكثر من معايير الألوان التي تحدد نطاق الألوان المحدد الخاص بهذا الجهاز (كاميرا، شاشة، طابعة أو تابلت مثلاً وغيرها من الأجهزة). وعلى الرغم من وجود عدد مذهل من التدرجات اللونية المختلفة المتاحة حولنا، لكن ذلك لا يعني أنها ستكون مناسبة للجميع. وهو ما يجعل البعض يفضّل بعضها على البعض الآخر، لذا دعونا نرى معاً ما الفارق بينها لتتعرف على ما يناسب احتياجاتك.

ولكن كيف يمكنك ملاحظة الفوارق بين التدرجات اللونية من مواصفات الشاشة ؟

كما أشرنا في البداية، تختلف التكنولوجيا الخاصة بمنتجات العصر الحديث لإعادة إنتاج الألوان من جهاز لآخر ، مع وجود الكثير من هذه المنتجات، التي يُنتج كل منها الألوان بطريقة مُختلفة مثل الكاميرات الرقمية والماسحات الضوئية والشاشات والطابعات والأجهزة اللوحية وأجهزة العرض وما إلى ذلك ، حيث أن كُلها تعيد إنتاج مجموعة مختلفة من الألوان بدرجات متفاوتة.

ومن أجل توحيد اختلاف الألوان هذا ، تم استخدام طرق مختلفة لقياس نطاق الألوان لإنشاء نطاقات قابلة للتواصل من الألوان حتى يتم فهم إمكانات كل جهاز. لذا وفي عام 1931 تحديداً، أنشأت لجنة CIE (اللجنة الدولية للإضاءة) نظاماً قياسيًا لقياس الألوان، حيث أوصت اللجنة باستخدام الإحداثيات اللونية  xyz (CIEXYZ)لهذا الغرض.

تُستخدم هذه الإحداثيات لتشكيل الرسم البياني القياسي الحالي الذي يحدد نطاق الألوان التي يستطيع الإنسان إدراكها باستخدام النظريات الرياضية. وقد تم تصميم هذه المخططات اللونية بحيث يكون المحور Y هو مقياسًا لسطوع اللون ، بينما يتم تحديد درجة اللون بواسطة المحورين x و yفيكون الناتج  (Yxy).

تقنيات العرض (الجزء الثاني) التدرج اللوني والمجال الديناميكي الواسع

فعلى سبيل المثال ، اللون الأبيض له نفس الإحداثيات اللونية مثل اللون الرمادي ، مما يعني أن قيمة محوري (x ، y) هي نفسها في الرسم التخطيطي (الطيف اللوني) ولكن قيمة المحور Y مختلفة لأن السطوع يختلف. وكما هو واضح من الرسم البياني، يتم تمثيل التدرج اللوني بالنقاط الخارجية أو إحداثيات اللون ، مع وجود إحداثيات في المحور الثالث Y والتي لا تُظهرها مثل هذه الرسمة ثنائية الأبعاد. هذا البعد الثالث هو السطوع، والذي سيكون رأسياً على هذه المحاور التي أمامنا.

خدعة التدرج اللوني NTSC و sRGB !!

قد يكون التدرج اللوني الأكثر شيوعًا هو "NTSC" (تم إنشاؤه في عام 1953 من قبل لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية) ، ومع ذلك ، فهو ليس نطاقًا لونيًا قياسيًا.  ولكن في المقابل فتدرج"sRGB"  هو التدرج اللوني القياسي الذي وضعته اللجنة الكهروتقنية الدولية (IEC) في عام 1999. ولعل السبب في توحيد التدرج اللوني بمعيار مُعيّن هو الترويج لطريقة أسهل لإعادة إنتاج الألوان تتفق عيها الصناعة بحيث يكون الأمر أسهل في الوصول لتوافق في المعايير التصنيعية للمعدات.

فإذا كانت جميع الأجهزة التي تستخدم الألوان ، بما في ذلك الكاميرات الرقمية والماسحات الضوئية والشاشات والطابعات وأجهزة العرض ، يمكنها إعادة إنتاج التدرج اللوني sRGB بشكل صحيح ، فيمكن عندئذٍ إعادة إنتاج الصور بشكل متسق للغاية عبر الأجهزة (أي بالتبادل بين هذه الأجهزة بدون وجود فوارق واضحة للغاية في الألوان فيما بينها). ترجع هذه الظاهرة إلى أن الأجهزة تتمتع بنفس القدرة على التسجيل (مع الضبط والمعايرة المناسبة بالطبع) وعرض وطباعة نفس نطاق الألوان. لذلك فبالنسبة للصورة نفسها ، سيكون تباين الألوان المعاد إنتاجها على الأجهزة المختلفة محدودًا للغاية لن يستطيع الجميع ملاحظته. وبالتالي ، يمكن تحقيق دقة اللون أو إدارة اللون. ويُعرف هذا أيضًا بمفهوم إعادة إنتاج ألوان التدرج اللوني.

ومع ذلك ، ومن أجل تحقيق دقة الألوان أو إدارة الألوان بشكل أفضل بين الأجهزة، يجب الاتفاق على إحداثيات ألوان RGB الدقيقة على المخطط اللوني الخاص بالطيف الكامل (ذلك الموجود في الأعلى). حيث يُحدد كل زوج من إحداثيات الألوان لونًا مميزًا أو فريدًا عن اللون الآخر. فعلى سبيل المثال ، (x ، y) = (0.64 ، 0.30) ليس هو نفسه اللون (x ، y) = (0.63 ، 0.29) ، على الرغم من أن الأرقام قريبة جدًا من بعضها البعض.

ولكن في صناعة العرض ، هناك أيضًا جزء آخر من المعلومات المضللة. وذلك حيث تقوم بعض الشركات المصنعة للوحات أو ماركات العرض بتسويق شاشاتها على أنها توفر نسبة "72٪" من تدرجNTSC  من حيث التدرج اللوني ، بدعوى أنها "متوافقة مع  sRGB. وللأسف، ليست هذه هي القضية . الفكرة هي كالتالي، هل ترى طيف اللألوان في الأعلى ؟ هل ترى المساحة التي يُغطّيها NTSC و sRGB ؟ كمثلثات ؟. حسناً، فبالفعل إذا أخذنا إحداثيات الألوان من كل نطاق لوني من الجدول وقمنا بحساب مساحة كل نطاق لوني ، يمكننا أن نجد أن نسبة مساحة sRGB إلى NTSC هي 0.72 إلى 1 فعلاً . ولكن ...

هنا يأتي المفهوم المضلل في أن نسبة 72٪ NTSC  تساوي sRGB . فالتفسير الصحيح هو أن "عدد الألوان التي يمكن لـ sRGB إعادة إنتاجها هو نفسه يساوي 72٪ من NTSC ، لكن الألوان التي يتم إعادة إنتاجها ليست بالضرورة نفس الألوان .". والسبب هنا هو أن العلاقة الوحيدة بين نسبة 72٪ هو المساحة ، ولا توجد معلومات حول إحداثيات ألوان  RGBالتي توفرها هذه النسبة. وبالتالي ، لا يمكننا القول أن 72٪ من التدرج اللوني NTSC يساوي التدرج اللوني sRGBبالضرورة، فبالنظر إلى الصورة الخاصة بالطيف اللوني في الأعلى فقد تكون المساحة التي يتم تغطيتها من طيف NTSC تبدأ من الجزء العُلوي مثلاً، والذي لا يتشارك مع طيف sRGB . فهذه المساحة العلوية تحتوي على ألوان مختلفة عن تلك التي توفرها sRGB بنسبة لا بأس بها (الصورة التالية قد توضح مقصدي بشكل أكبر).

[caption id="attachment_341717" align="aligncenter" width="1115"]تقنيات العرض (الجزء الثاني) التدرج اللوني والمجال الديناميكي الواسع النسبة الموضحة هنا هي 72% بالفعل، ولكن الألوان نفسها لا تتطابق مع تلك التي توفرها sRGB. بالتأكيد هناك بعض الحالات التي قد تكون النسبة 72% فيها متطابقة مع sRGB ، ولكني هنا أردت فقط توضيح الخداع الذي قد يحدث فقط.[/caption]

لذلك ، فمن المنطقي فقط أن نتحدث عن "معدل التغطية" عند مقارنة مجموعتين من التدرجات اللونية. يمكن رؤية مثال في الصورة التالية أيضاً. فعلى الجانب الأيسر ، كلا التدرجين اللونيين لهما نفس نسبة المساحة ، لكنهما لا يغطيان بعضهما البعض بنسبة 100٪. وعلى الجانب الأيمن ، يمكننا رؤية أن الشاشة تُغطّي مقدار معين فقط من التدرج اللوني sRGB ، وهو ليس بنسبة 100٪. لذا فمن الواضح أن هذه الشاشة المعينة لا يمكنها إنتاج 100٪ من التدرج اللوني  sRGBبالرغم من أنها من ناحية المساحة أو "معدل التغطية" توفر نفس كمية الألوان .

ما هي التدرجات اللونية الأكثر شيوعاً ؟

تدرج sRGB

هو التدرج اللوني الأكثر استخدامًا في المنتجات الرقمية وبيئات Windows والشاشات. تتمثل ميزة هذا التدرج اللوني في انخفاض التناقضات في الألوان بين المدخلات والمخرجات حين تنحصر الفوارق في نطاق ضيق للغاية. وقد سمحت هذه القيود بالنسخ المتماثل السريع للألوان وهي سبب استخدامه كمعيار رئيسي في المنتجات الرقمية والشاشات والإنترنت اليوم.

 التدرج اللونيAdobe RGB

تم تطوير Adobe RGB لتوسيع العروض والمعايير الحالية التي قدمتها اللجنة الكهروتقنية الدولية ، لتوفير نطاق لوني أوسع وتقديم تمثيل أكثر واقعية للألوان المرئية في الشاشة ، والتقاط الصور ومساحات الطباعة. هذا النطاق اللوني المقدم هو نطاق لوني أوسع من sRGB ، لكنه لا يتداخل تمامًا مع NTSC ، مع وجود اختلافات طفيفة في الأحمر والأزرق. ومع التقدم في التكنولوجيا والرغبة في إنتاج المزيد من تفاصيل الألوان الزاهية ، فقد أدّت هذه الحاجة إلى زيادة استخدام هذا المعيار. إنه أيضًا المعيار الأمثل لبيئات التصوير بالألوان الاحترافية وفي صناعات الطباعة والنشر مع عدد متزايد من شاشات LCD التي لديها القدرة على إعادة إنتاج معظم الألوان الموجودة في التدرج اللوني هذا.

NTSC

يغطي التدرج اللوني للجنة معايير التلفزيون الوطنية (NTSC) نطاقًا واسعًا ، على غرار Adobe RGB . ولكن تختلف قيم الأحمر والأزرق قليلاً ، حيث يتم تطوير هذا النطاق لمعيار التلفزيون ، ويتم تغطيته بنسبة 72٪ من التدرج اللوني sRGB. وهذا يجعل الشاشات ذات المستوى الاحترافي لتحرير الفيديو قادرة على إعادة إنتاج هذا التدرج اللوني بالرغم من أن المستخدم العادي يتعامل في الغالب مع التطبيقات التي تتضمن صورًا ثابتة.

هناك أيضاً العديد من التدرجات اللونية الأُخرى مثل EBU الخاصة بالمعيار الأوروبي . بجانب مساحة ألوان DCI-P3 وهي مساحة ألوان RGB قدمتها SMPTE (جمعية الصور المتحركة ومهندسي التلفزيون). والتي تتميز بتدرج لوني أعرض بنسبة 26٪ من sRGB وشائع الاستخدام للسينما الرقمية. حيث أن جميع أجهزة عرض السينما الرقمية قادرة على عرض مساحة ألوان DCI-P3  بالكامل . كما يوفر اقتران DCI-P3  بالشاشات التي تدعم دقة 4K  ألوان فائقة لمحترفي الوسائط. كما أنه في سوق الهواتف التنافسية اليوم ، يتم استخدام مساحة ألوان DCI-P3 في الأجهزة المحمولة مثل iPhone X و OnePlus 5T حتى يتمكنوا من عرض نطاق ألوان أوسع من الأجهزة ذات التدرج اللوني sRGB وتقديمه للمشاهدين.

ما هو الأفضل لإستخدامك ؟!!

حسناً، بعد كل هذا الحديث الطويل، وصلنا أخيراً للنقطة التي يبحث عنها المستخدم وهي ما الذي يجب علي إختياره ؟!. لذا دعونا نوضح ذلك ببعض التفصيل.

يعتمد اختيار التدرج اللوني حقًا على سير عملك ومتطلباتك. فإذا كنت تعمل بشكل أساسي مع الصور وستكون مخرجاتك النهائية عبارة عن نسخ مطبوعة ، فقد يكون AdobeRGB هو خيارك الأفضل لمجموعة الألوان في سير عملك. أما إذا كانت مخرجاتك عبارة عن ألبومات عبر الإنترنت أو تمت مشاركتها على Facebook ، فمن المقترح أن تقوم بتحرير صورك في التدرج اللوني AdobeRGB للاحتفاظ بمعظم الألوان ، ثم تحويلها إلى sRGB قبل النشر عبر الإنترنت. نظرًا لأن متصفحات الإنترنت حاليًا لا تدعم سوى sRGB كنطاق لوني ، فإن أي نطاق لوني أكبر من sRGB يعتبر "نطاقًا لونيًا واسعًا" ، ولن يتم التعامل معه بشكل صحيح.

لذلك إذا تم التلاعب بصورك أو تحسينها في التدرج اللوني AdobeRGB ، عند نشرها عبر الإنترنت ، قد تبدو الصورة باهتة وغير مشبعة. لذلك ، فإن أفضل ممارسة لتجنب هذه الكارثة هي تحويل الصور إلى sRGB  قبل نشرها على الإنترنت.

أما في حال إذا كنت تعمل مع مقاطع الفيديو ، فإن التوجه في الفترة الأخيرة هو الانتقال من Rec. 709 إلى DCI-P3 أوDisplay P3  . يمكن لدور السينما الحديثة إعادة إنتاج التدرج اللوني الزاهي الذي تستخدمه أنظمة عرض السينما الرقمية بشكل كامل. ومع ذلك ، تم اختيار النقطة البيضاء في DCI-P3 لتكون بيضاء مخضرة بسبب تكوينات نظم العرض. وفي المقابل تبنت كل من Apple و YouTube و Netflix وموفروا محتوى الفيديو الآخرون نفس التدرج اللوني مثل DCI-P3 لكنهم استخدموا D65 كنقطة بيضاء وأعادوا تسمية النطاق Display P3 . حيث يُرحب باللون الأبيض المحايد في معظم الشاشات وأجهزة التلفاز ، ويكتسب شعبية بين المحترفين .

وعلى كل حال، في حال كان إستخدامك مختلف عن كل ذلك، فيمكنك دائماً البحث عن التدرج اللوني الأنسب لإستخدامك من بين التدرجات اللونية المتاحة عبر الإنترنت...!!

---------------------------------المجال الديناميكي الواسع HDR-------------------------------

إن امتلاك شاشة كمبيوتر عالية الدقة مع لوحة من الدرجة الأولى تتميز بنسبة تباين ممتازة واستنساخ ألوان لا يعني أن جميع ألعابك وبرامجك الأخرى ستكون قادرة على الاستفادة الكاملة منها. ففي الواقع ، وبصرف النظر عن التطبيقات الاحترافية للأعمال ذات الأهمية اللونية والتي يتم التركيز فيها على هذه النقطة من مطوري التطبيقات أنفسهم، لا تستطيع معظم البرامج العادية والألعاب الاستفادة بالكامل من التدرج اللوني الممتد الذي تفتخر به الشاشة ما لم يُحاكي العتاد بطريقة ما مساحة الألوان المحدودة هذه للتطبيقات. وهذا هو المكان الذي تبدأ فيه تقنية مثل تقنية HDR بالدخول لحيز العمل، وذلك لضمان إعادة الإنتاج الصحيح لجميع الألوان ، مع بعض التحسينات الأُخرى. وهو ما يسمح للشاشات الداعمة لتقنية HDR وأجهزة التلفزيون بإستقبال إشارة HDR والسماح بعرض الصورة بالطريقة التي قصدها منشئ المحتوى.

تقنيات العرض (الجزء الثاني) التدرج اللوني والمجال الديناميكي الواسع

ما هي تنسيقات أو أنواع تقنية المجال الديناميكي الواسع HDR الأكثر شهرة ؟

أحد الأمور الهامة أيضاً والتي يجب علينا التنويه إليها هي أن هناك العديد من التنسيقات المختلفة لتقنية HDR ، لذا فإن مجرد الحصول على أي شاشة تحمل تصنيف أو علامة HDR لن يمنحك تجربة المشاهدة نفسها. فعلى سبيل المثال، تصنيف Dolby Vision هو شكل أكثر تكلفة وتطلبًا من تقنية HDR . وذلك لأن هذا التصنيف يتطلب أن تكون الشاشة قادرة على توفير درجة سطوع بذروة 4000 شمعة على الأقل وعمق ألوان 12 بت... بالإضافة إلى ذلك ، يتطلب معيار Dolby Vision رسوم ترخيص ، في حين أن معيار HDR10 في المقابل لا يتطلب ذلك. ولعل هذا هو أحد أهم الأسباب التي جعلت منشئ محتوى أجهزة الكمبيوتر ومنصات الألعاب ، وكذلك الشركات المصنعة للشاشات ، يختارون معيار HDR10 المجاني والمفتوح المصدر مقابل Dolby Vision بالرغم من الجودة المميزة للأخير.

[caption id="attachment_341727" align="aligncenter" width="967"]تقنيات العرض (الجزء الثاني) التدرج اللوني والمجال الديناميكي الواسع رسمة توضيحية فقط لتوضيح الفارق في كمية الألوان التي توفرها تقنية HDR مقابل SDR[/caption]

السبب في هذه الجودة الأعلى هي أنه وعلى عكس HDR10 مع البيانات الوصفية الثابتة static metadata، تقدم تقنية Dolby Vision تنفيذ البيانات الوصفية الديناميكية dynamic metadata ، وهو ما يتسبب في تنظيم السطوع لكل مشهد على حده ، ويوفر بدوره تجربة مشاهدة أكثر جاذبية بشكل عام .... لذا تُخطط كل من Samsung و Amazon Video لمعالجة هذا الأمر عبر تنسيق HDR + الخاص بهما ، وهو ديناميكي وخالي من حقوق الملكية ، وقد بدأ ببطء في الانتشار بين منشئي المحتوى والشاشات... هذا وتتضمن تنسيقات HDR الأخرى كل من Advanced HDR بواسطة Technicolor و HLG (Hybrid Log-Gamma) بواسطة BBC و YouTube. ومع ذلك ، سنركز هنا على معيار HDR10 المفتوح المصدر.

[caption id="attachment_341726" align="aligncenter" width="728"]تقنيات العرض (الجزء الثاني) التدرج اللوني والمجال الديناميكي الواسع يمكنك ملاحظة الفوارق في الألوان في التقنيات المختلفة للمجال الديناميكي كما في الصورة، حيث يستخدم كل منها تدرج لوني مختلف.[/caption]

معيار Ultra HD Premium

وفقًا لإتحاد Ultra HD Alliance ، يجب أن تدعم الشاشة مواصفات العرض التالية للحصول على أفضل تجربة مشاهدة HDR :

ما لا يقل عن 1000 شمعة سطوع ذروة ومستوى أسود 0.05 شمعة أو أقل، أو ما لا يقل عن 20000: 1 نسبة التباين ( هذه الموصافات هي المطلوبة لشاشات LCD).

ما لا يقل عن 540 شمعة سطوع ذروة ومستوى أسود 0.0005 شمعة أو أقل، أو على الأقل 1،080،000: 1 نسبة التباين (لشاشات OLED)

دقة عرض 4K Ultra HD: 3840 × 2160

دعم ألوان 10 بت مع تغطية مساحة ألوان DCI-P3 على الأقل بنسبة 90٪ (125٪ sRGB)

دعم إصدار HDMI 2.0

لذلك وبالنظر لكل هذه المواصفات الموجودة في الأعلى، يمكننا ببساطة إكتشاف أن معظم الشاشات لا تُلبّي أصلاً متطلبات المعيار، سواء كانت أجهزة تلفزيون أو شاشات ، لذا فهي توفر دعم HDR محدودًا فقط... وعلى كل حال، ولضمان حصولك على شاشة داعمة لمعيار HDR بشكل جيد ، ابحث عن شعار Ultra HD Premium (الموضح في الصورة أدناه) ، والذي يضمن أن الشاشة على الأقل معتمدة من قبل إتحاد UltraHD Alliance.

تقنيات العرض (الجزء الثاني) التدرج اللوني والمجال الديناميكي الواسع

معايير DisplayHDR بواسطة VESA

ولحل هذه المعضلة ، وفي ديسمبر 2017 ، حددت VESA (جمعية معايير إلكترونيات الفيديو) معايير HDR جديدة. حيث تنقسم شهادات DisplayHDR إلى خمس مجموعات (DisplayHDR)  لشاشات LED بالإضافة إلى مجموعتين (DisplayHDR True Black) لشاشات OLED اعتمادًا على مستوى الجودة.  وبهذه الطريقة ، ستعرف بدقة ما تتضمنه مواصفات HDR الخاصة بشاشتك من حيث جودة الأداء بدلاً من الاعتماد على شعارات مثل "متوافق / متوافق مع  HDR" والتسميات المماثلة من قبل بعض الشركات المصنعة للشاشات.

وعلاوة على ذلك ، يمكنك أيضاً تنزيل برنامج DisplayHDR الحصري وإجراء اختبارات لمجموعة الألوان المحددة ، ذروة السطوع ، والتباين بنفسك لمعرفة أين تقع شاشتك بالتحديد. لاحظ أيضاً أن الشاشات التي لا تحتوي على أي من الشهادات المذكورة أدناه ، ولكن تم تصنيفها على أنها "متوافقة مع  HDR" يمكنها فقط قبول إشارة HDR10 و "محاكاة" جودة صورة HDR  بشكل أساسي من خلال التلاعب البرمجي، لإخراج صور تُشبه تلك التي توفرها تقنيات HDR، ولكنها ليست حقيقية بالطبع، لذلك يُشار إلى ذلك باسم HDR الزائف أو "المزيف" ، ويمكن تجاهله بشكل أساسي في معظم الأوقات.

كما ترى في الصورة أدناه ، فإن شهادة DisplayHDR 400 للمبتدئين هي الشهادة الوحيدة التي لا تتطلب من الشاشة أن يكون لها نطاق لوني واسع أو تعتيم محلي ، وهذا هو السبب في أنها لا تحمل الكثير من المعنى، ولا يمكننا إعتبارها تدعم HDR بشكل فعلي.... فبالمقارنة مع شاشة عادية غير داعمة لتقنية HDR ، فإن الشاشة المعتمدة من HDR400 لديها ذروة سطوع أعلى فقط والقدرة على قبول إشارة  HDR كمستقبل.  لذلك ، لن تحتوي صورة HDR على ألوان أو تباين محسنين ، بل مجرد ذروة سطوع أعلى ، والتي ينتج عنها في معظم الحالات صورة باهتة فقط.

تقنيات العرض (الجزء الثاني) التدرج اللوني والمجال الديناميكي الواسع

ولكن الجدير بالذكر هنا هو أن بعض شاشات HDR400 تحتوي على نطاق لوني كامل ، لذا فهي تقدم جودة صورة HDR أفضل قليلاً على الأقل. لذا فبشكل أساسي ، رؤية أن الشاشة التي ستمتلكها حاصلة على شهادة DisplayHDR 400 لا يكفي ، حيث سيتعين عليك إلقاء نظرة على التدرج اللوني أيضًا، لمعرفة ما إذا كانت ستُقدّم لك فائدة حقيقية أم لا.

وعلى كل حال، يمكنك النظر للقائمة الموجودة في هذا الرابط، والذي يتواجد فيها جميع شاشات HDR حيث تم تقسيم الشاشات إلى ثلاث مجموعات : تلك التي تحتوي على HDR حقيقي ، و HDR محدود ، و HDR محاكى بالبرمجيات فقط.

التعتيم المحلي للصورة

أحد الفوائد أو الوظائف الأساسية للمجال الديناميكي الواسع HDR كما أشرنا في البداية، هي الإستفادة من التدرج اللوني الكامل للشاشات. ويحدث هذا بشكل عملي عن طريق التعديل في نسب التباين والسطوع الخاص بالشاشة أو الصور، وهذا كما رأينا يتضح في المواصفات المطلوبة لدعم HDR، حيث أنها جميعاً في حال لاحظت ذلك تتطلب نسباً مرتفعة من السطوع.

لذا وللحصول على جودة صورة HDR ملحوظة ، ستحتاج على سبيل المثال مع الشاشات التي تعمل بإضاءة خلفية LED إلى نوع من التعتيم المحلي ، وهو أمر ضروري للحصول على شهادة DisplayHDR 500  على الأقل وما بعدها.  والمقصود بالتعتيم المحلي هذا هو قدرة الشاشة على تغير السطوع الخاص ببعض النقاط أو البيكسلات الموجودة عليها للحصول على درجات أوسع من الألوان، أو تباين أعلى (التباين هو التفاوت في درجات الألوان، فعلى سبيل المثال الصور التي تتمتع بنسب تباين أعلى ستُلاحظ أن الألوان الخاصة بها تتفاوت في درجة الوضوح حسب الإضاءة المُسلّطة عليها. فأوراق الشجر التي تقابل ضوء الشمس مثلاً تتمتع بدرجة ألوان أفتح بشكل واضح من تلك التي في الظل، وهكذا) .

تقنيات العرض (الجزء الثاني) : التدرج اللوني والمجال الديناميكي الواسع

وعلى كل حال، تستخدم شاشات LED القياسية التعتيم الشامل (حيث أنها لا تحتوي على تعتيم محلي) ، مما يعني أنه عندما تحتاج الصورة أو حتى بعض المناطق في الصورة إلى أن تكون أكثر قتامة ، فإن الشاشة بأكملها ستصبح باهتة.  لذلك، فيمكن للشاشات ذات التعتيم الموضعي أو المحلي فقط تعتيم أجزاء الشاشة التي يجب أن تكون مظلمة دون التأثير على باقي الأجزاء الساطعة من الصورة، وبالتالي ستزيد نسبة التباين في الشاشة بشكل فعال.

ومن الناحية العتادية، فهناك نوعان من شاشات التي تدعم التعتيم المحلي : النوع الأول هو الشاشات المضاءة عند الحواف (edge-lit) و الشاشات المضاءة مباشرة مع نظام تعتيم محلي كامل الصفوف  (FALD) أو full-array local dimming .

تحتوي شاشات FALD على العديد من مناطق التعتيم التي يمكن التحكم فيها بشكل فردي والتي تنتشر عبر لوحة الشاشة بأكملها ، والتي يمكن أن تحسن جودة الصورة بشكل كبير حيث أنها تتحكم في عدد أكبر من النقاط على الشاشة.  ومع ذلك ، فإن تطبيق FALD مكلف للغاية ، وهو متاح فقط في الشاشات المتطورة مثل ASUS PG27UQ و Acer Predator X35، وهي شاشات باهظة الثمن.

وعموماً فهذا النوع من التعتيم المحلي FALD ليس مطلوبًا على الورق للحصول على تجربة عرض HDR "حقيقية "وفقًا لـ UHD Alliance و  VESA" ، لكنها في الحقيقة تبرز جودة صورة HDR  حقًا....لذا وللتغلب على هذه التكلفة، يلجأ أغلب مصنّعوا الشاشات للنوع الثاني في التعتيم. حيث تحتوي الشاشات المضاءة بالحواف edge-lit على مناطق تعتيم أقل في اليسار / اليمين أو أعلى / أسفل الشاشة (أي عند الحواف) ، ولكن لا يزال بإمكانها توفير نسبة تباين أفضل مقارنةً بالشاشات القياسية ذات التعتيم الشامل. حيث أن هذه الشاشات أرخص بكثير من شاشات  FALDباهظة الثمن.

تقنية HDR والألعاب !!

تقدم كل من منصات الألعاب المنزلية وأجهزة الكمبيوتر العديد من العناوين المتوافقة مع معيار  HDR. ومع ذلك ، عندما يتعلق الأمر بألعاب HDR للكمبيوتر الشخصي ، لا تزال هناك العديد من الصعوبات ، حيث أن معظم البرامج ليست جاهزة تمامًا لتقنية HDR. فعلى سبيل المثال ، يفرض نظام تشغيل Windows 10 تقنية HDR على كل شيء بمجرد تمكينه ، مما يجعل المحتوى الغير مُجهّز لتقنيةHDR  غير ممتع للنظر إليه ، على أقل تقدير. لذلك ، ستحتاج إلى تمكين تقنية HDR وتعطيلها يدويًا في كل مرة ، بناءً على ما تشاهده.

تقنيات العرض (الجزء الثاني) التدرج اللوني والمجال الديناميكي الواسع

تقنياتFreeSync Premium Pro و G-SYNC Ultimate

عند شراء شاشة ألعاب جديدة ، سيختار معظم الأشخاص شاشة مزودة بتقنية معدل التحديث المتغير (VRR) ، والتي تحمل العلامة التجارية "FreeSync" و "FreeSync Premium" بواسطة AMD أو "G-SYNC Compatible" و "G-SYNC" بواسطة NVIDIA. ولكن الجدير بالذكر هنا هو أنه لا يمكن لجميع شاشات FreeSync / G-SYNC المزودة بتقنية HDR تشغيل كل من VRR و HDR في نفس الوقت.  لذلك وللحصول على أفضل تجربة ألعاب HDR ، ابحث عن شاشات الألعاب المزودة بتقنية AMD FreeSync Premium Pro أو NVIDIA G-SYNC Ultimate ، والتي تسمح بتشغيل HDR و VRR في نفس الوقت دون إضافة أي تأخير ملحوظ في الإدخال.input lag

هناك استثناءات ، على الرغم من ذلك ، مثل شاشة Aorus AD27QD و Philips 436M6VBPAB ، والتي تتمتع بتقنية FreeSync العادية من الجيل الأول ولكن يمكنها تشغيل VRR و HDR  في نفس الوقت.  ومع ذلك ، فإن FreeSync Premium Pro يسمح لك أيضًا بالاستفادة من الألعاب المتوافقة من خلال ضمان التدرج اللوني الأمثل وتعيين درجة اللون بين الشاشة واللعبة بأفضل ما يكون...

تقنيات العرض (الجزء الثاني) : التدرج اللوني والمجال الديناميكي الواسع

هل تُريد المزيد من المعلومات ؟!

حسناً، إلى هنا ينتهي حديثنا اليوم عن تقنيات الألوان الأشهر في الشاشات ، والتي لا شك أنها ستؤثر بشكل كبير في تجربة الشاملة ، أو على اقل تقدير قد تُغير من وجهة نظرك نحو الشاشات الإحترافية فيما بعد. وعلى كل حال، وفي حال كنت تُريد المزيد من المعلومات عن المجال الديناميكي الواسع HDR ، فيمكنك الرجوع إلى هذا المقال القديم نسبياً، والذي كنت قد تحدثت فيه أيضاً عن المجال الديناميكي ببعض الإستفاضة....

لم تنتهي رحلتنا بعد عزيزي القارئ مع الشاشات، فمازال هناك المزيد من المصطلحات والمعلومات التي في جعبتنا لنشاركها معك، حتى تصبح على إدراك تام بما يدور حولك، لنرتقى معاً بالخلفية التقنية الخاصة بالمستخدم العربي في هذا النطاق، فلا تذهب بعيداً !....