عندما يقوم أحدنا في العادة بشراء حاسوب جديد، وخاصة في حال كان حاسوب مُخصص للألعاب، فغالباً ما يهتم بشكل كبير بسرعة معالجة البيانات الذي يستطيع هذا الحاسب الوصول إليها، وهو ما يجعل التركيز في الأغلب على المعالج والبطاقة الرسومية والذاكرة العشوائية، وما إلى ذلك من المكونات الخاصة بالكيس نفسه. ولكن الحاسوب في النهاية ليس هذا فحسب. وخاصة في حال كُنا نتكلم عن عتاد أو هاردوير للفئة العُليا أو حتى الفئة المتوسطة من المستخدمين.

لذا فالاهتمام بباقي القطع التي يتكون منها الحاسب لا يقل أهمية للحصول على أفضل تجربة لعب ممكنة على أرض الواقع. وأحد أهم هذه القطع المنسية هي الشاشة!. لذا سنقوم اليوم وغداً ، بأخذ جولة مع بعضنا البعض نتعرف فيها على بعض تقنيات العرض ، مثل زمن الإستجابة والطيف اللوني ومن ثم نُلقى نظرة على تقنية المجال الديناميكي الواسع HDR ، فهلّا بدأنا؟

ما هو زمن الإستجابة؟

من ناحية التعريف، فزمن الاستجابة يعني الزمن الذي يحتاج البكسل داخل شاشة الـ LCD اليه ليتحول من لون للون آخر مثل التحول مثلاً من اللون الأخضر للأحمر، أو لنقل من حالة التفعيل الكامل (اللون الأبيض) إلى حالة عدم التفعيل (اللون الأسود) ومن ثم الرجوع إلى حالة التفعيل مرة أُخرى (أي العودة للون الأبيض مرة أُخرى). وفي العادة كلما كان هذا الزمن أقل، كلما كانت الصورة أفضل من ناحية الجودة وأقل من ناحية التشويش أو الـGhosting.

تقنيات العرض (الجزء الأول) : زمن الإستجابة وزمن التأخير Input lag

ولعلك لاحظت قبل ذلك في مواصفات بعض الشاشات زمن إستجابة gtg أو grey to grey . وهذا في الحقيقة يعني زمن الإستجابة اللازم لتحول البيكسل من درجة من درجات اللون الرمادي لدرجة أُخرى، ونعم كما حذرت الآن يا صديقي، فهذا الزمن أقل كثيراً من الزمن اللازم للتحول من قطبي الألوان (أي من الأبيض بالكامل للأسود بالكامل). لذا فالشاشات التي تأتي بزمن إستجابة gtg ولكن 1 ملي ثانية تأتي بزمن إستجابة RGB أو white to black أكثر من ذلك.

الجدير بالذكر هُنا هو أن زمن الإستجابة قد يُسبب للبعض بعض الارتباك، حيث قد يخلط البعض بينه وبين معدل تحديث الشاشة. ولكن الفارق هنا بسيط في الحقيقة، فزمن الإستجابة يكون أفضل كلما كان أقل، في حين أن معدل التحديث يكون أفضل كلما كان أكثر. كما أن معدل التحديث يعني عدد المرات التي يتم فيها رسم الشاشة في الثانية الواحدة.

تقنيات العرض (الجزء الأول) : زمن الإستجابة وزمن التأخير Input lag

وعلى كل حال، فزمن الإستجابة يتم قياسه بالمللي ثانية، لذلك فالشاشة التي تأتي على سبيل المثال بزمن إستجابة 5 ملي ثانية 5ms يمكنها التحول من اللون الأبيض للأسود ومن ثم الرجوع للأبيض مرة أُخرى في 1/200 جزء من الثانية.

ما الذي يؤثر على زمن الإستجابة إذاً؟

تدعم أنواع لوحات شاشات الألعاب المختلفة أوقات استجابة متنوعة قليلاً ، على الرغم من أن التكنولوجيا المتقدمة قد ساعدت في تضييق الفجوات بين هذه اللوحات المختلفة...حيث تحدث أسرع أوقات استجابة على الشاشات التي تأتي مع لوحات TN ، والتي تُعد بشكل عام الأفضل للألعاب القائمة على الاستجابة السريعة. حيث تتمتع جميع الشاشات بلوحات TN بشكل أساسي بأوقات إستجابة 1 مللي ثانية في هذه الأيام ، وهذا هو السبب في أنها الوحيدة القادرة على الوصول لمعدلات تحديث 240 هرتز أيضًا.

وفي المقابل، فعادةً ما تأتي لوحات VA و IPS بسرعة استجابة 2 مللي ثانية وحتى 5 مللي ثانية (في الأغلب) ولكنها توفر ألوانًا وزوايا مشاهدة أفضل (قد نتحدث في مقال منفصل عن الفرق بين اللوحات الثلاثة).

لذا فمن الناحية العملية، تُنفذ لوحات TN أقل معالجة للبكسلات من بين أنواع اللوحات الرئيسية الثلاثة ، وهو ما يوضح سرعاتها العالية. وفي المقابل، تم تصميم لوحات VA و IPS لضمان ألواناً أفضل ، ولكن هذا يتطلب مزيدًا من المعالجة، وهو ما يعني تأخير أكثر. الجدير بالذكر هنا أن شاشات VA هي الحل الوسيط بين النوعين الآخرين، فهي تتمتع بأزمنة إستجابة متوسطة (أفضل من IPS وأقل قليلاً من TN) وجودة صورة وسيطة بين النوعين الأخرين.

ملحوظة : ضع في اعتبارك أنه فيزيائاً، فكلما كانت الشاشة أكبر ، كان وقت الاستجابة أبطأ. وبالمثل ، كلما زادت الدقة كانت الاستجابة أبطأ. حيث أن الشاشات الأكبر تعني أن الإشارات يجب أن تنتقل بعيدًا عن مصادر الطاقة ومصدر المعالجة الرئيسية للشاشة. وبالمثل فالدقة الأعلى تعني مزيدًا من وحدات البكسل للتحديث. ولكن، وبفضل التكنولوجيا الحديثة اليوم والتي وصلت لأفضل من أي وقت مضى ، فإن الشاشات الحالية جيدة جدًا في التغلب على هذه العقبات. فمن الناحية الفعلية ، لا يوجد فرق تقريبًا هذه الأيام بين الشاشات مقاس 24 بوصة و 32 بوصة ، كما أن أداء الشاشات بدقة 4K يضاهي سرعة الشاشات بدقة 1080 بكسل.

هل الأقل هو الأفضل دائماً ؟!

نعم و لا. فمثل معدل التحديث (والذي يعتمد بشكل ما على زمن الإستجابة) ، سيختلف وقت الاستجابة اعتمادًا على الشركة المصنعة ونوع الشاشة التي ستحصل عليها.  ففي العادة يريد اللاعبون بشكل أساسي أقل وقت استجابة ممكن للحصول على تجربة لعب مثالية، وتكون الشاشات التي تأتي مع زمن إستجابة يبلغ 1 مللي ثانية شائعة ، لا سيما في الرياضات الإلكترونية. ولكن ما لا تريده أثناء ممارسة هذه الألعاب هو أن ظلال الصور تتداخل مع تجربتك. فأنت تُريد الصورة الأكثر حدة التي يمكنك الحصول عليها.

الجدير بالذكر أن هناك بعض شاشات الألعاب الرائعة وغير المكلفة مع وقت استجابة منخفض ، مثل LG 24GL600Fعلى سبيل المثال. حيث ستُكلّفك أقل من 200 دولار ، ولها وقت استجابة 1 مللي ثانية ، ومعدل تحديث قدره 144 هرتز ، وهي شاشة متعددة الاستخدامات وتصلح لأجهزة الكمبيوتر ومنصات الألعاب المنزلية.

تقنيات العرض (الجزء الأول) : زمن الإستجابة وزمن التأخير Input lag

ولكن وقت الاستجابة ليس سوى ميزة واحدة يجب مراعاتها عند شراء الشاشة. ففي حال كُنت قد لاحظت عزيزي القارئ، فدائما ما يتم الإعلان عن تقنيتان أُخرتان وهما مُعدل التحديث وزمن التأخير الخاص بالإدخال أو Input lag. وقد تحدثنا بالفعل عن معدل التحديث في مقالات عدة سابقة مثل هذا المقال مثلاً، لكن زمن تأخر الإدخال هو شيء آخر مهم للغاية، ويجب عدم الخلط بينه وبين أي من هذه التقنيات أو المواصفات الأُخرى.

فما هو زمن تأخر الإدخال Input lag أو latency؟

لسوء الحظ ، لا يزال أداء شاشتك يعتمد بشكل كبير على حسب الشركة المصنعة التي تنتج هذه الشاشة، فأنت تحت رحمة هذه الشركات التي تُنتج الشاشات حسب جودتها وجودة المكونات التي يتم تصنيعها منها. فمن الناحية النظرية ، يجب أن تكون أوقات الاستجابة المنخفضة دائمًا أفضل وتقلل من ظلال الصورة أو الـ ghosting. ولكن سيظل نوع اللوحة المستخدمة وجودتها من العوامل المؤثرة بشكل كبير. حيث ستظل الشاشة السيئة سيئة.

وعلى كل حال، لابد لنا من أن نُشير إلى الفرق بين وقت الاستجابة وزمن تأخر الإدخال، حيث أن البعض قد يخلط بينهما بدون قصد. فوقت الاستجابة هو مدى سرعة عرض الصورة ؛ أما زمن تأخر الإدخال هو المدة التي تستغرقها الشاشة لتتفاعل مع الأوامر التي قُمت بها من جانبك أنت مثل حركة الفأرة أو ضغطة الزر على لوحة المفاتيح... فعلى سبيل المثال، إذا كان لديك وقت استجابة يبلغ مللي ثانية واحدة فقط، فلا يوجد ضمان لتجربة لعب رائعة إذا كان زمن تأخر الإدخال مرتفعًا بشكل كبير.

ويظهر هذا بشكل واضح في الألعاب التنافسية. فتخيل على سبيل المثال أنك تلعب لعبة إطلاق نار تنافسية مثل CS: GO أو Call of Duty. ولديك وقت استجابة منخفض للصور مع وضوح مرتفع وصور خالية من التشبح ghosting، ولكن إذا قمت بتحريك الماوس أو وحدة التحكم الخاصة بك كان هناك تأخير ملحوظ بين هذه الحركة وما يحدث في اللعبة نفسها. فهذا ببساطة يعني أنك تُعاني من زمن تأخر كبير في الإدخال ، وهو ما يعني بدوره أنك ستحصل على تجربة لعب ملوثة.

ما الذي يؤثر في زمن تأخر الإدخال أو Input lag؟

القاعدة العامة هنا ستكون التالي : زمن تأخر الإدخال يعتمد على ....... كل شيء !!

ولكي أكون مُنصفاً، فزمن تأخر الإدخال لا علاقة له بشكل كامل بالشاشة نفسها، ولكنه يعتمد على عدة عوامل أُخرى، بداية من ضغطة الزر ومروراً بالرحلة كاملة حتى الشاشة. فعلى سبيل المثال، الإشارات القادمة من لوحة المفاتيح والفأرة اللاسلكية تستغرق وقتاً أطول للوصول إلى الحاسب من نظيراتها السلكية. وبالمثل، فالوصلات التي تصل بين صندوق الحاسب والشاشة نفسها لها دور في ذلك. فوصلات HDMI و DisplayPort في المجمل العام لديها نفس السرعة تقريباً وهي سرعة الضوء. لذا فإن الكابلات ليست مشكلة رئيسية ، لكنها خطوة.

المرحلة التالية هنا هي عملية المعالجة للصورة داخل الشاشة، حيث تحتوي كل شاشة على وحدات معالجة تقبل الإشارات وتعمل على تحديث الشاشة. وبالتالي ، فإن الدوائر الداخلية للشاشة تسبب تأخرًا هي الأُخرى. أحد العوامل المؤثر أيضاً في زمن الوصول هو وقت الاستجابة كما ذكرنا أعلاه. والعلاقة هنا تتلخص في أن الشاشة تقوم بالحصول على إشارة ، ومعالجة تلك الإشارة ، ثم تغيير وحدات البكسل الخاصة بها للمشهد الجديد (هذا التغير في الصورة يعتمد بشكل ما على زمن الإستجابة كما أشرنا، حيث أن المشهد الجديد يعني ألواناً جديدة) ، لذا فمن الواضح أنها تُضيف أيضاً لزمن تأخر الإدخال.

تقنيات العرض (الجزء الأول) : زمن الإستجابة وزمن التأخير Input lag

كما ذكرنا في البداية، فأي معالجة للصور يتم إجراؤها على شاشتك تزيد من زمن الوصول. حتى إذا كان وقت الاستجابة الأساسي 1 مللي ثانية. فهل يجب على الشاشة إضافة تحسينات مثل HDR والسطوع / التباين الديناميكي وشحذ الحواف والتعتيم المحلي وما إلى ذلك ؟!. حسنًا ، سيزداد زمن تأخر الإدخال. هل تذكر القاعدة الأساسية التي ذكرناها للتو ؟ : فأي معالجة زائدة للصور تعني تأخر أكثر .

ولهذا السبب بالنسبة للألعاب التي يكون زمن التأخير فيها مؤثراً للغاية (مثل الألعاب التنافسية مثلاً)، توصي الشركات المصنعة عادة باستخدام وضع الكمبيوتر الشخصي PC Mode أو وضع الألعاب Gaming Mode. حيث تقوم مثل هذه الأوضاع بإيقاف تشغيل معظم تقنيات معالجة الصور لإبقائك قريبًا من وقت الاستجابة الأصلي للشاشة.

ولكن كيف يمكننا قياس زمن تأخر الإدخال؟

بالميلي ثانية أيضًا ، ولكنه أكثر بكثير من وقت الاستجابة. بعض الشاشات الجيدة حقًا مثل شاشة BenQ EL2870U ، وشاشة 4K HDR EW3270U ، وشاشة ألعاب 144 هرتز EX2780Q تعمل بسرعة تتراوح بين 9 مللي ثانية إلى 10 مللي ثانية بناءً على تقييمات مواقع المراجعات، لكن المتوسط ​​الخاص بالشاشات بشكل عام يتراوح ما بين 15 مللي ثانية و 22 مللي ثانية لشاشات الألعاب النموذجية وتلفزيونات الألعاب.

وبشكل عام، يجب عليك ألّا تُعاني من أية مشكلات أو آثار سلبية مع أرقام الكمون هذه ، وستشعر بأن ألعابك تتمتع باستجابة ممتازة. حيث يبدأ الأشخاص في ملاحظة مشكلات المزامنة فقط عندما يتجاوز زمن التأخير 40 مللي ثانية أو نحو ذلك. بحيث يكون أي شيء يزيد عن 50 مللي ثانية الأساس هي تجربة لعب غير مقبولة . لا تضحك ، فالكثير من الشاشات وأجهزة التلفاز الرخيصة تقدم أداءً أبطأ من ذلك ، مما يؤدي إلى تدمير تجربة الألعاب تمامًا.

ما الحل إذاً؟

من الناحية المثالية ومما سبق وذكرناه اليوم، فأنت كمستخدم تُريد توازنًا بين ثلاثة أشياء في شاشة الألعاب : وهو وقت الإستجابة المنخفض ، ومعدل التحديث المرتفع ، وزمن تأخر إدخال منخفض... بالتأكيد الوضع قد يكون مختلف قليلاً بالنسبة للبعض. فعلى سبيل المثال، لا يجب أن يهتم لاعبو منصات الألعاب بمعدل التحديث في الوقت الحالي حيث أن البطاقات الرسومية لديهم لن تستطيع الوصول لمعدلات التحديث المرتفعة لأنها لا تستطيع الوصول إلى أعداد إطارات كبيرة للغاية مع دقات العرض المرتفعة مع الألعاب الأكثر تطلباً. ولكن شاشة الألعاب الجيدة مثل LG 24GL600F التي توفر معدل استجابة يبلغ 1 مللي ثانية للحصول على صور عالية الجودة وزمن تأخر إدخال منخفض وستتعامل مع ألعاب منصات الألعاب بسهولة.

وعلى النقيض في المقابل، لدى لاعبي أجهزة الكمبيوتر الكثير من الأمور التي يجب مراعاتها ، فبالرغم من أن البعض قد لا يحتاج إلى معدلات التحيث المرتفعة (خاصة هؤلاء الذين يُفضلون ألعاب الـ AAA بدلاً من الرياضات الإلكترونية) فخياراتهم قد تكون أقل حدة من ناحية الأسعار. ولكن في حال كنت  تستهدف معدلات الإطارات العالية وهو ما يعني بدوره معدلات تحديث أعلى، فهناك الكثير من الخيارات الآن ، مع وجود شاشات ذات معدلات تحديث عالية أكثر شيوعًا من أي وقت مضى، والذي يأتي الكثير منها أيضًا بوقت استجابة أقل من 5 مللي ثانية أو أقل.

ولذلك فمن الأفضل لك كمستخدم البحث عن الشاشات المتوازنة والتي تغطي ترسانة من المميزات التي ذكرناها وسنذكرها، للحصول على أفضل تجربة ممكنة. فزمن الإستجابة وزمن تأخير الإدخال كما أشرنا ما هما إلا خاصيتين من مجموعة كبيرة من الخواص والمميزات التي توفر في النهاية تجربة اللعب الأفضل لك كمستخدم. كما هو الحال مع  الطيف اللوني وتقنية HDR اللتان تؤثران بشكل كبير على جودة الألوان التي يتم عرضها على الشاشة، فما هما وكيف تعملان ؟ هذا ما سنعرفه ولكن ليس اليوم !!.