
بالأرقام الألعاب الآن أصبحت الملك المتوج على عرش صناعات الترفيه؟!
لفترة زمنية طويلة جداً عندما كنا نتحدث عن صناعة الترفيه كان على الفور ينصرف ذهننا إلى صناعة الأفلام أو الموسيقى، وكان من الصعب جداً أن يضيف أحد صناعة الألعاب ضمن وسائل الترفيه الأساسية في الحياة.
بعد ذلك انتشرت صناعة الالعاب بشكل أكبر مكنها من حجز مكان ضمن وسائل الترفيه ولكن هذا المكان كان يأتي بعد مجموعة من الوسائل الترفيهية الأكثر انتشاراً مثل الأفلام السينمائية أو الموسيقى والأغاني.
لكن في الآونة الأخيرة حدث تحول كبير وأصبحت صناعة الألعاب على قمة الوسائل الترفيهية وبفارق كبير جداً عن باقي الوسائل مثل الأفلام والأغاني.
"كيف تم هذا التحول الهام جداً، وما هي النتائج التي قد يعكسها على الأنظمة الاقتصادية؟، حسنا لا تقلق سنجيبك عن هذه التساؤلات في هذا المقال"
أرقام يجب ذكرها.
قبل البدء في عرض أي وجهات نظر يجب أولاً أن نعرض مجموعة من الأرقام الهامة جداً والتي تبين حجم صناعة الألعاب وكيف أصبحت تتحكم بزمام الأمور في الوقت الحالي.
بكل بساطة صناعة الألعاب أصبحت الآن تحقق أرباح وأرقام مالية أكبر من صناعة الموسيقى والأفلام السينمائية مجتمعين، فعند العودة إلى عام 2019 نجد أن صناعة الألعاب تمكنت من تحقيق عائدات مالية تقدر بـ 152 مليار دولار وشارك في هذه الأموال حوالي 2.5 مليار لاعب حول العالم.
أما الأفلام السينمائية في الـ Box Office العالمي فقد تمكنت من تحقيق عائدات مالية تقدر بـ 41.5 مليار دولار، بينما تمكنت الأغاني والانتاجات الموسيقية من تحقيق عائدات تصل إلى 20 مليار دولار.
لنأخذ الأمر بشكل أكثر تحديداً حيث نلاحظ أن الفيلم السينمائي Avengers: Endgame تمكن من تحقيق عائدات تقدر بحوالي 858 مليون دولار، وكذلك تمكن فيلم Avengers: Infinity War من تحقيق حوالي 768 مليون دولار.
بالطبع هذه الأفلام ناجحة جداً والارقام التي حققتها أرقام ضخمة بكل تأكيد ولكن على الرغم من النجاح الواسع والعريض لهذه الأفلام إلا أنهم لم يتمكنوا من تجاوز اللعبة الشهيرة Grand Theft Auto V حيث تمكنت اللعبة من تحقيق مليار دولار خلال أيام وبالطبع مازالت اللعبة حتى الآن تحقق مبيعات على الرغم من إصدارها في عام 2013.
"كما نرى الأرقام تؤكد هيمنة صناعة الالعاب على جميع وسائل الترفيه والأرقام تعلن ملك جديد متوج على عرش وسائل الترفيه بعد أن كانت الأفلام السينمائية الوسيلة رقم واحد طوال عقود طويلة"
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن كيف تمكنت صناعة الألعاب من الوصول إلى هذا المستوى من حيث الانتشار؟
الهواتف الذكية كلمة السر.
الجميع الآن أصبح يمتلك هاتف ذكي والهواتف الموجودة حالياً تختلف اختلاف كبير جداً عن الهواتف التي كانت موجودة في الماضي، حيث أصبحت الهواتف في الوقت الحالي تمتلك عتاد قوي جداً قد يفوق بعض أجهزة الحاسب الشخصي في بعض الأوقات.
بفضل التقدم التكنولوجي للهواتف الذكية أصبحت الآن قادرة على تشغيل برمجيات أكثر تعقيداً مثل الألعاب الضخمة التي تمتلك عناصر رسومية جيدة جداً وأسلوب لعب ممتع.
بالطبع الهاتف المحمول يتميز عن اجهزة الحاسب الشخصي من حيث الإتاحة حيث أن الجميع يمتلك الهاتف بشكل شخصي أي كل فرد داخل الأسرة يمتلك هاتف عكس الحاسب الشخصي أو منصات اللعب المنزلية.
بفضل الانتشار الواسع للهواتف الذكية وعناوين الألعاب الضخمة المتوافرة انتشرت ثقافة اللعب عبر الهاتف الذكي بشكل كبير جداً واستطاعت استقطاب جميع الفئات، الصغير والكبير أصبح الآن يلعب باستخدام الهاتف الذكي.
الهواتف الذكية تتميز أيضاً بسهولة الاستخدام، يمكنك في أي وقت إخراج هاتفك وبدء اللعب سواء كنت خارج المنزل، في المواصلات العامة أو حتى تستمتع بوجبتك.
أيضاً معظم الألعاب الموجودة على الهواتف الذكية موجودة بشكل مجاني ويمكن الحصول عليها بسهولة لتوافرها على المتاجر الخاصة بهذه الهواتف سواء Google Play أو App Store.
بفضل الهواتف الذكية أصبحت الألعاب الإلكترونية أمر شائع جداً بعد أن كانت مقتصرة على صغار السن وفئة محدودة جداً من الشباب الذين كانوا يتعرضون للتنمر لأن هوايتهم كانت خاصة جداً وغير منتشرة.
لا يمكن الاستخفاف بألعاب الهواتف بأي شكل من الأشكال حيث أن ألعاب الهاتف أصبحت الأن هي صاحبة الإيرادات الأعلى في عالم صناعة الألعاب، على سبيل المثال تمكنت ألعاب الهاتف الذكي من تحقيق مبيعات تقدر 68.5 مليار دولار خلال عام 2019 وهذه الأرقام أزيد بنسبة 10% عن مبيعات عام 2018
مبيعات الألعاب على الهواتف الذكية تحلق بعيداً حتى عن باقي مبيعات الألعاب حيث أن ألعاب المنصات المنزلية تمكنت من تحقيق مبيعات تقدر بحوالي 48 مليار دولار خلال العام الماضي، بينما تمكنت منصة الحاسب الشخصي من تحقيق مبيعات تقدر بحوالي 35.7 مليار دولار.
"بسبب هذه المبيعات يعتقد بعض الخبراء أن ألعاب الهواتف الذكية سوف تستحوذ على نسبة 59% من إجمالي مبيعات الالعاب بحلول عام 2021".
ألعاب الرياضات الإلكترونية.
شبكة الإنترنت شهدت الكثير من التطوير وأصبحت الآن تمتلك سرعات فائقة وبالطبع كان لها دور كبير في صناعة الالعاب حيث ظهرت الألعاب التنافسية PVP وأصبح الآن بإمكان اللاعبين تجميع فريقهم الخاص لمواجهة فريق آخر عبر شبكة الإنترنت.
الأمر تطور بشكل كبير جداً مع لعبة League of legends من تطوير شركة Riot Games حيث تمكنت اللعبة من تكوين قاعدة جماهيرية عريضة جداً وأصبح لها معجبين من كل أنحاء العالم وحتى الآن مازالت لعبة League of Legends تمتلك القاعدة الجماهيرية الأكبر بين الألعاب على مستوى العالم.
بعد النجاح الكبير الذي حققته فئة ألعاب الـ PVP بدأت الشركات تأخذ الأمر إلى مستوى جديد تماماً، حيث بدأت في تنظيم بطولات عالمية يشترك فيها اللاعبين من جميع أنحاء العالم مع جوائز مالية تقدر بالملايين.
المسابقات الأن أصبحت تقام في مسارح تضاهي ملاعب كرة القدم وأصبحت هذه البطولات تحظى بمشاهدين لا يقلون عن متابعي كرة القدم أو أي رياضة أخرى وظهر لدينا الجملة المعروفة جداً "الرياضات الإلكترونية".
يوجد الآن فرق منظمة تعمل فقط في مجال الرياضات الإلكترونية وشغلهم الشاغل التدرب على الألعاب بشكل مستمر والأمر ليس بهذه البساطة حيث أن هؤلاء اللاعبين وصلوا إلى مستوى عالي جداً من الاحترافية يبهر أي مشاهد بل ويدخل في الأمر جزء كبير من العلوم مثل الاحصاء والفيزياء.
لا ننسى أيضاً إصدار ألعاب الباتل رويال والتي أعطت دفعة كبيرة جداً للرياضات الإلكترونية وخصوصاً لعبة Fortnite، وجدير بالذكر أن ألعاب الباتل رويال هي أيضاً التي أعطت دفعة كبيرة جداً لألعاب الهواتف الذكية وخصوصاً لعبة PUBG Mobile التي أصبحت هوس عند فئة كبيرة جداً من الأشخاص.
قنوات الـ Youtube:
قنوات الـ Youtube أصبحت في الوقت الحالي سمة عصرية حيث يوجد مجموعة من القنوات في أي مجال تريد أن تتخيله، أي معلومة في أي حقل تحتاج إلى معرفتها ستجد لها أكثر من قناة تخصصية.
بالطبع مجال الألعاب كان أول المجالات التي حظت بقنوات اليوتيوب حيث تعرض هذه القنوات أحدث الألعاب وكيفية لعبها وبالطبع يتابع هذه القنوات أعداد كبيرة من المشاهدين ويمكنك تخيل أعداد الأشخاص الذين يتحمسون تجاه لعبة معينة بسبب مشاهدتهم لمقاطع لها على قنوات اليوتيوب.
أيضاً مجانية اليوتيوب مكنت الأشخاص من الوصول إلى المحتوى بشكل سريع ومتزامن مع إطلاق العناوين الجديدة بل وحتى قبل إصدارها وبالطبع لا ننسى دور المراجعين والمقيمين الذي ساعدوا على فرز محتوى اللعب مما أجبر شركات الألعاب على تقديم محتوى جيد وبالطبع جودة المحتوى انعكست على الصناعة برمتها.
وسائل التواصل الاجتماعي السلاح الدعائي الجديد.
لفترة طويلة جداً كانت صناعة الألعاب تعاني بسبب غياب المنصات الدعائية التي تمكنها من الترويج لمنتجاتها بسهولة، فقد كان الأمر يقتصر على بعض المجلات الورقية المهتمة بمجال التقنية عموماً وبالطبع هذه المجلات لم تكن كافية خصوصاً وأنها تخاطب شريحة محددة جداً ولا تستقطب شرائح جديدة.
لكن الآن اختلف الوضع تماماً مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك و تويتر وأصبح الغالبية العظمى يمتلك حساب على أحد الوسائل، الأمر الذي مكن شركات الألعاب من عرض منتجاتهم وترويجها بشكل أكثر عملية وأصبحت الشركات قادرة على استقطاب شرائح جديدة من اللاعبين ومعرفة استطلاعات الرأي وتوجهات اللاعبين بكل سهولة وبدون عناء.
الخلاصة.
صناعة الألعاب تطورت بشكل كبير جداً وهي الآن على قمة وسائل الترفيه وهذا الأمر لم يأتي من فراغ بل جاء بعد الكثير من الابتكار والإبداع في هذا المجال والمعقد.
لا تنسى أن تشاركنا رأيك عزيزي القارئ حول الأسباب التي تعتقد أنها كانت السبب في تقلد صناعة الالعاب عرش صناعة الترفيه.