يعرض في صالات السينما هذا الشهر فيلم No Time To Die حيث يتوق الكثير من عشاق أفلام الجاسوسية وشخصية جيمس بوند رؤية أدواته البارعة التي يعتمد عليها لإنقاذه من المواقف الخطرة التي يتعرض لها، لكن هل يستخدم الجاسوس الأمهر في العالم بالفعل أفضل التقنيات لإنجاز المهمة.

قبل أن نتطرق إلى ما يجب أن يستخدمه الجاسوس الشهير في الحياة الواقعية، دعنا نُلقي نظرة على ما استخدمه بوند في أحدث فيلم له، ظهر في الفيلم هواتف Nokia 3310  و Nokia 7.2 و Nokia 8.3 5G وجاءت تواريخ إطلاق هذه الهواتف في عام 2000 وسبتمبر 2019 وأكتوبر 2020 على التوالي.

لماذا هواتف نوكيا؟

إذا نظرنا إلى أبعد من العلاقة الغير متجانسة بين هواتف نوكيا والجاسوس البريطاني الشهير سوف نلاحظ أن العلامة التجارية التي فقدت بريقها استحوذت على 0.7 % فقط من سوق الهواتف الذكية في الربع الرابع من العام الماضي 2020، لماذا يستخدم الجاسوس الشهير هواتف نوكيا التي فقدت بريقها وقوتها وأمانها وشهرتها.

جيمس هادلي، الرئيس التنفيذي ومؤسس Immersive Labs وهي عبارة عن منصة للتدريب على الأمن السيبراني والمهارات وكان سابقًا في مقر الاتصالات الحكومية في المملكة المتحدة يقول عن خيارات جيمس بوند للهواتف الذكية التي يجب استخدامها "إذا حصل بوند على هاتف أندرويد أقدم، فعليه التحقق من تحديث نظام التشغيل لمنع حدوث ثغرات أمنية جديدة في النظام" .

ومع ذلك يرى هادلي مزايا في الهواتف القديمة لكنها ليست عملية بالنسبة لجاسوس يعيش في وقتنا الحالي حيث يقول "هناك بعض الأشخاص الذين يعتقدون أن استخدام الهواتف الغبية (يقصد بها الهواتف القديمة قبل ظهور الهواتف الذكية) التي لا تعتمد على البرامج، يجعلها أكثر أمانًا. ولكن هذا من شأنه أن يحد من قدرة بوند على استخدام حتى أبسط تطبيقات الإنترنت."

بالنسبة إلى هذه الهواتف القديمة، يتعلق الأمر بإعدادها لكي تكون أقل عرضة للإختراق. كما يقول هادلي، حيث تعتبر تلك الهواتف الغبية، ذكية عندما يتعلق الأمر بالتهديدات الأمنية الحديثة ويوضح جاك مور خبير الأمن السيبراني في شركة أمن الإنترنت Eset الأمر كالتالي "عادةً ما تأتي الأجهزة القديمة مع المزيد من التهديدات الأمنية ولكن إذا تم إعداد الجهاز بشكل صحيح مع تحكم محدود للمستخدم وتعديلات مخصصة، عندئذٍ يمكن منع التتبع وتجنب المراقبة".

لماذا لا يستخدم جيمس بوند الآيفون؟

آيفون 11 برو ماكس

هل تعلمون أن أبل لا تسمح للأشخاص الذين يؤدون أدوار شريرة في السينما باستخدام أجهزتها، ومع ذلك، لن يكون الآيفون خيارًا جيدًا لـ 007. لأن "الهواتف التي لا يمكن تعقبها المزودة بوظائف مكافحة المراقبة ومنع الاعتراض وانتحال الموقع أمر لا بد منه لجيمس بوند.

يقول جاك مور إن الآيفون لن يكون قادرًا على تقديم ميزات مثل عدم التتبع أو تجنب الإختراق، فعلى الرغم من أن مستوى أمان الآيفون مثير للإعجاب بدرجة كافية للمستخدم العادي، ولكنه ليس كذلك مع وجود تهديدات مثل بيجاسوس، يجعل من الصعب على الجاسوس الشهير استخدام جهاز لأبل بأمان وثقة .

وبيجاسوس هو جزء من برنامج تجسس تابع لشركة لكيان الصهيوني NSO ويستطيع اختراق الآيفون وفعل أمور كثيرة من بينها، نسخ الرسائل وتسجيل المكالمات وحتى الوصول إلى الكاميرا وكانت أبل قد استجابت لمثل هذا التهديد الخطير عندما أطلقت تصحيحات لإصلاح الأخطاء التي يعتقد أن برنمج بيجاسوس قد استغلها.

يقول مور "لا شك في أن برنامج التجسس بيجاسوس سوف يستخدم من قبل الأعداء لاستهداف جيمس بوند إذا كان من مستخدمي الآيفون". أما هادلي فيقول "على الرغم من أن جهاز الآيفون قد يكون جيدًا لالتقاط صور للانفجارات ومطاردات السيارات فإن محاولة تنزيل ملفات سرية وحساسة يجب أن يتم بشكل مغلق ومن قبل فريق متخصص داخل شبكة آمنة".

ومع ذلك، هناك أيضًا ما هو أكثر من بيجاسوس، حيث أفاد تقرير حديث يبحث في المزيد من المخاوف المتعلقة بخبراء الأمن فيما يتعلق بنظام iOS، أن النظام البيئي المغلق الذي تعتمد عليه شركة أبل يقيد قدرة هؤلاء الخبراء الأمنين والمتخصصين على استخدام أدوات المراقبة وإجراء التحقيقات اللازمة للكشف عن نقاط الضعف والثغرات بالآيفون.

هذا يعني أن هواتف نوكيا لا تناسب جيمس بوند وأيضا أجهزة الآيفون عندما يتعلق الأمر باستخدام التكنولوجيا بشكل آمن في مغامراته السرية لأن الأمر يتعلق بأكثر من مجرد أجهزة. ويقول هادلي عن ما يجب على العملاء والجواسيس فعله عند التعامل مع المعلومات الآمنة "الطريقة الوحيدة المؤكدة بنسبة 100% هي إزالة التكنولوجيا تمامًا. لقد ثبت أن بعض الأهداف التي يصعب تتبعها هي التي تتم بعيد عن التكنولوجيا مثل كتابة رسالة ثم ركوب الدرجة وتوصيلها للمستلم، لهذا السبب أنا متأكد من أن جيمس بوند لديه شكوك صحية حول التكنولوجيا بشكل عام حيث يعمل على افتراض أن كل شيء رقمي يمكن اختراقه وتتبعه ومراقبته وقد ينطوي الاتصال بالإنترنت حتى باستخدام قديم وغبي على مخاطر".

وأضاف هادلي "لن يكون من الصعب على العدو بدء هجوم مزيف مثل "هجوم الرجل في المنتصف" ويقصد به إنشاء برج هاتف محمول لسرقة جميع البيانات أثناء عملية النقل وباختصار، مثل أي شيء في الأمن السيبراني، من المتوقع أن يوازن جيمس بوند بين المخاطر التكنولوجيا التي يريد استخدامها والنتائج المترتبة عليها".

آيفون 11 برو ماكس

على المستوى العملي، كما يقول هادلي، يمكن لأولئك الذين يتعاملون مع المعلومات الحساسة أن يتخذوا خطوتين رئيسيتين لحماية أنفسهم. بتحديث البرامج وكن على دراية بمحاولات الهندسة الاجتماعية واستفسر دائما عن جميع أشكال الاتصالات الإلكترونية  التي تطلب منك اتخاذ اجراء.

إذا كان لابد من إشراك الهواتف، فإن الاحتفاظ بالبيانات المهمة عند الحد الأدنى أمر حيوي. يقول مور "تساعد الكميات المحدودة من البيانات المتبقية على الجهاز في التخفيف من الاختراق باستخدام برامج الحذف أو التطبيقات المصممة خصيصًا للتدمير الذاتي للرسائل. والأفضل من ذلك، أن استخدام هذا مع الرسائل المشفرة سيكون الأفضل لضمان الخصوصية".

أما هادلي فيقول" "تتطلب المهارة الجيدة الابتعاد تمامًا عن استخدام الهواتف الذكية السائدة لتوصيل معلومات حساسة خوفًا من نقاط الضعف والثغرات في الأجهزة أو نظام التشغيل أو التطبيق أو مستوى الشبكة، فهناك هواتف آمنة تتميز بأشياء مثل اختيار نظام التشغيل أو إيقاف المفاتيح للاتصال بالشبكة والأجهزة الموجودة على الجهاز ولكن مرة أخرى، يمكن اختراق أي شيء ".

عندما يتعلق الأمر باختيار هاتف آمن، فإن أولئك الذين يتعاملون مع المعلومات الحساسة لديهم مجموعة من الخيارات. يذكر مور أن أفضل الخيارات هي عادةً الهواتف التي تعمل بنظام الأندرويد نظرًا للتحكم المعقد الذي يمكن للمرء أن يمتلكه على نظام التشغيل والوظائف.

هواتف رؤساء العالم

في عام 2013، نشرت صحيفة ذا جارديان تقريرًا عن هواتف زعماء العالم المفضلة وتمحورت بين آيفون 5 ومجموعة من هواتف بلاك بيري المشفرة إلى هواتف HTC المفضلة للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون لكن بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوضع كان مختلفا، حيث ظل متمسكا بالنهج البسيط المتمثل في عدم وجود هاتف محمول على الإطلاق. تم تزويد الرئيسين الفرنسيين السابقين، فرانسوا هولاند ونيكولا ساركوزي، بهواتف Teorem الآمنة وهي عبارة عن جهاز مشفر كبير يستغرق 30 ثانية للاتصال في بداية المكالمة، وهو يحمي المكالمات والرسائل النصية ويأتي مزودًا بمصباح لإعلام المستخدم عندما تكون المكالمة آمنة. والهاتف نفسه مصمم ليكون غير قابل للعبث أما بالنسبة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، استخدمت في عام 2013 هاتف نوكيا 6260 سلايد.

هل هناك هاتف آمن؟

بالنسبة إلى الهاتف الذي يعمل بنظام الأندرويد والذي يجب أن يستخدمه قادة العالم والجواسيس اليوم، هناك NitroPhone 1 وهو عبارة عن هاتف Pixel 4a معدل يستخدم نظام تشغيل يسمى GrapheneOS وتم التوصية به من قبل إدوارد سنودن حيث يركز الهاتف على الخصوصية والأمان ويتخلى NitroPhone 1 عن خدمات جوجل بينما يقدم التشفير ومفتاح القفل ورمز PIN ويمكن إزالة الميكروفونات وأجهزة استشعار لجعل التنصت عليك أمرًا مستحيلًا ماديًا حيث يتم إجراء المكالمات الهاتفية باستخدام سماعة رأس عادية كما تركز الخصوصية والأمان اللذين يوفرهما نظام GrapheneOS على استخدام وضع حماية للتطبيق لإنشاء حدود آمنة كحماية من الثغرات الأمنية بينما تهدف إلى عدم التأثير بشكل مفرط على تجربة المستخدم.

ولأنه يعمل على هاتف Pixel 4a، هذا يعني أن التحديثات الأمنية وإصلاحات الأخطاء لنظام GrapheneOS مضمونة فقط لمدة أقل من عامين بقليل مما يجعل هذا الجهاز غير مناسب لمن يتعامل مع المعلومات الحساسة بعد أغسطس 2023 وهذا يعني أن هاتف NitroPhone 1 ليس محصنا تماما ومع ذلك هناك خيارات بديلة أوصى بها هادلي مثل مثل Purism Librem 5 و BlackPhone 2 الذي يوفر أساليب مماثلة لحماية البيانات والخصوصية.

ووفقًا لهادلي، فإن كل هذه الإرشادات المتعلقة بالأجهزة والبرامج تكون عديمة الفائدة إذا كان المستخدم (في هذه الحالة يكون جيمس بوند) غير قادر على الالتزام بهذه التقنيات وتطبيقها ويقول هادلي "يمكنك الحصول على أكثر الإجراءات المضادة الإلكترونية المتقدمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتشفير وأجهزة الكمبيوتر الكمومية ولكن بدون معرفة الأمان السيبراني والمهارات والخبرة اللازمة، كل هذا لا طائل من ورائه. هناك سبب لامتلاك أفضل وكالات الاستخبارات في العالم لأفضل القدرات البشرية. بدون الشخص الخبير الذي يمتلك المعرفة والمهارة، كل شيء ينهار".