أشار المدير التنفيذي لشركة Nvidia السيد Jensen Huang أن استحواذ شركته على شركة ARM قد يستغرق مدة أكثر من الـ 18 شهراً التي كان مخطط لها في السابق. المدير التنفيذي لإنفيديا وحسب The Verge كشف أن عملية الاستحواذ قد تستغرق فترة أطول بسبب التواصل مع الجهات الحكومية المختلفة ولكنه واثق بأن العملية ستتم وأن تلك الجهات ستقدر فوائد هذه العملية.

عملية استحواذ Nvidia على ARM تعود للعام الماضي حيث أعلنت الشركة الأمريكية نيتها شراء شركة ARM من مالكها الحالي البنك الياباني Softbank في صفقة تقدر بحوالي 40 مليار دولار. الإعلان عن عملية الاستحواذ أثار ضجة كبيرة حينها كما أثار مخاوف كثيرة دعت حكومات بريطانيا, الصين والولايات المتحدة للتدخل في الأمر وعرقلته حتى هذه اللحظة.

الحكومة البريطانية من جهة ترى أن بيع شركة ARM قد يهدد أمنها القومي كونها أكبر شركة تقنية عاملة في مجال أشباه الموصلات. استحواذ إنفيديا على الشركة قد يعني خروجها من المملكة المتحدة وهو ما يراه مسؤولون بريطانيون ضربة موجعة لصناع التقنية البريطانية واتجاه دولتهم في المستقبل للاعتماد على شركات أجنبية.

الحكومة الصينية من جهة أخرى ترفض هذه الصفقة خشية زيادة النفوذ الأمريكي في مجال التقنية. شركة ARM تعد واحدة من الشركات القليلة غير الأمريكية. تحول ARM لشركة أمريكية بعد الاستحواذ عليها من Nvidia يعني أن الصين وشركاتها مهددة في أي وقت من الحرمان من تقنياتها مثلما حدث مع شركة هواوي وما تعرضت له بعد الحظر الأمريكي خلال إدارة دونالد ترامب والمستمر حتى هذه اللحظة.

وعلى عكس موقف الحكومة البريطانية والحكومة الصينية فإن موقف الولايات المتحدة لا يستند على أي تهديد وجودي في المستقبل فالحكومة الأمريكية لم تتدخل سوي بعد مطالبات من كبرى شركات التقنية على رأسهم جوجل, مايكروسوفت وكوالكوم الذين نددوا بالصففة وأكدوا أنها قد تقضي على المنافسة تماماً لصالح موطنتهم الأمريكية إنفيديا.

ARM

ولمن لا يعلم فإن النموذج الاقتصادي لشركة ARM يقوم على بيع التصاميم والتراخيص لاستخدام معمرياتها في تصنيع المعالجات, الرقائق وأشباه الموصلات. الشركة البريطانية تقوم ببيع هذه التصاميم والتراخيص لعدد ضخم من الشركات أبرزهم كوالكوم, سامسونج, أبل, ميدياتك, جوجل, هواوي سابقاً والمئات من الشركات الأخرى.

نجاح ARM في تقديم وحدات معالجة ذات أداء مرتفع واستخدام منخفض قليل للطاقة جعلها الخيار الأول لمصنعي الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة بل أنه جذب مصنعي أجهزة الكومبيوتر المكتبي والمحمول للاعتماد عليها ولعل انتقال أبل إلى رقائق Apple M1 وطرح مايكروسوفت لنسخة مخصصة من ويندوز للعمل على هذا النوع من المعالجات خير دليل على ذلك.

نجاح إنفيديا على الاستحواذ على ARM وإن كانت ستتعهد باستمرار ترخيص التصاميم و المعماريات إلى الشركات الأخرى إلا أنه سيضعها خطوة في المقدمة عن كافة المنافسين. التفوق التكنولوجي لن يجعل الشركة فقط في المقدمة بل سيتيح لها دخول مجالات جديدة كمجال تصنيع وحدات المعالجة المركزية والذي وإن نجحت فيه قد تهيمن سريعاً على سوق الهاردوير خاصة بعد تفوقها المستمر في سوق البطاقات الرسومية.

موقف الولايات المتحدة قد يتكرر من الاتحاد الأوروبي والذي سيبدأ البت في الصفقة مع بداية شهر سبتمبر المقبل. فشل إنفيديا في إقناع الأطراف الأربعة قد يكون أكبر عائق أمامها لأتمام الصفقة.

بالتأكيد كل هذا النجاح من ARM ورغبة إنفيديا الملحة للاستحواذ عليها قد يثير في ذهنك سؤال هام, لماذا يريد Softbank بيع ARM برغم النجاحات الكثيرة التي تنتظرها في المستقبل؟

Softbank

بكل بساطة فإن الهدف الأول لـ Softbank هو الاستثمار وجني الأموال. البنك الياباني قد اشترى ARM في عام 2016 في صفقة تقدر بحوالي 31.6 مليار دولار. بيع الشركة بـ 40 مليار دولار بعد 6 سنوات يعد مكسب كبيراً خاصة وأن البنك سيحصل على 2 مليار دولار بصورة فورية عند التوقيع بالإضافة إلى 12 مليار دولار بصورة نقدية. المبلغ الأخير يعد رقماً ضخماً إذا ما نظرنا إلى المبالغ النقدية التي يتم تقديمها عند استحواذ الشركات حيث يتم الاعتماد في أغلب الأحيان على مبادلة الأسهم بأخرى ذات قيمة مساوية.

في النهاية يظل الأمر كما هو, إنفيديا تحاول إقناع 3 من أقوى الحكومات في العالم بشراء ARM بينما يقف المجتمع التقني ككل في الجهة الأخرى مترقباً عواقب هذه الصفقة وموقف إنفيديا التي قد تكون أهم لاعب في هذا السوق لسنوات طويلة بدون أي منافس.

هل تنجح إنفيديا في الاستحواذ على ARM أم أن عرقلة الحكومات والشركات للصفقة قد تقف حائلاً أمامها؟

شاركنا برأيك في التعليقات!