تعرف على عناصر كتابة قصة لعبة مثالية مكتملة الأركان؟
عالم صناعة الألعاب يَدمج العديد من الفنون الإبداعية ولعل أحد أركان هذه الفنون يتجسد في قصة اللعبة وطريقة سردها وتأثيرها على مدى جودة اللعبة أصلاً، في كثير من الأحيان كنا نتعلق باللعبة بسبب جودة قصتها أكثر من أسلوب أو محتوى اللعب ذاته.
عملية كتابة قصة اللعبة ليست عملية سهلة في حقيقة الأمر، بل يجب أن تمتلك قصة اللعبة بعض العناصر الهامة التي تؤدي في النهاية إلى نجاح القصة بشكل كبير أو تجعلنا نتعلق بقصة عن الأخرى وهكذا.
حسناً عزيزي القارئ في هذا المقال سنتعرف على أهم العناصر التي تؤدي إلى نجاح قصة اللعبة وجعلها متفردة عن باقي الألعاب.
مراحل كتابة أي قصة.
أي رواية أو حدوته تتكون من ثلاث مراحل المقدمة، المنتصف والنهاية ولا يمكن تصور أي قصة بدون أحد هذه المراحل، وإذا تحدثنا عن مراحل القصة فيجب أن نتحدث أيضاً عن أهمية كل مرحلة من المراحل أو غايتها.
في مرحلة المقدمة نتعرف على الكثير من الأشياء، نتعرف على زمن اللعبة هل هي في عالم قديم أو حاضر أو مستقبل، كما نتعرف أيضاً على نوع عالم اللعبة هل هو خيال أم واقع، عالم ديستوبيا أم عالم مُبهج ملئ بالألوان.
نتعرف في المقدمة على الشخصيات المحورية الموجودة في القصة سواء شخصية البطل أو شخصية الشرير أو بعض الشخصيات الثانوية الهامة، لذلك إذا كُنت تقرأ رواية أو تتابع أحد الأفلام ولم يظهر البطل بعد فأعلم أنك ما زلت في جزء المقدمة أو البداية.
أما بالنسبة لمنتصف القصة فهي المرحلة التي يحتك فيها البطل مع العدو أو الطرف الأخر في محاولة لتحقيق الهدف الذى يسعى نحوه، وهذه المرحلة تتميز بأنها تُحدد الصراع بشكل كبير وتبدأ تفهم معالم القصة عن طريق مجموعة من الأحداث التي تتصاعد ولكن بوتيرة مقبولة إلى حد كبير.
حتى نأتي إلى النهاية وهي المرحلة التي تتصاعد فيها الأحداث بشكل كبير ويزداد التعقيد لدرجة أن المتابع يبدأ في التساؤل حول كيفية حل الأزمة حتى نصل إلى مشهد النهاية وتنفرج الأزمة بفوز البطل أو تستمر الأزمة في التصاعد بفوز الشر أو الجانب الأخر عموماً، وفي بعض الأحيان قد تكون النهاية مُبهمة بشكل كبير وهي ما نطلق عليها إسم النهاية المفتوحة والتي يفسرها القارئ أو المشاهد حسب وجهة نظره.
هذه المراحل يجب التمسك بها حتى يكون لدينا قوام قصصي حقيقي وبدونها لن تجد قصة من الأساس، لدينا هنا مثال لعبة Mortal Shell التي قدمت تجربة سيئة جداً من حيث القصة والسبب في هذا أن اللعبة لم تتمسك بهذه القواعد بأي شكل من الأشكال، أنت تبدأ اللعبة بدون جزء بداية يعرفك على الشخصية أو العالم الذي تتواجد به حرفياً انت لا تفهم العالم هل أنت في عالم الأموات أم عالم الأحياء بشكل خيالي أم ماذا.
الاهتمام بالشخصيات الثانوية.
أحد أبرز المشاكل التي تتعرض لها قصص الألعاب حيث يتم الاهتمام بالشخصية الرئيسية وشخصية الشرير أيضاً وإهمال كل الشخصيات الأخرى الموجودة في عالم اللعبة وهذا الأمر يؤدي إلى وجود فجوة كبيرة بين اللاعب والقصة.
بطل اللعبة لا يعيش بمفرده في عالم اللعبة وكذلك الشخص الشرير لا يعيش بمفرده في العالم كل منهم يكون لديه المساعدين الخاصين به أو الدائرة القريبة المحيطة به وهنا يظهر اهتمام مطور اللعبة بما يصنعه.
حيث يجب على المطور كتابة الكثير من التفاصيل المتعلقة بهذه الشخصيات الثانوية، فلا يجب أن يكتفي فقط بذكر الشخصيات وأدوارها بل يجب أن يذكر الشخصيات ويذكر دوافعها وماضيها وخلفيتها أيضاً.
يمكننا أن نتذكر العديد والعديد من الشخصيات الثانوية التي تعلقنا معها وتأثرنا بها لأن المطور قد استغرق وقت كافي لكتابة القصة الخاصة بهذه الشخصيات الثانوية.
الاهتمام بشخصية الشرير.
تحدثنا في مقال سابق عن الشخصية الشريرة بشكل مُفصل وبينا أهمية هذه الشخصية التي تعتبر هي البطل الأساسي للعبة، فكما ذكرنا هذه الشخصيات تكون هي المُحرك الرئيسي للأحداث فهي من تبدأ القصة أصلاً وبدونها لا يوجد أي بطل ولا حاجة أصلاً لوجود بطل.
لذلك يجب على المطور العمل على الشخصية الشريرة مثلما يعمل على شخصية البطل تماماً، الشخصية الشريرة يجب أن تمتلك وجهة نظر وفكر تحاول تحقيقه.
الكثير من الألعاب تدمرت قصتها أو أصبحت عادية بسبب أن شخصية الشرير كانت عادية بشكل كبير جداً أو شخصية شريرة لمجرد الشر فهي دائماً ما تكون شخصية تحاول تدمير العالم، السيطرة على العالم أو التخلص من البشرية.
لكن في بعض الأحيان تم تقديم الشخصية الشريرة بشكل فلسفي جديد ومن زاوية تُحترم تُبين الدوافع الخاصة بهذه الشخصيات الشريرة وحتى إن كانت تريد السيطرة على العالم فيكون هذا التوجه لسبب ما.
لدينا مثال واضح في شخصة ثانوس من الفيلم السينمائي Avengers Infinity War فنحن هنا نتعامل مع شخصية شريرة تُريد القضاء على نصف الكائنات في المجرة كلها وهو توجه يقوم به أي شرير كلاسيكي كما ذكرنا في السطور السابقة.
المميز في الشخصية كان تفاصيلها فهو ليس مجرد شرير كلاسيكي يريد السيطرة على العالم أو التخلص من السكان أو من جنس معين فقط، بل هو شخص يفعل هذه الأمور عن عقيدة راسخة يؤمن بها ويحارب لأجلها.
هذه العقيدة ليس بالضرورة أن تكون قويمة أو صالحة ولكن المهم انه يمتلك عقيدة تكونت بسبب خبرة حياتية مر بها وهذه العقيدة أدت إلى وجود بعض المشاهد المؤثرة جداً في الفيلم على الرغم من أنه فيلم تجاري إلى حد ما مثل مشهد التضحية بإبنته على سبيل المثال.
اللغة وأسلوب الكتابة.
الفكرة تحتاج إلى لغة جيدة لكي يتم إفرازها في سطور لذلك مهما كانت جودة أو طرافة فكرة القصة الموجودة في اللعبة فهذه القصة ستحتاج إلى كاتب خبير يقوم بكتابة هذه القصة.
ليس كل شخص قادر على كتابة دعابات جيدة وكذلك ليس كل شخص قادر على كتابة مشهد درامي يؤثر في كل لاعب، لذلك يجب على كل مطور أن يستعين بكاتب خبير حتى يقوم بتحويل الفكرة أو قصة اللعبة إلى سيناريو رائع يجذب المشاهد فقصة اللعبة ليست مجرد رواية بل تحتاج إلى سيناريست ليكتب الأفكار نفسها.
الأداء التمثيلي والإخراج.
الآن نحن نفترض أننا قمنا بكل هذه الخطوات السابقة بالشكل المثالي وبالطبع نفترض أننا أصلاً نمتلك خيال إبداعي جيد، سيكون لدينا رواية بعناصر بداية ومنتصف ونهاية قوية، تمتلك شخصية بطلة بتفاصيل ثرية ومهمة وكذلك تفاصيل الشخصيات الثانوية على درجة مرتفعة من التشعب والجودة وفي النهاية لدينا شخصية شرير أو وجهة نظر مُضادة لها منطق وفكرة.
وسنفترض أيضاً أننا نمتلك سيناريست متمكن قام بتحويل هذه الرواية الرائعة والشخصيات الجيدة إلى حدوتة تجذب المشاهد، للأسف كل هذا مُهدد بالضياع إذا كان الممثل سيئ.
في الكثير من الأحيان نرى نجاح شخصيات بشكل مدوي بسبب الأداء التمثيلي الخاص بالشخصيات مثل Vass من لعبة Far Cry أو شخصية Senua من Hellblade الشخصية الرائعة بحق ذات الأداء التمثيلي الأفضل.
المؤدية الصوتية لشخصية Senua كانت متمكنة جداً لدرجة أنها جعلت تعيش معاناة الشخصية، مخارج حروفها ممتازة وتنوع أدائها الصوتي عند تأديتها الأصوات داخل عقل بطلتنا كان أسطوري بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
لا يجب أن ننسى دور المخرج الخاص باللعبة فهو مثل الساحر أو الشيف الكبير الذي يضع سر الخلطة بعد انتهاء كل العمل، فهو يختار زوايا الكاميرا وسرعة المشهد ومدى جرعة الدراما الموجودة داخله، شخصياً انبهرت العام الماضي بتجربة لعبة Star Wars Jedi Fallen Order بسبب التجربة الإخراجية الرائعة التي جعلتني أستشعر الأخطار التي يواجهها البطل بالفعل.
كانت هذه أبرز العناصر التي نحتاجها لتقديم لعبة قصصية من المقام الاول، لا تنسى ان تشاركنا عزيزي القارئ بأهم عنصر يؤثر على تجربة اللعبة القصصية في وجهة نظرك ويمكنك أيضاً أن تُخبرنا بأفضل لعبة قصصية وأفضل شخصية في تاريخ الألعاب من وجهة نظرك.
?xml>