دولارات زوكربيرج: كيف تحاول "ميتا" العودة من الموت؟
قرار جديد من مارك زوكربيرج يحاول به تغيير قوانين اللعبة لصالحه، عملة افتراضية جديدة ستكون "دولارات ميتا" التي تعترف بها داخل تطبيقاتها ومنتجاتها المختلفة ومستقبل العملة في عالم الميتافيرس.
تماماً كما قرأت عملة افتراضية وليست عملة مشفرة، فنحن هنا أمام عملة جديدة أشبه بالعملات المستخدمة داخل الألعاب مثل Fortnite وRoblox. وليست عملة مثل بيتكوين أو الإيثيريوم أو أي عملة أخرى تعتمد على تقنية البلوك تشين "blockchain".
ما هي عملة ميتا الجديدة؟
وفقاً لأحدث التقارير من فاينانشال تايمز تحمل عملة ميتا الجديدة اسم "ZUCK BUCKS" في إشارة إلى مارك زوكربيرج، وهذا الاسم هو المتداول بين الموظفين داخل الشركة وربما لن يكون الاسم النهائي لها.
هذه العملة ستكون طريقة الدفع الرسمية داخل خدمات ومنتجات ميتا المختلفة، وبالتأكيد المنتجات الافتراضية في عالم الميتافيرس. وتخطط الشركة أن تقدمها في شكل هدايا للمستخدمين الجدد عند التحاقهم بالميتافيرس وعند تفاعلهم داخل منصاتها المختلفة.
ووفقاً لصحيفة Independent تتضمن استراتيجية العملة الجديدة استخدام فكرة العملات الاجتماعية "Social Tokens" والعملات المميزة "reputation tokens" التي سيحصل عليها المستخدمين مقابل تفاعلهم، أيضاً تنوي ميتا استخدام العملة الرقمية كوسيلة لدعم صناع المحتوى على شبكتها الاجتماعية للصور، إنستجرام، في صورة عملات دعم صناع المحتوي "Creator Coins".
الـ NFTs في الطريق...
مشروع العملة الجديدة يأتي بالتوازي مع توجه ميتا وتحديداً "إنستاجرام" لدخول سوق الـ NFTs، حيث ذكر مارك في مارس أن إنستاجرام تعمل حالياً على إضافة ميزة جديدة ستسمح لمستخدمي المنصة بعرض مقتنياتهم من الرموز غير قابلة للاستبدال على حساباتهم عبر إنستجرام.
وتذكر التقارير أن الـ NFTs ستمتد إلى فيسبوك كذلك، حيث تستعد ميتا لتجربة ميزة جديدة على فيسبوك تسمح بنشر ومشاركة رموز NFT عبر الحسابات الشخصية للمستخدمين بحلول منتصف مايو المقبل، بالإضافة إلى اختبار ميزة جديدة خاصة بإنشاء مجموعات على فيسبوك تعتمد عضويتها على امتلاك رموز غير قابلة للاستبدال.
ما الفرق بين عملة ZUCK BUCKS والعملات المشفرة الأخرى؟
بالعودة إلى تفاصيل العملة الجديدة ووفقاً للمعلومات المتاحة، عملة ZUCK BUCKS لن تعتمد على تقنية بلوك تشين مثل العملات المشفرة، لكنها ستكون أقرب إلى العملات الافتراضية المستخدمة داخل الألعاب وفي المنصات التي تمنح عملات "كوينز" مقابل التفاعل داخلها. وهذه العملات يمكنك شرائها بالمال لتحصل عليها وتستخدمها للحصول على منتجات رقمية أو لإرسال الهدايا، وبالتأكيد يمكن بيعها والحصول على المال.
ووفقاً لتصريحات سابقة لرئيس قطاع الخدمات المالية بـ"ميتا"، ستيفاني كاسريل، حول استراتيجية الشركة للتعامل مع العملات الرقمية، فإنه من الممكن أن تتضمن خطط الشركة استخدام العملة الرقمية في تشجيع عمليات الدفع وتحويل الأموال داخل واتساب وماسنجر، إلى جانب استخدامها لدعم صناع المحتوى على إنستاجرام.
أما العملات المشفرة مثل بيتكوين وإيثيريوم، حتى عملة ليبرا، وهي محاولة فيسبوك السابقة لدخول عالم العملات المشفرة، فهي شكل أكثر تعقيداً من العملات الرقمية التي تعتمد على التعدين المشفر وتقنية البلوك تشين.
يتم التعدين المشفر للحصول عليها عن طريق حل معادلات محاسبية معقدة من قبل أجهزة كمبيوتر متطورة وتستخدم أيضاً لإدارة إنشاء وحدات العملة الجديدة والتحكم بها. وتتضمن هذه العملية التحقق من صحة البيانات وإضافة سجلات المعاملات إلى السجل العام باستخدام البلوك تشين.
والآن يأتي السؤال: ما سبب التوجه إلى العملة الجديدة؟
الإجابة المباشرة على هذا السؤال نراها في إعلان ميتا انخفاض أسهمها بقيمة 30% في فبراير الماضي، وخسارة ما يقرب من 200 مليار دولار من قيمتها السوقية، وربما العملة الجديدة التي سيدفع المستخدمون المال للحصول عليها قد تكون طوق النجاة ومحاولة ناجحة لكسب المال في ظل توجه الشركات والأفراد نحو Web3 وتملك الأصول الرقمية. لذا ربما تريد ميتا جلب كل ما يحتاجه الأفراد بتوجهاتهم المختلفة في مكان واحد داخل عالمها الخاص.
أما الإجابة الثانية، فهي "تيك توك"، ميتا نفسها تعترف بأن منافسة تيك توك من ضمن أسباب خسارتها الأخيرة، إلى جانب زيادة الإنفاق على مشروع الميتافيرس.
فيسبوك في مأزق.. ومارك زوكربيرج قد لا يمتلك حلاً!
وتذكر صحيفة فاينانشيال تايمز أن نموذج أعمال فيسبوك وإنستاجرام، الذي يدر 118 مليار دولار سنوياً، مُعرض للخطر، في مواجهة المنافسين من أمثال تيك توك، وأصبحت الإعلانات عبر منصات ميتا مهددة وفي تناقص مستمر، بالتالي تبحث الشركة عن طرق جديدة لكسب المال.
أخيراً، فاختيار نوع العملة لتكون افتراضية وليست مشفرة، يرجع إلى فشل عملة ليبرا المشفرة أو مشروع Diem كما تم إعادة تسميتها.
عملة ليبرا… حلم لم يكتمل!
عملة ليبرا "Libra" كانت محاولة شهيرة من فيسبوك لدخول عالم العملات المشفرة، حظيت باهتمام كبير فور الإعلان عنها وتلقت دعم من كبار المستثمرين حول العالم، إلا أنها فشلت فشل ذريع.
قبل إيقاف العمل على المشروع، أعيد تسمية ليبرا إلى ديم وتوسعت الشركة في المشروع ليضم أكثر من عملة مشفرة، وكان من المفترض أن يتم إصدار ديم جنبًا إلى جنب مع محفظة رقمية تسمى Novi.
ديم كانت ستعمل باستخدام Diem Blockchain، وهي Blockchain جديدة مصممة لتكون قابلة للتطوير بدرجة كبيرة وآمنة ومرنة. إلا أنه بعد إطلاق Diem في عام 2019، واجهت Meta رد فعل عنيفًا من السياسيين والبنوك المركزية.
وتراجع عدد كبير من الشركاء الذين قدموا الدعم للمشروع في البداية، وأخيراً قضت المحاولة الفاشلة لربط الديم بالدولار الأمريكي على المشروع تماماً، وتم إيقاف العمل عليه في يناير 2022.
فشل مشروع ديم أو ليبرا يرجع في الأساس لقوة فيسبوك وعدد مستخدميه الذي يبلغ 2.9 مليار شخص حول العالم، وامتلاك شركة لديها كل هذا الجمهور لعملة خاصة بها سيجعلها مصدر خطر على الاقتصاد العالمي، لذلك تصدت الحكومة الأمريكية للمشروع بقوة حتى تم إيقافه.
محاولة ليبرا جعلت مارك يُدرك أن دخوله عالم العملات المشفرة سيجلب عليها متاعب هو في غنا عنها، ووجدت ميتا في عملتها الجديدة طريقة للالتفاف حول الحواجز المستمرة التي تضعها الحكومة في مشاريعها المالية الرقمية.
وكان الحل هنا هو الخروج من البلوك تشين وإنشاء عملة داخل التطبيق تكون خارجة عن سيطرة وتدخل المنظمين والحكومات، ومع إتاحة الرموز الغير قابلة للاستبدال في انستجرام وفيسبوك تجلب ميتا أقوى أسلحة Web3 داخل منصاتها لتضمن بقائها داخل اللعبة في ظل التوجه نحو اللامركزية.
عملة ميتا الجديدة سيتم التحكم فيها من قبل الشركة على عكس فكرة اللامركزية التي يتبناها مشروع Web3.
هل تنجح عملة ميتا الجديدة؟
فشل ليبرا قد يجعل البعض متشائم بشأن عملة ZUCK BUCKS، لكن العملة الجديدة هنا تجرِبة مختلفة ومنفصلة تماماً عن ديم أو ليبرا، لذلك تجربة ليبرا ليست مقياس للعملة الجديدة.
واتفق مع رأي Jack Kelly من Forbes أنه من السهل أن نسخر من زوكربيرج ومشاريعه، لكننا لا يمكن أن نشطبه من قائمة رجال الأعمال الناجحين، وسواء أحببته أم لا فهو رجل أعمال متميز، ولا يزال زوكربيرج يمتلك صندوق أعمال ضخمًا تحت تصرفه والعديد من منصات التواصل الاجتماعي الناجحة التي تدر إيرادات سخية.
أما عن نجاح أو فشل عملة ميتا الجديدة، فالأمر يحتاج بعض الوقت حتى تتضح الرؤية أكثر ونعرف المزيد من التفاصيل. رُبما يفاجئنا مارك.
?xml>