بعد تشوُّقنا لرؤية مشروع السعودية الرائع، صرّحت وكالة بلومبرغ الأمريكية بأن المملكة السعودية بدأت بالتخلّي عن مشروعها الشهير "ذا لاين" في مدينة نيوم الذي كانت تُخطِّط لإطلاقه خلال السنوات القادمة. فما السر وراء إنهاء مشروع نيوم العملاق؟

حلم مشروع نيوم المُستقبلي

تُعد "ذا لاين" التي أطلقها محمد بن سلمان في منطقة نيوم، مدينة ذكية كبرى مُعزّزة بالذكاء الاصطناعي AI، خالية من الانبعاثات الكربونية، بلا ضوضاء أو تلوث، وتمتد بطول 170 كيلومتراً من ساحل نيوم على البحر الأحمر شمال غرب المملكة وتمرُّ بجبال وصحراء نيوم شرقًا.

كانت تخطط السعودية لأن يبلغ سكان المدينة 1.5 مليون نسمة في عام 2030، لكنها الآن تتوقع أن لا يتجاوز سكان المدينة 20٪ من الهدف؛ أي أقل من 300 ألف نسمة فقط على مساحة 2.4 كيلومتر. فماذا حدث، ولماذا تراجعت المملكة عن طموحاتها بشأن المدينة المُستقبلية؟

سر تقليص مشروع نيوم

عندما طُرحت الفكرة في عام 2019، وعد مُطورو مشروع Line بكل شيء بدءًا من السيارات الطائرة وحتى القمر الاصطناعي العملاق. ومع ذلك، لم يكن التمويل اللازم لبناء هذا الحلم المِثالي مُتاحًا. ولا تزال ميزانية "ذا لاين" لعام 2024 في طي النسيان، في انتظار موافقة صندوق الاستثمارات العامة السعودي. هذا التأخير غير مُعتاد في المملكة التي لديها هذه الثروة النفطية الهائلة.

يقول الخبراء إنّ الضربة المُفاجئة التي تلقتها خطّط محمد بن سلمان النبيلة تؤكد الصعوبات التي تواجهها الحكومة السعودية لكسب المُستثمرين الأجانب وهبوط أسعار النفط. يقول توربيورن سولتفيدت، المُحلل الرئيسي في شركة مابلكروفت لاستشارات المخاطر: "لم يقتنع المُستثمرون الأجانب برؤية ولي العهد للمملكة العربية السعودية الجديدة".

تحاول المملكة الخروج من عباءة النفط وتنويع مصادر دخلها وتقوية اقتصادها، وكانت منطقة "ذا لاين" في مدينة نيوم من بنات أفكار محمد بن سلمان لتنويع اقتصادها المُعتمد على الوقود الأحفوري.

لكن بالرغم من أنّ المملكة العربية السعودية لا تزال واحدة من أقوى اللاعبين في التأثير على أسعار النفط العالمية، فإنها تجد نفسها أيضًا تحت رحمة مثل هذه التقلبات، وتٌظهر أرقام صندوق النقد الدولي أن حوالي ¾ إيرادات ميزانيتها جاءت من النفط مُنذ عام 2010.

انخفضت الاحتياطيات النقدية لصندوق الاستثمارات العامة إلى 15 مليار دولار اعتبارًا من سبتمبر الماضي، وهو أدنى مُستوى منذ عام 2020. وقد يفسر هذا سبب اضطرار صندوق الثروة السيادية إلى إعادة تقييم أولوياته وتقليص تمويله للمشروع.

لدعم الإنفاق في المشاريع غير النفطيّة، فإنهم بحاجة إلى سعر أعلى للنفط. تحتاج المملكة العربية السعودية إلى أن يكون السعر 93 دولارًا على الأقل لتحقيق التوازن في ميزانيتها، وفقًا لسوانستون.

على الرغم من أن مشروع نيوم واجه رياحًا مُعاكسة، إلا أن المشروع بأكمله ليس محكومًا عليه بالفشل، ويستمر العمل في أجزاء أخرى من مشروع نيوم الأوسع، ويظل المسؤولون مُلتزمين بأهدافهم الأوسع المُتمثلة في تنويع الاقتصاد السعودي.