Graphene-01

يقال أن مادة الغرافين ذات البنية البلورية ستكون الخلف الأفضل بكثير من مادة السيليكون الحالية لاشباه الموصلات, فهذا الأمر يؤكد عليه عدد من الخبراء وحتى بعض الشركات التي أبدت رأيها بشكل رسمي في هذا المجال أطلقت لقب على مادة الغرافين بالمادة العجيبة. لكن حديثنا اليوم يتعلق بمادة الغرافين من جانب أخر, فبما أنها مادة ذات قابلية لنقل الكهرباء وهي بجودة النحاس في نقل الكهرباء, فإن عيبها الأكبر هو في عدم قدرتها على امتصاص الضوء بنسبة كبيرة.

فكما أصبح يعرف الجميع مدى فائدة وروعة خصائص الغرافين، بما في ذلك مرونة قدرته العالية على التوصيل الكهربائي وقوته الفائقة, لكن مهما كان الغرافين رائعاً مازل العلماء يعملون بجهد على تطويره وكانوا يعانون في جعل الغرافين يحجز بداخله أو يمتص بداخله كمية جيدة من الضوء. هذا لأن بنية جزيء الذرة الواحدة من هذه المادة العجيبة ضعيف بشكل طبيعي في التقاط الضوء أو امتصاصه.

ما الذي وصل له العلماء لحل هذا الضعف مع مادة الغرافين؟

هناك جملة تعجبني ويرددها الكثير وهي تقول "مع الفشل المتواصل يأتي النجاح في النهاية" فلقد استطاع فريق من الباحثين في المملكة المتحدة معرفة كيفية التلاعب بمادة الغرافين وجعلها شيء يمكن تسميته المادة الأكثر امتصاصاً للضوء!, نعم من مادة ضعيفة الامتصاص الى مادة قابلة لامتصاص الضوء بنسبة كبيرة. بالطبع هذا تطور هائل وسيؤدي إلى أنواع مختلفة من التقنيات المستندة على الطاقة الشمسية في المستقبل.

أين كانت المشكلة بالضبط في شكل مادة الغرافين التقليدي؟ وكيف تم تجاوز المشكلة؟

مادة الغرافين تعتبر رفعية وتصنف اليوم على أنها من أرفع المواد الموجودة اليوم, وهذا احد أهم الأسباب التي جعلت مادة الغرافين فقط قادرة على امتصاص نسبة صغيرة من الضوء الذي يتجه إليها, مما يجعلها غير مفيدة للتقنيات الالكتروضوئية التي ستكون عنصر مهم في الحياة المستقبلية. ولتجاوز هذه المشكلة تطلب من الباحثين اتخاذ مسلك مختلف، واستلهموا هذا المسار من الطبيعة.

Graphene-02

Graphene-04

فالمصدر الغريب الذي اتخذوه هو عيون العث وكيف تستطيع التقاط حد أعلى من الضوء الموجه لها للسماح لها بالرؤية في الظلام. هذا الإلهام سمح لهم بأن يعززوا من قدرة امتصاص الضوء للغرافين بالتلاعب به قليلا. بشكل أكثر تفصيلاً فإن عيون العث تمتلك نمطاً مجهرياً يسمح لها بأن ترى في أكثر الظروف ظلمة "الصورة المعروضة مكبرة بنسبة كبيرة لخلية العيون العث" فعيون العث تعمل بنقل الضوء نحو منتصف العين مع فائدة إضافية وهي إزالة الانعكاسات، التي تحميها من أن تنبه المفترسين بوجودها. بعد معرفتهم بهذه التفاصيل قام الباحثون بتقليد نفس الأمر من خلال مهاراتهم وخبرتهم بتقنية النانو وجعلوا الغرافين يمد على سطح معدني بقوام خاص. السطح الممدود الذي وجه الضوء الزائد إلى البنية الجزيئية للرقاقة، تماماً كما تفعل المرآة ساعد على عكس النتائج بشكل إيجابي وبنسبة كبيرة.

النتيجة كانت مدهشة!

الغرافين ببنية النانو يمتلك الأن أثر نقل الضوء إلى مساحات ضيقة بين بنيات النانو، بالتالي يعزز من كمية الضوء التي تم اسيتعابها من المادة. من الممكن الآن مراقبة امتصاص قوي للضوء من رقاقات النانومتر. فبالعادة رقاقة الغرافين تمتلك ما نسبته 2-3 % من امتصاص الضوء. وباستخدام هذه الطريقة، فإن هذه الطبقة الفائقة الرقة من الغرافين بقوام النانو يمكن أن تمتص الضوء بنسبة 95 % عبر طيف واسع من الاشعة فوق البنفسجية إلى الأشعة تحت الحمراء.

بماذا يفيدنا هذا التطور؟

Graphene-05

كما ذكرنا سابقاً هي مفيدة في المستقبل ولكن العلماء يقولون أن تقنيتهم يمكن أن تُستخدم في حساسات الطاقة الشمسية المستخدمة في مختلف أنواع الأجهزة الضوئية. هذا سيساعد في توليد الطاقة من الحرارة والضوء المحيط بها ما يعزز في وجود كفاءة أكبر. الخلايا الشمسية المغطاة بهذه المادة ستكون قادرة على أن تمتص الطاقة حتى في الضوء الخافت.

فتخيل أن ذلك يمكن أن يطبق على الأبواب الداخلية، وكجزء من أوراق الجدران الذكية، النوافذ الذكية، بالتالي تستطيع هذه المادة توليد الكهرباء من أي ضوء أو حرارة موجودة في محيطها، مما يسمح لها بتشغيل مجموعة لاتعد من التطبيقات الذكية التي تعتمد على الطاقة. وإذا نجحت هذه الخطط كما هو متوقع لها، فقد نكون قادرين على رؤية حساسات صغيرة تستبدل تلك الألواح الشمسية الخارجية الضخمة بما أنها قادرة على الوجود في أي مكان بدون أي مشاكل.

ما رأيكم في العلم الذي وصلنا له في كيفية الاستفادة من الطبيعة من خلال اكتشاف طريقة عمل عيون العث وتطبيق النظرية على مادة الغرافين من خلال تقنية النانو؟