
وفاة السيد أندرو غروف أحد أساطير شركة إنتل..فالنتعرف عليه
دائماً ما يرحل العظماء ويخلفون خلفهم إنجاز نوعي وغير مسبوق ليكمل من هم على مسيرتهم الطريق نحو المزيد من النجاح والإبداع لمساعدتنا بالحصول على حواسب ومعالجات قوية. شركة إنتل الرائدة اليوم في عالم المعالجات والحاسوب بشكل عام قد ودعت بحزن شديد رئيس مجلس إنتل السابق والمدير التنفيذي أندرو غروف عن عمر ناهز 79 عاماً.
يقول الكثيرين عن السيد أندرو غروف انه جعل المستحيل امراً ممكناً, فيكفي أن نقول أنه وراء انطلاقة إنتل الكبيرة بعد تسلمه لمنصب المدير التنفيذي طيلة 12 عام, حتى أن البعض يقول أن هذا الرجل استطاع بمخيلته الواسعة وخبرته الامحدودة من وضع إسم إنتل امام الكبار لتصبح بعد ذلك ضمن كبرى الشركات تصنيع المعالجات والحواسب. بالنسبة لحياته الشخصية فالسيد أندرو غروف من عائلة يهودية هنغارية التي استطاعت النجاة من الاحتلال النازي لهنغاريا خلال الحرب العالمية التانية. وبعمر 20 عاماً هرب من هنغارية الشيوعية واستطاع الوصول إلى الولايات المتحدة حيث أكمل تعليمه ليصبح مهندساً كيميائياً. هناك كم هائل من المعلومات التي يمكن أن تحصل عليها عن حياة أندرو من خلال الكثير من الوثائق المنتشرة على شبكة الانترنت إن كنت معجب به, وأحد المعلومات المثيرة التي سوف تسمع عنها أن العبقري ستيف جوبز كان معجباً بشدة بأندرو غروف وكان يطلب نصحه كلما استطاع في المسائل التقنية!
كان للمدير التنفيذي الحالي السيد Brian Krzanich كلمة مؤثرة قائلاً فيها "يحزننا بشدة خبر وفاة رئيس مجلس إنتل السابق والمدير التنفيذي أندرو غروف. لقد جعل أندرو المستحيل ممكنا، وألهم أجيالا من التقنيين، ورواد الصناعات والمشاريع".
أواخر الخمسينات والستينات..أنطلقت شرارة الثورة الصناعية في مجال الحوسبة
في تلك الفترة لم تكن شركة إنتل موجودة بعد, فلقد كان الأمر كله يعتمد بالبداية على مجهود فرع لشركة كبيرة كانت تنشر ابتكار أشباه الموصلات في أواخر الخمسينات وفي الستينات، وهي التي بدأت ثورة حوسبة السيليكون بأكملها، واسمها Fairchild Semiconductor. هذا الفرع أطلق الشرارة الأولى الذي كان خلفها العبقري روبرت نويس بجانب السيد غوردون مور المؤسس لقانون مور الخاص بنظرية دقة التصنيع للمعالجات. لكن يجب أن تعلم أن شركة Fairchild كانت شركة عملاقة حينها وكان فرع Fairchild Semiconductor فرعاً من كيان أكبر بكثير وهو Fairchild Camera And Instrument.
وفي أواخر الستينيات تغيرت الكثير من الامور بداخل Fairchild Semiconductor، وهي خسارة مرتبتها كرائد ودافع للابتكار في مجال الصناعة. سوء تقدير في الإدارة ادى بأن المبتكرين داخل الشركة لم يكونوا معترف بهم أو يتم تعويضهم بشكل لائق لجهودهم برغم ما قاموا به. كما أن الإيراد المالي الذي كان نتيجة لعملهم الشاق يذهب إلى Fairchild Camera And Instrument والقليل منه يأتي إلى Fairchild Semiconductor. وبسبب هذا الإهمال قرر روبرت نويس المغادرة مع غوردون مور بعد أن أقنعه بذلك, وبانتقالهما سوياً قررا معاً إنشاء شركة إنتل في عام 1968.
أين دور أندرو غروف من كل ذلك؟ ومتى سطع نجمه؟

في مجريات كل تلك الامور لم يكن إسم أندرو غروف قد لمع بعد, ولكن النظرة الثاقبة للسيد روبرت نويس جعلته في بداية إنشاء شركة إنتل من توظيف أندرو غروف. وبسبب ذلك انطلق الإبداع من أندرو وحقق ما عجز عنه الكثيرين. كان غروف رئيس إنتل من عام 1979 إلى عام 1987, وكان السيد غوردون مور المدير تنفيذي للشركة. كونه مهندس كيميائي ركز غروف بشدة على الجانب التصنيعي للأعمال. ونشر تطوير وتوسيع مصانع تصنيع إنتل التي ترفع من قدرة تصنيع الشركة وسعتها من مجموعة من المنشئات الصغيرة لتصبح الشركة الأضخم في العالم في تصنيع أشباه الموصلات.
يقال أن سبب نجاحه أيضاً أنه عمل في مكتب مفتوح على الموظفين, ليعمل إلى جانب موظفي إنتل العاديين وهذا يدل على أن أندرو كان يتمتع بنفسية عمل خالية تماماً من أي طبقية كما نلاحظها مع أغلب الأشخاص أصحاب مناصب المعروفة مثل المدير التنفيذي أو رئيس شركة. فتخيل أنه حتى رفض أن يتم تعيين أي مزايا لنفسه ولو حتى مكان لموقف السيارة الخاصة به وكان يفضل أن يعامل كفرد من هذه الشركة الكبيرة.
في عام 1998 تخلى عن منصبه كمدير تنفيذي بسبب إصابته بمرض سرطان البروستات. الإنجاز النوعي الغير مسبوق الذي حققه بجانب التطور التقني الذي حصل, هو أنه في فترة عمله كمدير تفنيذي على مدى 12 عام استطاعت حصة شركة إنتل أن تقفز من 4 مليار دولار إلى 197 مليار دولار، مما جعلها الشركة السابعة في العالم. هذا الشخص فعلاً عبارة عن مثال حقيقي لنجاح المسؤولين في أي شركة سواء تقنية أو غيرها. كل ما نقوله في ختام حديثنا أن السيد أندرو غروف ذهب من هذه الحياة وترك خلفه دروس من الإنجاز التقني, الإيرادة, الرقي في التعامل ليتعلمها الأخرون.
?xml>