في خطوة جريئة تهدف إلى إحياء مُساعدها الصوتي سيري، أجرت آبل تغييرات جذرية في فريق الإدارة المسؤول عن تطويره. بقيادة مايك روكويل -رئيس هندسة سيري الجديد- تستبدل الشركة مُعظم القيادات السابقة بكوادر من فريق برمجيات (سوفت وير) نظارة Vision Pro، مع إعادة هيكلة الفرق التقنية لتعزيز الأداء.

يأتي هذا التحرُّك بعد سنوات من تراجع سيري أمام مُنافسين مثل جوجل وOpenAI، وهذا أثار تساؤلات حول قدرة آبل على المُنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضًا:

كيف تستبدل SIRI بـ ChatGPT

كيفية تفعيل اللغة العربية في المساعدة الشخصية سيري

تغييرات قيادية لتعزيز الأداء

عُيّن روكويل في منصبه الشهر الماضي بعد سلسلة من التأخيرات في مشاريع سيري، والذي دفع الرئيس التنفيذي تيم كوك إلى إعادة تنظيم الفريق.

ومن بين أبرز التغييرات، استعان روكويل برانجيت ديساي -نائب رئيس تطوير Vision Pro- ليقود هندسة سيري، مع التركيز على تحسين الأنظمة الأساسية والأداء، كما تولى أحد كبار مسؤولي Vision Pro مسؤولية تجربة المُستخدمين، بينما انضم خبراء مثل نيت بيجمان وتوم دافي لإدارة البنية التحتية.

وعد روكويل الموظفين بأنّ هذه التغييرات ستؤدي إلى تقنية "عالمية المستوى" وقابلة للتطوير، مُشيرًا إلى أنّ خبرة الفريق الجديد في أنظمة "عالية الأداء ومنخفضة زمن الاستجابة" سترفع كفاءة سيري.

تم توسيع دور ستيوارت باورز لتحسين فهم سيري لطلبات المُستخدمين، بينما تولى ديفيد وينارسكي، أحد القادة المُخضرمين في سيري، إدارة المكونات الصوتيّة والحواريّة.

تحديات تقنية وفلسفية تُعيق التقدُّم

كشفّت مصادر داخلية أنّ فريق الذكاء الاصطناعي في آبل واجه لسنوات مشاكل إدارية وخلافات حول الأولويات، وهذا أدى إلى تأخُّر تطوير سيري. في اجتماعٍ سابق، اعترف رئيس سيري السابق بأن النظام يعمل بشكل صحيح في ثُلثي الطلبات فقط، واصفًا الوضع بـ"السيء" و"المُحرج".

يعتمد سيري حاليًا على نظامين مُنفصلين: أحدهما للأوامر البسيطة، والآخر يعتمد على نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية (LLMs). إلا أنّ التكامل بينهما كان مُعقدًا، وهذا تسبّب بدوره في مشاكل جودة.

تعمل آبل الآن على دمج النظامين في نموذج واحد يعتمد على LLMs، وهو مشروع قد يستغرق سنوات لكنه يُعد ضروريًا لتحسين التفاعل مع المستخدم.

رؤية جديدة لسيري: تكامل أعمق مع التطبيقات

كجزء من الخطة الطموحة، تهدف آبل إلى تعزيز قدرات سيري عبر ميزة "App Intents"، التي تسمح للمُساعد بتنفيذ سلسلة مُعقدّة من المهام بناءً على أوامر صوتية واحدة.

على سبيل المثال، قد يتمكّن سيري من البحث عن صورة، تعديلها، وإرسالها عبر البريد دون تدخُّل المُستخدم. لضمان نجاح هذه الميزة، تعمل آبل مع مُطوري تطبيقات بارزين لتحسين التكامل.

كما نقلت الشركة كيم فوراث -المديرة المُخضرمة في هندسة البرمجيات- إلى فريق سيري لدعم عملية التطوير. فوراث، التي أشرفت سابقًا على مشاريع Vision Pro الصعبة، ستلعب دورًا مِحوريًا في تسريع وتيرة الإصلاحات.

مُعركة آبل لاستعادة الريادة

تأتي هذه التغييرات في وقتٍ تشتد فيه المُنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تتقدّم شركات مثل جوجل وOpenAI بابتكارات أسرع. ورغم أن Vision Pro لم يُحقّق النجاح التجاري المأمول، إلا أنّ ثقة آبل بقدرة روكويل وفريقه على قيادة سيري تعكس إيمانها بخبراتهم التقنية.

لا تزال جون جياناندريا -رئيسة الذكاء الاصطناعي في آبل- تُشرف على المشاريع الكبرى، بينما يُركّز روبي ووكر على تطوير النماذج اللغوية.

لكن التحدّي الأكبر يكمُّن في تحويل سيري من مُساعد صوتي تقليدي إلى منصة ذكاء اصطناعي مُتكاملة، وهو هدف طموح يتطلب وقتًا واستثمارات ضخمة.

بينما ترفض آبل التعليق على هذه التغييرات، يبقى السؤال: هل ستنجح هذه الجهود في إعادة سيري إلى الصدارة، أم أنّ الطريق أمامها لا يزال طويلًا؟ الإجابة قد تأتي مع الإصدارات القادمة، لكن واضح أن آبل لا تنوي الاستسلام في هذه المعركة التكنولوجية المصيرية.