
كبير علماء Meta يتعارض مع رئيس NVIDIA فيما يخص مستقبل الذكاء الاصطناعي
كبير علماء شركة Meta 'يان ليكن' تتعارض رؤيته مع رؤية العامة لمستقبل الذكاء الاصطناعي، حيث يؤمن أن أنظمة الـ AI الحالية لازالت تبعد عقوداً عن الوصول إلى مرحلة الوعي أو حتى التغلب على الإنسان بأي شكل خارج النطاق القادرة عليه حالياً، وهذا بخلاف منظور 'جنسن هونج' (رئيس نفيديا) للواقع.
يرى الرئيس التنفيذي لـ NVIDIA 'جنسن هونج' أن الذكاء الاصطناعي سيكون مقبولاً في تأدية الوظائف المرهقة عقلياً على البشر خلال فترة لن تتجاوز الخمسة سنوات، الأمر الذي من المفترض أن يزيد من راحة الأفراد وتقليل الأعباء من عليهم تحت نظام عالمي جديد، لكن Yann LeCun يرى أن ذلك بعيداً للغاية، ويرى أن 'جنسن هونج' يحاول فقط رفع مبيعات شركته، حيث قال:
أنا اعرف جنسن. هناك حرب في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو يمددها بالأسلحة.
موضحاً أن التقنيين الآن يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي الشامل "AGI" (الذي يبلغ مستوى ذكاء الإنسان) موجود بداخل البطاقات الرسوميات، وهذا ليس صحيحاً بحد رؤيته، وإنما سيتوجب على الناس الوصول تدريجياً إلى هذا المستوى على مدار السنين، ولن يكون كافياً التعلم من النصوص فقط.
النصوص هي مصدر فقير للمعلومات. يمكنك تدريب نظام على ما يعادل 20,000 سنة من القراءة وسيبقى غير قادراً على فهم إذا كان حرف 'الألف' هو 'الباء' أم 'الباء' هو نفسه 'الألف'، حيث أن هناك أشياءًا كثيرة عن العالم لا يمكنه فهمه من خلال هذا النوع من التعلم
ولذلك يركز Yann LeCun مع فريقه البحثي داخل Meta على التعمق في الـ "Transformers Models" (التكنولوجيا الأساسية وراء النماذج اللغوية مثل ChatGPT) والبحث في كيفيات استخدامها في أشياء مختلفة عن التعامل مع النصوص، كالتعلم من الصوت بشكل مباشر أو من المدخلات البصرية، الأمر الذي قد ينتج عنه توسيع استخدامات تطبيقات الذكاء الاصطناعي وزيادة قدرة استيعابها مع تقليل القوة الحَوسبية المطلوبة لتشغيلها.
كلما تمكنت أنظمة الذكاء الاصطناعي من التدقيق في مليارات التفاصيل وإيجاد الروابط الخفيفة فيما بينها في تلك النوعيات المختلفة من مصادر البيانات؛ كلما تمكنت من تحقيق المزيد والتعلم بشكل أكثر كفاءة للمضي نحو التطور بشكل أسرع.
دور الهاردوير في مسيرة تطوير الذكاء الاصطناعي:
نفيديا هي أكثر الشركات انتفاعاً من وراء ثورة الذكاء الاصطناعي حتى الآن، حيث أن الشركة تضاعف عائد الشركة بشكل هائل، وقُدرت قيمتها في 2023 لأول مرة بتريليون دولار، وهذا بسبب بطاقاتها الرسومية المتطورة التي تعد الأفضل على مستوى الصناعة لنماذج التعلم الآلي، والذي جعل الشركات تتهافت عليها لتشييد البُنى التحتية لأنظمة الذكاء الاصطناعي، مثل Meta التي قامت بشراء 16,000 شريحة NVIDIA A100 لتدريب نموذجها التوليدي "Llama AI" الشبيه لـ GPT الخاص بـ OpenAI على الجانب النظير له.
عندما سُئل Yann LeCun من قبل CNBC عن ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيتطلب موردين أكثر للشرائح الرسومية حتى تستمر مسيرة الذكاء الاصطناعي وتستمر شركات مثل Meta في تطوير نماذجها قال أن ذلك من الغير المتطلب لكنه سيكون أفضل للصناعة، وأضاف على ذلك:
ما يُأمل أنك ستراه قريباً هو شرائح جديدة ليست [مصممة لتكون] 'وحدات معالجة رسوميات' (GPU)، وإنما ستكون فقط عبارة عن مسرعات تعلم آلي عصبية (Neural Deep Learning Accelerators)
الـ Deep Learning Accelerators هي شرائح مبنية بشكل معين لتحاكي آلية عمل الخلايا العصبية في المخ لإعطاء الكمبيوتر القدرة على تأدية مهام محددة جداً في نطاق الذكاء الاصطناعي والحسّية الآلية، يمكن للبطاقات الرسومية وحتى شرائح المعالجة المركزية العادية القيام بتلك المهام، لكنها ستكون بطيئة للغاية مقارنة بتلك الـ DLAs التي يمكنها تسريع العملية لمرات عدة مع توفير كم هائل من الطاقة.
مسرعات التعلم الآلي موجودة بالفعل في الكثير من الأجهزة حولنا في يومنا هذا - حتى في هواتفنا، حيث أن الـ iPhone كان أول هاتف احتوى على هذا النوع من وحدات المعالجة (منذ إصدارات 2017) ومتواجد في أجهزة الماك التي تعمل بشرائح Apple Silicon متخفية تحت اسم "Neural Engine" التي من المحتمل أن تكون قد سمعت عنها من قبل، وهي موجودة بالفعل في بعض منصات NVIDIA لأنظمة الذكاء الاصطناعي التجريبية مثل الـ Jetson المصممة للاستخدامات المحدودة (للمطورين مثلاً لاستخدامها على نطاق ضيق) والـ NVIDIA DRIVE المصممة للسيارات ذاتية القيادة، لكن التكنولوجيا غير مؤهلة للاستخدام على هذا النطاق الواسع ومن الصعب تصنيعها بالكميات التي يمكنها التوافق مع الطلبيات، والبطاقات الرسومية على الجانب الآخر أكثر نضجاً وتوافقاً مع البرمجيات المنتشرة حالياً وأكثر مرونة للتعامل مع الاستخدامات المختلفة، ولذلك يلجأ لها المطورون لبناء خودام الذكاء الاصطناعي خاصتهم للخدمة على نطاق واسع.
يأمل Yann LeCun أن يتغير هذا الوضع قريباً، وأن تصبح الـ DLAs أكثر وفراً وأوسع إنتشاراً، الأمر الذي قد يحدث بالفعل خلال الخمسة أعوام القادمين لمدى التنافسية في هذا المجال المزدهر في هذا الوقت.
الخلاصة:
في النهاية يُظهر الجدل الكبير بين رواد التقنية حول مستقبل الذكاء الاصطناعي مدى التعقيد وعدم اليقين المحيط بتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي المتطورة، حيث تشير تصريحات 'يان ليكن' بشكل واضح إلى شكوكه في قدرة الذكاء الاصطناعي الحالي على الوصول إلى مستوى من الوعي يقارب الوعي البشري، بينما 'جنسن هونج' برؤيته التفائُلية يرى أنه يمكن إنجاز ذلك بسهولة، ويظل إلى هذه اللحظة الطريق نحو تحقيق الذكاء الاصطناعي الشامل مليئاً بالتحديات، والمؤكد أنه سيكون غامراً بالفرص لأولئك الشباب الشغوفين بعلوم الحاسب.