في واحدة من أكثر المقابلات توتراً وإثارة للجدل في تاريخ وادي السيليكون، وجد Sam Altman (الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI) نفسه في موقف لا يحسد عليه، حيث تحولت مقابلته مع مذيع 'فوكس نيوز' السابق Tucker Carlson إلى ما يشبه استجواباً قاسياً حول نظرية مؤامرة تزعم أن Altman أمر بقتل أحد موظفيه السابقين.

على مدار تسع دقائق كاملة تخلى كارلسون عن أي حياد إعلامي وواجه ألتمان مباشرةً بنظرية المؤامرة المحيطة بوفاة Suchir Balaji - الباحث السابق في OpenAI الذي وُجد ميتاً في نوفمبر 2024، ورغم أن شرطة سان فرانسيسكو حسمت القضية وأعلنت أن الوفاة كانت انتحاراً، إلا أن كارلسون تبنى بالكامل رواية والدة الباحث التي تزعم أن ابنها قُتل.

المواجهة الصادمة

لم يكتفِ كارلسون بطرح أسئلة، بل قدم "الأدلة" التي تدعم نظريته، قائلاً: "لقد قُتل بالتأكيد.. كانت هناك علامات صراع، وأسلاك كاميرا المراقبة مقطوعة، ولم يكن هناك أي مؤشر على أنه انتحاري"، ثم ألقى بالقنبلة الأكبر عندما قال لألتمان مباشرةً: "والدته تزعم أنه قُتل بناءً على أوامرك".

هنا تحول وجه ألتمان من الارتباك إلى الصدمة الواضحة، ورد قائلاً: "هل تصدق ذلك؟"، وعلى مدار الدقائق التالية حاول ألتمان مراراً وتكراراً الدفاع عن نفسه بالإشارة إلى تقارير الشرطة الرسمية، لكن كارلسون استمر في الضغط، وفي لحظة بدت فيها مشاعر ألتمان الحقيقية قال بأسى: "أشعر بالغرابة والحزن وأنا أناقش هذا الأمر، واضطراري للدفاع عن نفسي يبدو جنونياً تماماً، وأنت تتهمني بعض الشيء" حتى مع نفي كارلسون لذلك، ودافع كارلسون عن موقفه بقوة، مؤكداً أنه لا يتهم سام ألتمان بأي شيء، بل يسأل هذه الأسئلة بطلب مباشر من عائلة بالاجي، وأن هذا بحد ذاته هو "إظهار للاحترام" لهم.

في نهاية المطاف، وبعد أن وصل النقاش إلى طريق مسدود، بدا أن المواجهة المباشرة قد استنفدت أغراضها. حاول ألتمان إيجاد أرضية مشتركة، متفقاً مع كارلسون على أن العائلة تستحق "إجابات واضحة ومقنعة" وأن من حقها البحث عن "الحقيقة الكاملة"، وكانت هذه هي اللحظة التي خفت فيها حدة المواجهة، ما سمح لكارلسون بالانتقال إلى سؤاله التالي. 

من هو سوشير بالاجي؟

كان Suchir Balaji باحثاً بارزاً في OpenAI، لكنه تحول إلى واشي عن المخالفات التي تقوم بها الشركة، حيث أنه قبل وفاته كان قد نشر تحليلات يزعم فيها أن لديه دليلاً قاطعاً على أن استخدام OpenAI للبيانات المحمية بحقوق الطبع والنشر لتدريب نماذجها ينتهك القانون بشكل صارخ، وأنه كان من المقرر أن يدلي بشهادته في قضية "نيويورك تايمز" الكبرى ضد OpenAI و Microsoft.

ورغم أن خبراء قانونيين قللوا من أهمية حججه، إلا أن توقيت وفاته الغامض (بالإضافة إلى غياب رسالة انتحار) غذى نظرية المؤامرة التي تبناها بقوة إيلون ماسك وشخصيات يمينية بارزة، بالإضافة إلى والدته التي ظهرت في برنامج كارلسون في وقت سابق من هذا العام في حلقة طالبت فيها بالتحقيق مع سام ألتمان.

هذه المقابلة لم تكن مجرد حوار صحفي، بل كانت محاكمة علنية على الهواء، تضع سام ألتمان في موقف لم يسبق أن وُضع فيه أي رئيس تنفيذي لشركة تكنولوجيا من قبل، وتوضح كيف أن الصراع حول مستقبل الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد منافسة تجارية، بل تحول إلى معركة شرسة وحادة تُستخدم فيها كل الأسلحة الممكنة.

هل يمكن أن يكون سام ألتمان حقاً وراء مقتل الباحث سوشير بلاجي؟

باحث شاب على وشك الإدلاء بشهادة قد تكلف OpenAI كل جهودها يقتل فجأة في ظروف غامضة. كاميرات مراقبة كانت معطلة، الدماء انتثرت في غرفتين، ووجبة طعام جاهزة كان ينتظر وصولها قبل وفاته، مع غياب تام لأي دافع للانتحار - إنها حبكة تبدو وكأنها مكتوبة بعناية لفيلم إثارة هوليوودي، ومن السذاجة تجاهلها بالكامل. 

السؤال الذي يتهامس به الكثيرون في أروقة وادي السيليكون المظلمة: هل يمكن أن يكون سام ألتمان حقاً وراء مقتل الباحث سوشير بالاجي؟ المصلحة واضحة، والتوقيت مريب، والتفاصيل لا تتوافق مع الرواية الرسمية البسيطة.

لكن.. هل يعقل أن يُقْدِم رئيس تنفيذي لشركة تبلغ قيمتها مئات المليارات على ارتكاب جريمة قتل بهذه الوحشية والغباء تاركاً خلفه كل هذه الأدلة؟ أليس من الأسهل تصديق الرواية الرسمية للشرطة، وأن أطرافاً أخرى - كمنافسين مثل إيلون ماسك - تستغل هذه المأساة الشخصية لتشويه سمعة OpenAI وقائدها ببراعة في خضم حرب تكنولوجية لا تعرف الرحمة؟ الحقيقة الكاملة تظل ضبابية، معلقة بين تقرير شرطة رسمي ونظرية مؤامرة مدعومة بتفاصيل غريبة، وفي النهاية يجد المشاهد نفسه عالقاً في حيرة مربكة أمام كل ما يحدث في وادي السيليكون خلال هذه الحقبة.