في مقابلة مع مجلة Business Insider، روى الباحث اللبناني Jad Tarifi (مؤسس أول فريق للذكاء الاصطناعي التوليدي في Google) عن نظرة Google التي كانت ترى الذكاء الاصطناعي كمشروع بحثي أكاديمي على درجة رفيعة، وليس كمنتج تجاري يجب إطلاقه للسوق، وأوضح أن فريقه كان يعمل على نماذج وأفكار ثورية توازي ما قدمه ChatGPT لاحقاً، بل وتتفوق عليه في بعض الأحيان، لكن كل هذه المشاريع كانت تصطدم بجدار من التردد الإداري.

بحسب ما قاله Jad Tarifi، كان السبب الرئيسي لبطء Google في إطلاق نماذجها هو الخوف الهائل لدى الإدارة العليا من المخاطرة، وكان هناك قلق دائم من أن إطلاق منتج ذكاء اصطناعي غير مثالي قد يضر بسمعة شركة Google العملاقة ومحرك بحثها الذي يمثل أكبر مصدر لأرباح الشركة، وهذه العقلية (التي تفضل الكمال المطلق على السرعة) أدت إلى بقاء الابتكارات الحقيقية حبيسة المختبرات.

يصف Jad Tarifi هذه الحالة قائلاً أن Google كانت تريد التأكد بنسبة "100%" من أن أي منتج ذكاء اصطناعي لن يقدم إجابات "مجنونة" أو غير متوقعة، وهو مستوى من الكمال شبه مستحيل في المراحل الأولى لأي تقنية جديدة، بينما في المقابل كانت شركات ناشئة وأكثر جرأة مثل OpenAI مستعدة "للتسرع" وإطلاق منتجاتها للعامة حتى ولو كانت تحتوي على عيوب، وهذا التسرع وهذه الأسبقية هما ما منحا OpenAI الضجة المفرطة، فبينما كانت Google غارقة في اجتماعات لا نهاية لها حول المخاطر المحتملة، كانت OpenAI تستحوذ على اهتمام العالم وتجمع بيانات لا تقدر بثمن من ملايين المستخدمين وفرضت نفسها كقائد للسوق، بينما كانت Google لا تزال في مرحلة النقاشات الداخلية والمراجعات اللانهائية.

يؤكد Jad Tarifi أن الصراع لم يكن أبداً صراعاً على الموهبة أو القدرة التقنية، بل كان صراعاً بين ثقافتين: ثقافة الشركة العملاقة التي تخشى على إرثها، وثقافة الشركة الناشئة الجريئة التي ليس لديها ما تخسره، وهكذا، ورغم امتلاكها لكل الأوراق الرابحة، وجدت Google نفسها في موقف دفاعي، تحاول اللحاق بركب شركة أصغر منها بكثير، لكنها كانت ببساطة أكثر شجاعة.