تشهد صناعة أنظمة تشغيل أجهزة Smart TV صراعًا متصاعدًا بين الرغبة في حماية خصوصية المستخدمين من جهة، وتزايد مطالب المعلنين بالحصول على بيانات دقيقة ومفصلة من جهة أخرى. في مؤتمر StreamTV Show الذي عُقد في مدينة دنفر، أشار "تاكاشي ناكانو"، نائب رئيس المحتوى والبرمجة في منصة Samsung TV Plus، إلى وجود "صراع جوهري" داخل منظومة الإعلانات المرتبطة بأنظمة التشغيل، موضحًا أن المعلنين يسعون لمعرفة تفاصيل دقيقة قد تصل إلى حد معرفة ما تناوله المستخدم على الإفطار.

الإعلانات الذكية والبيانات الزائدة عن الحاجة

مع التقدم التقني الهائل، أصبحت أنظمة التشغيل الخاصة بالتلفزيونات الذكية تركز بشكل كبير على جمع البيانات وتحليلها لعرض إعلانات أكثر دقة وفعالية. ورغم ذلك، أقر ناكانو بأن بعض البيانات التي يتم جمعها قد لا تكون ضرورية أو مفيدة فعلًا، مشيرًا إلى وجود فائض من المعلومات التي قد تضر أكثر مما تنفع. وأضاف:

"نحن محظوظون لأن لدينا هذا الكم من البيانات، ولكن هل نريد حقًا أن نشاركها بالكامل؟ الصراع قائم بشكل دائم."

بيانات دقيقة.. ولكن إلى أي حد؟

بدأت الشركات المصنعة لأنظمة تشغيل Smart TV في استكشاف طرق جديدة لجمع معلومات أكثر تعقيدًا عن المستخدمين، بما في ذلك العواطف والميول الشخصية. شركة LG مثلًا أعلنت مؤخرًا عن دمج نموذج ذكاء اصطناعي جديد في نظام webOS يهدف إلى تحليل مشاعر المشاهدين ومعتقداتهم لتوجيه الإعلانات بشكل أكثر فاعلية.

إلا أن هذا التوجه يثير التساؤلات حول الحدود التي ينبغي التوقف عندها. فالانتقال من مجرد تتبع المحتوى المشاهد إلى محاولة تحليل الحالة النفسية والاعتقادية للمستخدم قد يُعتبر تجاوزًا غير مقبول لحدود الخصوصية الشخصية.

دعوة لإعادة النظر في منظومة الإعلانات

دعا ناكانو إلى تبني نهج أكثر توازنًا يراعي احتياجات جميع الأطراف، سواء المعلنين أو المستخدمين أو مطوري أنظمة التشغيل. وقال:

"أعتقد أننا بحاجة للنظر إلى نظام الإعلانات ككل ونسأل أنفسنا: كيف نجعل هذا النظام يعمل بطريقة فعالة دون انتهاك خصوصية المستخدم؟"

وأشار إلى أن هناك عددًا كبيرًا من الحلقات الوسيطة في عملية عرض الإعلانات، وهي في الغالب غير ضرورية وتُعد نتاجًا لخلل في البنية الأساسية، ما يخلق عبئًا إضافيًا على النظام دون تحقيق فائدة حقيقية.
أنظمة التشغيل تتحول إلى مصدر الدخل الرئيسي

مع تراجع هوامش الربح في قطاع بيع أجهزة التلفاز نفسها، أصبحت الشركات تعتمد بشكل متزايد على أنظمة التشغيل كمصدر رئيسي للإيرادات، من خلال عرض الإعلانات وجمع البيانات. من المتوقع أن تمثل إعلانات التلفاز المتصلة نسبة 27٪ من إجمالي إيرادات الإعلانات التلفزيونية بحلول عام 2025، أي ما يعادل نحو 41.8 مليار دولار، وفقًا لتقرير صادر عن WPP Media.

ويتوقع أن ترتفع هذه الإيرادات إلى 71.9 مليار دولار بحلول عام 2030، مما يعزز من دوافع الشركات للتركيز على تطوير برامج ذكية قادرة على جمع بيانات دقيقة تساعد على استهداف المشاهدين بشكل أفضل.

المستخدم يهتم بالصورة والسعر أكثر من البرمجيات

رغم كل هذا الاهتمام من الشركات بجمع البيانات وتطوير أنظمة تشغيل ذكية، إلا أن اهتمام المستخدمين لا يزال ينصب غالبًا على جودة الصورة وسعر الجهاز عند الشراء. وأوضح ناكانو أن المستخدمين الذين يشترون أجهزة سامسونج، على سبيل المثال، غالبًا ما يستخدمون نظام التشغيل المثبت مسبقًا لأنه ببساطة وسيلة الوصول إلى المحتوى.

ومن جانبها، قالت "كاثرين بوند"، نائبة رئيس قسم المحتوى في شركة Vizio، إن المنافسة بين أنظمة التشغيل تنتهي فعليًا بمجرد شراء المستخدم للجهاز، لكن التحدي الأكبر يكمن في الحفاظ على تفاعل المشاهد مع النظام للاستفادة من فرص الإعلانات.

معركة بين البرمجيات والأجهزة

مع تزايد تركيز الشركات على الإعلانات وتخصيص المحتوى بدلاً من تطوير المكونات المادية للتلفاز، يبدو أن المعركة القادمة ستكون حول من يسيطر على تجربة المشاهدة: البرمجيات أم الأجهزة. وبينما تسعى الشركات إلى تطوير واجهات استخدام جذابة ومريحة، يبقى الخيار بيد المستخدم، الذي قد يفضل حلولاً بديلة مثل أجهزة Apple TV التي توفر تجربة أكثر خصوصية وتحكمًا.

في نهاية المطاف، يتوجب على الشركات أن توازن بين تحقيق أرباح الإعلانات والحفاظ على ثقة المستخدم. فالمشاهد لم يعد مجرد متلقٍ سلبي، بل أصبح واعيًا بقيمة بياناته وبحقه في الخصوصية، وهو ما قد يغير مستقبل صناعة التلفاز الذكي بالكامل.