لعل مصطلح الطباعة ثلاثية الأبعاد يجعلك تعتقد أنه شئ من المستقبل لسنا مستعدين له حتى الآن، ولكن في الحقيقة فإن هذا النوع من الطابعات بدأ في أن الانتشار منذ 2007، ما يعني أكثر من 16 عاماً، ناهيك أن النموذج الأول من الطابعات ثلاثية الأبعاد ظهر في 1988 تقريباً.

وكما هو الحال مع أي منتج تقني، المزيد من السنين تعني المزيد من التطور، فكما بدأنا من الهاتف ذا الأزرار إلى أول هاتف آيفون إلى هاتف قابل للطي، تمر الطابعات ثلاثية الأبعاد هي الأخرى بدورها من التطور التي يجعلها أرخص، أسهل وقابلة للاستخدام من أي شخص دون الحاجة لأن يكون متخصصاً.

أما عن أهمية الحصول على طابعة ثلاثية الأبعاد، فإلى أين يمكنك العد؟ تخيل أن يكون لديك جهاز قادر على صناعة أي شيء بدقة لامتناهية، لعل الحد الوحيد هنا هو إبداعك حقاً، ولكن على سبيل المثال، يمكنك إنشاء المجسم الذي تريده لشخصيتك المفضلة، أو صناعة حافظة لأي شئ تملكه، كما يمكنك تحقيق الربح من امتلاك طابعة ثلاثية الأبعاد عن طريق صناعة وبيع أي منتج غير منتشر في السوق، كحامل لكارت الشاشة على سبيل المثال. وبشكل عام فإن امتلاك طابعة ثلاثية الأبعاد يفتح لك الآفاق لإنشاء أيا كان ما ترغب به، سواء كان ملفاً جاهزاً تقوم بتحميله وطباعته، أو أن تصمم أنت منتجك الخاص ثم تقوم بطباعته.

وكما هو الحال مع أي منتج قد ترغب في شراؤه، يوجد عدد من العوامل التي يجب التركيز عليها لتحديد ما إذا كانت تلك الطابعة جديرة بالاقتناء أم أن هناك بدائل أفضل، ومن أبرز العوامل التي يجب التركيز عليها هي ما يلي:

  • حجم الطباعة: وهو الحد الأقصى الذي يمكن للطابعة إنتاجه من حيث الحجم، يعتمد ذلك على أبعاد الطابعة نفسها والمساحة المخصصة للطباعة داخلها.
  • دقة الطبقة الناتجة: سمك الطبقة الواحدة التي يمكن للطابعة صناعته، كلما استطاعت الطابعة إنتاج طبقات نحيفة، زادت دقة المطبوعات من حيث التفاصيل، ولكن سيتطلب ذلك وقتاً أطول للطباعة.
  • نوع الفتيل المتوافق: وهو «حبر» الطابعة ثلاثية الأبعاد، يجب أن تعلم الأنواع التي تدعمها الطابعة التي تخطط لشرائها، أو ما إذا كنت ترغب في أن تدعم طابعتك فتيل معين.
  • سرعة الطباعة: وهو من أهم العوامل التي يجب التركيز عليها قبل اختيار طابعتك الأولى، في العادي تتراوح سرعة الطباعة ما بين 50 إلى 60 مم/ثانية، الأعلى هو بالتأكيد أفضل.
  • نوع الطارد: وهو أهم قطعة في الطابعة ثلاثية الأبعاد، فهو المسئول عن إذابة الفتيل وتشكيله بما يتناسب مع الشكل المطلوب طباعته وينقسم إلى أنواع بدوره.
  • التوصيل: ضع في اعتبارك خيارات الاتصال التي توفرها الطابعة، فالبعض قد يأتي ببطاقة SD، بينما يدعم البعض الآخر الاتصال المباشر عبر واي فاي.

بالطبع يوجد المزيد من العوامل المهمة التي يجب النظر إليها قبل شراء طابعة ثلاثية الأبعاد، كسهولة التركيب وجودة المواد المصنوعة منها، كذلك ما إذا كان للطابعة أية مشاكل قد تُواجهك، ومدى سهولة الصيانة. ولعل العامل الأهم هو السعر، وما إذا كانت الطابعة التي ترغب بشرائها تأتي بسعر مناسب وتحقق المعادلة الشهير للقيمة مقابل السعر، أم أنه يوجد اختيارات أفضل في نفس الفئة السعرية.

واليوم نستعرض معكم واحدة من أحدث الطابعات ثلاثية الأبعاد من شركة Creality، وهي Ender 5 S1 مع نظرة سريعة على أهم ما تقدمه، طريقة التركيب والاستخدام وتجربتنا لها في معمل عرب هاردوير!

طابعة Ender-5 S1

تأتي طابعة Ender 5 S1 لتكون ضمن أحدث سلسلة طابعات من شركة Creality، فهي خليفة Ender 3 S1، وبالتالي فهي تمتلك أحدث التقنيات التي توصلت إليها الشركة المصنعة، ما يميز هذه الطابعة باختصار هو تصميمها المتين، سرعة الطباعة وجودة النماذج المطبوعة، بجانب عدد من الكماليات، كوجود شاشة لمس بواجهة مبسطة، مستشعر لنفاذ الفتيل وخاصية اكتشاف انقطاع التيار الكهربائي بجانب وجود حوامل جانبية.

 

وعند المقارنة مع طابعة الجيل السابق، نجد أن الاختلاف الأكبر يتمثل في أن الطابعة الجديدة تستخدم آلية عمل مختلفة، حيث يتحرك الطارد على محوري X و Y بينما يتحرك السطح الذي يتم الطباعة عليه لأعلى وأسفل، هذا يختلف عن طابعة Ender 3 S1 الذي تعتمد على الحركة في محوري X و Z فقط، وتُساعد هذه الآلية الجديد في تحسين سرعة وجودة الطباعة، مع الحفاظ على ثبات افضل في سرعات الطباعة العالية خصوصاً مع استخدام تصميم مكعبي، وبشكل عام فإن طابعة Ender-5 S1 تأتي بترقيات واضحة في العتاد تجعلها واحدة من أفضل الطابعات ثلاثية الأبعاد الموجودة في السوق.

أما فيما يتعلق بجودة مواد التصنيع في طابعة Ender-5 S1، فلا يوجد أي ملحوظات، حيث تبرع شركة Creality في تقديم جودة تصنيع عالية لسلسلة طابعات Ender، فانطباعنا الأول عند حمل الطابعة أنها بدت ثقيلة بشكل يوحي بالقوة، كذلك أبدعت الشركة في تقديم تصميم نعتقد أنه الأجمل لطابعة ثلاثية الأبعاد، ما يجعلها أقرب لقطعة تزيينية، خصوصاً إذا قمت بشراء تلك الألواح الزجاجية التي تبيعها الشركة منفصلة لغلق أضلاع الطابعة، أعجبنا أيضاً طريقة تنظيم الوصلات، حيث تأتي أضلاع الطابعة بقطع مخصصة لتمرير الأسلاك داخلها.

وبجانب ذلك، تفاجئنا بمدى سهولة عملية التركيب، والتي لم تستغرق معنا أكثر من ساعة، وذلك بفضل كُتيب التعليمات شديد الوضوح مع الصور المفصّلة ذو الجودة العالية التي ستجعلك قادراً على تركيب الطابعة بسهولة تامة ودون تعقيدات، وهي ميزة أخرى تفتقر إليها بعض الطابعات ثلاثية الأبعاد ما تجعل عملية تركيبها أشبه بتجربة من الجحيم.

محرك مباشر مع طرف ساخن من المعدن

فيما يتعلق بنوع الطارد المستخدم، فقد قررت الشركة استخدام محرك مباشر (Direct Drive)، والمقصود بذلك أن الطارد يتم تثبيته على رأس الطباعة ويدفع بالفتيل مباشرة إلى الطرف الساخن، هذا يختلف عن أنواع أخرى من الطابعات التي تقوم بتثبيت الطارد على إطار الطابعة ما يجعل الفتيل ينتقل عبر أنبوب خاص ليتمكن من الوصول إلى رأس الطباعة. استخدمت كرياليتي المعدن لصناعة الطرف الساخن في طابعة Ender-5 S1، وعند دمج المحرك المباشر مع طرف ساخن من المعدن، يتيح ذلك للطابعة الوصول لدرجات حرارة عالية، ما يتيح التعامل مع عدد متنوع من مواد الفتيل بدقة لامتناهية، مثل ABS و PETG، كذلك سيكون من السهل التعامل مع مادة TPU (البولي يوريثين الحراري) الشهيرة في صناعة الحافظات، وهي واحدة من المواد التي تحتاج إلى طابعات متخصصة لاستخدامها.

تستطيع طابعة Ender-5 S1 الطباعة على درجة حرارة تصل إلى 300 درجة مئوية، وفقاً للموقع الرسمي.

جدير بالتنويه أن درجات الحرارة العالية هي سلاح ذو حدين، وبالتالي فإذا كنت تنوي الطباعة باستخدام المواد التي ذكرناها (ABS و PETG) لفترات طويلة، فقد تحتاج إلى استبدال الأنبوب الصغير في الطرف الساخن.

جودة ممتازة للمطبوعات بسرعة عالية

أبهرتنا Ender-5 S1 في جودة الطباعة التي استطاعت تقديمها، حيث قمنا بتجربة عدد من الأشكال المختلفة مع التركيز على وجود أكبر كمية تفاصيل ممكنة، لم تخيب الطابعة ظننا، خصوصاً مع السرعة العالية التي تطبع بها، مع ملاحظة أن السرعة القصوى التي تروج لها الشركة (250 ملم/ثانية) ليست السرعة التي ستستخدمها حقاً، فقد تم قياسها بناءً على حركة رأس الطباعة دون تشكيل أي فتيل، وبالتالي فهو رقم نظري فقط، قامت الشركة بتقييده للحفاظ على جودة الطباعة.

وبشكل عام، لا نعتقد أن تقييد السرعة القصوى تُحتسب كعيب في طابعة كريلتي، فمن المهم الموازنة بين السرعة والجودة، ليس من الصعب على الشركات أن تقدم لك سرعات عالية للطباعة؛ ولكن تكمن المعادلة هنا في عدم التضحية بالجودة على تلك السرعات، وكما أوضحنا سابقاً، لا يوجد لدينا أي ملحوظات على جودة المطبوعات التي حصلنا عليها باستخدام تلك الطابعة، فهي جيدة بشكل يثير الدهشة حقاً، ودون حتى الحاجة للقيام بأي تعديلات على أسلوب الطبع عبر الإعدادات، ما يجعلها خياراً ممتازاً للمبتدئين الذين لن يكونوا قادرين على الخوض في التفاصيل التقنية، فقط قم باختيار النموذج الذي تريد طباعته وستحصل على النتيجة المطلوبة.

ننصح بإغلاق خاصية اكتشاف إنقطاع الكهرباء من الإعدادات الموجودة في شاشة اللمس، حيث سيُحسّن ذلك من جودة المطبوعات بشكل واضح.

ولعل المشكلة الوحيدة التي واجهناها هو التصاق المطبوعات على السطح المخصص للطباعة، تستخدم الشركة هنا لوح من البولي كاربون المنحني، والذي يلتصق بقاعدة الطابعة مغناطيسياً، ستواجه بعض التحديات لتتمكن من فصل المطبوعات عن ذلك اللوح، حتى بعد الانتظار لتنخفض درجة الحرارة.

واجهة مستخدم لمس سهلة الاستخدام

تأتي طباعة Ender-5 S1 بشاشة تعمل باللمس، مع واجهة مصممة من الصفر لتكون سهلة الاستخدام قدر الإمكان، نعتقد أن شركة Creality حاولت جعل طابعتها تلك مخصصة للمبتدئين، وهو ما بدا واضحاً لنا منذ فتحنا للصندوق ومحاولة التركيب، من الجيد أن نرى أن الواجهة المجددة التي أعادت الشركة تصميمها تأتي هي الأخرى لتكون سهلة الاستخدام ومباشرة قدر الإمكان.

عند تشغيل الطابعة ستلاحظ ظهور شعار الشركة، وهو ما يعلمك ببدأ عملية إقلاع النظام، ثم سيظهر لك واجهة تضم أربع نوافذ جانبية، الصفحة الرئيسية، طباعة، تحضير، إعدادات.


يمكن من هذه الوصول لكل الإعدادات التي تحتاج إليها لضبط طابعتك، يمكنك كذلك الوصول للملفات التي تريد طباعتها عن طريق تركيب بطاقة SD التي ستجدها ضمن الملحقات، والتوجه إلى  نافذة الطباعة (Print)، سنتحدث عن ذلك الأمرين بشكل من التفصيل في الفقرة القادمة.

طريقة التحضير والاستخدام

عند تشغيل الطابعة لأول مرة ستحتاج إلى التوجه إلى قائمة التحضير (Prepare) وضبط جميع اتجاهات الطابعة عبر الضغط على علامة المنزل الموجودة في قسم حركة المحاور (Axis Move)، ثم الضغط على نفس العلامة لمحور Z الموجود في نفس النافذة جهة اليمين. توجه بعد ذلك إلى إعدادات الحرارة (TemperatureSettings)، واختر "Preheat PLA"

توجه مرة أخرى إلى الواجهة الرئيسية ثم إلى الإعدادات (Settings) واختر "Leveling method"، في هذا القسم ستتمكن من ضبط زاوية سطح الطباعة ليكون قدر الإمكان، وذلك عبر الضغط على نفس علامة المنزل الذي تحدثنا عنها سابقاً. ثم اضغط على جميع الأرقام الموجودة أمامك والتي ستقوم بمعايرة رأس الطارد (CR touch) مع زوايا السطح التي تمثلها تلك الأرقام.

  • ملحوظة: يٌفضل أن تقوم بوضع ورقة بين فوهة الطارد (Nozzle) وسطح الطباعة، ثم تقوم بفك مسامير السطح لتحافظ على هذه المسافة بينهم، بحيث يكون من السهل تحريك الورقة في المسافة بين سن الطارد والسطح. كما موضح بكتيب التعليمات.

توجه بعد ذلك إلى الاختيار الثاني في نفس النافذة (Auto LVL) ثم اضغط على "ابدأ". واجه عدد من المستخدمين مشكلة في جعل السطح أفقياً تماماً، وأكدت شركة كريلتي أنه خطأ تصنيعي في النسخ الأولى، عموماً في تجربتنا للطابعة قمنا بضبط الإعدادات يدوياً للتأكد من أن السطح أفقي بالكامل.

مبروك، أنت الآن تمكنت من تحضير طباعة Ender-5 S1، والآن نحن مستعدون لطباعة منتجنا الأول، فقط قم بإضافة بطاقة SD في الطابعة، وتوجه إلى قسم الطباعة (Print)، ستجد هناك ملفين محملين بشكل افتراضي، لأرنب ومركب صغيرين، أطبع ما ترغب به لتكون تجربتك الأولى، ولكن تأكد من أنك قمت بإضافة الفتيل بشكل صحيح عبر التأكد من إنارة المستشعر الخاص به. أما عن طريقة إضافة الملفات على بطاقة SD، فتأتي البطاقة ملحقة بفلاشة USB، ما يسهل عملية توصيل البطاقة على حاسوبك في حال كنت لا تملك قارئ مخصص لبطاقات SD. 


الخلاصة.. اختيار ممتاز مع تحفظات بسيطة

ستكلفك طابعة Ender-5 S1 في الإمارات ما يقارب 2200 درهم إماراتي، وهو سعر قد يكون مبالغ فيه بعض الشئ نظراً لوجود اختيارات أفضل في فئة سعرية مقاربة؛ ولكن إذا كنت تريد شق طريقك في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد ولا تملك الكثير من الخبرة، فنعتقد أن هذه الطابعة من كريلتي يجب أن تكون من ضمن اختياراتك الجادة، فهي الاختيار الموجه للمبتدئين، فلن تواجه أي صعوبات في التركيب، ومع شاشة اللمس المزودة بواجهة مستخدم حديثة، سيكون استخدام طابعة Ender-5 S1 أقرب إلى استخدام جهاز ذكي، حتى أبسط الوظائف كتركيب الفتيل ستكون أسهل بوجود مستشعر مخصص لها.