أعتبر شبح تسوشيما، الصادرة في 2020 هي لعبة السنة التي لم تكن، بل ولعبة جيل Playstation 4 بأكمله؛ وذلك لأنها قدمت شيء جديد لم يقدمه أحدٌ من قبل. لعبة ساموراي قوية، تستغل كل شبر في مساحة عالمها لاستعراض جمال وغرابة وغنى الطبيعة اليابانية، بطريقة تجعلك تشعر كأنك سافرت عبر الزمن إلى تلك الحقبة التاريخية المميزة، وهي حقبة غزو المغول لليابان. اليوم تعود السلسلة بجزء جديد بأحداث منفصلة تقع بعد 300 عام من الجزء الأول، وفي مكان بعيد، حول جبل يوتيه. لكن معضلة "الأجزاء الثانية" تكمن في صعوبة تقديم ما يعيد تعريف كل شيء قدمه الجزء الأول، وبالتالي صعوبة التفوق عليه. ولكن دائمًا ما نرى حولنا في الصناعة أن الجزء الثاني الناجح هو ذلك الذي يوسع ما نجح به الجزء الأول، ويصلح مشاكله، فهل تعتبر Ghost of Yotei جزءً ثانٍ ناجح؟ إليكم مراجعة Ghost of Yotei بعد 70 ساعة لعب...

قصة اللعبة (دون حرق)

تدور قصة اللعبة حول البطلة ATSU وقصة انتقامها من جماعة شريرة تسمى Yotei Six أو ستة يوتيه. وهم مجموعة إجرامية تتبع "السيد سايتو" وتمتلك جيشًا تسعى أن تستخدمه في السيطرة على اليابان وإرساء حكم السيد سايتو بمبادئه الخاصة التي تختلف عن مبادئ الساموراي شوجن الحاكم لليابان.

ما أسباب الانتقام، وكيف أذى سايتو "أتسو" بطلة اللعبة، تلك ما تدور حوله مقدمة اللعبة الملحمية التي لا تضيع دقيقة واحدة في إدخالنا في منتصف الأحداث وجعلنا نتحمس لأتسو ونتعلق بها. من أهم إيجابيات القصة هي قصة أتسو وشخصيتها التي تجمع بين الجدية والمشاعر. في النهاية،آتسو هي مجرد فتاة تسعى للانتقام لأنها ذاقت أشد أنواع الحزن، ولذلك ستجعل من تسبب في ذلك يدفع ثمن فعلته، ولكنها عندما تجد السعادة في مواقف جانبية مع الشخصيات الأخرى لا تغلق أمامها الباب، بل تخوض التجربة وتطلق العنان للطفلة التي بداخلها، وهو ما أحببته في شخصيتها. أعتقد أن المقارنات بينها وبين جين ساكاي لا مفر منها، ولكن شخصيًا أشعر وأن كلاهما قدما شيئًا مختلفًا، ولكنه لا يقل روعة وعمقًا وإنسانية هنا عن الجزء الماضي.

الشخصيات الجانبية كانت ممتازة أيضًا، وخصوصًا شخصيتين لن استطيع ذكر أسمائهم، ولكن عمومًا طاقم الشخصيات هذه المرة قوي وله عمق وازن، ودوافع قوية وتطور ملحوظ من بداية القصة إلى نهايتها. طريقة سرد الأحداث طبعًا هي المقاطع السينمائية بجانب بعض الوثائق التي يمكنك قراءتها لتعطيك المزيد من المعلومات حول سياق العدو الرئيسي للقصة والدوافع التي لديه، لكن حالها كحال ألعاب سوني في السنوات الأخيرة، السرد السينمائي هو أساسها وهو أروع ما تقدمه اللعبة. لدرجة تعيدك إلى العصر الذهبي لـPS4، وإلى قدرة سوني في إصدار مجموعة واسعة من الألعاب القصصية العظيمة. هذه اللعبة تنتمي لهذا الجيل بجودتها في السرد والكتابة والاهتمام بالشخصيات والتفاصيل عدى في جانب واحد!

هذا الجانب هو ما أفسد علي شعور أن القصة "مثالية" في كل شيء، وهو العدو الرئيسي، السيد سايتو. شعرت بخطره وتهديده طوال اللعبة ولكن قصصيًا لم أشعر أنني أكرهه أو أني رأيته أصلًا على الشاشة بما يكفي. أداؤه التمثيلي كان رائعًا في مشاهده القليلة، ولكن هناك جانب كبير لم يُستعرض واُكتفيَ بالتلميح إليه وهو دوافعه نحو ما يفعل وفكره. أحب دائمًا عندما تتاح الفرصة لشرير القصة أن يعبر عن رأيه ودوافعه حتى وإن كانت خاطئة أو شريرة! وهذا لم يحدث هنا. كما أن بعض مسارات القصة التي جاءت مع ختام بعض الخطوط السردية كانت ضعيفة وغير ناضجة، شعرت وكأنها كُتبت باستعجال أو غير اهتمام.

عمومًا القصة رائعة وملحمية، ومن أجمل ما قدمت سوني في طريقة السرد، ولكنها أقل من الجزء الأول في المستوى بسبب طريقة إنهاء بعض الخطوط المهمة فيها، ومن أجمل العناصر في القصة هو تأثرها بالألعاب والأفلام الأمريكية، بحيث تجد أن موسيقى اللعبة وعالمها وحتى طريقة المبارزة والتنافس بينك وبين الأعداء متأثرة بأفلام Western وهو أمر جميل ومختلف تمامًا عن الجزء السابق وأي لعبة ساموراي أخرى رأيناها. يجعل هذا الأمر شبح يوتيه لعبة منفردة بذاتها، بالرغم من أنها جزء من سلسلة.

أشعلت شبح يوتيه حماستي لكي أرى ما تملكه سوني وأستوديو Sucker Punch من طريقة للتعديل والتغيير على أسلوب اللعب والأجواء والإعدادات الزمانية والمكانية، فهل تتحول السلسلة إلى شيء أشبه بأساسنز كريد مع بطل جديد في حقبة جديدة من تاريخ اليابان الحافل؟ أم أنها ستركز على حقب زمنية متقاربة؟ 

أسلوب اللعب: التغيير الأكبر...لكن هل للأفضل؟

شهد أسلوب اللعب في "شبح يوتيه" كم كبير من التغييرات مع الحفاظ على الهيكل الأساسي للتجربة، كونها لعبة توفر عالمًا مفتوحًا وتجربة أكشن/مغامرة سينمائية مع عناصر تطوير و RPG بسيطة، وتركيز على حرية الاستكشاف، والقتال بالسيف، فهذه الأشياء لم تتغير وإنما التغييرات الكبرى جاءت على نظام المعارك الذي شهد استبدالًا لنظام الوقفات أو Stances إلى نظام يعتمد على تنويع الأسلحة، بحيث يكون كل سلاح مناسب لنوع من الأعداء، وبالتالي بدلًا من استبدال Stances مع كل نوع عدو تواجهه، ستستبدل السلاح. ويعتبر هذا التغيير بالرغم من كونه كبيرًا فإنه يقدم في النهاية تجربة متشابهة كثيرًا مع تجربة الجزء الأول، إلا أن الأسلحة المتوفرة أكثر من أربع أسلحة أساسية، وهناك الكثير من الأدوات المساعدة والأسلحة التي لا تعد من ضمن الترسانة الأساسية ولكن اعتمادك عليها سيكون كبيرًا أيضًا.

الأسلحة الأساسية هي:

  • الكاتانا: يستخدم أمام العدو الذي يستخدم الكتانا.
  • الكتانا المزدوجة: يستخدم أمام الأعداء الذين يستخدمون الرمح.
  • الأوداتشي: يستخدم ضد الأعداء الضخام في الحجم.
  • الكوساريجاما: يستخدم أمام العدو الذي يستخدم دروعًا في حماية نفسه.
  • الرمح: يستخدم أمام العدو الذي يستخدم كوساريجاما.

أما الأسلحة الفرعية فهي:

  • القوس الخفيف: وبه أنواع للذخيرة مثل السهام الحارقة والعادية والمسمومة.
  • القوس والسهم الثقيل: وبه أنواع للذخيرة مثل السهام الحارقة والسهام المتفجرة.
  • القنابل: قنابل متفجرة، وقنابل ترابية تعمي الأعداء، وقنابل الدخان وغيرها.
  • البندقية: وتحتاج إلى وقت طويل في إعادة التلقيم، لكن في المقابل ضررها مميت لمعظم الأعداء.
  • الكوناي: عبارة عن سكاكين صغيرة يمكن رميها من على بعد.
  • المسدس (Pistol): يمكن إطلاقه بسرعة بضغطة زر واحدة.

هذه الأسلحة مقسمة على أزرار X و O و مربع ومثلث على كلا الجانبين من الشاشة عند الضغط على L2 أو R2، وبعضهم على الجانب الأيسر عند الضغط على L1. تصميم القوائم كان جيد، لكن شعرت بأن سرعة وتيرة المعارك وحركة الأعداء جعلت تبديل السلاح دون تلقي ضرر أمرًا صعبًا وربما هذا يضيف للتحدي أكثر لكنه مزعج في بعض الأحيان. وكان تنوع الأسلحة كبير ولكل سلاح شجرة المهارات لترقيته والترقية لا تقتصر فقط على زيادة الضرر به بل تعلم حركات جديدة تمامًا تجعل القتال به أكثر فعالية.

نظام المعارك عادةً ما يضعك أمام عدد كبير جدًا من الأعداء، وهو ما يجعله مربكًا في بعض الأحيان ولكن ضمن سياق القصة من المنطقي أن تواجه كل هؤلاء وحيدًا لأنك شخص واحد يحاول الانتقام من قائد جيش عملاق! نصيحتي لك هي أن تطور الأسلحة باستمرار، وأن تحاول فتح الأسلحة الجانبية والأساسية منذ بداية القصة لأن القصة لا تخبرك عن مدى أهمية كل سلاح بصورة واضحة، لتكتشف بعد الحصول عليه أنه سلاح أساسي.

التخفي في اللعبة هو أضعف جوانبها، الأدوات المساعدة تكون الأسلحة الصامتة مثل القوس والسهم أو الاغتيالات من خلف الأعداء ولكن لا يوجد أدوات مساعدة كثيرة لتقديم شيء جديد لم نره من قبل. نعم، لازال التخفي ممتعًا لكنه يكاد يكون مطابق لجميع الألعاب التي صدرت منذ بدء سلسلة Assassin's Creed وحتى الآن، وبالطبع مطابقًا للجزء الأول. هذه المرة كان القتال المباشر أكثر جاذبية بالنسبة لي، خصوصًا مع تواجد الأسلحة النارية التي تحدث تغييرًا في قواعد الاشتباك، وتجعل من الحركة الدائمة على ساحة المعركة شيئًا أساسيًا يجب اعتماده كأسلوب، والسبب أن طلقة واحدة قد تكفي لردعك بدرجة كبيرة.

العالم المفتوح: أجمل ما في التجربة منذ جزئها الأول

تتميز "شبح يوتيه" بعالم مفتوح رائع ومميز، يتفوق على عالم الجزء الأول في كم النشاطات الجانبية المتاحة، خصوصًا مع وجود نظام صيد الجوائز الذي يوفر معارك مع شخصيات بارزة وقوية من عالم اللعبة. اللعبة متأثرة بشكل كبير بالأعمال الأمريكية من نوع Western ويمكننا القول بإنها متأثرة بلعبة  Red Dead Redemption 2 بقدر كبير. فالعالم المفتوح سلس في تصميمه، يدعوك إلى أن تضيع فيه، وفي كل ركن هناك قصة مختلفة أو شيء جديد لتكتشفه. بين الأشياء التي يمكنك جمعها، والنشاطات الجانبية والأحداث العشوائية، هناك عالم نابض بالحياة ويستغل كل ركن من مساحته الكبيرة، التي تشبه مساحة خريطة الجزء الأول، لكن مع تنوع أكبر في البيئات والنشاطات.

العالم كالعادة، لا تظهر فيه أي علامات على الشاشة أثناء سيرك فيه، وهو ما ميز الجزء الأول، إذ يريدك المطور أن تستمع بجمال العالم وأن تتجول فيه وأنك متواجد فيه بنفسك، بحيث تستطيع رؤية القلاع والحصون والمدن والأماكن المميزة من حولك، وأن تقرر بنفسك إلى أين تريد أن تذهب، وهو ما نجح في سحب عدد ساعات ضخم مني دون أن أشعر. الأمر تم بسلاسة والفضل يعود لطريقة تصميم الخريطة وتنوع البيئات في العالم، إذ تتكون اللعبة من بيئات غابية ومدن وقرى صغيرة، وبيئات أخرى ثلجية وجبال يمكنك تسلقها تصل بك إلى ما فوق السحاب، وغيرها من الأماكن المميزة. والمقارنة هنا واجبة، فبالرغم من شدة جمال الخريطة والبيئات في لعبة Assassin's Creed Shadows لكني شعرت بالتكرار بينما قدمت شبح يوتيه بيئات أصغر وخريطة محدودة لكن بيئاتها تجعلك تشعر حقًا أنها متنوعة.

نشاطات العالم المفتوح تنقسم إلى مهمات جانبية مصممة بشكل رسمي على أنها "Quest" أو قصة جانبية، وعددهم قليل لكن جودتهم ممتازة، وهناك صيد الجوائز الذي تقوم به على طريقة الغرب الأمريكي القديم، بحيث تجمع صورة المجرم من لوحة معلقة في مدخل المدينة، وتذهب للبحث عنه في آخر مكان رصده الناس فيه، ثم تقاتله وتذهب لحصد جائزتك.

هناك مجموعة من القصص الجانبية التي تنتهي بفتح سلاح جديد، ولا أعتبرها جانبية بكل صراحة لأنها مهمة جدًا وعليك أن تنهيها في بداية التجربة. هناك نشاطات جانبية عائدة من الجزء الماضي، مثل قطع نبات البامبو، والاسترخاء في الينابيع الساخنة، ونشاطات جديدة مثل الرسم باستخدام لوحة اللمس في يد تحكم Dualsense أو الطهي أو لعبة مصغرة لن أحرقها عليكم. 

من ضمن أهم النشاطات الجانبية تحرير الحصون، الذي يعتبر نوع أساسي متواجد في كل ألعاب العالم المفتوح تقريبًا، هناك أيضًا جانب كبير من جمع الموارد وتصنيع العتاد وترقيته بستمرار ليكون مواكبًا لتطور مستوى الأعداء مع تقدم القصة. يمكنك أيضًا تخصيص الشخصية والحصان الخاص بها، مع اختيار أزياء منوعة لأتسو، وسرج الحصان.

عمومًا، العالم المفتوح رائع ويسهل تمضية الوقت فيه لساعات طويلة دون أن تشعر، ومصمم باحترافية وقدر كبير من الحب يظهر في كل ركن منه.

الأداء التقني:

تقدم اللعبة ثلاثة أطوار تقنية على PS5 العادي، وأربعة على PS5 PRO، وهم الأداء والدقة وتتبع الأشعة، وتتبع الأشعة برو (على بلايستيشن 5 برو فقط).

طور الدقة يستهدف 30 إطار مع دقة عرض أعلى (غير مذكورة)، بينما يستهدف طور الأداء 60 إطار مع دقة عرض أقل، ويستهدف طور تتبع الأشعة أقل دقة عرض لكن مع تفعيل تتبع الأشعة، بينما طور تتبع الأشعة برو يستهدف دقة عرض أفضل من PS5 العادي مع تتبع الأشعة و60 إطار.

جربت اللعبة على PS5 العادي، في طور الأداء كانت التجربة سلسة وحصلت على أداء ممتاز من دون مشكلات تقنية تذكر.

التعريب:

تقدم اللعبة ترجمة عربية كاملة للنصوص والقوائم، وهي ترجمة ممتازة لا يشوبها شائبة كعادة ألعاب سوني بلايستيشن في الترجمة العربية. وينصح بتجربة اللعبة مترجمة لأن اللعبة تحتاج لغة إنجليزية ممتازة، خصوصًا وأنها لعبة قصصية والأحداث فيها متسارعة وتعتبر قصتها ضخمة نسبيًا.

أنصح أيضًا بتجربة الأداء الصوتي الياباني مع ترجمة عربية لأن هذا هو الوضع المثالي لكونها لعبة عن اليابان في المقام الأول، فالأداءات الصوتية اليابانية ممتازة وربما أفضل من الإنجليزية.

كلمة أخيرة

أعادتني "شبح يوتيه" إلى العصر الذهبي لسوني بلايستيشن، فبالرغم من عدم تقديم شيء ثوري فإنها نجحت في كل شيء استهدفته تقريبًا، قدمت لعبة قصصية ملحمية في عالم مفتوح ممتاز وجميل وأخاذ، بأنظمة لعب متقنة وبلا أي مشكلات تقنية. هذه حصرية PS5 تستحق أن تقتنيها بكل تأكيد.