من أجل الديمقراطية! هذا هو شعارنا الذي نصرخه بأعلى صوت في أي مباراة ندخلها بلعبة Helldivers 2، فمن كان يدري أن إطلاق النيران المستمر بل هوادة سيكون بكل هذه المتعة. لعبة هيل دايفرز 2 هي مثال حي على استوديو يفهم ما الذي يريده مجتمع اللاعبين، وكيف يحافظ عليهم ويستمر في جذب المزيد منهم، فرغم عدم وجود حملات إعلانية ضخمة صحبت اللعبة حتى خط الإصدار، إلا أن مئات الآلاف تفاوتوا عليها خلال ساعات من الإصدار، وأصبحت هي حديث الساعة خلال الأسابيع الماضية. إليكم مراجعتنا الكاملة للعبة Helldivers 2.

تجربة أكشن حماسية كما قال الكتاب

لعبة Helldivers 2 تُقدم تجربة هدفها الرئيسي التركيز على أسلوب اللعب التعاوني والمواجهات الملحمية مع الأعداء، لكنها تحتوي أيضًا على قصة / lore بسيط حتى تفهم ما الذي يجري من حولك. أحداثنا تقع في المستقبل البعيد حيث انتشر البشر في كل أنحاء المجرة وأصبحوا موحدين تحت ما يُسمى بالأرض العظيمة (Super Earth)، لكن للأسف هذا الانتشار أصبح مهددًا الآن ودخل البشر في صراع على جبهتين، جبهة ضد المخلوقات الفضائية (الحشرات Terminids)، وجبهة أخرى وهي الآليين Automatons. أنت تلعب بـ Helldiver، وهدفك الرئيسي هو تحرير الكواكب التابعة للأرض العظيمة من المخلوقات الفضائية و الآليين مهما كان الثمن.

بغض النظر عن القصة التي لا تهمنا بأي شكل هنا، فدعونا نتحدث قليلاً عن أسلوب اللعب الحماسي. تلك هي لعبة تصويب تعاونية من منظور الشخص الثالث يمكنك الاستمتاع بها فرديًا أو مع ثلاثة آخرين من أصدقائك. ستقومون باختيار المهمة التي تريدون لعبها سواء على جبهة الحشرات أو الآليين، بعدها ستختارون الصعبة وتحددون العتاد الخاص بكم، وتنتلقوا في رحلة مدتها 40 دقيقة على سطح هذا الكوكب. خلال الـ 40 دقيقة يجب عليكم الانتهاء من أهدافكم الرئيسية والانخراط في مجموعة من الأهداف الفرعية (إذا أردتم)، ثم تقومون بالخروج من الخريطة قبل انتهاء الوقت المُحدد.

الحماس كله يظهر في المواجهات التي ستأخذك إليها تلك المهام، حيث ستجد نفسك محاصرًا بعشرات وأحيانًا مئات من الحشرات والآلات الذين يهجمون عليك بل هوادة من أجل تحطيمك أنت وفريقك، وهنا تصرخ من داخل قلبك قائلاً "من أجل الديمقراطية" وتبدأ في تقطيع وتمزيق أشلائهم يمينًا ويسارًا إلى ما لا نهاية. إنها تجربة إطلاق نيران حماسية عمياء تطلب منك فقط التصويب والضغط على الماوس الخاص بك حتى تستمتع وترى كل شيء ينفجر ويتدمر من حولك، فما أكثر متعة من ذلك؟

اصنع مشاهدك السينمائية بنفسك في Helldivers 2!

لم أتخيل أبدًا أن لعبة أونلاين خدمية ستكون قادرة على تقديم تجربة سينمائية بهذا الإبداع الغير مُسبق. بدايةً من أسلوب اللعب السلس وطريقة الحركة والفيزيائية الممتازة، مرورًا بالمشاهد التي تصنعها بنفسك في كل موقف تمر به. تخيل معي أنك تلعب على أعلى صعوبة وتجد نفسك محاصرًا ومطاردًا من قبل الحشرات أو الآلات، وفجأة تقف لتقوم بتطلب ضربة جوية من سفينتك الفضائية، لتنظر وراءك وترى دماء وأشلاء الحشرات تتناثر في كل مكان بينما تهرب منهم. إنها تجربة سينمائية بحق، ولعل هذا هو السبب الرئيسي الذي يجذب ملايين اللاعبين حول العالم، وتلك هي أول مرة أرى فيها لعبة تُقدم لي كافة الأدوات اللازمة لصُنع المشاهد السينمائية بنفسي، بدلاً من الاعتماد على مشاهد صممها المطور مُسبقًا!

الفيزيائية هي الأخرى رائعة هنا، وتؤدي لخلق الكثير من المواقف المميزة مع الأصدقاء خاصةً وأنه يمكنك قتل صديقك إذا أطلقت عليه النيران، ويمكن أن تُصيب الضربات الجوية التي تطلبها أصدقائك إذا لم تُبلغهم بمكانها، وأحيانًا ستجد الشخصية تقع على وجهها أثناء الركض حيث تتعثر في طوبة مثلاً مما يجعل الكثير من المواقف الصعبة المليئة بالتوتر والأكشن، تتحول للحظة ضحك هيستيرية مع أصدقائك.

سبب رئيسي لكون اللعبة سينمائية بهذا الشكل هو المستوى الرسومي الرائع الذي تُقدمه، فهي لعبة جيل جديد بحق خاصةً في تفاصيل الإضاءة والبيئات الرائعة والمنوعة التي ستقضي فيها ساعاتٍ طويلة على مختلف الكواكب. تصميم الحشرات والآلات رائع، مع تصميم مميز للأسلحة والشخصيات والبيئات القابلة للتدمير بالكامل. ذكرتني التجربة كثيرًا بأيام Battlefield قديمًا، حيث كنت أعلم أنه إذا سقط صاروخًا على هذا المبنى، فسيُصبح ردمًا في الحال، وهذا هو الوضع مع لعبة Helldivers 2.

أيضًا يجب أن نؤكد على مدى جمال وقوة المؤثرات الصوتية، من أصوات الأسلحة للانفجارات لأصوات الشخصيات وهي تصرخ أثناء إطلاق النيران أو الموت، وبالطبع لن ننسى الموسيقى التصويرية الأسطورية التي تزداد حماسًا كلما تقدمت في المهمة وكلما زادت الصعوبة وأصبحت ملاحقًا من مئات الأعداء. في بعض الأحيان ستشعر وأنك داخل فيلم سينمائية فعلي عندما تندمج المشاهد الملحمية مع الأكشن الخرافي والموسيقى المميزة. إنها بالفعل أحد أفضل التجارب الخدمية في السنوات الأخيرة!

إمكانيات تخصيص مهولة في Helldivers 2، بدون الحاجة لدفع أموال حقيقية!

يمكنك تخصيص كل شيء في لعبة Helldivers 2، بدايةً من شكل شخصيتك وكل تفصيلة فيها، مرورًا بالأسلحة والضربات الجوية والعتاد الذي تستخدمه وتطلبه من سفينتك الفضائية في كل مهمة، وصولاً إلى الحركات التفاعلية التي تُعبر فيها عن نفسك مع اللاعبين الآخرين. كل تلك الأمور يمكنك فتحها داخل اللعبة نفسها، وحتى تذكرة الموسم المدفوعة يمكنك الحصول عليها وفتح كافة محتوياتها عبر نقاط التقدم والخبرة والـ Super Credits (عملة اللعبة) التي يمكنك أن تجدها متناثرة في عالم اللعبة. في وقتٍ نرى فيه استوديوهات تُطلق على أسوأ ألعابها لقب AAAA وتبيعها بسعر 70 دولار، يأتي استوديو Arrowhead ليُقدم لنا تجربة خرافية بسعر 40 دولار فقط وبدون أي محتويات مدفوعة!

ليس ذلك فحسب، بل واجهت اللعبة كمية ضخمة من المشاكل عند فترة الإطلاق في الخوادم وقدرة تحملها خاصةً مع وجود آلاف اللاعبين الجدد الذين ينضمون لنشر الديمقراطية يوميًا، ولذلك خرج الاستوديو أكثر من مرة على منصة X على لسان رئيسهم مؤكدين للاعبين أنه لا يتوجب عليهم شراء اللعبة في الوقت الحالي والانتظار حتى يقومون بحل مشاكلها. تقريبًا تلك هي المرة الوحيدة في حياتي التي أرى فيها استوديو يفهم مجتمع اللاعبين بهذا الشكل، ولذلك نرفع لهم القبعة لتقديرهم للاعبين.

ونرفع لهم القبعة أيضًا لتقديم نظام تقدم بسيط في اللعبة يعود بنا لنظام الألعاب القديمة، فهو معتمد اعتماد كامل على أسلوب لعبك ومهارتك في الحصول على نقاط الخبرة. فقط قمّ بالاستمتاع باللعبة، أنهي المهام، احصل على نقاط الخبرة، زدّ من مستواك، واستمتع بفتح المزيد والمزيد من الأسلحة والعتاد والتعابير، وكل شيء يمكنك فتحه باختيارك، حتى في تذكرة الموسم نفسها!


للأسف، التجربة التقنية عكرت المنتج النهائي

لنتحدث أولاً عن الأداء التقني، حيث جربت اللعبة على حاسوب متوسط بالمواصفات الآتية:

  • معالج Intel Core i5-10400F
  • 32 جيجا بايت من الرامات DDR4 بتردد 3200 MHz
  • بطاقة رسومية Nvidia GeForce RTX 3050 8 GB
  • تخزين على NVMe M.2 SSD

تمكنت من تشغيل اللعبة على إعدادات مرتفعة بدقة 1080p وحصلت على إطارات تتراوح بين 50 و 60 إطار في الثانية، ورغم أن الأداء التقني جيد، إلا أنني كنت أتمنى أن تدعم اللعبة تقنيات ترقية الجودة الحديثة مثل Nvidia DLSS أو AMD FSR مثلاً. غياب تلك التقنيات سيؤثر على التجربة عند العديد من المستخدمين الذين يمتلكون حواسيب شخصية أقل في القوة، حيث تساعد بشكل ملحوظ في ترقية الإطارات بنسبة تصل لـ 50% في بعض الأحيان!

بالحديث عن المشاكل التقنية، فاللعبة صدرت وهي تُعاني من كمية ضخمة من المشاكل في الخوادم وإمكانية وصول اللاعبين لتجربة اللعبة. في البداية، اللعبة كانت تدعم أقل من 400 ألف لاعب نشط في نفس الوقت، والاستوديو لم يتوقع نجاح اللعبة العملاق بهذا الشكل، مما جعلنا ننتظر لساعاتٍ طويلة دورنا (كأننا واقفين في طابور عيش مثلاً)، والمضحك هو أن اللاعبين الذين يدخلون اللعبة لا يقومون بالخروج منها خوفًا من عدم دخولهم مرةً أخرى مستقبلاً، وكانوا يخرجون لعملهم ويعودون لاستكمال اللعبة.

ضفّ على ذلك أن اللعبة غير قابلة للعب في مصر أساسًا بدون VPN بسبب مشاكل الخوادم التي أثرت على التجربة ككل، ولذلك أول بضعة أيام من تجربة Helldivers 2 كانت بمثابة جحيم لكل اللاعبين بسبب تلك المشاكل الضخمة في الخوادم. بالطبع اللعبة أصبحت أفضل الآن ككل، ولكن المشاكل لا تزال متواجدة بنسبة تظهر بين الحين للآخر، بالإضافة لوجود مشاكل تقنية و bugs و crashes في بعض الأحيان. تلك كانت ستصبح لعبة مثالية عند الإطلاق لولا تلك المشاكل التقنية المزعجة!

جدير بالذكر أنه على غير عادة ألعاب Sony PlayStation، فلعبة Helldivers 2 لا تدعم اللغة العربية بأي شكل عند الإصدار ولا حتى ترجمة، فنتمنى أن يتم إضافتها قريبًا!

في النهاية

لعبة Helldivers 2 هي واحدة من أفضل الألعاب الخدمية التي صدرت في الآونة الأخيرة، وقدمت تجربة أكشن ملحمية يمكنك الاستمتاع بها مع أصدقائك لساعاتٍ طويلة. لكن الأمر يقع الآن على عاتق فريق Arrowhead لضمان الحفاظ على ملايين اللاعبين خلال السنوات القادمة، وهذا كله سيحدث عبر التحديثات والتحسينات المستمرة. الاستوديو أثبت بالفعل أنه قادرًا على فهم متطلبات مجتمع اللاعبين، فهل سيكون قادرًا على حل مشاكلها وتقديم محتوى يليق بهذا الكم من اللاعبين، أم ستتحول اللعبة إلى ماضٍ في الأسابيع والأشهر المُقبلة؟