مراجعة Yakuza: Like a Dragon

نجحت سلسلة ألعاب المافيا اليابانية Yakuza في الوصول لقاعدة جماهيرية عريضة على مدار السنوات القليلة الماضية بفضل إصدارتها المتنوعة، وكونها تقدم مزيج فريد من ألعاب العالم المفتوح وتعاقب الأدوار قلما تجده في الألعاب الغربية، وبالتالي كان من الطبيعي أن يتخطى نجاح السلسلة حدود اليابان ويغزو العالم على الرغم من أن البعض قد يجد صعوبة في تقبل بعض العناصر الغير مألوفة في ألعاب هذا النوع مثل أسلوب القتال على سبيل المثال، والذي نجح في إثارة اهتمامي في البداية وشهد تحسينات مثمرة ومنوعة في الساعات الأولى من Yakuza: Like a Dragon ، إلا وأنه شهد على تكرار وإعادة في النصف الثاني من الأحداث أفقدتني متعة الاستمرارية والتعرف على ملامح القصة المشوقة لأقصى درجة.

تعد Yakuza: Like a Dragon نقطة تحول في مسار السلسلة من نواحي مختلفة، حيث تم التخلي عن البطل الرئيسي Kiryu Kazuma لأول مرة واستبداله بشخصية Ichiban Kasuga، وقد تظن أنه شخص لا يصلح لهذا العمل في البداية، ولكنه لم يتوقف عن مفاجأتي طوال أحداث اللعبة ليشق طريقه بنجاح في عالم مظلم مليء بالأوغاد تحكمه قوانين الغابة حيث المادة تتحكم في كل شيء والبقاء مكفول للأقوى فقط ولا مكان للعواطف أو الخدمات بدون مقابل، وبما أننا نتحدث عن بطل جدي لأول مرة، كان من الجيد الانتقال لرقعة جغرافية مختلفة تماما وهي مدينة Ijincho التي تقدم صورة مصغرة لليابان وما يحدث في أزقتها وشوارعها الخلفية من جرائم وابتزاز وعمليات قتل وسرقة منظمة لتتمكن كل عشيرة من فرض اسمها وسطوتها والتحكم في كل كبيرة وصغيرة.

تضحية.. خيانة.. انتقام

 انضم بطلنا Ichiban لعالم الجريمة في سن مبكر، ولم يعارض فكرة الذهاب إلى السجن بتهمة جريمة قتل لم يرتكبها لحماية القاتل الحقيقي جو ساواشيرو اليد اليمنى لرئيس عشيرة توجو ماسومي أراكاو، حيث ظن الشاب المتهور أن تلك الخطوة ستساعد في بناء مستقبلة وسط عصابات المافيا، ليخرج بعد قضاء مدته وليجد العالم الذي تركه خلفه قد تغير بالكامل ولم يعد أحد يتذكر وجوده في الأساس، حيث توفى أبن رئيس عشيرة توجو أراكاوا ماساتو بسبب المرض، بينما تعاونت عشيرة أراكاوا المنافسة لعشيرة توجو مع الشرطة وقامت بكشف عملياتهم القذرة مما تسبب في حرب مشتعلة بين الطرفين، وما بين مطرقة الشرطة وسندان العصابات التي تفرض سيطرتها على الشوارع، يقرر بطلنا التعاون مع المحقق السابق كويتشي أداتشي وينطلق في رحلة مليئة بالمخاطر ولكنه لا يملك ما يخسره.

على الرغم من أن القصة نالت إعجابي من اللحظة الأولى سواء في طريقة العرض أو نظام السرد والعمق الدرامي الذي تقدمه، إلا أن Yakuza: Like a Dragon تتبع أسلوب بطيء وممل في أوقات كثيرة في عرض الأحداث، حيث ستقضي الساعات الخمسة الاولى في التعرف على الشخصيات المختلفة (ستواجه صعوبة بالغة في تمييز أسماء الأفراد الذين تتعامل معهم) والخلفية الدرامية لكل شخصية وكيف ساهمت في تكوين قناعاته الحالية، ناهيك عن المحادثات التي لا تتوقف وتستمر لدقائق طويلة، وما زاد الأمر سوءا هو أن اللعبة تعتمد على نظام محادثات مباشر مع الشخصيات الرئيسية يمكن تقبله على الرغم من عيوبه المختلفة، ولكن الأسوأ هي تلك المحادثات الصامتة مع الشخصيات الثانوية والتي تظهر على الشاشة فيه هيئة نصوص دون أصوات، مما يفقد تلك المواقف أي شعور بالواقعية أو التفاعل مع الأحداث نفسها بسبب كون الأمر يقتصر على مشهد ثابت لا يوفر أي شعور بجدية الموقف أو المحنة التي تمر بها.

خيارات متنوعة للتعامل مع خصومك

لحسن الحظ يتغير الوضع عندما يتعلق بنظام المعارك والاشتباكات، نعم ستشعر في البداية أنك أمام اشتباكات سطحية وبسيطة بشكل مبالغ فيه، وهو ما يعود بنا لنفس النقطة الخاصة بالمماطلة في تقديم عناصر العنوان الرئيسية، ولكن بمرور الوقت تتوسع تلك الجزئية بشكل مذهل لتضع في يد اللاعب خيارات لا حصر لها عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الأعداء وتنفيذ المهام المختلفة لعشيرتك، سواء كنت تعتمد على الهجوم المباشر أو المهارات الخاصة أو حتى الدفاع المستمر لتقليل الضرر الذي تتعرض له قدر المستطاع، لدى اللاعب مطلق الحرية في إدارة عتاده والاستفادة من المهارات التي اكتسبها وتطويع تلك القدرات في أساليبه الهجومية والدفاعية للتخلص من خصمه في أسرع وقت، وبما أن المعارك القتالية تحدث بشكل متكرر وعشوائي حتى أثناء التنقل داخل المدينة، فبمجرد إتقانك لأساسيات القتال ستستمتع بكل لحظة تواجه فيها أفراد العصابات الأخرى، على الأقل في النصف الأول من الأحداث الذي يشهد تحسينات ومزايا جديدة في نظام الاشتباكات كل فترة، أما أولئك الذين يحرصون على الغوص بعمق في نظام الوظائف وصياغة الأسلحة، تحتوي اللعبة على زنزانة في مجاري Ijincho تسمح للاعبين باختبار قوتهم ضد أعداء أقوياء وجمع مواد نادرة لإنشاء أسلحة ودروع أقوى، وفي الوقت الذي تتيح لك اللعبة استخدام العديد من العناصر حولك كأسلحة، مثل إشارات المرور والدراجات الهوائية وغيرها من العناصر التي تختلف من بيئة لأخرى، تعاني تلك المعارك من نظام الحركة المحدود وعدم قدرة اللاعب على التعامل مع خصومه بحرية كبيرة وبالتالي الأمر هنا أشبه بالألعاب اللوحية، حينما تنتظر تحرك خصمك أولا للتصرف حسب الموقف.

تتأثر شخصية اللاعب بالقرارات التي يتخذها طوال عمر العنوان، ونفس الأمر ينطبق على المهام الرئيسية والفرعية، والتي تساهم في زيادة سمات الشخصية الرئيسية مثل العاطفة ، السحر والتصرف بلطف، تلك هي الوظائف التي ستتمكن من تطويرها بمرور الوقت والاهتمام بجزئية على حساب الأخرى في حال كان لديك مهمة تتطلب منك تلك الخطوة، ولكن لسوء الحظ لا يسير الأمر بنفس السلاسة واليسر في النصف الثاني من الأحداث، حينما تقرر اللعبة التطرق لأحد اسوأ الأنظمة التي شهدتها صناعة الألعاب مؤخراً، وهي المط والمبالغة في صعوبة المهام لإضاعة وقتك في تطوير الشخصية والتطرق للمهام الفرعية إلى أن تتمكن من الوصول لنفس الرتبة التي تساعدك على هزيمة الخصم الرئيسي، أو جمع مبالغ مالية طائلة للتطرق للمهمة التالية، تماما كما حدث بشكل فج من قبل مع Assassin's Creed Odyssey، ولذلك يعتبر الجزء الثاني من العنوان مليء بالمشاكل والعيوب المختلفة التي كان يمكن التغاضي عنها بسهولة عن طريق التطرق للأحداث الرئيسية مباشرة دون مط مع ترك حرية التجول والاستكشاف للاعب نفسه بحسب رغبته دون إرغامه على هذا الأمر.

أنشطة فرعية مختلفة وألعاب مصغرة إدمانية

بعيدا عن مهام القصة الرئيسية، يقدم العنوان مهام فرعية مثيرة للاهتمام تحت عنوان Hero-for-Hire، عبارة عن مهام تنافسية تكافئ اللاعبين لخوض معارك صعبة أو الوصول إلى معالم معينة مثل هزيمة 10 أعداء من عشيرة محددة، أو إنفاق أموال كافية في اللعبة أو العثور على عناصر مخفية في العالم الافتراضي، ولكن الجزئية الأمتع بالنسبة لي فيما يتعلق بالمهام التي يقدمها العنوان هي تلك الخاصة بالألعاب المصغرة والتي شهدت تطويرات ضخمة تجعل أي شخص لا يمانع قضاء العديد من الساعات في سباقات الكارتينج المثيرة واستخدام الاسلحة للتخلص من خصومه، او الأعمال الإدارية التي تركز على إدارة سلسلة من المتاجر والتعامل مع المستثمرين والسعر لزيادة الأرباح، ناهيك عن المهام المعتادة مثل المقامرة والكاريوكي وغيرها من الأنشطة التي تحفل بها المدينة وتبعدك ولو لفترة قصيرة عن جو المؤامرات والأعمال القذرة التي تقوم بها العشائر لفرض نفوذها على المدينة.

بالنظر لكوني شخص يفضل خوض أحداث أي لعبة باللغة الإنجليزية حتى وأن كانت من مطور ياباني، غمرتني السعادة بعد أن وفرت Yakuza: Like a Dragon دبلجة صوتية كاملة للأصوات للغة الإنجليزية، وهو الأمر الذي قد يراه البعض بصورة سلبية لا تناسب طبيعة اللعبة وأحداثها، ولكني اندمجت بشكل أفضل مع الدبلجة الإنجليزية حتى وأن كانت غير مناسبة في بعض المواقف إلا أنها كانت ممتازة في المجمل وساعدتني على فهم الأحداث بصورة أفضل دون التركيز في قراءة الترجمة لساعات وساعات وملاحقة كل جملة لفهم ما يحدث دون التركيز على الشخصيات، وبالتالي يجب الإشادة بالأداء الصوتي المميز للشخصية الرئيسية Kaiji Tang وتفاعله مع كل موقف وكل مهمة بشكل مناسب لن يجعل أي شخص يفتقد الأصوات اليابانية أو يشعر أن الأداء لا يلائم الشخصية وأبعادها.

الخلاصة

" على الرغم من المماطلة التي شهدتها اللعبة في أوقات كثيرة، إلا أن قصة Yakuza: Like a Dragon تعتبر المحرك الرئيسي للأحداث مع شخصيات تمت كتابتها بحرفية وخلفيات درامية عميقة وحضور طاغي وأداء صوتي مميز، ومفاجآت مستمرة على طول الخط، أضف إلى ذلك نظام قتالي متشعب يتطور بمرور الوقت ويضع في يد اللاعب خيارات عديدة للاستفادة من عتاده والتعامل مع خصومه بطرق منوعة ، ولكنه لم يقدم التغييرات الكافية طوال عمر اللعبة وأصبح مكرراً بشكل واضح في النصف الثاني من الأحداث، ولكن لحسن الحظ يوفر العنوان محتوى ضخم يشجع أي لاعب على استثمار وقته في المهام الفرعية أو الألعاب المصغرة الغاية في الإثارة والتنوع والتي تُبقي أي لاعب مشغول لساعات طويلة دون كلل أو ملل "