
قطاع الرعاية الصحية يقوم باستخدام تكنولوجيا وحدات المعالجة الرسومية لدعم اكتشافات الذكاء الاصطناعي و التعلّم العميق
المقال الأصلي من إعداد رجا كودوري، نائب الرئيس الأول ورئيس المهندسين، "راديون تكنولوجيز"
اكتسبت تقنيات الذكاء الاصطناعي اهتماماً كبيراً في الآونة الأخيرة، ومع ذلك، فإن العديد من التطبيقات الرائجة التي بيّنت لنا فوائدها المحتملة كانت مجرد براهين للمفاهيم تقتصر على فئة معينة من الناس مثل إتقان الشطرنج أو العثور على مقاطع فيديو للقطط على شبكة الإنترنت. وفي حين ساعدت هذه التطورات على تمهيد الطريق لمزيد من الاكتشافات، ظل العديد من الناس يتساءلون عن الفوائد الملموسة والميزات التي يجلبها عصر الذكاء الآلي حقاً إلى عالمنا الفعلي. وأخيراً بدأنا نقترب من نقطة التحول حيث ستبدأ جهود الذكاء الاصطناعي بتخطي هذه الأمثلة البدائية نحو اكتشافات مؤثرة تحدث أثراً ملموساً في الحياة العملية وتساهم في حل المشاكل التي لم تحل بعد. ويتضح ذلك بشكل جليّ جداً في مجال الرعاية الصحية.
ويعد قطاع الرعاية الصحية من أكثر الصناعات المليئة بالبيانات على مستوى العالم حيث يعتبر حفظ السجلات اختصاصاً محورياً وأصبح اليوم أكثر سهولة مع تحول النظم الصحية في جميع أنحاء العالم إلى السجلات الإلكترونية فيتم تخزين الصور التشخيصية، وصور الأشعة السينية والمسح المقطعي، ونتائج التصوير بالرنين المغناطيسي رقمياً، وفي حين بُذلت كل هذه الجهود للحد من التكلفة وزيادة سهولة وفعالية رعاية المرضى، فقد تتسبب في عصر الذكاء الاصطناعي بتراكم بحيرات عميقة من البيانات التي تحتاج إلى التحليل، وهذا يتيح مجالات جديدة للبحث والعثور على أنماط متكررة تتجاوز إلى حد كبير القدرات البشرية.
لكن ليست بيانات الرعاية الصحية وحدها التي حفّزت التوصل إلى اكتشافات جديدة، ففي الواقع و على الرغم من توافر الكثير من البيانات الرقمية على مدى سنوات، لم تكن الخوارزميات التي استخدمت لتحليل البيانات تتسم بالسرعة الكافية لتوفير معلومات قيّمة وذات جدوى في الوقت المناسب، والآن بدأ هذا الواقع بالتغير ويرجع الفضل في ذلك إلى التطبيق غير المرجح لتكنولوجيا الرسومات، وقد استخدمت وحدات معالجة الرسومات عادةً لتقديم الرسومات والفيديو وكذلك لتشغيل شاشات التلفزيون وتوفير تجارب الألعاب المشوقة والمؤثرة، ومع ذلك فإن صناعة الرعاية الصحية تسخّر قوة هذه الوحدات في الوقت الراهن في استخدامات الذكاء الاصطناعي.
وقد سرّعت التطورات الحديثة في تكنولوجيات وحدات معالجة الرسومات عملية المعالجة المتوازية وجعلتها أقل تكلفة وأقوى أداءً، هذا وإلى جانب توسع منصات البرمجيات مفتوحة المصدر، يمكن الآن لأداء الحاسوب أخيراً مواكبة احتياجات خوارزميات الذكاء الاصطناعي عالية المتطلبات. وسوف يكون للقدرة على تفكيك وتحليل كمية البيانات الضخمة والمعقدة تأثير عميق على نظمنا الصحية ونظم الرعاية الصحية، بما في ذلك توقع وعلاج الأمراض.
تحسين الطب الوقائي
لقد بدأت منصات الذكاء الاصطناعي لتوّها بإثبات دورها في تطوير الطب الوقائي وإيقاف المرض قبل الإصابة به، وهو ما يعدّ عنصراً حيوياً في أي استراتيجية للرعاية الصحية وتتسبب الأمراض المزمنة (مثل السرطان وأمراض القلب) بوفاة سبعة من كل 10 وفيات بين الأميركيين كل عام ويعاني واحد تقريباً من كل شخصين بالغين من مرض مزمن واحد على الأقل يعد الكثير منها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها.
وقد قام الباحثون مؤخراً بإنشاء خوارزمية تشخيص تعتمد على الذكاء الاصطناعي من خلال برمجة وحدة معالجة رسومات لتكون بمثابة شبكة عصبية، ومن خلال تطبيق ما يعرف بـ "التعلّم العميق" باستخدام وحدة معالجة الرسومات، قام الفريق بتدريب الشبكة العصبية على تحديد وتفريق أمراض وآفات الجلد الخبيثة من الحميدة، وأظهرت نتيجة الدراسة قدرة الخوارزمية وموثوقيتها التي توازي موثوقية طبيب الأمراض الجلدية في الكشف عن سرطان الجلد، لكن الخوارزمية أسرع في تشخيص الحالة وأقل تكلفة، ومع تسجيل 5.4 مليون حالة جديدة من سرطان الجلد في الولايات المتحدة كل عام، يمكن للكشف المبكر أن يترك تأثيراً هائلاً على النتائج.
كما يستخدم الذكاء الإصطناعي حالياً للتنبؤ بالصحة المستقبلية للأفراد والسكان من خلال تحليل البيانات السريرية وغير السريرية لتحديد المرضى المعرضين بشكل كبير للخطر قبل وقوع الكارثة، ومن شأن زيادة اعتماد هذه التكنولوجيات أن يؤدي أيضاً إلى نتائج أفضل للمرضى فضلاً عن الحدّ من مخلفات نظام الرعاية الصحية من خلال معالجة قضايا الإفراط في العلاج وتقديم الرعاية، ومع تزايد انتشار هذه الخدمات وتوفرها على نطاق أوسع في المستقبل، من المتوقع أن يوفر التعلم العميق مستويات أعلى من الدقة وتحليلات أسرع إلى جانب تخفيض تكاليف الرعاية الصحية.
دعم البحث والاكتشاف
تمهد تقنيات الذكاء الاصطناعي مسارات جديدة في البحث في مجالات تعثرت فيها الطرق التقليدية. ولطالما كان تطوير علاجات جديدة للأمراض النادرة يتطلب تكاليف خيالية. كما أن عدد المرضى الذين يعانون من مرض نادر واحد عادة ما يكون ضئيلاً مما يصعّب العثور على المشاركين في تجارب سريرية باهظة الثمن ويصعب على شركات الأدوية استرداد التكاليف بعد طرح الدواء في السوق. ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يقلل الوقت اللازم لطرح المنتج في السوق ويحد من حواجز التكلفة وتكلفة البحث الطبي، مما يحفز إحراز التقدم في الحالات التي توجد فيها حوافز مالية محدودة لشركات الأدوية.
وتدرك الشركات الرائدة بالفعل إمكانيات هذه التكنولوجيا، وقوة الجمع بين العلوم البيولوجية مع التعلم العميق لاكتشاف علاجات جديدة للأمراض الوراثية النادرة عادةً دون اللجوء إلى أبحاث عالية التكلفة تستغرق وقتاً طويلاً لتطوير الأدوية الجديدة، ويمكن للبيانات التي تنتج عن هذه التطبيقات مع مرور الوقت أن تصبح أيضاً مورداً لبرامج إضافية للبحث والمساعدة على تفسير سبب فعالية بعض الأدوية أو اقتراح أفضل الطرق الواعدة للاستكشاف.
الاستفادة الشاملة من الاكتشافات في مجال الرعاية الصحية
ليس من قبيل المصادفة أن يعتمد الباحثون بشكل كبير على مبادرات المصادر المفتوحة لدعم اكتشافاتهم، ويواصل التوجه نحو نظم البحث المفتوحة اكتساب المزيد من الزخم، ومن خلال استخدام صور الإنترنت المجانية والمتاحة على نطاق واسع ومنصات البيانات المفتوحة، يمكن للباحثين المشاركة في تعاون شامل على مستوى الصناعة لتحسين نتائج المرضى من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي، والسؤال هنا لمَ المصادر المفتوحة؟ توفر المنصات مفتوحة المصدر برامج غنية بالمزايا تم إنشاؤها بواسطة مجموعة من المطورين بدافع إصرارهم على تحقيق غاية محددة، إن قابلية نقل البرمجيات بين بائعي الأجهزة يجنب حصرها ضمن أجهزة محددة بينما يظل بالإمكان الاستفادة منها على النحو الأمثل ولا ينبغي على الشركات والمنظمات الأكاديمية والحكومية التقيد بحلول محددة من بائع واحد.
وتعد المنصات المفتوحة، مثل منصة Radeon المفتوحة للحوسبة، عنصراً مهماً لتحسين الوصول إلى مكتبات الرياضيات، وتوفير أساس غني من لغات البرمجة الحديثة التي قد تسرع تطوير أنظمة الحوسبة غير المتجانسة فائقة الأداء وذات الكفاءة العالية في استخدام الطاقة وستوفر أجهزة وحدات معالجة الرسومات المرنة والقابلة للبرمجة مثل مسرعات instict radeon المزيد من الخيارات في السوق الذي كانت خياراته مقيدة ضمن دائرة محدودة من الباعة والمطورين.