صراع العالم الرقمي مع المادي يفرض نفسه على اللاعبين .. أكواد الألعاب VS النسخ المطبوعة .. أيهما أحق بالبقاء؟!
في الأيام الأخيرة .. بات العالم الرقمي وحشًا يلتهم العالم المادي (أو إن شئت الترجمة الحرفية .. العالم الفيزيائي) .. فالصحافة الرقمية تلتهم الصحافة الورقية .. والمتاجر الرقمية عبر الشبكة أجبرت متاجر التجزئة على أرض الواقع على الإغلاق (عانى متجر GameStop العالمي من الثورة الرقمية لدرجة أنه أغلق عددًا كبيرًا من فروعه).
تطبيقات طلب المواصلات رقميًا من أمثال أوبر وغيرها أوشكت أن تقضي على فكرة المواصلات التقليدية .. يمكننا أن نستفيض في هذه الأمثلة .. لكن ما يهمنا هنا .. هل يمكن أن ينتهي ذلك العصر الذي كنت تصطحب فيه أخاك الأكبر أو والدك إلى متجر من متاجر التجزئة لتشتري اسطوانة للعبة جديدة أو حتى شريطًا للأتاري؟ والسؤال الأهم هو؛ هل يستحق ذلك العصر أن ينتهي أو من منطلق دارويني بحت؛ هل النسخ الرقمية من الألعاب أفضل من نظيراتها (الملموسة/المطبوعة/الفيزيائية/المادية) لتزيحها من المشعد بالكلية؟ نحاول من خلال الأسطر القادمة أن نُبرز مزايا وعيوبِ كل منهما.
مزايا النسخ الرقمية من الألعاب
تتميز النسخ الرقمية من الألعاب بعدة مزايا تفسر سبب الإقبال الضخم عليها في الآونة الأخيرة؛ أولها أنها "لا تضيع"
تتميز النسخ الرقمية من الألعاب بأنها تتواجد دومًا على منصتك، وهو ما يُناسب كثيرًا الألعاب التي تقوم بلعبها لفترة طويلة .. فمثلًا من غير المعقول أن تظل على مدار 3 أو 4 سنوات -عمر ألعاب مثل Destiny و GTA V- تبحث عن اسطوانة (القرص المدمج) من اللعبة وتقوم بإدخالها إلى حاسوبك أو منصتك المنزلية في كل مرة تلعب فيها تلك اللعبة طويلة العمر .. كذلك من المتعب أن تفعل الأمر نفسه مع ألعاب مثل PES أو FIFA، إذ إنها من نوع الألعاب التي تقوم بلعبها مرارًا وتكرارًا وربما أكثر من مرة في اليوم على هيئة مباريات متقطعة.
[caption id="attachment_185631" align="aligncenter" width="701"] صورة توضح النمو التصاعدي لحجم المبيعات الرقمية في الفترة ما بين 2009 وحتى 2015[/caption]
ثانيًا؛ "غير قابلة للكسر"
لا تنكر ذلك .. في الكثير من الأحيان، تستفزك درجة صعوبة اللعبة أو ربما خطأ ساذج بداخلها، ليكون الحل الوحيد هو الانتقام، تُخرج اللعبة من مخبئها، وتطبق عليها حكم الإعدام فقط لأن كسر أي شيء آخر لن يشفي غليلك .. ربما حدث هذا الأمر معك في طفولتك كثيرًا خصوصًا مع بعض مستويات Crash Bandicoot فائقة الصعوبة. ومن ثم فإن امتلاكك لنسخة رقمية يحميك من غضبك، أقصى ما يمكن أن تفعله لتنتقم من إحدى الألعاب الرقمية هو أن تقوم بمسح ملفات التحميل الخاصة بها من على منصتك أو حاسوبك وفي حال رغبت بالعودة لها مرة أخرى فإنها ستظل قابعة هناك للأبد في حسابك جاهزة لإعادة التحميل مرة أخرى في أي وقتٍ تختاره.
لكن ولعلك لاحظت بالفعل، تأخذنا الميزة السابقة إلى عيب كبير من عيوب النسخ الرقمية وهو أمر يتوقف عليك بالأساس .. صحيح أن اللعبة سوف تظل ملكًا لك مدى الحياة دون أن تضيع أو تنكسر مثلًا لكن أمر تحميل اللعبة على حاسوبك ليس بالأمر الهين. فسرعة اتصالك بالانترنت عامل رئيس في قرارك باختيار النسخ الرقمية أو المطبوعة من الألعاب. في بعض الدول العربية تكون سرعة الاتصال غاية في السوء للدرجة التي تجعلك تنتظر تحميل اللعبة لفترة أطول من تلك التي ستقضيها في عالم اللعبة نفسه .. فقط تأمل في أن لعبة مثل Hellblade Senua's Sacrifice التي أحدثت ضجة كبيرة خلال اليومين الماضيين سوف تجعلك تنتظر انتهاء تحميلها لأسابيع (حجم اللعبة على الحاسب الشخصي 30 جيجابايت)، لتُفاجأ في الأخير أن محتوى اللعبة لا يتجاوز الـ 5 ساعات، أو 7 ساعات في أحسن الاحوال.
ومن هنا يأتي عيبٌ ثانٍ للنسخ الرقمية، وهو أنها تتخذ مساحة دائمة من حاسوبك -ربما يُعد هذا أمرًا ذا شأن بالنسبة للاعبي المنصات المنزلية حيث المساحة الضئيلة على قرص التخزين- لذا فإنك ربما تحتاج إلى تفريغ القرص الصلب أحيانًا من ملفات تحميل لعبتك الرقمية لتحل محلها أخرى، وفي حال رغبت بالعودة مرة أخرى إلى اللعبة الأولى فإنك سوف تضُطر إلى تحميلها مرة أخرى وهو ما يأخذك إلى العيب الأول مرة ثانية .. سرعة الاتصال بالانترنت. وذلك على عكس نسخ الأقراص التي تأتي بوحدة التخزين خاصتها بغض النظر عن وحدات تخزين النظام.
دعنا نستجمع ما قلناه سريعًا، لقد ذكرنا إيجابيتين وسلبيتين لأكواد الألعاب الرقمية، لكن يبقا السؤال الأهم؛ لماذا تُعتبر النسخ الرقمية من الألعاب أكثر رواجًا وشعبية في أوساط اللاعبين؟!
ثالثًا؛ رخيصة الثمن
نعم هذا هو السبب الرئيسي في شعبية النسخ الرقمية من الألعاب، فالنسخة الرقمية من أي لعبة أرخص بكثير من نظيرتها الفيزيائية أو المطبوعة، وذلك بسبب أن الناشر لا يتكلف الكثير في اللعبة الرقمية، سوى بعض الخوادم، أما في حالة النسخ المطبوعة فإن هناك تكاليف إضافية، ثمن الاسطوانة نفسها، ثمن التغليف، ثمن الشحن، ثمن التوزيع حتى متاجر التجزئة القريبة منك، ثم أخيرًا هامش ربح للبائع في منطقتك أضف إلى هذا إن كانت النسخة التي تحصل عليها من النوع الفاخر الذي يأتي في صندوق غالي الثمن، كل هذا يجعل النسخ الفيزيائية من الألعاب أغلى ثمنًا.
الأمر الأهم، هو أنه يمكنك أن تحصل على الألعاب بصيغتها الرقمية بأسعار منخفضة جدًا أقل من أسعارها الأساسية سواءً كان ذلك في المناسبات ومواسم الخصومات أو عن طريق المتاجر الرقمية المتخصصة في مثل هذه الأنواع من العروض من أمثال موقع G2A الذي يقدم أكواد الألعاب بشكل رقمي مقابل أسعار وخصومات أسبوعية تبدأ صباح كل جمعة وتستمر حتى يوم الاثنين من كل أسبوع أو أن تترك الموقع يختار لك حزمة من الألعاب الرائعة شهريًا بأسعار منخفضة جدًا.
أما إذا كنتَ من المجمعين ومحبي بناء مكتبات الألعاب الضخمة، فإن جميع ما قلناه غير موجه لك، أنت من النوع الخاص الذي يُفضل أن يحتفظ بصندوق اللعبة واسطوانتها حتى لو عفا عليها الزمان، ومن يعلم؟! ربما بعد 30 عامًا، يصير ثمن تلك النسخة 40 ألف دولار أو أكثر!
رابعًا: سرعة الوصول
تتميز النسخ الرقمية من الألعاب بسلاسة وسرعة في الوصول، إذ إنك لن تكون في حاجة للذهاب إلى متجر التجزئة في منطقتك لتحصل على لعبتك المنتظرة، لكن وفضلًا عن ذلك يمكنك أن تقوم بتحميل اللعبة في فترة الـ Pre-Load بحيث تكون متاحة لك منذُ الدقيقة الأولى من إطلاقها دون الحاجة للبحث عن تاجر تجزئة، والذي ربما تكتشف أن اللعبة غير متوفرة عنده في الوقت الحالي أو قد نفدت بالفعل أو أن تجد نفسك مضطرًا للوقوف في صف طويل من اللاعبين الشغوفين باللعبة والذين قاموا بطلبها مسبقًا!
إذًا، ربما يتبين لك الأمر الآن، الاختيار ما بين النسخ الرقمية والنسخ الفيزيائية لا يتعلق قط بمحتوى أي منهما لكن بحالتك أنت، هل لديك سرعة اتصال جيدة بالانترنت؟ هل تُعاني من ضيق المساحة المتوفرة للتخزين؟ هل ترغب في الاحتفاظ بنسخ الألعاب جميعًا لتكوين مكتبة كاملة تكون إرثك الخاص الذي ينتقل إلى سلالتك؟ أم ترغب في إعادة بيع اللعبة مرة أخرى؟ أم أن لعبتك المفضلة من النوع طويل العمر الذي تعود إليه مرارًا وتكرارًا؟ وحينها من الافضل أن تكون رقمية لتوفر لك سهولة وسرعة في الوصول!