
هواوي تعود من جديد | تداعيات قرار ترامب برفع الحظر عن هواوي.
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم وخلال كلمته على خلفية قمة العشرين المقامة في مدينة أوساكا اليابانية عن رفع الحظر عن شركة هواوي لتتمكن من شراء المنتجات التي تحتاجها من الشركات الأمريكية مقدماً قبلة حياة للشركة الصينية في وقت تعاني فيه من أزمة في عدة قطاعات بسبب قرار الإدارة الأمريكية الأخير.
هذا القرار بالتأكيد أثار إعجاب المهتمين بالتقنية ومحبي الشركة الصينية ولكنه أثار أيضاً تساؤلات عدة حول أسباب القرار في الأساس وأسباب العودة عنه بتلك السهولة كما أثار أيضاً سؤالاً مهم حول إمكانية عودة الأوضاع لما كانت عليه قبل الثامن عشر من مايو ومدى تأثر باقي الشركات التقنية بيه. كل تلك الأسئلة دفعتنا اليوم أن نبحث معكم عن أجوبة لتتضح الرؤية أكثر حول ما يدور مع الشركة الصينية هواوي.
ماذا قال ترامب؟
دعونا وقبل الخوض في تفاصيل قرار الرئيس الأمريكي الأخير أن نتذكر ما قاله خلال كلمته اليوم في المؤتمر صحفي الذي تلى اجتماعه مع الرئيس الصيني.
" الكثير من الناس متفاجئون أننا نبيع لهواوي كميات ضخمة من المنتجات التي تدخل في تصنيع منتجاتها. أنا قلت أن هذا على ما يرام وسنستمر في بيع تلك المنتجات. هذه الشركات أمريكية التي تصنع تلك المنتجات, هذا أمر معقد للغاية وعلمي للغاية.
وأضاف " في بعض الحالات نحن الذين نصنع تلك المنتجات, نحن الوحيدون الذين نصنعها. ما فعلناه في وادي السيليكون هو أمر مذهل ولم يتمكن أي أحد من منافسته. أنا وافقت لهم أن يبيعوا تلك المنتجات."
"الشركات الأمريكية ستستمر في بيع منتجاتها بدون أي مشاكل. تلك الشركات لم تكن سعيدة لأنهم لم يكونوا قادرين على بيع منتجاتهم لأنهم ليس لهم علاقة فيما يحدث مع هواوي".
لماذا فرضت الإدارة الأمريكية عقوبات على هواوي في الأساس؟
كما تحدثنا من قبل فإن الحكومة الأمريكية تشير بأصابع الاتهام لهواوي بدعوي تجسسها لصالح الحكومة الصينية وهو ما فشلت الإدارة الأمريكية خلال الفترة الماضية في إثباته ما رجح الرأي الآخر الذي يشير أن السبب الرئيسي هو الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين خاصة بعدما أشار دونالد ترامب أن الأزمة ستُحل بسبب صفقة تجارية كما حدث مع ZTE التي اتهمت أيضاً بالتجسس وتم حل الأمر حينها بغرامة 1.2 مليار دولار.
ما هي أسباب الحرب التجارية في الأساس وما هو دور هواوي بها؟
السبب الرئيسي لهذه الحرب التجارية هو رفض الإدارة الأمريكية لعجز الميزان التجاري مع الصين حيث تستورد الإدارة الأمريكية قرابة أربعة أضعاف ما تصدره للصين وهو ما تره الإدارة الحالية وعلى رأسها دونالد ترامب خطراً كبير على بلادهم وأن يجب إعادة التوازن مرة أخرى.
تعرض هواوي لهذا الحظر لم يكن في الحقيقة بسبب تجسسها لصالح الحكومة الصينية ولكن بسبب منافستها الشرسة لكل الشركات الأمريكية العاملة في مجال الاتصالات خاصة أننا بصدد الانتقال للجيل الخامس 5G. هواوي تعتبر أيضاً على رأس الشركات الصينية المصنعة للهواتف الذكية وأجهزة الحاسب ما يجعل عرقلتها باباً لمنافسين آخرين لدخول السوق الأمريكية ما يقلل الصادرات الصينية على المدى البعيد ويعزز منتجاتهم في أسواق أخرى.
كيف تم إزالة الحظر؟
على عكس المتوقع أن يكون الحظر قد أُُزيل بسبب ضمانات قدمتها هواوي للحكومة الأمريكية أو اتفاقيات مشتركة فإن الأمر قد تم حله بصورة تجارية بحتة. أولاً ساهمت الشركات الأمريكية بالضغط على حكومة بلادها للسماح لهم بتصدير منتجاتهم لهواوي حيث تشتري منهم مكونات لهواتفها وبراءات اختراع بمئات الملايين من الدولارات سنوياً ما كاد يعرضهم لخسائر هُم في غني عنها.
ثانياً اتفقت الحكومة الصينية مع نظريتها الأمريكية على شراء معدات ومنتجات زراعية في صفقة بمليارات الدولارات ما سيعزز من الصادرات الأمريكية للصين في مقابل إزالة الحظر على هواوي, إيقاف زيادة الرسوم والجمارك على المنتجات الصينية وإعادة المفاوضات مرة أخرى.
هل سيعود الوضع كما كان عليه مع هواوي قبل قرار الحظر؟
للأسف الإجابة هي لا فقرار ترامب الذي صرح به يعني فقط أن هواوي ستتمكن من شراء منتجات الشركات الأمريكية ولكن الشركة الصينية لن تتمكن من إدخال أي من منتجاتها إلى الأراضي الأمريكية كان ذلك من معدات اتصالات أو أجهزتها كالهواتف الذكية أو أجهزة الحاسب المحمول.
من المستفيد ومن الخاسر من هذا القرار؟
المستفيدون من هذا القرار هم بالتأكيد الشركات الأمريكية فمخاوف جوجل من نجاح نظام هواوي البديل الاندرويد ستتوقف كما ستتمكن شركات مثل إنتل, مايكروسوفت, ميكرون و شركات أخرى من بيع منتجاتهم وأنظمتهم للشركة الصينية وكأن شيئاً لم يحدث.
استفادة الشركات الأمريكية لن تقتصر على هذا الحد فمخاوفهم من انتقام الحكومة الصينية أو مقاطعة المستخدمين الصينين قد انتهى كما أن قرار تأجيل فرض جمارك على المنتجات الصينية سيضمن لهم بقاء أسعار منتجاتهم المُصنعة هناك دون تغير في أسعارها.
قد يظن البعض أن هواوي قد ربحت من القرار الأخير ولكن الأمر ليس كما يبدوا فهو بمثابة إيقاف الضرر وليس مكسب فالشركة الصينية لن تعاني في البحث عن نظم تشغيل أو معالجات بديله ولكنها في نفس الوقت لن تتمكن من زيادة أرباحها كما ستتضرر فيما يخص بيعها لمعدات الاتصالات.
الخاسر الوحيد من قرار ترامب هم منافسي الشركة الصينية المباشرين وهم سامسونج وأبل, ربما قرار الحظر لم يكن في خطتهم من الأساس ولكن أسهم شركاتهم وبالأخص الشركة الكورية قد ارتفعت بشكل كبير فور قرار الحظر كما أن الاشاعات التي حامت حول هواتف هواوي مكنت هواتفها من تحقيق أرباح وجنى مستخدمين جدد لم يكونوا في الحسبان.
وفي رأيي الرابح الأكبر من هذا القرار هم المستخدمين خاصة في مجال الهواتف الذكية والذي سيشهد عودة هواوي لطريقها للسعي على منافسة سامسونج على لقب أكبر مصنع للهواتف الذكية في العالم والذي كان من المتوقع أن تنتصر فيه هواوي بنهاية العام الجاري قبل أن تعيد سامسونج حساباتها وتفرض الحكومة الأمريكية قرار الحظر الأخير.
كيف سيؤثر هذا القرار على قطاع الهواتف في هواوي؟
يعتبر هذا القرار وكما ذكرنا قبلة الحياة للشركة الصينية وخاصة قاطع الهواتف الذي كان سيتأثر أكثر من أي قطاع آخر. وسيساهم هذا القرار في عودة التعاون بين جوجل وهواوي بشكل رسمي وبدون مهلة مُحددة ما يعني أن هواتف الشركة الحالية والمقبلة ستحصل جميعها على تحديثات النظام والتحديثات الأمنية التي كان مخطط لها قبل القرار.
بالإضافة إلى ذلك لن تبحث هواوي عن بديل جديد لنسخة جوجل من الاندرويد وخدماتها كما ستتمكن من استمرار عملية تطوير مُعالجاتها التي تعتمد على براءات اختراع وتصاميم بعض الشركات الأمريكية التي اضطرت لقطع العلاقات معها.