سلاسل الألعاب السنوية ميزة كبيرة أم تكرارية معيبة؟
فى الأونة الأخيرة اتجهت صناعة الترفيه عموماً إلى استخدام فكرة السلاسل السنوية للمحتوى الذى يتم تقديمه، فأصبحنا نجد الأفلام يتم إصدارها بصورة سنوية لنفس السلسلة، وبالطبع صناعة الألعاب كان لها دور من هذا التوجه إن لم يكن موجود قبل أن يمتد إلى باقى عناصر الصناعة الترفيهية، وأصبحت سلاسل الألعاب السنوية هي الطريقة الأساسية
فنحن الآن نرى بعض سلاسل الألعاب التى يتم إصدارها بشكل سنوى تقريباً أو شبه سنوي مثل Assassin’s Creed أو سلسلة FIFA أو سلسلة PES.
ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هل هذه الطريقة تفيد العناوين واللاعبين أم أنها تؤثر بالسلب وتقدم ألعاب ضعيفة المحتوى؟
والحقيقة للوقوف على إجابة لهذا التساؤل يجب علينا أولاً أن نقوم بطرح مجموعة من العناوين التي تنتهج فكرة العناوين السنوية مع بيان موقف هذه السلاسل وهل تقدم ألعاب جيدة بشكل سنوى أم لا.
ثم بعد لك يجب أن نحلل الأسباب التى تدفع الشركات للقيام بها الأمر، هل السبب فى نُدرة الأفكار لذلك تلجأ الشركات إلى استخدام نفس العنوان فى صورة أجزاء سنوية؟، أم أن المشكلة تكمن فى عملية التطوير نفسها؟.
أشهر السلاسل التى تقوم بإصدارات سنوية أو شبه سنوية.
سلسلة FIFA.
بالطبع سلسلة ألعاب كرة القدم الشهيرة على رأس القائمة، حيث يتم إصدار عنوان جديد للعبة كل عام وهذا العام تم نشر لعبة FIFA 2020 التي تقدم طور لعب Volta وهو طور لعب جديد على السلسلة يمكنك من خلاله التمتع بتجربة لعب الشارع.
سلسلة FIFA بالتحديد تواجه كل عام بعض الإنتقادات بسبب أن اللعبة لا تقدم جديد عن الأجزاء السابقة، ولكن إذا تتبعنا تاريخ السلسلة يمكننا إدراك النظام الذى تستخدمه شركة Electronic Arts مع اللعبة.
سوف نلاحظ أن السلسلة تمتلك بعد الإصدارات المفصلية التى تتغير عندها اللعبة بشكل جذرى ثم تبدأ السلسلة بعد ذلك بنسخ هذا العنوان المفصلى لعدة سنوات أخرى مع بعض التغييرات.
فمثلاً نجد أن لعبة FIFA 2007 كانت أحد هذه الألعاب المفصلية وتم نسخ نفس أفكارها في الأجزاء اللاحقة على السلسلة حتى لعبة FIFA 2010 التي كانت عنوان مفصلي هي الأخر.
[caption id="attachment_262624" align="alignnone" width="1920"] FIFA 2007[/caption]
أما عن لعبة FIFA 2020 فيمكننا أن نعتبرها عنوان مفصلى أخر حيث تم تغيير الكثير من الأمور المتعلقة بأسلون اللعب سواء فى الهجوم أو الدفاع، كما تم إضافة طور لعب جديد يعتبر لعبة مستقلة أساساً وهو طور لعب VOLTA.
من الواضح أن السياسة التى تتبعها الشركة تلقى العديد من الانتقادات، ولكن مازالت اللعبة تتصدر المبيعات كلما تم إصدار جزء جديد فهى حالة غريبة بالفعل.
غريبة لأنك تجد اللاعبين يشكوا من التكرار فى اللعبة وأنها مجرد محاولة لجنى أكبر قدر من المال، وفى نفس الوقت يقوم اللاعبون بشرائها فور صدورها.
[caption id="attachment_262620" align="alignnone" width="1920"] FIFA 2020 Volta Mode[/caption]
لذلك يمكننا القول أن التخصص الفريد الذى تقدمه اللعبة هو الوقود الذي يسمح بالاستمرار، فاللعبة تقدم محاكاة لواحدة من أشهر الرياضات في عالمنا حالياً وهي كرة القدم.
وبالطبع الجميع يريد أن يلعب لعبة كرة القدم الإلكترونية الأشهر فى العالم، وتجربة اللاعبين الجدد باخر الانتقالات الرسمية، أو التمتع بالمحاكاه الرسومية للاعبك المفضل بأفضل شكل ممكن.
سلسلة PES.
تسير سلسلة PES من الناشر Konami على نفس النهج الذي تأخذه سلسلة FIFA، السلسلة تعتمد على العناوين المفصلية ولكن الحقيقة بشكل أسرع قليلاً فمن منا لا يتذكر لعبة PES 2010 ثم بعد ذلك عنوان PES 2013 الذي كان نقلة بالنسبة للسلسلة وأعادها للمنافسة بشكل كبير مرة أخرى.
[caption id="attachment_262618" align="alignnone" width="1920"] PES 13[/caption]
بالطبع السلسلة تعانى فى أحيان كثيرة بسبب دخولها في مقارنة ومنافسة مباشرة مع سلسلة FIFA، احيانا تفوز وأحياناً أخرى تخسر المعركة، ولكن بالنسبة لعنوان PES 2020 قد يكون هو الفائز هذا العام، خصوصاً مع المشاكل التقنية التي تواجه لعبة FIFA 2020 والتي اعترفت بها شركة Electronic Arts مع عدم تحديد أي خطة زمنية لحلها.
[caption id="attachment_262626" align="alignnone" width="1920"] eFootball PES 2020[/caption]
أيضاً على الرغم من وقوع سلسلة PES فى نفس فخ التكرارية إلا أنها تواجه انتقادات أقل بسبب السياسات المالية التى تتبعها شركة Konami والتى تعتبر أقل حدة بشكل كبير من لعبة FIFA 2020 المليئة بالـ Microtransactions.
سلسلة Assassin’s Creed.
ألعاب سلسلة Assassin’s Creed واحدة من أهم العناوين التي تمتلكها شركة Ubisoft، ومؤخراً بدأت الشركة الناشرة بإصدار عناوين مكثفة جداً للعبة بشكل سنوى تقريباً.
بل بدأت الشركة تنحرف قليلاً عن مسار القصة المعتاد وإدخال أجزاء تلعب فيها بنفس أعداء الأجزاء الأولى وأخذت تتنقل بين الحقب الزمنية المختلفة.
بالطبع فكرة اللعبة ساعدت الشركة المطورة والناشرة على تطوير عدد ضخم جداً من ألعاب السلسلة، فأنت تنتقل عبر الزمن لتتحكم بأحد شخصيات الماضى لذلك من السهل القيام بتطوير لعبة بشكل سنوي وكل لعبة سوف تكون فى مكان مختلف و زمن مختلف أيضاً.
[caption id="attachment_262627" align="alignnone" width="1920"] Assassin's Creed Black Flag[/caption]
السلسلة واجهت نفس اتهامات التكرار التى تم توجيهها إلى FIFA و PES وأصبحت نفس الأفكار يتم عرضها بشكل تكرارى ولكن فى مكان مختلف إلى أن جاءت لعبة Assassin’s Creed Black Flag والتى كانت طوق النجاة للسلسلة حيث أخذتها إلى منطقة أخرى تماماً فى أعماق البحار وقدمت معارك بحرية ممتعة جداً.
ولكن السلسلة عادت مجدداً إلى نفس فخ التكرار إلى أن جاءت لعبة Assassin’s Creed Unityوالتى كانت كارثة تقنية بكل المقاييس بسبب العديد الجلتشات والأخطاء في عملية التطوير وأصبحت السلسلة الأن تواجه انتقادات التكرار و التسرع أيضاً، وكان واضح بشكل كبير أن اللعبة تحتاج إلى وقت تطوير أطول.
توقفت شركة Ubisoft عن إصدار عناوين رئيسية لفترة حتى جاءت بعنوان Assassin’s Creed Origins فى عام 2017، وهذا العنوان نقلة نوعية أكبر بكثير من Black Flag.
ففى لعبة Assassin’s Creed Origins نتحدث عن لعبة جديد تم بنائها من الصفر تقريباً، فالرسوم مختلفة تماماً، والحقبة الزمنية مميزة وغير متوقعة، كما أن أسلوب اللعب تغير بشكل كبير جداً وتم إضافة عناصر RPG لم تكن موجودة أصلا فى السلسلة التى تم نشر عنوانها الأول فى 2007.
[caption id="attachment_262628" align="alignnone" width="1920"] Assassin's Creed Origins[/caption]
واصبح بامكانك الارتقاء بمستوى شخصيتك والارتقاء بمستوى الأسلحة، كذلك الأعداء أصبح لديهم مستويات قوة، وامتد التغيير ليشمل أسلوب القتال نفسه الذى اعتمد بشكل كبير على الموازنة بين توجيه الضربات والصد.
فى عام 2018 تم إصدار لعبة Assassin’s Creed Odyssey التى استخدمت نفس نظام ورسوميات Origins والحقيقة اللعبة حققت تقييمات ومبيعات جيدة جداً، ولكن بشكل شخصى شعرت بإحباط بعض الشيئ وشعرت أن شركة Ubisoft لم تغير سياساتها ولن تترك عملية التطوير الضخمة التى قامت بها فى Assassin’s Creed Origin تقتصر على عنوان وحيد وسوف تستخدم نفس الأساس فى عدة عناوين جديدة.
شخصياً اتمنى أن يكون العنوان القادم من Assassin’s Creed تم تصميمه من البداية كما حدث مع Origin ولكننى أشك فى هذا الأمر.
سلسلة Far Cry.
سلسلة أخرى من Ubisoft بدأت تعتمد على فكرة الأجزاء المتتابعة مع الجزء الثالث الذى صدر فى عام 2012 ثم لحقه الجزء الجديد بعنوان Far Cry 4 فى عام 2014 وبالطبع العنوانين كانوا متشابهين جداً فى الكثير من الأمور سواء درجة الرسوم أو أسلوب التصويب.
لاحقاً فى عام 2016 أصدرت الشركة لعبة Far Cry Primal والتى كانت مختلفة تماماً عن باقى السلسلة بل وكانت فى حقبة زمنية بدائية جداً.
[caption id="attachment_262623" align="alignnone" width="1920"] Far Cry Primal[/caption]
ثم عدنا مع السلسلة فى عام 2018 مع Far Cry 5 التي لحقتها لعبة Far Cry New Dawn فى 2019 والتى كانت نفس لعبة عام 2018 تماماً، حتى قال البعض أن اللعبة جرعة إضافية من Far Cry 5 ليس إلا.
[caption id="attachment_262629" align="alignnone" width="1920"] Far cry 5[/caption]
بالطبع التكرارية فى Far Cry لا يمكننا مقارنتها مع السلاسل السابق ذكرها على الأقل حتى الأن، فمن الواضح أن شركة Ubisoft تقوم بنشر لعبتين فقط معتمدين على نفس الأساس والشكل فى عملية التطوير وهذا الأمر مقبول بعض الشيئ.
[caption id="attachment_262630" align="alignnone" width="1920"] Far Cry New Dawn[/caption]
لا توجد أفكار؟
لكي نجيب على هذا السؤال في ضوء سلاسل الألعاب التي تم عرضها يجب التفرقة بين السلاسل التى تعتمد على المحاكاة والسلاسل الأخرى.
السلاسل التى تعتمد على المحاكاة بالتأكيد تندر فيها الأفكار، فأنت تحاكى لعبة كرة قدم مثلاً فما هى الأفكار التى يمكنك تقديمها؟، بالطبع لا يوجد الكثير.
وهذه السلاسل تحاول التجديد دائما فى أسلوب اللعب أو الرسوم ومدى الواقعية ودقة المحاكاة، ولكن بالتأكيد فترة العام الواحد لا تكون كافية على الإطلاق لإحداث الفارق بين النسختين.
[caption id="attachment_262631" align="alignnone" width="1920"] Far Cry 3[/caption]
أما عن باقى الالعاب فمن الواضح أن الأفكار لا حصر لها خصوصاً ونحن نتحدث عن الأفكار الفرعية، فمثلاً إذا قلنا أن شريحة كبيرة من الألعاب تقدم فكرة الحرب بين الخير والشر واعتبرنا أن هذه الفكرة هى الخيط العام، نجد أن هذا الخيط العام يمكن أن يتفرع منه أفكار لا حصر لها فى عصور زمنية مختلفة وعناوين جديدة تماماً.
[caption id="attachment_262615" align="alignnone" width="1920"] Far Cry 4[/caption]
بالطبع إلى جانب التجديد فى أسلوب اللعب ودرجة الواقعية ولكننا سوف نعود إلى فكرة المدة الزمنية التي تحتاجها شركات الألعاب للوصول إلى فكرة جديدة أو تحسين أسلوب اللعب بشكل ملحوظ.
عملية التطوير أكثر تعقيداً.
بالطبع عملية تطوير الالعاب أصبحت معقدة بشكل كبير جداً واصبحت تستنزف قدر كبير من الأموال والوقت والمجهود، وبالتالى اصبح من الصعب أن تقوم الشركة الناشرة بتطوير الألعاب من الصفر كلما حاولت تقديم جزء جديد كما هو الحال فى الماضى.
أيضاً محاولة الشركات الناشرة تحويل الألعاب إلى سلع ترفيهية استهلاكية جعلتها تلجأ إلى إصدار الألعاب بشكل مكثف، فإذا رجعنا بالزمن إلى الوراء نجد أننا كنا نلعب لعبة واحدة لمدة طويلة قد تصل إلى سنوات، وبالطبع هذا الأمر لا يوجد على الإطلاق إلا إذا كانت اللعبة تدعم اللعب عبر الإنترنت وتضمن للشركة الناشرة ربح مادى بصورة مستمرة.
الربحية تتحكم فى الأمر بشكل كبير.
بالطبع شركات الالعاب تحاول تحقيق أقصى قدر من الاموال وهذا حق مشروع لأن الاستثمار في مجال الألعاب يتطلب مبالغ طائلة وبالطبع يجب وجود عائد من هذه الأموال.
ولكننا أيضاً إذا تتبعنا أرباح الشركات بعد عملية التطوير والأموال التى تحصل عليها المتاجر أو المنصات، وحسبنا أيضاً الخسائر التى تتكبدها الشركات بسبب عمليات القرصنة.
نضيف على كل ما سبق حجم الأموال التى يتم إنفاقها فى الدعايا على العناوين الجديدة، نجد أن الأرباح ليست كما نتوقع لذك تلجأ الشركات إلى فكرة الالعاب المتتابعة فهى تقوم بتطوير لعبة ضخمة ومن ثم تقوم بإصدار جزء أخر مشابه بشكل كبير للجزء السابق لكى تضمن ربحية جيدة من هذه العناوين.
وبعض الشركات مثل Electronic Arts تستغل انتشار لعبة معينة مثل FIFA لكى تضمن ربحية شبه ثابتة كل عام دون النظر إلى المحتوى، فهى تضمن أن شريحة كبيرة سوف يقوموا بشراء اللعبة حتى وإن كان المحتوى مكرر.
وتكتفى فقط بالاهتمام بأطوار اللعب الاونلاين لكى تضمن أن عمليات الشراء الموجودة داخل اللعبة سوف تلاقي رواج بين اللاعبين وبذلك تحقق دخل بشكل أكبر.
العناوين السنوية ميزة أم عيب؟
بالنسبة لشركات الألعاب بالطبع ميزة فهى تضمن وجود عناوين ضخمة للشركة بشكل سنوى وبالطبع ربحية أكبر، وهذه الربحية تصب بشكل ما فى مصلحة اللاعبين حيث أنه كلما زادت أموال الشركات سوف تقوم بالمزيد من الاستثمار والتوسع فى عالم الألعاب وهذا التطور يعود علينا بألعاب جديدة.
ولكن هذه المصلحة هى مصلحة بعيدة المدى بالنسبة للاعبين، ولكن بالنسبة للمدى القريب فإن سلاسل الألعاب فى أحيان كثير تقدم ألعاب دون المستوى أو مكررة بشكل كبير كما هو الحال مع ألعاب كرة القدم مثلاً.
أيضاً حجم المعروض من الألعاب ازداد بشكل كبير وهذا الأمر أدى إلى تشتت اللاعبين بشكل ما، بالطبع لا يمكن لأحد شراء جميع العناوين من جميع الشركات كل عام وبالتالي فاللاعب دائما ما يضطر للاستغناء عن بعض الألعاب ولا يلعبها من الأساس سواء بسبب الأسباب المادية أو بسبب الوقت الذى تحتاجه كل هذه العناوين.
أحد السلبيات بالنسبة لشركات الألعاب أن جدولها الزمنى يكون مضغوط بشكل كبير أحياناً لذلك أصبح من المعتاد أن تصدر الألعاب بالعديد من المشاكل التقنية التي يتم حلها مع مرور الوقت.
مسألة سلاسل الألعاب السنوية مختلطة إلى حد كبير وتحتوي على جانب الضرر والإفادة فى أن واحد ولكن بالنسبة لنا كلاعبين فالضرر أكثر من المنفعة دون أدنى شك.
?xml>