بعد أيام من الجدل والشائعات انتهت أزمة شركة OpenAI المطورة لـ ChatGPT بعودة المدير التنفيذي السابق Sam Altman إلى منصبه والإعلان عن تشكيل مجلس إدارة جديد للشركة. 

أحداث كثير في أقل من أسبوع أحدثت ضجة هي الأكبر خلال العام. فماذا حدث خلال الأيام الماضية؟ ولماذا كل هذه الضجة؟ ومن المستفيد من كل ماحدث. 

أساس الأزمة

بدأت الأزمة بالتأكيد قبل إعلان مجلس الإدارة عن إقالة Sam Altman بفترة ليست بالقصيرة. هناك اختلاف واضح في وجهات النظر بين مجلس الإدارة وبين سام ولنفهمه يجب أن نفهم كيف تتكون شركة OpenAI.

في الأساس شركة OpenAI هي شركة غير هادفة للربح تأسست عام 2015 عبر تعاون Altman مع إيلون ماسك وشركاء آخرين لتطوير الذكاء الاصطناعي حتى يفيد البشرية ككل. في عام 2018 وبعد ترك إيلون ماسك للشركة تم إنشاء شركة فرعية ربحية بحيث تتمكن الشركة الأم من جلب التمويلات اللازمة لعملية التطوير مع إبقاء الجزء الربحي تحت إدارة مجلس إدارة الشركة الأم وإبقاء أهداف الشركة كما هي.

مجلس الذي يدير شركة من المفترض أنها بحثية وغير هادفة للربح لا يريد أن يتم جر OpenAI نحو تحولها لشركة ربحية مدرجة في البورصة بشكل كامل والابتعاد عن الهدف الرئيسي من تأسيسها. على الأقل ليس في هذه الفترة وقبل التأكد من تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وأخلاقي.

في الجهة الأخرى يسرع Sam Altman عملية التطوير لتكون بأسرع سرعة ممكنة. المدير التنفيذي للشركة يريد رفع القيمة السوقية لـ OpenAI في أسرع وقت من أجل طرحها في البورصة وجذب تمويل أكبر. في الوقت ذاته لا يمانع تحقيق الشركة لأرباح وهو أمر كان واضحاً خلال مؤتمر الشركة للمطورين الذي أعلنت فيه عن متجر يطرح فيه المطورين إصدارتهم الخاصة من ChatGPT والتي أسمتها الشركة GPTs.

هذه الأزمة لم تكن الوحيدة. سام كان لديه مشاكل مع أحد أعضاء مجلس الإدارة وهي Helen Tonner بحسب ما كشفت The New York Times. عضوة مجلس الإدارة كانت قد نشرت ورقة بحثية تهاجم فيها أسلوب الشركة المتسرع في تطوير الذكاء الاصطناعي وتثني على أسلوب شركة Anthropic وهي أكبر منافس مباشر لـ OpenAI حالياً.

هذه الورقة البحثية كانت شرار خلاف كبير بين سام وهيلين. سام يرى بالتأكيد أن هذا البحث سيصيب الشركة بضرر بالغ وبشكل واضح وصريح سام كان يريد هيلين خارج مجلس الإدارة وهي كانت تريده خارج الشركة.

الإقالة

بصورة مفاجئة للجميع ولـ Sam Altman شخصياً تم الإعلان عن إقالته من منصبه كمدير تنفيذي للشركة. مجلس الإدارة لم يكشف كثيراً عن تفاصيل الإقالة واكتفى بسبب وحيد وهو أن المدير التنفيذي المقال لم يكن واضحاً في تواصله مع مجلس الإدارة.


خرج عدد كبير من موظفي الشركة في اليوم التالي للإقالة لإعلان وقوفهم بجانب المدير التنفيذي السابق آنذاك وأعطوا مهلة لمجلس الإدارة حتى الخامسة مساءاً من يوم الأحد الماضي إما أن يستقيلوا جميعاً ويعديوه لمنصبه أو سيستقيل الموظفون من الشركة وينضمون لسام أينما ذهب.

في هذا الوقت خرجت أقاويل كثيرة تفيد أن Sam Altman بصدد إنشاء شركة جديدة منافسة وأنه يتشاور مع عدد من المستثمرين حول الأمر.

محاولات حل الأزمة

رضخ مجلس إدارة Open لضغوطات موظفيه بسرعة مفاجئة حيث حضر Sam Altman في اليوم التالي إلى مقر الشركة لمناقشة عودته ودخل في اجتماع مع مجلس الإدارة لا يعرف حقيقة ما دار بداخله ولكن نهايته كانت من المفترض نهاية سام في الشركة.

في هذا الوقت تدخل ساتيا ناديلا المدير التنفيذي لمايكروسوفت، قد تتسائل ما علاقة مايكروسوفت بالموضوع لذا دعني أخبرك أن الشركة الأمريكية هي أكبر ممول لـ OpenAI حالياً وتعتمد على نموذجهم للذكاء الاصطناعي في تطوير كل خدماتها مثلما رأينا مع Bing Chat و Copilot والقائمة تطول.

حاول ناديلا حل الأزمة بالتأكيد. خروج سام وباقي موظفي OpenAI يعني خسارة مايكروسوفت لمليارات وخروجها مبكراً من سباق كانت تسيطر في على المراكز الأولى. فبعد فشل توسطه لعودة سام ألتمان إلى منصبه أعلن المدير التنفيذي لمايكروسوفت تعيينه في الشركة ضمن فريق جديد للذكاء الاصطناعي المتطور سيكون سام مسؤولاً عنه.

هنا أعلنت OpenAI عن تعيين مدير تنفيذي مؤقت للشركة وهو Emmet Shear المدير التنفيذي السابق لمنصة Twitch. الرجل الجديد وعلى عكس كافة التوقعات أراد فور توليه المنصب معرفة السبب الحقيقي وراء إقالة Sam Altman ولكنه لم يحصل على إجابة.

في المقابل موظفوا OpenAI قرروا التصعيد مرة أخرى. 95% من موظفي الشركة الذين بلغ عددهم 700 موظف تقريباً مضوا على جواب لمجلس الإدارة أعلنوا فيه أنه إذا لم يعود Sam Altman فسيتركوا الشركة وينضموا له في مايكروسوفت.

عودة Sam Altman

اليوم ومرة أخرى في مفاجئة غير متوقعة أعلن مجلس الإدارة عن عودة Sam Altman إلى منصبه كمدير التنفيذي للشركة. لم يُعلن عن تفاصيل كثيرة حول قرار العودة ولكن ثمة أنباء تفيد أن مجلس الإدارة سيحل وسيتم إنشاء مجلس إدارة جديد قد يكون كلا من Sam Altman و Satya Nadella أعضاء به ولكنها مازالت مجرد أنباء غير مؤكدة حتى الآن.

من المستفيد؟

بعد صراع ربما لم يدم سوى أيام أما أعين الجميع نرى بكل وضوح أن Sam Altman هو المستفيد الأكبر حتى وإن لم يكن لو دور واضح في كل ما حدث. المدير التنفيذي السابق والحالي تخلص من كل معارضيه في مجلس الإدارة، وطد علاقته مع موظفيه وسيحظى بصلاحيات أكبر ستمكنه من تحقيق ما يريد خلال الفترة المقبلة.

في النهاية وبعد كل هذه الضجة يجب ألا نغفل عن أمر هام لم يتطرق له الكثيرين، هل كان مجلس الإدارة محق حول إبطاء عملية تطوير نظم الذكاء الاصطناعي التي تطورها الشركة؟ إجابة قد تخبرنا بها الايام!