Uber

تصدرت أخبار شركة Uber الأيام القليلة الماضية الصحف والمواقع العالمية، وكانت معظمها تدور حول شيء واحد وهو فضيحة Uber بالتجسس على بيانات ومواقع عملائها، ولمن لا يعلم ما هي شركة Uber فهي واحدة من أكبر الشركات في العالم التي تقدم خدمة الانتقال للأفراد بداخل المدن عن طريق ما يسمى بمشاركة الركوب Ride-share، حيث تتعاقد مع الأشخاص مالكي السيارات الراغبين في العمل ليقلوا العملاء في طريقهم، وذلك عن طريق تحديد العميل لمكان أقرب سائق إليه على التطبيق الخاص بالشركة على الهواتف الذكية، مع إمكانية تصفح ملفه الشخصي ومعرفة سيرته الذاتية، بل وتعقبه حتى يصل إليه.

ويخضع الراغبين في العمل كسائقين لشروط صارمة للقبول بالإضافة إلى أن الشركة لا تقبل بأي سيارة، فلابد وأن تكون سيارة فاخرة أو بحالة ممتازة على أقل تقدير، ولقد بدأت الشركة بتقديم خدماتها في مدينة سان فرانسيسكو عام 2009، والآن فإن خدمات الشركة موجودة في 50 دولة بواقع حوالي 200 مدينة حول العالم، وقيمتها النقدية حالياً وصلت إلى 18.2 مليار دولار، ولقد أعلنت منذ أيام أنها قررت الدخول بتجربتها إلى مصر وتحديداً بالعاصمة المصرية القاهرة، وتستطيع معرفة المزيد حول هذا الأمر من خلال قراءة هذا المقال: Uber Cairo لانتقال آمن ومريح بالقاهرة.

ولكن ماذا حدث؟ ولماذا انقلب الجميع عليها لهذه الدرجة؟ فلأسرد لكم ما قد تم حتى الآن لتعلموا ما الذي جعل شركة بهذا الحجم يتم مهاجمتها بتلك الطريقة...

home-hero-10-1440-900

هناك معلومات قوية مصدرها اثنان من موظفي الشركة السابقين ولكنها ليست مؤكدة بتصريح رسمي، بأن هناك أداة تستخدمها شركة Uber تسمى God View، تلك الأداة تتيح للشركة بيان أماكن سياراتها وأماكن العملاء الذين طلبوا السيارات كذلك. ولقد ولج هذان الموظفان إليها من قبل حسب كلامهما، ولكن هذه الأداة لا يمكن للسائقين الولوج إليها، فقط الموظفين هم من يستطيعون ذلك، ويبدو بأن هناك أكثر من سابقة حدثت لتؤكد وجود تلك الأداة.

أحد هذه الوقائع هي سابقة يرويها أحد الزبائن ويقول: "ذات ليلة منذ أعوام، كنت استقل إحدى سيارات Uber بمدينة نيويورك متجهاً إلى محطة قطار "بن" للحاق بالقطار المتجه إلى واشنطن، وإذا بي أتلقى رسالة نصية من إحدى موظفات شركة Uber تسألني إذا ما كنت في سيارة تابعة لـ Uber في الشارع رقم كذا؟ فرديت بأنني هناك بالفعل! وقد كنت أحسب أنها حولي في مكان ما، فتلفت يميناً ويساراً عسى أن أجدها بإحدى السيارات المجاورة فلم أجدها، وواصلت إرسال رسائل نصية تبرهن على معرفتها لمكاني بدقة...".

home-hero-6-1440-900

ويكمل "فلما تعاظم اندهاشي سألت السائق إن كان يستطيع أي شخص معرفة مكاني عبر حسابي على Uber، فأجاب بلا وأن هذا مستحيل. كان هذا يثير جنوني حتى أفصَحَت أخيراً أنها في شيكاجو في حفل إطلاق خدمة Uber في تلك المدينة هناك، وكان هذا عرض على الشاشة لحاضري الحفل بأن يجعلوهم يروا موقع بعض العملاء الحالي في مدينة نيويورك!".

واقعة أخرى حدثت خلال هذا الشهر ترويها إحدى المراسلات الصحفيات بأنها كانت ذاهبة لعمل لقاء صحفي في المقر الرئيسي لشركة Uber بمدينة نيويورك، وعندما وصلت وجدت المدير العام للشركة جالساً في انتظارها، وقال لها: "ها أنت أخيراً!" ثم أشار إلى هاتفه الآيفون وأكمل: "لقد كنت اتتبعك."، وهذا تم بدون علم تلك المراسلة وبدون استئذانها.

هل لدى Uber الحق بتتبع عملائها؟

home-hero-5-1440-900

في وثيقة الخصوصية للخدمة الخاصة بالشركة تقول Uber بكل وضوح بأنها ستستخدم بياناتك الشخصية لأغراض قانونية خاصة بالعمل، ولن يطلع على تلك البيانات سوى فريق عمل Uber فقط، وتقول أيضاً بأنها من الممكن أن تستخدم تلك البيانات والتي تتضمن موقعك وبريدك الإلكتروني وكارت الائتمان الخاص بك واسمك أو حتى أرقام الـ IP التي استخدمتها، لأجل بعض الأغراض الداخلية الخاصة بالعمل! وهذا بالإضافة إلى أن تلك البيانات ستسهل عملية الاتصال بين العملاء والشركة وتسهل التقاط الزبائن أينما كانوا.

وقد أوضحت Uber بأن عبارة أغراض قانونية خاصة بالعمل تشمل التسهيلات في الدفع للسائقين ومراقبة المحتالين والإيقاع بهم، وأيضاً تحسين مستوى الخدمة بإصلاح المشاكل التي تواجه المستخدمين.

وهناك نقطة أخرى مهمة وهي أن الشركة أشارت بأنها ستظل تحتفظ ببيانات العملاء حتى ولو حذفوا حساباتهم من الخدمة، وتدعي بأنها تحتفظ بتلك البيانات من أجل حل النزاعات القانونية في حالة حدوثها لاحقاً، ولكي تستطيع حذف بياناتك بالكامل من الشركة لابد وأن تقدم طلباً مكتوباً للشركة يتم النظر فيه ثم الموافقة عليه بحذف كل البيانات.

هل استغلت Uber بنود وثيقة الخصوصية بشكل خاطيء؟

home-hero-4-1440-900

لو نظرنا إلى الحالتين اللتين تم سردهما لوقائع تتبع العملاء، ففي حالة المراسلة الصحفية تم تتبعها من قبل المدير العام للشركة، وهو أحد فريق عمل الشركة بالطبع، وبما أن وثيقة الخصوصية تتيح لفريق العمل بأن يطلع على بيانات العملاء فربما إذاً ليس الأمر بسيء طالما لم يكن خارج إطار الشركة، ولكن ما الذي كان يقصده بالتباهي أمام المراسلة الصحفية ويظهر لها بأنه يتتبعها علناً؟ هل هو تأكيد لوجود تلك الأداة المسماة God View؟

أما في الحالة الأولى فبالتأكيد تم استغلال الأمر بشكل خاطئ تماماً، حيث تم عرض بيانات العميل الخاصة على شاشة في حفل أمام أشخاص غير موظفين بالشركة، فهل بهذا خالفت Uber بنود وثيقتها التي كتبتها بنفسها؟ أم أن في الأمر خطأ ما غير مفهوم؟ لا ندري ولكن هذا الأمر أثار ضجة في جميع أنحاء العالم وأنقلب الأشخاص والجهات ضد الشركة مع محاصرتها باتهامات استغلال بيانات العملاء كما تريد ولأغراض غير المقررة في وثيقتها.

ليس الكل بريئاً

home-hero-3-1440-900

في الوقت نفسه الذي يتم اتهام شركة Uber بكل تلك الاتهامات، فإن هناك من هم في مصلحتهم إزاحتها عن الطريق حتى ولو بالباطل، وللأسف فإنهم كثيرون، فلو نظرنا إلى دولة مثل كندا على سبيل المثال، نجد أن عمدة مونتريال قد أطلق على وسيلة المواصلات هذه أنها غير قانونية، وقد أكدها أحد الوزراء السابقين وقتما بدأ تطبيق Uber للهواتف بتقديم عروض زهيدة الثمن للانتقال بالمقارنة بأسعار السيارات الأجرة المعتمدة في المدينة، حتى أن العمدة قد قال إنه قد حاول التحدث مع حكومة مدينة كيبيك لتجريم مثل هذه الخدمات.

ومحاولات أخرى كثيرة مثل هذه من جانب مسئولين في عدة بلدان بسبب عدم ربح الحكومة أي شيء من وراء هذا المشروع الذي يقدم خدمة مميزة مقابل سعر مناسب، فإنه بين محاولات فرض رسوم وضرائب على الخدمة، ومحاولات لمنع الخدمة من الأساس، تجد شركة Uber نفسها محاطة بهذا الكم من الأعداء.

هذا إلى جانب أصحاب الأفكار المماثلة والذين يحاولون تقديم نفس الفكرة ولا يجدوا رواجاً بسبب قوة وانتشار Uber، فتجدهم يهاجمون الشركة دائماً في وسائل الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة عندما يكون هناك مثل هذه المشكلة المثارة حول الشركة هذه الأيام، فيجدونها أرضاً خصبة للتشكيك في الشركة ونواياها لإبعاد العملاء عنها وجذبهم إلى خدماتهم.

ولا ننسى أصحاب سيارات الأجرة الأصليين، الذين يرون في خدمات مثل هذه خراب بيوتهم، فها هو قوت يومهم ينقطع بسبب أنهم لا يستطيعون إيجاد زبائن مثل السابق، ومهما فعلوا فلن يستطيعوا مواكبة المزايا التي تقدمها الشركة بالطبع، لذلك فيضاف هؤلاء إلى قائمة أعداء الشركة.

الخلاصة

home-hero-2-1440-900

وأخيراً لابد أن نعلم أن Uber شركة عريقة في مجالها، ولكن هذا لا يعني أن نطمئن لها ونرحب بها بدون التحقيق في صحة الاتهامات الموجهة إليها، وفي الوقت نفسه لا يجب أن نرمي أذاننا لكارهي نجاح الشركة والطامعين في مكاسبها، وعموماً كان لابد من عرض كل وجهات النظر في هذا الأمر حتى تكونوا على علم بما يحدث، ولا يبقى سوى أن ننتظر حتى نعلم ما ستسفر عنه الأيام القادمة حول صحة الاتهامات من عدمها.

فهل أنت أحد قاطني إحدى الدول العربية المتوفرة بها خدمة Uber؟ وإن جربتها... فما انطباعك؟ وبالنسبة لسكان القاهرة... هل انتم متحمسون لبدء الخدمة رغم كل ما قيل أم أنكم تتخوفون وستتريثون قليلاً قبل محاولة استخدامها؟ يسعدنا تلقي رأيكم في التعليقات.