كيف تكون الشخصية الشريرة الثانوية أهم من شخصية البطل في القصة؟
دائماً ما تكون الشخصيات الترس الرئيسي والقلب النابض للألعاب، فهي العنصر الذي نتعلق به ونختبر أحداث اللعبة من خلاله، وكلما كانت الشخصيات مُتقنة من حيث التصميم والخلفية القصصية التي تمتلكها كلما تعلقنا بها بشكل أكبر.
عادة ما تكون الشخصيات البطلة في اللعبة هي المحور الرئيسي وهي الشخصيات التي نتعلق بها دائماً مثل الطاير، كريتوس، لارا كروفت وإلوي، ولكن في بعض الأحيان الاخرى تعلقنا أيضاً بالشخصية الشريرة الموجودة في اللعبة.
في وجهة نظري الشخصية الشريرة في الألعاب هي الشخصية الأهم وأهميتها حتى تفوق أهمية الشخصية البطلة الموجودة داخل اللعبة، والقصة الجيدة هي القصة التي تهتم بتفاصيل الشرير الموجود داخلها وتعطيه مساحة كبيرة ليلعب فيها دوره الشرير.
في هذا المقال سنبين الأسباب التي تجعلنا نعتقد أن الشخصية الشريرة هي الشخصية الأهم في بناء قصة اللعبة، واعتقد أنه بعد هذا المقال نظرتك لهذه الشخصيات ستختلف إلى حد كبير.
البطل يحتاج للأشرار للبقاء على قيد الحياة.
هل تخيلت يوماً عالم باتمان بدون الجوكر أو رجال العصابات؟
حسنا لنتخيل الأمر سوياً إذا اختفي الجوكر و جميع المجرمين في مدينة جوثام فما هي أهمية باتمان أصلا؟، بالطبع لا توجد له أي أهمية لأنه لا يوجد ما يحاربه بل في هذا الوضع قد يكون باتمان هو الخطر أو سوبرمان هم الخطر الذي يجب محاربتهم لأنهم أشخاص يمتلكون قوة أكبر من جميع أفراد المدينة.
إذن فالبطل يحتاج إلى الشرير لكي يستمر بطل، الشرير هو ما يعطي المبرر أو السبب لوجود البطل أصلاً، وبدون الشخصية الشريرة فلا يوجد صراع أصلاً، لذلك أنصح جميع الابطال الخارقين بعدم محاربة الشر بأقصى جهدهم فقد يكون هذا الأمر سبب في اختفائهم.
الشرير هو المبادر دائماً.
من التحليل السابق استنتجنا أن البطل يحتاج إلى الشرير لكي يشعر بوجوده أصلاً، واستنتجنا أيضاً أمر أخر وهو أن الشرير دائماً ما يكون المبادر، دائماً ما تكون بداية أحداث القصة عند الشرير، مستحيل أن تبدأ القصة مع البطل.
خذ أي مثال تريده سواء في فيلم أو لعبة ستجد أن القصة دائماً تبدأ بخطة شريرة أو فعل شرير يرتكبه المجرم ويبدأ بعد ذلك البطل في التحرك لصد هذا العدوان.
الأمر لا يقتصر على بداية القصة بل يستمر معنا حتى النهاية فدائماً ما ستجد أن القصة تحتاج إلى ردة فعل من الشرير لكي يبدأ يتعامل معها البطل.
عند كتابة قصة معينة نجد أنها مقسمة إلى عدة أجزاء، البداية، المنتصف والنهاية، دائماً ما تكون بداية الأحداث عند الشرير فالبداية هي الجزء من القصة التي نتعرف فيها على الأبطال وعلى الشرير ونرى فيها خطة الشرير التي يسعى لها.
بعد ذلك تأتي منتصف القصة حيث تبدأ الأمور في التعقد قليلاً بسبب تداخل البطل مع الشرير، على سبيل المثال فشل خطة فرعية للشرير أو حتى فشل خطة البطل نفسه ولكنه يكون تعقيد قابل للزيادة أو يسهل تداركه أيضاً.
بعد ذلك يأتي جزء النهاية وهو الجزء الأفضل عند الجميع أعتقد، وبالمناسبة هذا الجزء يكون الأفضل لأن هذا الجزء يشهد تعقد كبير جداً للأحداث وهنا يبدأ المشاهد في التشتت فهو لا يعرف كيف سينتهي الأمر بل ولا يرى أصلاً حلول أمامه ويظل الأمر على هذا النحو حتى نصل إلى المشهد الختامي وهو المشهد الذي يتم حل المشكلة تماماً أو قد تتعقد أكثر ويفوز الشرير إذا كانت النهاية سوداوية مثل نهاية فيلم Infinity War على سبيل المثال.
لذلك فطوال أحداث القصة بعد جزء البداية بالطبع وبالتحديد من المنتصف وحتى النهاية يوجد فعل وردة فعل مستمرة بين البطل والشرير، وهنا أيضاً سنجد أن الشرير هو من يبادر بالفعل أو هو الكفة الأقوى، بكل بساطة إذا كان الشرير هو الكفة الأضعف فالقصة ستنتهي عند البداية أصلاً بخطة شريرة ضعيفة يتم تدميرها.
لكن لكي تضمن القصة الاستمرار وإثارة ذهن المتابع يجب أن يحدث التعقيد الذي تحدثنا عنه من قبل وهذا التعقيد لن يحدث بأي شكل من الأشكال إلا إذا كان الشرير قوي وقادر على توجيه أفعال تجاه البطل.
لنأخذ مرة أخرى فيلم Infinity War على سبيل المثال، في بداية الفيلم تعرفنا على شخصية ثانوس الشرير وبدأنا نتعرف على مخطته ورغبته في تدمير نصف الكائنات في الكون، بعد ذلك يأتي المنتصف حيث بدأ الأبطال في إعداد خطتهم أيضاً وبدأت الاحداث تسير لصد خطط ثانوس، يستمر ثانوس في مخططاته ويستمر الأبطال في محاولة ردعه ومع كل مرة يفوز فيها ثانوس تتعقد مسارات الفيلم وقصته حتى نصل إلى جزء النهاية وتتعقد الأحداث بشكل كبير جداً ليأتي الحل في نهاية الفيلم بشكل صادم جداً لأن التعقيد في الأحداث وصل لمرحلة صعبة جداً.
إذن فالشرير في القصة هو البطل الحقيقي يا صديقي، هو الذي يعطي للبطل قيمة، هو الذي يبدأ الشجار ويفتعل القصة وهو الذي يستمر في دفع الأحداث للأمام لهذا أنا دائماً أعشق الشرير.
كيف تقدم شخصية شريرة جيدة؟
كما ذكرنا سابقاً معظم القصص تحتاج إلى شرير يدفع الاحداث ويسبب بها وهذا الشرير يتنوع حسب نوع القصة فقد يكون الشرير في أحدث القصص الظروف الاجتماعية التي تفرق الحبيب والحبيبة، ولكن نحن في هذا المقال نتحدث عن قصص الألعاب بشكل أكثر تحديداً والتي دائماً ما تحتاج إلى شرير بالمعنى الطبيعي للكلمة وليس الإسقاط.
لكن على الرغم من وجود الشخصية الشريرة بشكل شبه دائم إلا أننا تعلقنا بعدد محدود من الشخصيات الشريرة مثل فاس من Farcry أو الجوكر من ألعاب Batman.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن لماذا تعلقنا بعدد محدود من الشخصيات الشريرة؟
الإجابة على هذا السؤال تكمن في طريقة تقديم القصة وأسلوب اللعب، في الكثير من الأحيان يحاول الكاتب تقديم بطل اللعبة بشكل بطولي جداً وأنه مثالي إلى حد كبير وأن الطرف الأخر شرير بشكل مُطلق.
هذا الأمر يعتبر تجاري قليلاً وللأسف هو النوع المنتشر بشكل كبير لأنه أسهل بكثير أثناء الكتابة، بكل بساطة لا يحتاج الكاتب في هذه الحالة إلا تخيل مواقف شريرة يحاول البطل فى التغلب عليها ويكون السبب في هذه المواقف دائماً أن الشرير يفعل هذه الافعال لأنه شرير شر مُطلق شخص فاسد عديم القيم.
لكن إذا حللنا الشخصيات الشريرة التي تعلقنا بها نجد أنها كانت تمتلك وجهة نظر ليست مجرد شخصيات شريرة لأنها فاسدة تريد السيطرة والتحكم في العالم.
شخصية الجوكر دائماً لديها صراع مع المجتمع تريد أن تفهم الكثير من المعتقدات الراسخة في المجتمع وتحاول إثبات أن الفضيلة التي يدعو إليها السياسيون في مدينة جوثام مجرد أكاذيب.
من الواضح أن الشخصية أيضاً تمتلك تاريخ وخلفية جعلته يصل إلى هذه الدرجة من محاربة المجتمع، وبسبب هذه الخلفية ووجهة النظر بدأت الشخصية في تكوين عقيدة والعقيدة تعطي المُبرر حتى وإن كانت فاسدة.
الأمر اصبح مقبول حتى وإن كنت تفهم أن الأفعال التي يرتكبها شريرة ولكن تتفهم وجهة نظره الخاطئة، كذلك شخصية مثل ثانوس أنت تفهم وجهة نظره المشوهة فهو يرى في نفسه البطل الذي سينقذ الكون كله ويتحرك بناء على عقيدة راسخة وحقيقية ليس سعياً للقوة او المال أو الحكم نفسه.
هذه هي الطريقة الأفضل لتقديم الشخصية الشريرة، يجب أن تعطيها فكرها ومبرراتها وكلما كان المبرر فيه وجهة نظر حتى وإن كانت وجهة النظر غريبة أو متطرفة ستجد نفسك تتعلق به ليس لأنك توافق على وجهة نظره بل لأنك تشعر بعقيدته.
على العكس تماماً من الشرير الذي يسعى في خطته للسيطرة على العالم وأن يكون حاكم الكرة الارضية وانت لا تفهم الدوافع التي تجعله يقوم بمثل هذا الأمر، أو المجرم الذي يحاول السطو على بنك تجاري وأنت لا تفهم دوافعه لا تعرف إذا كان يحتاج هذا المال لأجل عملية جراحية لأبنته التي أنجبها من زوجته المتوفاة بعد صراع مع مرض السرطان، أم يسطو على البنك لأنه يحب المال فقط ولأنه شخص فاسد.
رأيت الفارق في مثال عملية السطو؟، الأول يُريد الحصول على المال لأسباب عديدة تفهمها وفي نفس الوقت أنت لا توافق على طريقة تعامله مع أزمته لأن السرقة او القتل ليست الحل ولكن عموماً أنت تفهم دوافعه، اما الحالة الثانية أنت ستحاربة بكل سهولة ولن تقف عنده لحظة واحدة لأنه النغمة العادية السهلة من الشرير أو المجرم.
الخلاصة.
دائماً ما تعلقت بشخصية الشرير، مُنذ الصغر وأنا أشعر أنه البطل الحقيقي وبدونه لا يوجد قصة أصلاً، ومؤخراً بدأ الاهتمام بهذه النوعية من الشخصيات بشكل كبير سواء في الأفلام أو الألعاب وأتمنى في المستقبل أن يتم الاهتمام بهذه الشخصيات بشكل أكبر حتى.
أخيراً لا تنسى عزيزي القارئ أن تشاركنا بوجهة نظرك في دور وأهمية الشخصية الشريرة في القصة، ويمكنك ايضاً أن تشاركنا بأكثر شخصية شريرة تعلقت بها.
?xml>