مر وقت طويل منذ أن قامت أبل بالتخلي عن منفذ سماعة الأذن التقليدي مقاس 3,5ملم، وأصدرت هواتف بدون ذلك المنفذ، وسرعان ما حذت باقي الشركات حذوها، إذ يبدو أن التخلي عن الأسلوب التقليدي لتوصيل سماعة الرأس بالهاتف سلكياً في طريقه إلى الاندثار والاختفاء، وربما كان ذلك انعكاساً لرغبة العديد من المستهلكين لتبني تقنية التوصيل اللاسلكي في كل أمور حياتهم، وانتهاء حقبة التوصيل عن طريق الأسلاك.

لا يمكن إنكار ما حدث من تطور كبير في هندسة التوصيل اللاسلكي باستخدام البلوتوث، ولكن ذلك لا يعني بحال التخلي كلية عن التوصيل السلكي التقليدي، فلا يزال أمام الشركات طريق طويل لتلافي بعض المشاكل المتعلقة بسماعات الأذن التي تتصل بالهاتف الذكي لاسلكياً عن طريق البلوتوث.

سماعات الأذن

منفذ السماعة

صدر هاتف سامسونج جالاكسي إس 10 إي مزوداً بمنفذ سماعة رأس تقليدي، لكن هذا المنفذ لم يُغريني لإستخدام سماعة رأس سلكية أثناء وجودي خارج المنزل، ليس بسبب تفضيل أحدهما على الآخر من حيث جودة الصوت أو الإستمتاع بالموسيقى، ولكن هناك إعتبارات أخرى.

سماعات الأذن اللاسلكية مزودة بخاصية شديدة الأهمية وهي القدرة على عزل الصوت الصادر من السماعات عن الأصوات الخارجية المحيطة بالمستخدم، تلك القدرة على عزل الصخب والضوضاء والأصوات الغير مرغوب فيها هي بحق ميزة رائعة لا تتوافر في السماعات السلكية، التي تقدم جودة صوت رائعة، لكنها في المقابل تتعرض لقطع السلك في حالة تشابكه أو شدّه عن طريق الخطأ، وإن كان لا يزال هناك خيار تمرير سلك السماعة تحت الملابس التي نرتديها، إلا أن الأمر في الإجمال يبدو عملية مرهقة.

ومن ثم فإن خيار إستخدام السماعات اللاسلكية يعتبر هو الخيار المفضل مقارنة بالسماعات السلكية في حالة الإستخدام خارج المنزل.

سماعات البلوتوث والسماعات السلكية

منفذ السماعة

مشجعو سماعات الأذن السلكية دوما ما يتفاخرون بجودة تلك السماعات مقارنة بسماعات البلوتوث، وفي حقيقة الأمر إنهم محقون في ذلك تماماً، إذ لم تصل أفضل سماعات البلوتوث جودة إلى مستوى جودة الصوت الصادر من السماعات السلكية حتى الآن.

ولكن مهلاً، يجب أن نتذكر دوماً أن السماعات السلكية تفتقر إلى خاصية العزل الصوتي، ومن ثم فإن قلة الجودة في سماعات البلوتوث تقابلها صوت رائع في سماعات الأذن التقليدية أثناء مرور قطار عابر. في كلا الحالتين سنحصل على ذات النتيجة.

إقرأ أيضا : كل ما تود معرفته عن الهواتف المجددة وكيف تحصل على هاتف جديد بسعر رخيص

إن المعيار الأساسي والأهم في تفضيل سماعة عن أخرى هو معيار الملاءمة. فلكل شخص ظروفه وإختياراته، وكل نوع من السماعات له إستخدامه بحيث يُعطي أفضل نتيجة، فالظروف تتغير، والوقت يتغير، لكن المعالجة السمعية للإنسان لا تزال كما هي لم تتغير.

من ناحية أخرى، وفي ظل وجود أنواع كثيرة من سماعات الأذن، كل منها له عيوبه ومميزاته، إلا أنه من النادر أن يقوم شخص ما بتجربة أكثر من سماعة قبل الشراء للوصول إلى أفضل نتيجة سمعية وأفضل جودة صوت، ناهيك عن أن وجود الكثير ممن لا يمتلكون المقدرة على تمييز جودة الصوت بدقة متناهية، وكل ذلك يؤثر على مسألة الملاءمة بما يتناسب مع الشخص ذاته واحتياجاته وطبيعة إستخدامه، وكذلك قدرته على تمييز جودة الصوت بدقة.

أنسب مكان للسماعات السلكية هو المنزل

منفذ السماعة

حين العودة للمنزل بعد يوم عمل طويل، فإن الإستماع إلى الموسيقى المحببة لك أمر رائع في الحقيقة، هنا يكون من الأنسب إستخدام السماعات السلكية للإستماع إلى الموسيقى.

ففي المنزل، ليس علي أن أضع في إعتباري شكل السماعات على رأسي، وكيف أبدو للغير وأنا أرتديها، وليس علي أن أقلق بشأن تشابك السلك في أي شيء ، لأن الحركة في المنزل محدودة، كذلك الأمر، ليس علي أن أقلق بشأن خاصية العزل الصوتي، فالتواجد في المنزل يوفر بيئة محكمة من الضوضاء، إذا ما قورنت بالتواجد خارج المنزل، فالإستماع إلى الموسيقى في المنزل تجربة فريدة تستحق أن تعيشها وتستمتع بها.

هل يختفي منفذ سماعات الرأس

منفذ السماعة

إذا كان هناك تسليم بحقيقة أن سماعات البلوتوث لم تصل بتقنياتها المتطورة حتى الآن لدرجة نقاء وجودة الصوت الصادر من السماعات السلكية التقليدية، فإن للمستهلك الحق في إختيار ما يتناسب معه. إلا أن شركات تصنيع الهواتف الذكية بدأت بشكل تدريجي التخلي عن منفذ سماعة الأذن التقليدي مقاس 3,5مم وهذا الأمر يسلب من المستخدم ذلك الحق في الإختيار، وهذا ما سنراه في القريب العاجل ومثال على ذلك ما فعلته جوجل حين أصدرت هاتف بيكسل 3a مزوداً بمنفذ سماعة الأذن، لكن قامت بحذفه في إصدارات بيكسل 3، 4 الأخرى، إن الأمر يبدو وكأنه على المستهلك أن يدفع مزيداً من النقود لشراء هاتف يحتوي على خاصية كان معتاداً عليها في الماضي. يتعين على شركات تصنيع الهواتف الذكية أياً كانت خطتها في الحصول على أرباح أن تُبقي على منفذ سماعات الأذن التقليدي.

على صعيد آخر، فإن سماعات الأذن اللاسلكية ليست رخيصة الثمن إذا ما قورنت بالسماعات السلكية، فليس لدى كل الناس المقدرة المالية على دفع ثمن سماعة بلوتوث جيدة وعملية. إضافة إلى ذلك، إحساس المستهلك بأنه فقد القدرة على الاختيار لمجرد أن هاتفه الذكي ليس به منفذاً لسماعات الرأس السلكية، بل أن المشكلة الكبرى تتضح حين نرى أن ما كان معتاداً وبديهياً في السابق، يجب الآن أن ندفع ثمناً له اليوم.

إن الإستماع إلى الموسيقى أثناء العمل أو في البيت أو أثناء ممارسة التمارين الرياضية هو أمر ممتع بلا شك، ولا ننكر أن السماعات السلكية تعطي جودة فائقة للموسيقى ربما أكثر مما تقدمه أكثر سماعات البلوتوث تطوراً، وإنه من المحزن أن يكون الإستماع للموسيقى بجودة عالية لا يحصل عليه إلا من يستطيع دفع الثمن.

في إعتقادك أيهما أفضل سماعات الأذن التقليدية أم اللاسلكية، وهل فعلا سوف يختفي منفذ السماعة التقليدي بالهواتف القادمة، أخبرنا برأيك في التعليقات