إذا فتحت البحث على جوجل، وكتبت في مربع البحث فيروس كورونا أو coronavirus، ستظهر لك نتائج لن تظهر عند إجراء أي بحث آخر. ولن تظهر لك إعلانات، ولا توصيات لمنتجات، ولا روابط لمواقع اكتشفت كيف تعالج المرض، ما سيظهر أمامك هو مواقع الحكومات والمنظمات غير الحكومية ومصادر وسائل الإعلام الرسمية. ابتعدت الخوارزميات والمحتوى الذي يُولد للمستخدم، وجاء حراس فحص الحقائق في المقابل.

منذ انتشار وباء فيروس كورونا عالميًا، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن انتشار المعلومات حول الوباء كان وباءً في حد ذاته، حتى أنها أطلقت عليه "infodemic"، والآن استجاب عمالقة التقنية والتواصل الاجتماعي في وادي السليكون لوباء المعلومات، ومكافحة المعلومات المضللة والكاذبة ونظريات المؤامرة التي انتشرت خلال الفترة الماضية، وجاء تدخلهم بشكل عدواني، مع اعتناق المصادر الرسمية والمنافذ الإعلامية التقليدية فقط.

لكن الأمر ليس بهذه السهولة، والمعلومات المضللة ونظريات المؤامرة لا تختفي بهذه البساطة!

اتحاد الشبكات الاجتماعية ضد المعلومات المضللة

عبر مختلف الشبكات الاجتماعية، ستجد نتائج البحث المتعلقة بوباء كوفيد-19 محددة سلفًا على نحو مماثل لبحث جوجل. وفي شهر مارس الماضي، كانت قد أعلنت الشبكات الاجتماعية الكبرى على الإنترنت أنها سوف تعمل على مكافحة عمليات الاحتيال ومحاربة المعلومات المضللة والكاذبة حول وباء فيروس كورونا. وأصدر كلا من فيسبوك وجوجل ولينكد إن ومايكروسوفت وريديت وتويتر ويوتيوب بيانًا مشتركًا ذكروا فيه أنهم سوف يعملون على منع أي معلومات غير صحيحة يتم تداولها على منصاتهم.

[embed]https://twitter.com/fbnewsroom/status/1239703497479614466[/embed]

خصص فيسبوك "مركز المعلومات" والذي يضم خليطا من المعلومات الموثقة التابعة للجهات الرسمية. كما كانت قد أعلنت عملاق التواصل الاجتماعي أنها سوف تحظر الإعلانات المضللة على منصتها المتعلقة بوباء فيروس كورونا والتي تضمن للمستخدمين وجود علاج أو وقاية من هذا المرض.

كما أطلقت الشركة تحديثًا على موقعها بخصوص مكافحة المعلومات الضارة المضللة حول وباء فيروس كورونا، حيث ذكرت الشركة إن المستخدمين الذين سبق لهم أن أعجبوا أو علَّقوا أو تفاعلوا مع محتوى مضلل حول الوباء سوف يتم تنبيههم برسالة على الصفحة الرئيسية لتوضح لهم المعلومات الصحيحة.

ووضع تطبيق المراسلة الفوري WhatsApp قيودًا جديدة على إعادة توجيه الرسائل (message forwarding) في محاولة لإيقاف سرعة انتشار المعلومات الخاطئة والزائفة حول وباء فيروس كورونا الحالي، والتي تنتشر على تطبيق WhatsApp بسرعة رهيبة هذه الأيام.

وجاءت سياسة تويتر الجديدة لتنص على إزالة المعلومات المضللة التي تتناقض مع التوجيهات الصحية العامة الرسمية، مثل التغريدات التي تشجع الناس على عدم اتباع مبادئ التباعد الاجتماعي.

تقريبًا كل الشبكات الاجتماعية، وضعت قيودًا للحد من انتشار المعلومات المضللة، وتحاول أن توجه المستخدم إلى مصادر المعلومات الرسمية والموثوقة.

الشبكات الاجتماعية هي المنبع الأصلي للوباء

لماذا لا ينتهي وباء المعلومات المضللة على الشبكات الاجتماعية؟

لكن الأمر الغريب والمتناقض بشكل واضح هو كيفية تعامل وسائل التواصل الاجتماعي مع المعلومات المضللة في الماضي؛ حيث كانت دائمًا مترددة في اتخاذ قرارات تحريرية استباقية أو فرض رقابة على خطاب يمكن النظر إليه بصورة سياسية.

وكان لا بد من دفعهم، والاحتجاج ضدهم، ليواجهوا خطابات الكراهية التي تنتشر على منصاتهم، وكذلك الدعاية التي تنفي أهمية التطعيمات مثلًا، ومضايقة الضحايا والتحرش بهم، وكذلك نشر المعلومات المضللة نفسها وتركها على المنصات بدون تدخل أو حذف إلا بعد الضغط عليهم.

لكن الأمر اختلف تمامًا عند انتشار وباء فيروس كورونا، حيث تنافسوا على أن يكونوا مصادر معلومات موثوقة وتحملوا مسؤوليتهم في ذلك. ولكن ورغم كل هذه الجهود، لا تزال المعلومات المضللة مستمرة في التكيف والانتشار، وبشكل واسع على نفس وسائل التواصل الاجتماعية.

عندما نظر الباحثون من أكسفورد في انتشار نحو 225 من الادعاءات الزائفة أو المضللة بشأن فيروس كورونا، وجدوا أن 88% منها قد ظهرت على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، مقارنة مع 9% فقط في التلفزيون، أو 8% في وكالات الأنباء.

منبع نظريات المؤامرة يأتي من هذه الشبكات في الأساس، وبعضها يتهم شبكات الجيل الخامس 5G بأنها السبب في انتشار الوباء، ثم يتجه البعض الآخر لاتهام بيل جيتس بخلق الوباء من الأصل لأجل صناعة لقاح وتحقيق مكاسب شخصية. والمشترك في كل هذا كان مصدر هذه النظريات والمعلومات المضللة.

وكما يذكر كارل بيرجستروم، أستاذ علم الأحياء في جامعة واشنطن، أن الجهود التي تبذلها شبكات التواصل الاجتماعي تعتبر قليلة جدًا ومتأخرة للغاية. وأنهم السبب الرئيسي منذ البداية في انتشار مثل هذه المعلومات لعدم اهتمامهم سابقًا بدقة وصحة المعلومات.

حيث يذكر: "لقد أنشأت الشبكات الاجتماعية هذا النظام بأكمله، والذي يعتمد فيه كل شيء على المشاركة، ويسمح بالانتشار الفيروسي لأي شيء، ولم تضع تلك الشبكات أي اعتبار لدقة وصحة المعلومات. والآن فجأة أصبح لدينا أزمة عالمية خطيرة، ويريدون أن يضعوا بعض الضمادات والمسكنات لعلاج هذا الأمر. بالطبع هذا أفضل من عدم التحرك على الإطلاق، ولكن الثناء على ما يفعلوه مثل الثناء على فيليب موريس لوضع فلاتر على السجائر".

الخلاصة

تحاول الشبكات الاجتماعية الآن محاربة ومكافحة وباء المعلومات الزائفة والمضللة بكل ما تملك، لكن هذا لا يعني أن تلك المعلومات ونظريات المؤامرة سوف تختفي بسهولة، وربما السبب الأساسي هو تلك الشبكات نفسها، وطريقة عملها التي تساعد على الانتشار السريع بدون التأكد من صحة ودقة المعلومات.

ما رأيك عزيزي القارئ، هل ترى أن الشبكات الاجتماعية تلعب دورًا في نشر المعلومات المضللة بل وبقاء انتشارها حتى الآن؟