intel-core-M

أذكر حديثي سابقاً عن تلك القاعدة التي تربط بين التطور التكنولوجي وبين صغر الأحجام الواضح للمنتجات وأنها قد لا تتحقق بشكل دائم لكنها معبر أساسي عن التطور الحاصل في أي صناعة كانت، لا سيما لو ركزنا النظر على التطور الجاري لمنصات الحاسب وأخص تحديداً فئات الحاسب المحمول والحواسيب اللوحية، والتي قفزت مسافات متباعدة خلال السنوات القليلة الماضية ويمكنك أن ترى على سبيل المثال الفارق الكبير بين أحد أجهزة الحاسب المحمول الحالية وبين أخرى لم يمضي على ظهورها ثلاث أو أربع سنوات.

فالأداء العام يتحسن بشكل سنوي كما أن التصميم الخاص بهذه الفئة من الحاسبات إستقبل تغييرات جزرية وبدأت ظهور أشكال جديدة لمنصات الحاسب المحمول كأجهزة Ultrabook القائمة على فكرة النحافة الشديدة والوزن الخفيف مقارنة بالأجهزة الأقدم بالإضافة إلى ظهور أجهزة 2 in 1 والتي ستكون المستقبل الواعد لكل الحاسبات المحمولة من وجهة نظر الكثيرين مع توفيرها لمزايا الحاسبات اللوحية جنبا إلى جنب مع مزايا الحاسب المحمول التقليدية

على كل حال فالفكرة الأساسية التي بني عليها كل هذا التقدم الكبير كان في التطور الملحوظ لتكنولوجيا التصنيع الخاصة بمكونات هذه الأجهزة، :اقراص التخزين التي صارت أنحف وبسعات تخزين أكبر وشرائح الذاكرة التي تقدم أحجام وسرعات أفضل من السابق وأبضاً شرائح ووحدات التحكم التي تتمثل بشكل رئيسي في وحدة المعالج والذي يتطور كل عام تقريباً إما بإنتاج وحدات معالجة أصغر في الحجم أو أقوى في الأداء، وفي هذا الصدد تظهر لنا إنتل قدراتها بصفتها أحد الرواد في مجال المعالجات وأخر إبداعاتها كانت سلسلة معالجات Core M التي سنتعرف عليها بشكل اوضح خلال أسطر هذا المقال.

بداية الطريق إلى برودويل Broadwell

broadwell-is-coming

هذا تماما ما يمكن أن نصف به معالجات Core M الجديدة، فربما سمعت من قبل عن نية إنتل إلى الإنتقال لمعمارية مختلفة في الربع الأول من عام 2015 لتحل كبديل لمعمارية المعالجات الحالية المعروفة بإسم هاسويل Haswell، وأنها ستأتي لكافة منصات الحاسب المكتبية والمحمولة وحتى الأجهزة اللوحية، إلا أن إنتل إستبقت الأمور قليلاً لنشاهد في معرض Computex 2014 الذي إنقضى في شهر يونيه الفائت إعلاناً عن أول المعالجات القادمة بمعمارية برودويل Broadwell بالفعل والتي ستأتي كسلسلة معالجات جديدة تحت إسم Core M.

وستخصص هذه السلسلة من المعالجات في فئة الحاسبات المحمولة الموجهة للإستخدام البسيط وكذلك أجهزة الحاسب اللوحية وأجهزة 2 in1 مع نية إنتل في إصدار باقي عائلة Broadwell خلال العام الحالي وبدأت بذلك فعلاً خلال معرض CES 2015 وسيتم تعميم المعمارية المستخدمة لكل من منصات الحاسب المحمول عالية الأداء وكذلك منصات الحاسب المكتبي في وقت لاحق من العام الحالي

معالجات إنتل Core M بتفصيل أكثر

حسناً...تركيزنا الأساسي سيكون حول سلسلة معالجات Core M لذا لا داعي للحديث مطولاً عن مخططات ومعالجات إنتل القادمة ويكفي فقط التوضيح بأن العامل المشترك بين كل هذه المعالجات هو المعمارية الجديدة برودويل والإنتقال إلى دقة التصنيع الأصغر 14nm وستعمل الشركة على إحلال هذا الجيل الجديد بالكامل محل المعالجات التي تم الإعتماد عليها سابقاً مع منصات الحاسب المحمول مثل سلسلة معالجات Atom و Core Y، ومن المنتظر أن تقدم أداءاً أفضل في كلاً من المعالجة الحسابية والرسومية مع إستهلاك طاقة أقل، كما أن حجم الرقاقة نفسها لهذه المعالجات سيكون أقل بفارق ملحوظ عن السابق وهذا سيتيح للشركات المصنعة تصميم أجهزتها اللوحة والحواسيب المحمولة بتصاميم أكثر نحافة وأخف وزناً.

Intel Core M processor LLPT Final Distribute

وبالدخول في تفاصيل أكثر عن تصميم المعالج فهو بدايةً سيأتي على شريحة سيليكون بمساحة 82mm² فقط وستحمل 1.3 مليار ترانزستور، وهو عدد أكبر بـ 35% عما هو متواجد بمعالجات Core Y بالرغم من أن مساحة شريحة المعالجات الجديدة ستكون في الحقيقة أقل بـ 42mm²، وهو يوضح كيف ستكون الأفضلية لهذا الجيل من ناحية الأداء بجانب الحجم الصغير.

وتوضح الصورة المعروضة من إنتل أن شريحة السيلكون بالداخل مقسمة كذلك لكلاً من المعالج الحسابي والرسومي والذي يستهلك نصف مساحة الشريحة تقريباً ولكن في المقابل ننتظر أن ينتقل بهذه الفئة من المعالجات إلى مستوى أخر من المعالجة الرسومية، أما عن المعالج الحسابي فسيتكون من نواتين وكل منها ستعمل بقناتين للمعالجة وستتشارك معاً ذاكرة الكاش من المستوى الثالث سيصل حجمها إلى 4MB.

Intel Core M Processors

هذا كان التصميم الخاص بمعالجات Core M بشكل عام، أما عن تفاصيل النسخ التي صدرت فشركة إنتل حتى الأن أطلقت 7 معالجات جميعهم يتماثلون في العديد من المواصفات مثل قدومهم بالمعالج الرسومي HD 5300 وإستهلاكهم الضئيل للطاقة والذي يصل فقط إلى 4.5W كما يتماثلون في حجم الذاكرة المخبأة 4MB ودعمهم لذواكر LPDDR3 تعمل بسرعة 1600MHz.

والإختلافات الحقيقة بينهم ستكون فقط في قيم ترددات التشغيل وبعضهم كذلك سيملك إمكانية العمل بإستهلاك طاقة أقل ليصل إلى قيمة 4W، ويحتل المعالج 5Y71 صدارة المعالجات من حيث الأداء مع تردد تشغيل يبدأ بـ 1.2GHz ويصعد في حالة الضغط إلى 2.9GHz، فيما ستذهب معالجات 5Y10c و 5Y10a و 5Y10 إلى أخر الترتيب مع تردد تشغيل لا يتخطى في أقصى حالاته حاجز 2GHz

قدرات ومزايا معالجات إنتل Core M

Intel-Core-M-Processor-power

الصفقة الرابحة من معالجات إنتل Core M هذه المرة لن تكون في أفضلية الأداء فحسب بل ستحمل معها مزايا الحجم الصغير للشريحة ككل وأيضاً الإستهلاك المنخفض للطاقة والذي صار أقل بنسبة 60% تقريباً مقارنة بالجيل السابق وهذا الأمر ساعد بشكل كبير على خفض درجة الحرارة الناشئة عن التشغيل وربما لن تحتاج منصات الحاسب المحمول المستقبلية إلى أية مراوح مستخدمة في التبريد والذي سيُمكن الشركات من وضع تصاميم أكثر نحافة في منتجاتهم القادمة، وفي المقابل لن يؤثر ذلك تماماً على أداء هذه المنصات بل من المنتظر أن نشهد تحسناً ملحوظاً في كافة وظائف المعالجات الحسابية والرسومية.

intel-core-m-performance-vs-haswell-y

فبحسب ما تعرضه شركة إنتل من مقارنة تمت بين معالج Core M-5Y70 وهو أحد أقوى معالجات هذا الجيل وبين معالج Core i5-4302Y سنجد أن المعالج الجديد يحقق نتائج ممتازة خصوصاً في الأداء الرسومي الذي تحسن بمقدار 47% وكذلك في عمليات التشغيل والتعديل على ملفات الفيديو والتي صارت أسرع بنسبة 82%. أما الأبرز هنا هو قدرة الأجهزة المعتمدة على المعالجات الجديدة إنتل Core M من إستغلال الإستهلاك المنخفض للطاقة في إطالة العمر الخاص بالبطارية لتعمل بزمن إضافي 1.7 ساعة.

هذه النتائج التي توضحها شركة إنتل تعطي فكرة عن مدى جديتها في طرح سلسلة جديدة من المعالجات التي ستؤدي دوراً فاعلاً في تغيير الشكل المستقبلي لأجهزة الحاسب المحمول والأجهزة اللوحية، وإطلاقها لمعالجات Core M هي الخطوة الأولى لتحقيق ذلك....الكرة الأن في ملعب الشركات المصنعة التي بدورها ستحاول إستغلال التطور الملموس في جيل معالجات إنتل الجديد لتقدم ما يستحقه المستهلك بالفعل من أجهزة ذات تصميم أنيق ونحيف، خفيفة الوزن، والأهم من ذلك أن تؤدي معظم المهام اليومية المطلوبة بسلاسة تامة وبأطول فترة تشغيل ممكن.