تتناثر الأخبار يوماً بعد يوم عن شبكات الجيل الخامس من الاتصالات، ولكن يبقى السؤال الأهم، هل حقاً نحتاج إليها؟ وألم تكن شبكات الجيل الرابع كافية حتى الآن؟

مع انتشار الكثير من الهواتف الذكية الداعمة لشبكات الجيل الخامس والتي التم إطلاقها خلال الأشهر الأربعة الماضية من عام 2019 والتي تُنبأ بوجودِ ثورةٍ في عالم الاتصالات. وذلك بجانب ما قامت به العديد من الشركات مثل T-Mobile و Sprint وغيرهم بتوفير شبكات الجيل الخامس في الولايات المُتحدة وغيرها من الدول، قام الباحث والمُحلل Dave Burstein بسؤال أحد أهم الأسئلة التي يتوجب علينا الإجابة عليها قبل أن نبدأ في مدح وذكر مُميزات الجيل الخامس. هل حقاً نحتاج إلى شبكات الجيل الخامس من الاتصالات الآن؟

هل حقاً نحتاج الجيل الخامس من الاتصالات؟

فتح هذا السؤال مجالاً واسعاً للغاية للتفكير في الفوائد الحقيقية التي ستعود علينا من توفير مقدمي خدمات الاتصالات لشبكات الجيل الخامس، بالإضافة إلى مُصنعي الهواتف المحمولة. لا يُركِّز الأمر هُنا على مُميزات الجيل الخامس والتي أصبحنا نعرفها من المقالات التي قُمنا بنشرها سابقاً في عرب هاردوير، ولكننا هُنا نتحدث عن مدى احتمالية استفادتنا من هذه المُميزات في الوقت الحالي، وهو ما يأخُذُنا إلى سؤالٍ آخر أهم وهو:

ألم يكن الجيل الرابع كافياً حتى الآن؟

يعد الجيل الخامس بالمزيد من سرعة نقل البيانات في وضع الأداء المُنخفض - Low Latency، وهو الذي قد وصل الجيل الرابع فيه إلى سرعة نقل بيانات قادرة على قضاء من 10 إلى 20 ميللي من الثانية لنقل كمية بيانات، وفي المُقابل، ستكون شبكات الجيل الخامس قادرة على نقل البيانات بعشرة أضعاف السرعة أي أنها ستقوم بنقل القدر ذاته من البيانات خلال ميللي واحد من الثانية. ولكن السؤال هُنا، هل نحن حقاً بحاجة إلى مثل هذه السرعة كمُستخدمين اعتياديين؟ للإجابة على هذا السؤال، دعونا نعود للخلفِ قليلاً، وذلك حيث أننا نتفق على أن الجيل الرابع من الاتصالات كان ثورياً بحق واستفاد منه الجميع، فما الذي قدمه الجيل الرابع من الاتصالات ليجعله ثورياً ومُفيداً أمام الجيل الثالث في ذلك الوقت؟ قدم الجيل الرابع من الاتصالات اختلافاً هائلاً في السرعة مُقابل الجيل الثالث من الاتصالات في ذلك الوقت، كما قدم أيضاً المزيد من الحماية أثناء عملية نقل البيانات، وفوق كُلِ هذا، فإنه قد وفّر تجربة مُشابهة لتجربة استخدام اتصال Wi-Fi في المنزل ولكن ليس فيه. إذاً، فهذه المُميزات جعلت من الجيل الرابع للاتصالات مُفيداً حقاً، ولكن كان يعيبه أيضاً مجموعة من العيوب التي تمثلت في تكلفة البنية التحتية لشبكات الجيل الرابع بالإضافة إلى عدم فعالية اتصالات الجيل الرابع من حيث استهلاك الطاقة حيث أن مُجرد اتصالك بشبكة الإنترنت لبضع ساعات بواسطة الجيل الرابع من الاتصالات كان كافيا لتفريغ بطارية هاتفك في وقتٍ قليل من الغاية، وفوق كُل هذا، فإنه كان فقط يُؤدي وظائفه بشكلٍ كامل وسليم في نمط الأداء العالي - High Latency، وهي النُقطة التي ارتكز عليها الجيل الخامس من الاتصالات كما سأُوضِّح في وقتٍ لاحق. عاب كذلك الجيل الرابع من الاتصالات الحاجة إلى تركيب المُعدات وأبراج الإشارة في الكثير من المناطق بسبب عدم قدرته على تغطية مساحة كبيرة.

ما الذي قدمه الجيل الخامس للاتصالات مُقابل الجيل الرابع

إذً، فبعد أن تعرفنا على ما قدمه الجيل الرابع من الاتصالات وما كان يعيبه، علينا أن ننتظر من الجيل الخامس توفير المزيد من المُميزات أو إصلاح العيوب على الأقل، وقد كان. دعونا في البداية نُنوه إلى أن الجيل الخامس من الاتصالات لم ينتشر بذاك القدر بعد كي نتمكن من تأكيد مُميزاته، فهذا كُله بُناءً على تصاريح وأوراق بحثية تم نشرها بواسطة الخبراء. نبدأ من الميزة الرئيسية التي يُقدمها الجيل الخامس للاتصالات وهي السرعة، فكما ذكرت مُسبقاً، فالجيل الخامس للاتصالات قادر على الوصول إلى سرعة 1 جيجابايت في الثانية، وهي سرعة قادرة على منحك رفاهية تحميل الأفلام بدقة Full HD وحتى 4K في ثوانٍ، بالإضافة بالطبع إلى تحسين جودة الاتصالات المرئية عبر تطبيقات مثل Messenger و Google DUO وغيرهم. وِفقاً للرسم البياني المُوضّح بالأسفل، فإنه في المملكة المُتحدة وفنلندا، يحتاج المواطنين في بريطانيا إلى معدل نقل بيانات بسرعة 6 ميجا بايت في الثانية، وفي المقابل، يزداد هذا الرقم في فنلندا ليصل إلى 8 ميجا بايت في الثانية، أي أنه بنهاية عام 2019 الجاري، قد يرتفع هذا الرقم بحدٍ أقصى إلى 10 ميجابايت في الثانية أو حتى خمسة عشر ميجا بايت في الثانية، وهي أرقام بعيدة تماماً عما تنوي شبكات الجيل الخامس للاتصالات تقديمه من سرعة تصل إلى جيجابايت في الثانية. هل حقاً نحتاج إلى شبكات الجيل الخامس من الاتصالات الآن؟

ولكن; هل السرعة الزائدة هي كل ما يُفكِّر به المُصممون والمُطورون للجيل الخامس للاتصالات؟

بالطبع لا، فبالرغم من أن ميزة السرعة تُقدم نقلة نوعية وستُسهِّل علينا التواصل والحصول على ما نُريد من مُحتوى بسرعة عالية، إلا أن الكثيرين لم يشتكوا من سرعات الجيل الرابع الحالية، إذاً، فلننتقل إلى النُقطة الثانية. الأداء، هذه الميزة التي تُعد نقطة القوة الحقيقية لدى شبكات الجيل الخامس للاتصالات، فمُقابل ما قدمه الجيل الرابع من مُميزات، كان يعيبه في النهاية عدم كفاءته في العمل على وقت الاستجابة المُنخفض- Low Latency. في البداية، وقبل الحديث في هذه النُقطة، دعونا نُعرِّف وببساطة ماهية الأداء أو وقت الاستجابة أو Latency أيُما كان يُطلق عليه، فهذا الوقت هو الزمن الذي تقضيه الاشارة في الانتقال من مصدرها إلى مُستقبلها. شبكات الجيل الرابع الحالية يصل وقت الاستجابة الخاص بها إلى 50 ميللي ثانية، وهو رقم قد يكون كبير نسبياً في مجال نقل البيانات، وهي النقطة الأهم التي يعتمد عليها الجيل الخامس الذي سيُقدِّم لنا وقت استجابة يصل إلى ميللي واحد من الثانية كحدٍ أقصى. دعونا أيضاً نذكر العيب الذي تحدثنا عنه سابقاً في مقالة مخاطر الجيل الخامس من الاتصالات، والذي يتركز في كثرة عدد الأبراج التي سنحتاج لبنائها كي نُوفِّر تغطية كافية لشبكات الجيل الخامس، في هذه المقالة اليوم أن لا أتحدث عن مخاطر هذا الأمر كما تحدثت سابقاً، ولكني هُنا أتحدث عن مُشكلة كانت مُتواجدة بالفعل في شبكات الجيل الرابع من الاتصالات، ولم تقم شبكات 5g بعدم حلها فقط بل زادت تعقيد هذه المُشكلة والتي ستُزيد من تكاليف إنشاء البنية التحتية لهذه الشبكات، ولكنها على الناحية الأُخرى، لن تكون أبراج الجيل الخامس من الاتصالات بضخامة الجيل الرابع، ولكن الشركات تطمح في أن تقوم بعمل خلال صغيرة متواجدة بالقرب من المنازل بدلاً من الأبراج الضخمة التي تُحيط بالمُدن. بالطبع; وحتى هذه اللحظة، فإنه لم يتم توفير أية بيانات تخُص تكلفة البنية التحتية للجيل الخامس من الاتصالات، وهو ما يجعلنا غير قادرين على أخذ هذه النُقطة في الحُسبان عند إجراء المُقارنة.

أسعار الهواتف الداعمة للجيل الخامس من الاتصالات

تُعد هذه النُقطة موضع نقاش هام عندما تُقرر مدى احتياجك للحصول على هاتف يدعم الجيل الخامس من الاتصالات، فالهواتف المتواجدة حالياً وتدعم الجيل الخامس من الاتصالات قد لا يقل سعرها عن 1500 دولار وهو رقم ضخم بالنسبة لهاتف ذكي مهما ارتفعت مُواصفاته مثلما رأينا في هواتف Samsung Galaxy S10. لهذا، فشخصياً أرى أنه إذا كان خياري الأفضل هو السرعة العالية لنقل البيانات دوناً عن الحصول على الأداء الجيد أو المواصفات المُواكبة للرسوميات والتقنيات المتواجدة حالياً، سألجأ إلى أحد الهواتف التي تُقدِّم هذه المُميزات دون دعمها للجيل الخامس للاتصالات وسأكتفي حينها بالاشتراك في أحد باقات الإنترنت السريعة عالية الجودة بدلاً من دفع المزيد من الأموال في ما قد لا أجد له تغطيه في الوقت الحالي.

الختام: هل نحتاج إلى شبكات الجيل الخامس؟

في رأيي الشخصي، الإجابة على هذا السؤال لا تأتي من خلال المقال ولكن من خلالكم، فأنتم هم المُستخدمون الذين تُحاول الشركات جذب انتباههم بتقديم المزيد من المزايا والتقنيات، ولذلك فإني أُوجه لك أيها القارئ هذا السؤال، هل حقاً نحتاج إلى شبكات الجيل الخامس من الاتصالات؟ أنا لا أرى أن لي حاجة كبيرة في الحصول على هاتف يدعم شبكات الجيل الخامس للاتصالات، ليس بسبب عدم تواجدها حيث أُقيم، ولكن لأني لا أرى أني بحاجة لهذا الحجم الهائل من سرعة نقل البيانات خارج المنزل، أما في داخله، فأنا أمتلك اتصالاً لاسلكياً يُوفِّر لي ما أحتاجه، وهو ما يجعل فكرة الحصول على هاتف بسبب دعمه للجيل الخامس من الاتصالات قد أقوم بتغييره خلال عامٍ أو اثنين فكرة غير صائبة تماماً. طالع أيضاً: أفضل 5 هواتف تدعم الجيل الخامس من الاتصالات “5G” ننتظرها خلال 2019