قبل أن تبدأ في المُنافسة على كتابة Dark Mode أو الوضع الليلي أو تكرار رمز الهلال في التعليقات على موقع فيس بوك.. هل تحتاج حقاً إلى الوضع الليلي في هاتفك؟

في الفترةِ الأخيرة، أصبح الحصول على الوضع الليلي أو ما يُعرف ب Dark Mode في الهواتف الذكية الغاية التي يُحاول الجميع الوصول إليها، كما أنها أصبحت الوظيفة الأكثر طلباً من الشركات مُصممة ومُطورة التطبيقات والأنظمة. نرى يومياً مئات التعليقات على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك التي يُحاول فيها المُستخدمين من غير ذوي العلم أن يقوموا بتفعيل الوضع الليلي في تطبيق Facebook ذاته بكتابة Dark Mode أو Night Mode ورمز الهلال وغيرها من الكلمات في التعليقات ظناً منهم أنهم بذلك سيتمكنون من تفعيل هذا النمط. [caption id="attachment_234517" align="aligncenter" width="702"]محاولات مستخدمي فيسبوك لتفعيل الوضع الليلي محاولات مستخدمي Facebook لتفعيل الوضع الليلي على التطبيق[/caption] على الجانب الآخر، فقد قامت شركة فيس بوك بالفعل بتوفير هذا النمط في تطبيق المُحادثة الخاص بها Messenger، وقد قام الزميل محمد يحيى بشرح كيفية الحصول عليه في مقالٍ سابق.

كيف تفعل النمط الليلي في تطبيق Messenger ؟

ومن ناحية أُخرى، فقد قامت شركة جوجل مُطورة نِظام أندرويد بحمل مسؤولية نشر مفهوم النمط الليلي بين الأنظمة والتطبيقات، حيث رأينا توفيرها لخاصية الوضع الليلي في عدد من تطبيقاتها المهمة والتي من ضمنها تطبيق Phone و Contacts و YouTube و News و Messages وغيرهم، وفي المُقابل، فقد بدأت بالفعل في توفير الوضع الليلي في نظامها المُنتظر Android Q والذي تسرب حصوله على خاصية الوضع الليلي سابقاً بواسطة فريق XDA-Developers الذين حصلوا على إصدار مُبكِّر من النسخة التجريبية من النظام في وقتٍ سابق خلال العام.

طالع أيضاً: تعرف على مميزات الإصدار الأول من تحديث الاندرويد القادم Android Q

الوضع الليلي – Dark Mode في الهواتف الذكية

نتفق أو نختلف على مدى أهمية الوضع الليلي في الهواتف الذكية، ولكننا نتفق بنسبة كبيرة على أن هُناك عدداً هائلاً من المُستخدمين ممن يطلبون بتوفير الوضع الليلي في كافة التطبيقات والأنظمة ويحاولون الحصول عليه قبل غيرهم فقط من باب الإبهار أو استخدام خاصية جديدة ليس أكثر. لهذا السبب تحديداً، فأنا أكتب لكم هذا المقال، والذي سأُجيب فيه على سؤال قد لا يخطُر على بال الكثيرين ممن يُحاولون الحصول على الوضع الليلي في الكثير من الأنظمة والتطبيقات، دون أن يعرفوا إذا ما كانوا يحتاجون إليه أم لا، وهل حقاً سيُؤثِّر في عمر بطارية هواتفهم، هل هواتفهم قابلة لذلك باستخدام هذا النمط من البداية؟ وما هي العوامل التي تُؤثِّر على ذلك. قبل البدء، أود أن أُنوِّه إلى أن هذا المقال ليس لاستعراض مُميزات وعيوب النمط الليلي في الهواتف المحمولة والتي لا يختلف عليها اثنان من حيث الراحة أثناء الاستخدام ووضوح المحتوى سواءً النصي أو الرسومي بشكلٍ أكبر عن الوضع العادي، فهذا المقال يختص فقط بفائدة النمط الليلي لهاتفك دون غيره.

آلية عمل شاشات LCD

تنقسم أنواع شاشات الهواتف الذكية إلى نوعين رئيسين وقد يندرج منهما أنواع أُخرى وهي شاشات LCD و LED، كي نتمكن من معرفة مدى تأثير النمط الليلي على الهواتف الذكية، علينا في البداية أن نتعرف على آلية عمل كُل نوع من أنواع الشاشات، مع الأخذ في العلم أن شاشات LCD يندرج أسفلها شاشات IPS، وشاشات AMOLED التي نراها في هواتف سامسونج ينطبق عليها ما ينطبق على شاشات LED. شاشات LCD أو Liquid Crystal Display هي النوع الأقدم بين أنواع الشاشات التي سنتحدث عنها خلال المقال، وقد تم استخدامها في العديد من الأجهزة بدايةً من شاشات التلفاز ووصولاً إلى الهواتف المحمولة ومروراً بشاشات الهواتف الأرضية والشاشات الرقمية في السيارات ومُستقبلات الاشارة وغيرها من الأجهزة. [caption id="attachment_234521" align="aligncenter" width="570"]أنابيب فلورسنت كاثود باردة كمصدر للضوء في شاشات LCD أنابيب فلورسنت كاثود باردة كمصدر للضوء الخلفي في شاشات LCD[/caption] تعمل شاشات LCD باستخدام سائل موضوع بين لوحين من الزُجاج يسمح للضوء بالمرور من خلاله. وعلى عكس شاشات LED، فإن شاشات LCD تعتمد على وجود ضوء خلفي وذلك كي تتمكن من عرض الصورة والألوان كما هو مطلوب، وفي حالة شاشات LCD، فإنها تعتمد على لوحة CCFL أي مصباح فلورسنت كاثود بارد وهو عبارة عن سلسلة من الطبقات المُوزعة أُفقياً خلف الشاشة لتقوم بإرسال الضوء في اللوحة الزجاجية الأقرب فيمر من خلال السائل الموجود بين اللوحين لينقسم إلى الألوان الطيفية السبعة التي نعرفها وذلك بمبدأ يُشابه تجربة المنشور الذي نراه في المعامل.

آلية عمل شاشات LED

على الجانب الآخر، نرى شاشات LED، والتي تُعد بذرة العصر الجديد في شاشات التلفاز والأجهزة الذكية وهي تعتمد على نفس مبدأ الضوء الخلفي ولكن باستخدام مصدر ضوء مُختلف باستخدام باعث الضوء الثُنائي وهو ما قد حصلت على اسمها منه - Light Emitting Diode ليبعث الضوء من خلال شبكة بكسلات مُلونة يحتوي كُلٍ بكسل منها على خلايا الألوان الرئيسية الثلاثة; الأحمر والأخضر والأزرق. تم تطوير هذه التقنية لتستغني تماماً عن الضوء الخلفي في شاشات OLED والتي تقوم فيها الخلايا نفسها بإصدار الضوء بشكلٍ مُنفصِل بدلاً من الاعتماد على مصدر ضوء خلفي، وهو ما يجعل تجربة المُشاهدة مُتشبعة أكثر بالألوان وتحتوي على مُستويات إضاءة وسطوع أفضل وكفاءة أفضل. [caption id="attachment_234522" align="aligncenter" width="570"]خلايا لوحات OLED خلايا لوحات OLED[/caption] أكثر الفروق أهمية بين نوعي شاشات OLED وشاشات LCD و LED-LCD -والتي أُطلِق عليها كذلك لأنها تعمل بنفس مبدأ شاشات LCD ولكن باستخدام باعث الضوء الثُنائي- هي أن شاشات OLED يُمكن للخلايا فيها أن تنطفأ بشكلٍ كامل إذا ما كانت سوداء تماماً، وذلك على عكس الشاشات الأُخرى التي لا تعتمد على بعث كُل خلية للضوء على حدى، فهي تعتمد على مصدر إضاءة واحد سواءً كان المصابيح الفلورسنت باستخدام تقنية CCFL أو الباعث الثُنائي للضوء في شاشات LED-LCD الاعتيادية.

أي الشاشات تستفيد من الوضع الليلي في الهواتف الذكية

يعتمد وضع Dark Mode في الهواتف الذكية على تظليم عدد ضخم من الأماكن في شاشة الهاتف الذكي تماماً لتُصبح سوداء، في هذه الحالة، وبُناءً على الشرح المُختصر السابق لأنواع مصادر الضوء في الشاشات، فإن شاشات OLED هي الوحيدة التي تستفيد من الوضع الليلي في الهواتف الذكية، وذلك لأنه عند وجود أحد المناطق السوداء في شاشة الهاتف، يتم إطفاء الخلية الباعثة للضوء في هذه المنطقة بشكلٍ كامل، وهو ما يُوفِّر في عُمرِ البطارية بشكلٍ كبير يتراوح فيما بين 15 إلى 60 بالمائة من عمر البطارية. على هذا الأساس، قامت شركات مثل Motorola التي كان لها السبق في توفير خاصية Always On Display في الهواتف الذكية في عام 2012 مع هاتف Moto X، والتي تعتمد على عرض جزء صغير من النص يُوضِّح الساعة والتاريخ وأهم الاشعارات بالإضافة إلى نسبة امتلاء البطارية في الوقت الذي لا يتم فيه تشغيل الهاتف، وذلك لتوفير البطارية باستخدام قدر قليل من البكسلات كي لا تحتاج لفتح الهاتف واستخدام كامل الخلايا الموجودة فيه كي تتعرف على أياً من هذه المعلومات، وبهذه الطريقة، فقد أصبح استهلاك الهاتف في وضع Always-On Display أقل من واحد بالمائة لكل ساعة بفضل تقنية OLED المُستخدمة في شاشة الهاتف. [caption id="attachment_234523" align="aligncenter" width="782"]خاصية Always On Display في هواتف Motorola خاصية Always On Display في هواتف Motorola[/caption] على الناحية الأُخرى، فلا تستفيد شاشات LCD أو LED-LCD من الوضع الليلي في الهواتف الذكية أو في أية أجهزة أُخرى، وذلك لأنها تعتمد في آلية عملها على باعث واحد للضوء مهما اختلفت كمية الخلايا التي يمر من خلالها الضوء في الهاتف، مما يعني أنه إذا كُنت تستخدم هاتفاً يعمل تطبيق في نصفه العلوي ذا ألوان فاتحة، وفي النصف الآخر تفتح صورة سوداء، فإن استهلاك البطارية في هذه الحالة لا يختلف بتاتاً كما لو كنت تستخدم شاشة الهاتف كاملة في عرض الكثير من الألوان والتفاصيل. إذاً، فعند هذه النُقطة، تكون قد تعرفت على ما إذا كُنت ستستفيد حقاً من خاصية Dark Mode في الهواتف الذكية والتي قد تكون أحد مُنتظريها بشغفٍ كبير أم لا، وذلك بُناءً على نوع الشاشة الموجودة في الهاتف الذي بين يديك. الخبر الجيد، هو أنه إذا كُنت تمتلك هاتفاً قد تم إصداره خلال عام 2017 أو ما يليه، فإن نسبة امتلاكك لشاشة OLED تُعد كبيرة، حيث أن الكثير من الشركات قد اتجهت لهذه التقنية لتوفير الطاقة المُستهلكة من البطارية بعدم استخدام كافة الخلايا في الوقت ذاته وينبعث ضوء أقل وِفقاً لاستخدامك. أضِف إلى ذلك أن كافة هواتف الفئة العُليا التي صدرت من شركات Apple و Samsung و Google و LG و Motorola و Sony و OnePlus التي صدرت في عام 2018 تحتوي على لوحات OLED بداخلها، مما يعني أنك إذا كُنت تمتلك أحد هذه الهواتف فبالتأكيد يحتوي هاتفك على لوحة OLED ويستحق الوضع الليلي أن تنتظره. أما إذا لم تكن تمتلك إحداها، أي أنك تمتلك أحد الهواتف التي تحتوي على لوحة LCD أو LED-LCD، فإن تأثير النمط الليلي على بطارية هاتفك سيكون طفيفاً للغاية بل يكاد يكون غير ملحوظ، مما يجعل انتظاره ومحاولة الحصول عليه بالنسبة لك مُجرد مضيعة للوقت لا أكثر. يُذكر أنه يُمكنك معرفة ما إذا كُنت تمتلك لوحة OLED أم لا من خلال البحث عن مواصفات هاتفك على موقع GSMArena.

أين تجد الوضع الليلي في التطبيقات وكيفية تفعيله

أصبح الوضع الليلي مُتواجداً في الكثير من التطبيقات اليوم، ولِكُلِ تطبيق طريقةً لتفعيل الوضع الليلي الخاص به وإن تشابه أكثرها، فعلى سبيل المِثال، يُمكنك أن تقوم بتفعيل نمط Dark Theme في تطبيقات جوجل ببساطة من خلال إعدادات التطبيق الرئيسية مثل تطبيق YouTube كما في الصورة. [caption id="attachment_234520" align="aligncenter" width="1086"]تفعيل النمط الليلي في تطبيقات YouTube و Contacts تفعيل النمط الليلي في تطبيقات YouTube و Contacts[/caption] وبالمِثل، يُمكنك تفعيله في التطبيق الرسمي لمنصة التواصل الاجتماعي Twitter من خلال الدخول إلى إعدادات التطبيق ومن ثم اختيار Display and Sound، وستجد خياراً يُدعى Night Mode، اضغط عليه واختر On ليتم تفعيل الوضع في الحال. [caption id="attachment_234519" align="aligncenter" width="504"]تفعيل الوضع الليلي في تطبيق Twitter تفعيل الوضع الليلي في تطبيق Twitter[/caption] كذلك هو الحال بالنسبة للكثير من التطبيقات الأُخرى مثل مُتصفح Internet من سامسونج الذي يُمكنك تفعيل Dark Mode به من خلال الضغط على زر الخيارات في الأسفل والضغط على Dark Mode بالإضافة إلى تطبيقات مُراسلة أُخرى مثل Telegram وغيره. [caption id="attachment_234518" align="aligncenter" width="1008"]تفعيل خاصية Dark Mode في متصفح Samsung Internet تفعيل خاصية Dark Mode في متصفح Samsung Internet[/caption] كُل يومٍ نسمع عن تطبيق جديد يُضيف ميزة الوضع الليلي به ويُوفِّرها للمُستخدمين بطريقةٍ أو بأُخرى، في ختام هذه المقالة، أتمنى أن تكون قد تعرفت على مدى استفادتك من هذا النمط الذي قد تكون قد أضعت الكثير من الوقت في انتظاره والكثير من المُحاولات لتفعيله على بعض التطبيقات والأنظمة. شخصياً، أستخدم نمط Dark Mode في كافة الأجهزة التي أستخدمها وكافة التطبيقات، ولكني أستخدمه ليس توفيراً للبطارية بشكلٍ رئيسي بالرغم من أنه يقوم بذلك، ولكن لأنه يُزيد من وضوح النصوص بالنسبة إلى ضعيفي النظر مثلي، وهو الاحتياج الذي لا أتمناه بالنسبة للكثيرين، ولكني أتمنى أن نرى النمط الليلي الحقيقي في المُستقبل القريب على تطبيق Facebook كي نتخلص من كُلِ هذه التعليقات المُؤلمة للعين أكثر من الإضاءة المُرتفعة.