
كاميرا الهاتف دقة 48 ميجابيكسل, حقيقة أم خدعة؟
ظهرت خلال الأشهر الماضية الكثير من كاميرا الهاتف الخلفية بدقة مرتفعة بفارق كبير عما نعتاد عليه في الهواتف عموماً, فبدلاً من الكاميرات الخلفية ذات دقة 12 ميجابيسكل أو 16 ميجابيكسل التي نجدها في معظم هواتف الفئة العليا أصبحنا نجد هواتف في الفئة المتوسطة والاقتصادية تأتي بدقة 48 ميجابيكسل للكاميرا الخلفية للهاتف, فيما اعتمدت الكثير من الشركات على استغلال هذا الرقم الضخم في الترويج لهواتفها الجديدة. فما هي حقيقة تلك الكاميرات ذات دقة عالية؟ هل هي مجرد خدعة تسويقية أم أنها حقاً كاميرات بدقة عالية؟ وما هي خاصية دمج البيكسل التي دائماً ما تذكر مع تلك الدقة العالية؟ وهل هي أفضل من الكاميرات ذات دقة 12 أو 16 ميجابيكسل؟
أسئلة كثيرة تدور حول تلك الكاميرات مرتفعة الدقة ما دفعنا للتحقق منها لنجلب لكم اليوم الإجابة لأبرز أسئلتكم المتعلقة بهذه الكاميرات.
بماذا تقاس دقة الكاميرا؟
في الهواتف الذكية دائماً ما تقاس دقة الكاميرا بالميجابيكسل أو المليون بيكسل (المليون بيكسل تساوي 1,048,576 بيكسل). ويتكون مستشعر الكاميرا في الهواتف من مصفوفة من البيكسل تكون تقريباً على شكل مستطيل أو مربع وتكون على سبيل المثال في الكاميرات ذات دقة 12 ميجابيكسل على شكل مصفوفة حاصل ضرب 4000×3000 بيكسل ليكون العدد النهائي 12 مليون بيكسل أو 12 ميجابيكسل.
ما هو البيكسل؟ وما هو دوره في التصوير؟
قبل الحديث عن حقيقة الكاميرات ذات دقة مرتفعة يجب أن نفهم ما هو البيكسل وما هو دوره في التصوير لتكتمل الصورة في النهاية بشكل واضح ومفهوم. في الكاميرات الرقمية أو كاميرات الهواتف الذكية تعتمد عملية التقاط الصور على العديد من العوامل ولكن يظل المكون الأهم هو مستشعر الكاميرا. دور مستشعر الكاميرا هو جمع الضوء الساقط على العدسة ليتم معالجته وتكوين الصورة بعد عدة خطوات تالية. هذا المستشعر يتكون من وحدات صغيرة تقوم بجمع الضوء وهي تسمي بالبيكسل, كلما زاد عدد البيكسل زاد كمية الضوء الذي يلتقطه المستشعر (مع الإبقاء على حجم البيكسل ثابت), ازدادت الزوايا المختلفة التي يسقط بها الضوء على كل بيكسل, تحسنت الإضاءة في الصور الليلية كما أن زيادة عدد البيكسل تعني أيضاً زيادة دقة الصورة ما يفيد عند تقريب الصور تقريب رقمي في عدم ظهور ما يسمي "البكسلة" ولكن هذا لا يعني تحت أي حال أن كلما زاد عدد البيكسل زادت جودة الصور لأنه يعتمد على عوامل أخرى سنعرضها فيما بعد.
لماذا لا توفر الشركات هواتف بكاميرا عالية الدقة؟
كما ذكرنا في السطور السابقة فإن لزيادة عدد البيكسل عدة مميزات قد تحسن من الصور الملتقطة خاصة في الإضاءة المنخفضة ولكن لماذا الشركات لا توفر عدد أكبر عن 12 ميجابيكسل أو 16 ميجابيكسل المتواجدين في أبرز الهواتف؟ في الحقيقة توجد عدة مشاكل أمام خطوة كذلك. أولى تلك المشاكل هو حجم الكاميرا فزيادة عدد البيكسل (مع الحفاظ على حجم كل بيكسل) تعني زيادة حجم المستشعر بشكل كبير وهو أمر صعب خاصة أننا في وقت تتنافس فيه الشركات لتقليل سُمك هواتفها. المشكلة الثانية هي قوة المعالجة التي ستحتاجها تلك العملية فزيادة عدد البيكسل (مع الحفاظ على حجم كل بيكسل) تعني أنك ستحتاج لقوة أكثر من أجل معالجة العدد الأكبر من البيكسل فإذا لم تتوافر تلك القدرة الإضافية فستتقاسم قوة المعالجة على عدد الأكبر ما يعني أن تقل جودة معالجة البيانات التي تصل من كل بيكسل وهو ما دفع أغلب الشركات المطورة للمعالجات للإعلان عن عدم دعم معالجاتهم لتلك لدقة مرتفع مثل 48 ميجابيسكل.
إقرأ أيضا: لماذا كاميرا الآيفون لا تزال بدقة 12 ميجابيكسل؟
هل تتوافر هواتف بكاميرا 48 ميجابيكسل؟
حسناً أصبح الآن من الواضح أن تواجد ذلك العدد الضخم نظرياً مستحيل فلا حجم الهواتف ازداد ولا يوجد معالجات أعلنت دعمها لهذه الدقة بعد, إذاً كيف تعمل تلك الكاميرات؟ في الحقيقة فإن هذا العدد الضخم من البيكسل ليس كذلك المتواجد في الكاميرات العادية ذات دقة 12 ميجابيكسل أو 16 ميجابيكسل بل إنها تعتمد على تصغير حجم بيكسل من أجل الحفاظ على حجم المستشعر صغير. المستشعر المستخدم في أغلب تلك الهواتف هو مستشعر سوني IMX586 وهو مستشعر يحتوي على 48 مليون بيكسل بحجم مربع بطول ضلع 0.8 ميكرون مع دعم خاصية دمج البيكسل. لتعرف مدي صغر حجم البيكسل في هذا المستشعر يجب أن تعلم أن حجم البيكسل في هواتف Pixel 3XL, iPhone XS Max و Galaxy Note 9 في الكاميرا الرئيسية ذات دقة 12 ميجابيكسل في كل منهم بحجم 1.4 ميكرون.
كيف تعمل الكاميرات ذات دقة 48 ميجابيكسل؟ وما هي خاصية دمج البيكسل؟
سنركز حديثنا عن الكاميرات ذات دقة 48 ميجابيكسل بالحديث حول مستشعر سوني IMX586 كونه المستخدم في كافة الهواتف ذات دقة 48 ميجابيكسل مثل هاتف Redmi Note 7, Honor View 20, Nova 4, Mi 9 و Oppo F11 Pro. يعتمد مستشعر Sony IMX586 على خاصية دمج البيكسل في عمله أي أنه يقوم بدمج كل 4 بيكسل بجانب بعضهم البعض ليكون بيكسل أكبر بأبعاد 1.6× 1.6 ميكرون مكوناً 12 مليون بيكسل أو 12 ميجابيكسل وهي الدقة التي تتوافر بصورة افتراضية عند تشغيل كاميرات تلك الهواتف للمرة الأولى.
الاعتماد على تلك الخاصية يعمل على الاستفادة من مميزات زيادة عدد البيكسل والاستغناء عن سلبياتها, فعند تفعيل هذه الخاصية (عند تفعيل دقة 12 ميجابيكسل في إعدادات الكاميرا) سيتم جمع المعلومات التي تنتج من كل 4 بيكسل معاً ومعالجتها وكأنها بيانات بيكسل واحد بكمية ضوء كبيرة وبتفاصيل عالية دون الحاجة لقوة معالجة أكبر أو لزيادة حجم الكاميرا. الصور الملتقطة هنا تمتاز أيضاً بمدي ديناميكي أعلى من نظيراتها العادية ولا تعاني من "البكسلة" عند التقريب الرقمي بعد التقاط الصور.
في حالة الانتقال من دقة 12 ميجابيكسل إلى 48 ميجابيكسل في تلك الهواتف تلتقط الكاميرا الصورة دون تفعيل خاصية دمج البيكسل ما يقدم صور أقل في الجودة نظراً لأن حجم كل بيكسل صغير كما أن عدد البيكسل المرتفع يحتاج لقدرة أكبر من المعالج للمعالجة ولكنها تمتاز بقدرة أكبر في التقريب بدون "بكسلة".
الصورة السابقة توضح الفارق بين صورة ملتقطة بمستعشر سوني IMX586 ذو دقة 48 ميجابيكسل (دون تفعيل وضع دمج البيكسل) على اليمين مع صورة أخرى بكاميرا تقليدية بدقة 12 ميجابيكسل (لا تدعم التقريب البصري Optical Zoom أو HDR) على اليسار.كما هو واضح الصورة المتاوجدة على اليمين أكبر بفارق كبير (4 مرات) كما لها قدرة أكبر على التقريب مع الاحتفاظ بجودة الصورة.
حقيقة كاميرا الهاتف ذات دقة 48 ميجابيكسل
مما يتضح مما ذكرناه سابقاً فإن الكاميرات ذات دقة 48 ميجابيكسل ما هي إلا كاميرات ذات 12 ميجابيكسل مع قدرة أكبر على تقريب الصور بشكل أفضل وبمدي ديناميكي وتفاصيل أكثر في الإضاءة المنخفضة. عند الاعتماد على دقة 48 ميجابيكسل تحصل على دقة أكبر وقدرة أكبر على التقريب ولكنك تفتقد الكثير من جودة الصور النهائية.
هل كاميرا الجوال ذات دقة 48 ميجابيكسل أفضل من 12 ميجابيكسل؟
في حال تفعيل وضع دمج البيكسل تقدم الكاميرات ذات دقة 48 ميجاببكسل جودة أفضل من نظريتها ذات 12 ميجابيكسل بمدي ديناميكي أكبر وتقريب أعلى وأدق (ما لم تكن الكاميرا ذات 12 ميجابيكسل من نوع Telephoto أو تدعم HDR) ولكن في حالة الاعتماد على دقة 48 ميجابيكسل فإنك ستحصل فقط على صور ذات دقة عالية وقدرة أفضل على التقريب ولكنك ستفقد جودة الصورة والتفاصيل خاصة في الإضاءة المنخفضة.
في رأي إذا كنت تمتلك كاميرا الهاتف بدقة 48 ميجابيكسل فقم بضبط كاميرا هاتفك على دقة 12 ميجابيكسل لتحصل على أفضل صور ممكنة ولا تنساق وراء محاولة الحصول على صور بدقة 48 ميجابيكسل لأنك لن تستفاد أي شيء من كل هذه الدقة المرتفعة وستضحي بجودة الصورة مقابل القدرة على التقريب. كما أنصحك بعدم الانصياع وراء الحملات الترويجية الزائفة التي تعتمد على عدد البيكسل المرتفع فما هو إلا عامل واحد وسط مجموعة كبيرة من العوامل تؤثر على أداء الكاميرا وأجعل دائماً تفضيلك لكاميرا هاتف على حساب الأخرى بناء على التجربة الفعلية والمقارنة بين الصور المتلقطة وليس من خلال قائمة المواصفات.
?xml>